تراشق بين رجل أعمال مصري وإعلاميين حول دور الجيش في الاقتصاد

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

تراشق بين رجل أعمال مصري وإعلاميين حول دور الجيش في الاقتصاد

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

وقع تراشق بين رجل الأعمال المصري البارز، نجيب ساويرس، وبرلماني وإعلاميين بارزين، بعد حديث الملياردير المصري عن دور الجيش في الاقتصاد الوطني، قبل أن يتراجع غداة تلويح بتقديم بلاغ ضده للسلطات المعنية في البلاد.

وتعود الواقعة، عندما تحدَّث ساويرس في مقابلة متلفزة قبل أيام، عن دور الجيش المصري، موجهاً انتقادات لما أسماه «تدخلاً في شؤون الاقتصاد»، قبل أن تستغل جماعة «الإخوان» التي تحظرها السلطات المصرية تلك العبارات في «إعادة الهجوم على المؤسسات بمصر عبر تغريدات بمنصات التواصل».

وإزاء تلك الانتقادات، دافع الإعلامي المصري، مصطفى بكري، عضو مجلس النواب (البرلمان) عن الجيش المصري في منشور، الجمعة، عبر «إكس»، ووجَّه حديثه لساويرس، قائلاً: «أنت تعرف أن هذا الجيش العظيم هو الذي أنقذ البلاد، وهو الذي يحمي الأمن القومي المصري». وعدَّد بكري دور الجيش المصري، بقوله: «هذا الجيش يرفع دوماً شعار (يد تبني، ويد تحمل السلاح)، ولولا الجيش ودوره في التنمية والبناء في هذه الفترة، لكانت البلاد عاشت في حالة انهيار وتراجع كبير»، مؤكداً أن «الدور التنموي الذي تحمَّلت القوات المسلحة عبء القيام به، هو الذي فتح الطريق أمام الاستثمار».

وبحسب البرلماني المصري فإن «القوات المسلحة لا تنافس القطاع الخاص، فهناك أكثر من 4500 شركة قطاع خاص تتعاون مع القوات المسلحة في تنفيذ المشروعات، ورأينا شركات صغيرة تحوَّلت إلى عملاقة في سنوات معدودة... وبعد أن استكمل الجيش العديد من المهام التي كلف بها بدأ ينسحب تدريجياً».

عرض لمدرعات الجيش الثاني الميداني المصري (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

وبالتزامن، قال الإعلامي المصري محمد الباز، في بيان (الجمعة)، عبر صفحته بـ«فيسبوك»، إن «الكلام الذي قاله نجيب ساويرس عن الجيش المصري في إحدى مقابلاته التلفزيونية يستحق المساءلة»، معلناً «التقدم ببلاغ رسمي إلى المدعي العسكري للتحقيق مع ساويرس».

 

ومع انتقادات واسعة لحديث ساويرس تصدَّرت منصات التواصل الاجتماعي، خرج رجل الأعمال المصري، السبت، ودافع عن نفسه في منشور عبر حسابه بمنصة «إكس»، قائلاً: «إلى هواة الصيد في المياه العكرة من تنظيم الإخوان البغيض (...) أعلمكم أن حديثي الأخير جاء لمحبتي وتقديري وحرصي على جيش مصر العظيم، ورغبتي أن يكون في صدارة جيوش العالم». وعاد الباز، السبت، في تدوينة بـ«فيسبوك» مستغرباً من تناقض أحاديث الملياردير المصري.

ليعود ساويرس للتعليق للمرة الثانية دون أن يسمي أحداً، قائلاً إن «محاولة تأويل كلامي على أنه إقلال من جيشنا الوطني، لن تجدي، فأنا معروف بوطنيتي، وحبي لمصر، وتقديري لجيشنا العظيم».

ولم يغلق رد ساويرس الباب بشأن ما ذكره، وقال رئيس تحرير مجلة «أكتوبر» القومية، محمد أمين، السبت، عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «بعيداً عن رد رجل الأعمال عقب الموجة الضخمة من الغضب على تصريحاته، وحديثه غير الدقيق عن الجيش، ثم تراجعه عبر صفحته الشخصية، يؤكد أن البعض يلقون بعبارات إن كانوا يعلمون آثارها فتلك مصيبة، وإن كانوا غير ذلك، فالمصيبة أعظم». ودعا إلى «إجراء بحث بسيط عبر الشبكة العنكبوتية حول اقتصادات الجيوش حول العالم»، في إشارة لوجود طبيعي لتلك الاقتصادات لحماية البلاد من أي تقلبات، أو احتكار قد يحدث من المستثمرين.

الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء عادل العمدة، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن ساويرس هو مَن أشعل تلك التراشقات بحديثه «غير المسؤول» عن الجيش، بينما شركات ذلك الملياردير المصري تعمل في مشروعات حكومية كثيرة بمصر، دون أن يسأل ماذا قدم أو ماذا أفاد البلاد؟

وتساءل العمدة قائلاً: «مَن قال إن الجيش لا يصنع معدات عسكرية؟»، مجيباً بحسم: «مَن لا يعرف لا يتحدَّث ولا يثير لغطاً. جيش مصر العظيم يُصنِّع ولديه معارض تسليح عالمية سنوياً، أبرزها (إيديكس) ووزارة إنتاج حربي، لكن ليس كل شيء يعلن».

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (رويترز)

وشدَّد الخبير العسكري المصري على أن «ساويرس يجب أن يعلم أن دور الجيش الرئيسي، هو حماية الأمن القومي، وعليه أن يعلم أن الجيش الأميركي أكبر الجيوش بالعالم له دور في الصناعة والإنتاج بالولايات المتحدة، وكذلك الحال مع غالبية الجيوش»، لافتاً إلى أن أي شخص يتحدَّث عن أكبر قوة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط بهذا المستوى «يجهل حقائق كثيرة».

وأكد أن الجيش المصري يتحرَّك في إطار دوره الوطني ومسؤوليته؛ لدعم بلاده بشكل مسؤول وفعال، ولم يضر أحداً، ودخل في تنافسية شريفة، وحمى البلاد من «الاحتكار، وجشع تحريك الأسعار عمداً، وأدار أي أزمة باحترافية».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2016، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن «حجم اقتصاد الجيش يتراوح بين 1 في المائة و1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر»، لافتاً حينها إلى أن «ما يتردد عن أن حجم ميزانية الجيش يبلغ 20 في المائة أو 25 في المائة من موازنة مصر، غير صحيح».

وأوضح السيسي آنذاك أن «الجيش له دور مدني مهم في توفير السلع للمواطنين»، في إشارة إلى الاستعانة بالقوات المسلحة للمساعدة في مشروعات رئيسية للبنية التحتية، وتوزيع سلع أساسية مدعومة لكبح أسعارها المتزايدة.


مقالات ذات صلة

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

شمال افريقيا أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري الأربعاء ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها 

أحمد جمال (القاهرة )
الرياضة صورة من حفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية بالمغرب 21 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

اختبار البداية يبتسم للعرب في العرس الأفريقي بالمغرب

سجلت المنتخبات العربية حضوراً لافتاً في المباريات الافتتاحية مؤكدة أنها تدخل المنافسة برؤية واضحة وثقة فنية تعكس تطور كرة القدم العربية على الساحة القارية.

كوثر وكيل (الرباط)
شمال افريقيا نهر النيل عند قناطر إسنا جنوب مصر (الشرق الأوسط)

«سد النهضة»: مصر تجدد رفضها التفريط في «أي قطرة» من مياه النيل

جددت مصر رفضها «التفريط في (أي قطرة) من مياه نهر النيل». وأكدت أنها «لن تتهاون في صون حقوقها المائية».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تنسق مع اليونان لاستعادة جثامين ضحايا «مركب كريت»

أكدت مصر تطلعها لمواصلة تقديم الدعم اللازم من جانب السلطات اليونانية لعودة جثامين ضحايا «مركب كريت» الذي تعرض للغرق أمام سواحل اليونان الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)

مصر تُشجع السفارات الأجنبية على الانتقال إلى العاصمة الجديدة

تشجع الحكومة المصرية السفارات والبعثات الدبلوماسية للانتقال من مقراتها في القاهرة إلى «الحي الدبلوماسي» بالعاصمة الجديدة (شرق القاهرة).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تلويح مصري بـ«إجراء قانوني دولي» في مواجهة أضرار محتملة لـ«سد النهضة»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ المصري الخميس (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ المصري الخميس (الخارجية المصرية)
TT

