لبنان: هل تعيد الانتخابات البلدية الطرابلسية الاعتبار لتمثيل المسيحيين والعلويين؟

قلة عدد مرشحي الأقليات وراء عدم اكتمال بعض اللوائح

وزير الداخلية أحمد الحجار مواكباً التحضيرات الأمنية والإدارية لإجراء الانتخابات البلدية بشمال لبنان (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية أحمد الحجار مواكباً التحضيرات الأمنية والإدارية لإجراء الانتخابات البلدية بشمال لبنان (وزارة الداخلية)
TT

لبنان: هل تعيد الانتخابات البلدية الطرابلسية الاعتبار لتمثيل المسيحيين والعلويين؟

وزير الداخلية أحمد الحجار مواكباً التحضيرات الأمنية والإدارية لإجراء الانتخابات البلدية بشمال لبنان (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية أحمد الحجار مواكباً التحضيرات الأمنية والإدارية لإجراء الانتخابات البلدية بشمال لبنان (وزارة الداخلية)

المفاجأة الوحيدة التي ينتظرها الطرابلسيون وهم يستعدون للإقبال على صناديق الاقتراع لانتخاب مجلسهم البلدي المؤلف من 24 عضواً، تكمن بأن يؤدي فرز الأصوات إلى إعادة الاعتبار للتمثيل المسيحي والعلوي، الذي خلا منهما المجلس البلدي الحالي الممدد له، برغم أن عدد المرشحين إليهما هو أقل من العدد المطلوب لتوزيعهم على 6 لوائح، وربما أكثر، حيث يتم التنافس لخوض السباق البلدي في مرحلته الثانية التي تنطلق الأحد المقبل، وتشمل محافظتي الشمال وعكار.

فخلو المجلس البلدي الحالي من تمثيل الأقليات لا يعود إلى تبادل التشطيب فحسب، الذي حرم المسيحيين والعلويين من التمثيل، وإنما إلى قلة إقبال الناخبين المنتمين إليهما على صناديق الاقتراع بسبب تعدد قوى النفوذ بداخلهما، وتعذُّر توحّدهما على نحوٍ يؤمن لهما الحضور الوازن فيه بغياب المرجعية المسيحية والعلوية التي كانت وراء تراجع نسبة الإقبال على الاقتراع، بخلاف زحمة المرشحين من الطائفة السنية، ما أدى إلى التضحية بتمثيل الأقليات.

وبرغم أن القيمين على تشكيل اللوائح يصرون على تمثيل العلويين بمقعدين في المجلس البلدي لعاصمة الشمال، وبعدد مماثل للأرثوذكس، وواحد للموارنة؛ فإن المشكلة تبقى في القانون البلدي المعمول به حالياً؛ كونه لا ينص على توفير الحماية السياسية لتمثيل الأقليات الطائفية في مجلسها البلدي، وهذا ما دفع بنوابها للمطالبة بتعديله باعتماد اللوائح المقفلة، لقطع الطريق على استبعادها من الحضور بذريعة الاحتكام إلى العملية الديمقراطية والتسليم سلفاً بنتائجها.

ويبدو مع إقفال الباب أمام الترشح لعضوية المجلس البلدي أن المنافسة تدور بين 6 لوائح، وربما أكثر، وبعضها ليس مكتملاً بسبب تدني عدد المرشحين العلويين والمسيحيين الذي يحول دون اكتمالها، وهي محصورة بين ثلاث لوائح، الأولى تحمل اسم «رؤية طرابلس» التي يرأسها العضو الحالي في المجلس البلدي، رئيس جمعية «مكارم الأخلاق» ومدير «روضة الفيحاء» الصيدلي عبد الحميد كريمة، والمدعومة من النواب: فيصل كرامي، أشرف ريفي، كريم كبارة وطه ناجي «جمعية المشاريع الخيرية - الأحباش».

أما اللائحة الثانية فتحمل اسم «نسيج طرابلس»، ويرأسها المهندس وائل إزمرلي، والمدعومة بشكل أساسي من النائب إيهاب مطر، ومن «جمعية عمران» التي انفصلت عن مجموعة «حراس المدينة» التي رأت النور مع انطلاق الانتفاضة الشعبية على المنظومة الحاكمة آنذاك في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، إضافة إلى عدد من رجال الدين المسلمين؛ في حين تحمل الثالثة اسم «حراس المدينة» برئاسة الناشط خالد تدمري، الذي يحمل أيضاً الجنسية التركية، والمدعومة من «الجماعة الإسلامية» و«هيئة الإسعاف الشعبي» وعدد من المشايخ وأعضاء سابقين في المجلس البلدي.

ويتردد طرابلسياً أن الهوى السياسي للائحة «حراس المدينة» تركي، بخلاف لائحة «نسيج طرابلس» ذات الهوى الإسلامي المعتدل، في حين يقف رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على الحياد ويرفض التدخل ترشحاً واقتراعاً، كما يُنقل عنه في الشارع الطرابلسي، وإن كانت تربطه علاقة مميزة بالنائب مطر الذي استعان ببعض العاملين في ماكينته الانتخابية لما لديهم من خبرة في تنظيم الحملات الانتخابية، وذلك وفق ما يؤكده عدد من نواب طرابلس، لـ«الشرق الأوسط»، انطلاقاً من مواكبتهم من كثب للعلاقة القائمة بينهما التي لا تشوبها شائبة.

لكن أكثر ما يلفت أنظار الطرابلسيين، غياب الأحزاب التاريخية عن المنافسة الانتخابية وتراجع حضورها في النسيج الطرابلسي، ما أدى إلى إحداث فراغ استفادت منه بعض التيارات الإسلامية، ومعظمها حديث النشأة، في حين لا تلحظ المصادر أي دور فاعل للنائب الأرثوذكسي جميل عبود، الذي يشغل المقعد النيابي الحالي بحصوله على 79 صوتاً تفضيلياً، وكان ترشّح على لائحة ريفي بخلاف زميله الماروني على اللائحة نفسها، إيلي خوري، المنتمي إلى كتلة «الجمهورية القوية» (حزب القوات اللبنانية)، الذي يتمتع بحضور انتخابي في المينا، وبنسبة أقل في عاصمة الشمال.

أما بخصوص «تيار المستقبل»، فتتوقع المصادر، في ضوء عزوفه عن الترشح والاقتراع بلدياً، بأن يحصر معركته بالمجالس الاختيارية في طرابلس، ومن ثم اختبار مدى صدقيته من خلال جمهوره بوقوفه على الحياد. والموقف نفسه ينسحب على المينا الذي يتألف مجلسها البلدي من 21 عضواً؛ بينهم 6 مسيحيين، وهذا ما يضع المعنيين بالعملية الانتخابية أمام تحدٍّ يكمن في الحفاظ على التمثيل المسيحي، علماً بأن الرئيس ميقاتي يتمتع بحضور وازن في المينا وتربطه علاقة وطيدة بعدد من المرشحين.

وعليه؛ تبقى الأنظار مشدودة إلى طرابلس للتأكد من أن المنافسة، هذه المرة، لن تكون كسابقتها، وستعيد الاعتبار للتمثيل المسيحي والعلوي الذي يشكو من تعدد أصحاب النفوذ داخل الطائفة العلوية، والذي بلغ ذروته مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، مع أن ممثلها في طرابلس النائب حيدر ناصر يحض الناخبين من طائفته على الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع لتفادي الخلل في تمثيلها في المجلس البلدي الحالي، رغم أن عدد ناخبيها يبلغ نحو 28 ألفاً.

لذلك تُرجّح مصادر طرابلسية أن تبقى المنافسة بشكل أساسي بين لائحتي «رؤية طرابلس» و«نسيج طرابلس»، دون التغاضي عن حضور لائحة «حراس المدينة» في صناديق الاقتراع، وهذا ما يبرر ارتفاع المخاوف من تبادل التشطيب، وما إذا كان سيرتدّ سلباً بتهديده التمثيل المسيحي والعلوي، أم أن المنافسة تأخذ في الحسبان استرداد حق الأقليات بالتمثيل البلدي، وتطعيم مجلسها بعدد من النساء المرشحات على اللوائح الأساسية، وبينهن رسّامة وصحافية من الطائفة العلوية.