تلويح مصري بـ«إجراء قانوني دولي» في مواجهة أضرار محتملة لـ«سد النهضة»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ المصري الخميس (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ المصري الخميس (الخارجية المصرية)

لوّحت مصر باتخاذ «إجراء قانوني دولي» حال وقوع أضرار ناتجة عن «سد النهضة» الإثيوبي، وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الخميس، إن «أي ضرر قد يلحق بمصر نتيجة للمشروع سيُقابل برد فعل في إطار ما يكفله القانون الدولي من حقوق، على رأسها حق الدفاع عن النفس وحماية الأمن القومي»، مشدداً على «أن مصر لن تتهاون في حماية مقدرات شعبها ومواردها الحيوية».

جاءت تصريحات عبد العاطي، التي أدلى بها خلال جلسة عقدها مع لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، بعد أيام من تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن «مطلب بلاده الوحيد هو عدم المساس بحقوقها في مياه النيل والتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي»، نافياً توجيه أي «تهديد إلى إثيوبيا».

وأعلنت مصر في ديسمبر (كانون الأول) 2023 فشل آخر جولة للمفاوضات بشأن السد، وإغلاق المسار التفاوضي بعد جولات متعددة على مدار سنوات طويلة.

لكن الوزير عبد العاطي أشار في المقابل إلى تحركات «تشمل التواصل مع الشركاء الدوليين، والاستفادة من الأطر القانونية الدولية، بهدف ضمان عدم المساس بحصة مصر التاريخية من مياه النيل، باعتبارها قضية وجود وليست مجرد ملف فني أو سياسي».

وشدد على أن «مصر ستواصل العمل وفق رؤية متوازنة تجمع بين ضبط النفس والحزم، والتمسك بالقانون الدولي، مع الاستعداد لاتخاذ ما يلزم من خطوات لحماية مصالحها المائية والاستراتيجية، بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة».

سد النهضة الإثيوبي (وكالة الأنباء الإثيوبية)

وخلال هذا الشهر رفعت إثيوبيا من حدة لهجتها تجاه مصر في سياق النزاع المستمر حول سد النهضة، واتهمت القاهرة «بالسعي إلى احتكار مياه نهر النيل استناداً إلى اتفاقات أُبرمت خلال الحقبة الاستعمارية»، وزعمت أن مصر «عرقلة مسار المفاوضات الممتدة منذ أكثر من عقد».

وفسّر أستاذ القانون الدولي العام محمد محمود مهران، تصريحات عبد العاطي، باللجوء إلى القانون الدولي، لافتاً إلى أنها «تعني تحديداً تفعيل المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الخاصة بحق الدفاع الشرعي عن النفس، وهذا يعني أن مصر تحتفظ بحقها في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية أمنها المائي».

وأضاف مهران في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الرد القانوني الدولي يتضمن أيضاً «اللجوء الفوري لمجلس الأمن لاعتبار التهديد المائي الإثيوبي تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وإمكانية تفعيل دور الجمعية العامة للأمم المتحدة للضغط عليها لطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول الانتهاكات الإثيوبية، وتفعيل آليات المسؤولية الدولية لمطالبة إثيوبيا بالتعويضات عن كل الأضرار».

ولفت خبير القانون الدولي إلى أن «تصريح عبد العاطي يحمل تحذيراً واضحاً بأن مصر استنفدت كل الوسائل الودية وباتت مستعدة للانتقال لمرحلة جديدة أكثر حسماً».

بدوره، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، إن «وزير الخارجية المصري استند في حديثه الأخير إلى ميثاق الأمم المتحدة وفقاً للفصلين السادس والسابع، بخاصة حال تعرضت مصر إلى الخطر الجسيم أو واجهت تعنتاً في التوزيع العادل والمنصف لمياه نهر النيل، باعتباره نهراً دولياً وكذلك إثبات ما تتعرض له من فقر مائي نتيجة تراجع كميات المياه الواردة ومقارنتها بعدد السكان، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً للمواطنين».