مقالات ذات صلة

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

المشرق العربي أرشيفية لسيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

ألقت وحدات حرس الحدود السورية، في وقى متأخر من يوم أمس (الجمعة)، القبض على 12 شخصاً بينهم عناصر وضباط لديهم ارتباط بالنظام السابق على الحدود السورية اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)

المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

استبقت المؤسسة الدينية الشيعية في لبنان، انطلاق المرحلة الثانية من خطة «حصرية السلاح» بيد القوى الرسمية اللبنانية، بهجوم عنيف على الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «يونيفيل» يقدمون الرعاية الصحية لمواطنة في جنوب لبنان (يونيفيل)

العيادات النقالة... خيار سكان جنوب لبنان للحصول على رعاية طبية

يلجأ غالبية سكان قرى الحافة الأمامية والخلفية، لخيار العيادات الطبية النقالة للحصول على الرعاية الطبية، خياراً «أكثر أماناً وأقل تكلفة»

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
TT

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)

أغلقت القوات الإسرائيلية، صباح اليوم (السبت)، حاجز عطارة العسكري، شمال رام الله بالضفة الغربية.

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) بأن «الاحتلال أغلق الحاجز منذ ساعات الصباح الأولى، ما تسبب في عرقلة حركة المواطنين، خاصة القادمين والمغادرين من قرى وبلدات شمال غربي وغرب رام الله، ومن المحافظات الشمالية».

وفق تقرير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، فإن العدد الإجمالي للحواجز الدائمة والمؤقتة التي تقسم الأراضي الفلسطينية بلغت ما مجموعه 916 ما بين حاجز عسكري وبوابة.


سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)

لقي خمسة أشخاص من عائلة واحدة سورية حتفهم مساء الجمعة داخل منزلهم في ظروف غامضة بحي البياض في مدينة حماة.

وبحسب وزارة الداخلية، أظهرت نتائج التحقيقات الأولية أن الزوج أقدم على قتل زوجته وبناته الثلاث قبل أن يقتل نفسه.

والتحقيقات مستمرة لمعرفة الدوافع والملابسات الكاملة للجريمة، وفق ما أوردته قناة «الإخبارية» السورية اليوم السبت.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن السلاح المستخدم في جريمة القتل هو بندقية حربية نوع كلاشينكوف.


تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
TT

تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)

في حادث جديد يُسلّط الضوءَ على التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة السورية، قُتل ما لا يقلُّ عن 8 أشخاص، وجُرح آخرون في انفجار وقع داخل مسجد بمدينة حمص (وسط البلاد) وتبنّته جماعةٌ تابعة لتنظيم «داعش».

وأوضح مسؤول بوزارة الصحة السورية، في تصريح نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، أنَّ حصيلة تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بحمص بلغت 8 قتلى و18 مصاباً. وقالَ مدير مديرية الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة، نجيب النعسان، إنَّ الحصيلة «غير نهائية».

وفيما أعلنت جماعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة التابعة لـ«داعش» مسؤوليتَها عن التفجير، قائلة إنَّها استهدفت مسجداً علوياً، تعهد وزير الداخلية السوري أنس خطاب بأن تصلَ يدُ العدالة إلى الجهة التي تقف وراء التفجير «أياً كانت». ووصف استهدافَ دور العبادة بأنَّه «عمل دنيء وجبان».

ويعدّ هذا التفجير الثاني من نوعه داخل مكان عبادة منذ وصول السلطة الحالية إلى الحكم قبل عام، بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة في دمشق في يونيو (حزيران)، أسفر عن مقتل 25 شخصاً، وتبنّته أيضاً مجموعة «سرايا أنصار السنة».

ولقيَ تفجير حمص أمس إدانات عربية واسعة، فيما شدّدت وزارة الخارجية السعودية على رفض المملكة القاطع «للإرهاب والتطرف» واستهداف المساجد ودُور العبادة وترويع الآمنين، مؤكدة التضامن مع سوريا ودعمها جهودَ حكومتها لإرساء الأمن والاستقرار.