وزير الخارجية المصري يؤكد اتخاذ بلاده إجراءً قانونياً دولياً حال وقوع أضرار بسبب «سد النهضة» (الخارجية المصرية)

ويركز «الفصل السادس» على الحلول السلمية للمنازعات عبر التفاوض والوساطة وغيرها، بينما «الفصل السابع» يمنح مجلس الأمن صلاحية اتخاذ إجراءات أكثر حدة بما في ذلك التدخل العسكري.

والتزمت مصر بأسس حل النزاع عبر الطرق السلمية التي يكلفها «الفصل السادس» وفقاً لما أوضحه حليمة لـ«الشرق الأوسط»، الذي أشار إلى أن أبرز الأضرار المحتملة على مصر «قد تشمل حالات الجفاف أو الجفاف الممتد أو تعرض السد للانهيار».

ويرى حليمة أن «مصر تنفتح أيضاً على الخيارات الدبلوماسية بما يضمن الضغط على إثيوبيا لإعادة النظر في تصرفاتها الأحادية بشأن إدارة وتشغيل السد، والوصول إلى اتفاق قانوني ملزم يحظى بتأييد إقليمي ودولي والمنظمات المعنية، كما أن القاهرة تنفتح على دخول وسيط لديه من التأثير ويسعى لقبول الطرفين لتسوية الأزمة والتعويل على الولايات المتحدة في هذا الأمر».

وتعتمد مصر على نهر النيل مورداً رئيسياً لتلبية احتياجاتها المائية، وتحصل على حصة مياه سنوية تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، وهي تقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات سابقة لوزارة الري المصرية.


مفوضة «العون الإنساني» لـ«الشرق الأوسط»: نزوح أكثر من 145 ألف أسرة جرّاء معارك كردفان

مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية في مؤتمر صحافي (سونا)
مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية في مؤتمر صحافي (سونا)
TT

مفوضة «العون الإنساني» لـ«الشرق الأوسط»: نزوح أكثر من 145 ألف أسرة جرّاء معارك كردفان

مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية في مؤتمر صحافي (سونا)
مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية في مؤتمر صحافي (سونا)

قالت الحكومة السودانية إن أكثر من 145 ألف أسرة نزحت وتشردت جرّاء المعارك الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في إقليم كردفان، وسط ظروف إنسانية بالغة القسوة، مؤكدة التزامها بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في كل أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها «الدعم».

وتشير تقديرات «الأمم المتحدة» إلى أن نحو 20 مليون سوداني؛ أي نحو نصف السكان، يعانون «انعداماً حاداً في الأمن الغذائي»، في وقتٍ أعلن «برنامج الأغذية العالمي» أنه بصدد تخفيض الحصص الغذائية مطلع العام المقبل، إلى 70 في المائة للذين يواجهون المجاعة، و50 في المائة للمعرّضين لخطر الانزلاق إليها، بسبب نقص التمويل.

وقالت «مفوضة العون الإنساني» سلوى آدم بنية إنه لا تتوفر إحصائيات رسمية دقيقة عن عدد النازحين منذ اندلاع الحرب في البلاد، «لكنها كبيرة جداً وفي ارتفاع مستمر دون توقف».

نازحون يصطفّون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

وأضافت، في تصريحات خاصة، لــ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة «أبقت كل المعابر البرية مفتوحة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع المحتاجين في كل أنحاء البلاد»، بما في ذلك المناطق التي تُسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في دارفور وكردفان، «على الرغم من أن الأخيرة تعترض شاحنات الإغاثة وتعرقل وصول المواد الغذائية للمواطنين».

وأشارت إلى أن الحكومة السودانية سبق أن أجرت تنسيقاً مع المنظمات الإنسانية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، في ولاية جنوب كردفان وجبال النوبة، ومنحت آلاف التأشيرات للعاملين في المجال الإنساني لدخول البلاد». وأضافت: «مِن حق الدولة السماح لموظفي الإغاثة بدخول البلاد أو رفضهم، دون ذكر الأسباب... وهذا نهجٌ متعارف عليه عند دول العالم».

ونفت بشدة ما يتردد عن مجاعة في السودان، وقالت: «إن أهداف الحديث عن هذا الأمر مراراً وتكراراً، سياسية وليست إنسانية».

عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)

وتابعت: «أن شاحنات الإغاثة تنطلق من مدينة الدبة في شمال البلاد، إلى مدن الجنينة والفاشر ونيالا وغيرها من المناطق في إقليم دارفور»، مشيرة إلى موافقة الحكومة على استمرار فتح معبر «أدري» على الحدود مع دولة تشاد، الذي يُعد ممراً رئيساً لدخول المساعدات الإنسانية دارفور، «وهو ما يؤكد حرص الحكومة على إيصال إلإغاثة للمحتاجين».

ونزح الآلاف من المدنيين بعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى مخيمات اللاجئين، في ظل النقص الكبير بحصص المساعدات الإنسانية الكافية.

وأعلنت منظمة الهجرة الدولية، في أحدث تقرير لها، الأسبوع الماضي، ارتفاع عدد النازحين بولايات كردفان الثلاث، إلى أكثر من 50 ألف سوداني، بعد توسيع «الدعم السريع» عملياتها العسكرية في الإقليم.

جانب من مساعدات يقدمها «مركز الملك سلمان للإغاثة» في مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان تعزيزاً للأمن الغذائي هناك (واس)

وردّاً على شكاوى بعض المنظمات من الإجراءات الحكومية التي تُعرقل وصول المساعدات الإنسانية، قالت «إن الحكومة تتحمل كل الإجراءات، وتعمل على تسهيل وصول المنظمات الإنسانية دون عوائق»، مشيرة إلى أن الاعتراض دائماً يأتي من جانب «قوات الدعم السريع».

وبشأن الاتهامات التي تُوجه إلى الحكومة السودانية باستهدافها قوافل الإغاثة الإنسانية، شددت على أن «هذه الاتهامات سياسية وذات أجندة معينة»، مضيفة: «لا يمكن أن نمنح المنظمات إذناً لدخول البلاد، ثم نستهدفها».

وحضّت المسؤولة الحكومية المجتمع الدولي على «ممارسة مزيد من الضغوط على الدول التي تدعم وتُمول (قوات الدعم السريع)؛ لأن ذلك الدعم يسهم في إطالة أمد الحرب في السودان.

وذكرت سلوى آدم أن عدد النازحين الذين وصلوا إلى ولايات في شمال البلاد بعد سقوط الفاشر، بلغ أكثر من 15 ألف أسرة، بينما استقبلت ولاية النيل الأبيض في الوسط نحو 14 ألف أسرة، إلى جانب 15 ألف أسرة نزحت إلى العاصمة الخرطوم.


«الدعم السريع» تتقدم غرباً وحاكم إقليم دارفور يتوعد

عناصر من «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)
عناصر من «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تتقدم غرباً وحاكم إقليم دارفور يتوعد

عناصر من «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)
عناصر من «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تتقدم فيه «قوات الدعم السريع» حثيثاً تجاه بلدة «الطينة»، عند الحدود التشادية - السودانية، بعد أن أعلنت إكمال سيطرتها على بلدة «كرنوي» صباح الخميس، وانسحاب «القوة المشتركة» التابعة للجيش، تعهد رئيس «حركة تحرير السودان»، (حاكم إقليم دارفور)، مني أركو مناوي، بعدم الاستسلام، ومحاربة ما أسماه «الفوضى والبربرية».

وقال مناوي، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم دارفور، في تغريدة على حسابه بمنصة «إكس»، مساء الأربعاء: «لن نسلّم أرواحنا ولا تاريخنا ولا هويتنا للفوضى والبربرية.. الليلة سمر، وغداً أمر»، بعد أن كان قد ذكر في وقت سابق أن قواته «انسحبت».

حاكم إقليم دارفور وقائد «حركة جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، يزور مخيم نازحين بشمال السودان يوم 26 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

وتعد بلدة «الطينة» آخر جيوب القوات الموالية للجيش المعروفة بـ«القوة المشتركة»، وتقع على الحدود السودانية التشادية مباشرة، وتنقسم إلى بلدتين باسم «الطينة السودانية، الطينة التشادية»، وتعرف بأنها عاصمة دار قبيلة «زغاوة» المشتركة بين البلدين.

وبثت منصات موالية لـ«قوات الدعم السريع»، مقاطع فيديو ذكرت فيها أنها حققت انتصاراً كاسحاً في بلدة «كرنوي»، فيما ذكرت صحيفة «دارفور 24» أن «قوات الدعم السريع» دخلت منطقة كرنوي الواقعة في الشمال الغربي لولاية شمال دارفور، وأن القوة المشتركة انسحبت نحو بلدة «الطينة» على الحدود مع دولة تشاد.

وقال شاهد لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الدعم السريع» المدعومة بقوات «تحالف السودان التأسيسي»، (تأسيس)، اقتربت من بلدة الطينة، التي انسحبت إليها «القوة المشتركة» الحليفة للجيش، وينتظر أن تشهد معاركاً طاحنة بين القوتين.

قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو يلقي كلمة أمام قواته (أرشيفية - قناته على «تلغرام»)

وحضّ مناوي في حسابه على «فيس بوك»، مواطني المنطقة ومن أسماهم بـ«أهلي» للدفاع عن «أنفسهم»، بقوله: «نرفض الذل، والدفاع عن الوطن ليس خياراً، بل واجباً، ولا نبحث عن الدم، لكننا نحمي الأرض والعرض والتاريخ»، وتابع: «حين يستباح الوطن، يصبح الصمت خيانة».

لكن دعوات مناوي للمواطنين لم تلقَ استجابة، بل ردت عليه مجموعة من سكان المنطقة ببيان حمل توقيع «أبناء قبيلة الزغاوة» التي يتحدر منها، دعته إلى «عدم الزج باسم القبيلة في الحرب»، وإبعادها عن «الاستقطابات السياسية والعسكرية المتواصلة».

وقالت في البيان إن القبيلة «ليست كياناً سياسياً أو عسكرياً، أو أداة في الصراع على السلطة»، وتابع: «نرفض رفضاً قاطعاً التحدث باسم القبيلة أو توظيفها كتلة سياسية موحدة، أو الادعاء بتمثيلها في أي صراع سياسي أو عسكري».

ويأتي هذا التطور العسكري بعد استيلاء «قوات الدعم»، الأربعاء، على بلدات «أبو قمرة، أم برو، بير سبيل»، وسيطرتها الخميس على «كرنوي»، ولم يتبقَ على الحدود المشتركة بين تشاد والسودان سوى بلدة «الطينة».

وتعد «الطينة» أحد أهم النقاط التجارية والأمنية في شمال دارفور. وتقع إلى الشرق منها، بلدة «كرنوي» المركز الإداري يربط المناطق الحدودية بالداخل، بينما تقع بلدة «أم برو» إلى الشرق من «الطينة» وكرنوي، وتتميز بطبيعة جبلية تجعل منها منطقة استراتيجية عسكرياً.

آلاف اللاجئين من دارفور يعيشون حالياً بمخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وتكون هذه البلدات مثلثاً حدودياً يربط السودان بدولة تشاد، وتسعى الأطراف المتصارعة للسيطرة عليه لتأمين خطوط الإمداد أو إغلاقها بوجه الخصم.

وتعرف المنطقة التي تدور فيها المعارك إدارياً بـ«دار زغاوة»، وهم المجموعة الإثنية التي تنتشر على طرفي الحدود بين الدولتين، وينحدر منها معظم قوات حاكم دارفور، مني أركو مناوي، ووزير المالية، جبريل إبراهيم، اللذين يديران الحرب هناك من بورتسودان.

وبسيطرة «قوات الدعم السريع» على بلدة «الطينة»، تكون قد سيطرت على كامل إقليم دارفور، وعلى الحدود المشتركة مع دولة تشاد، باستثناء جيب صغير عند سفوح «جبل مرة» بوسط دارفور، تسيطر عليه قوات «حركة تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد محمد النور، الذي اختار الحياد في الصراع لكن ومواقفه أقرب لـ«قوات الدعم السريع».

وبإكمال عملية «الطينة»، لن يكون هناك خيار أمام القوة المشتركة الموالية للجيش الموجودة هناك، سوى «الانسحاب» لداخل دولة تشاد.