قفز المؤشر «نيكي» الياباني 9 في المائة يوم الخميس وسط إقبال المستثمرين على شراء الأسهم التي انخفضت بشدة في الأيام الماضية، وذلك بعد أن أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تعليقاً فورياً لمدة 90 يوماً للرسوم الجمركية على كثير من الدول.
وصعد المؤشر «نيكي» 9.13 في المائة إلى 34609 نقاط، مسجلاً أكبر مكسب يومي منذ 6 أغسطس (آب) الماضي الذي كان اليوم التالي لتكبد المؤشر أكبر هبوط يومي منذ انهيار «الاثنين الأسود» عام 1987. وزاد المؤشر «توبكس الأوسع نطاقاً» 8.09 في المائة إلى 2539.4.
وقال سييتشي سوزوكي، كبير محللي سوق الأسهم في «توكاي طوكيو إنتليجنس لابوراتوري»: «اشترى المستثمرون الأسهم مرة أخرى يوم الخميس، متمنين لو أنهم لم يبيعوها في الجلسة السابقة». وأضاف سوزوكي: «لكن الارتفاع يعني أيضاً أن السوق كانت متشائمة بشكل مبالغ فيه بشأن تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب».
وفي تراجع أذهل الجميع، قال ترمب مساء الأربعاء إنه سيخفض مؤقتاً الرسوم الجمركية الضخمة التي دخلت حيز التنفيذ في اليوم نفسه على عشرات الدول، بينما سيزيد الضغوط على الصين؛ مما قاد إلى ارتفاع هائل للأسهم الأميركية.
وشهد «نيكي» تقلبات حادة هذا الأسبوع؛ إذ أغلق على ارتفاع 6 في المائة يوم الثلاثاء، بعد هبوط 7.8 في المائة يوم الاثنين إلى أدنى مستوى في عام ونصف العام. وأغلق على انخفاض 4 في المائة الأربعاء.
وجاء ارتفاع يوم الخميس في أعقاب ارتفاعات في «وول ستريت» ليل الأربعاء - الخميس؛ إذ زاد المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنحو 9.5 في المائة مسجلاً أكبر مكسب يومي منذ عام 2008. وتقدمت جميع المؤشرات الفرعية للقطاعات في بورصة طوكيو للأوراق المالية، البالغ عددها 33 مؤشراً، مع ارتفاع قطاع المعادن غير الحديدية 13.42 ليكون الرابح الأكبر. وقفز قطاع المصارف 8.51 في المائة بعدما تلقى ضربة قوية جراء المخاوف من تباطؤ اقتصادي.
وزادت جميع الأسهم على المؤشر «نيكي»، البالغ عددها 225 سهماً، باستثناء سهم واحد. ومن بين أكثر من 1600 سهم متداولة في السوق الرئيسية لبورصة طوكيو، ارتفعت 99 في المائة من الأسهم.
من جانبها، شهدت السندات الحكومية اليابانية بيعاً يوم الخميس، حيث حوّل المستثمرون أموالهم إلى الأسهم، ورحبوا بإلغاء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بعضاً من أشدّ رسومه الجمركية على الواردات.
وارتفع عائد سندات الحكومة اليابانية القياسي لأجل 10 سنوات بمقدار 6.5 نقطة أساس، ليصل إلى 1.335 في المائة خلال تعاملات ما بعد الظهر. ورفع البيع عائد السندات لأجل عامين بمقدار 7.5 نقطة أساس، ليصل إلى 0.68 في المائة، وارتفع عائد السندات لأجل 5 سنوات بمقدار 3 نقاط أساس، ليصل إلى 0.86 في المائة.
وقال محللون إن تحركات سوق سندات الحكومة اليابانية، ومزاجها العام، كانا مختلفين تماماً عن اليوم السابق، حين شهدت السندات طويلة الأجل إقبالاً شديداً على البيع، فقد صَفّى المستثمرون كل شيء تقريباً... وقال ناكا ماتسوزاوا، الخبير الاستراتيجي في «بنك نومورا»: «فيما يتعلق بالسندات طويلة الأجل، نشعر اليوم بارتياح أكبر».
وفي سياق منفصل، بلغ تضخم أسعار الجملة السنوي في اليابان 4.2 في المائة خلال مارس (آذار) الماضي، مُتسارعاً عن الشهر السابق عليه، في إشارة إلى استمرار ضغوط التكاليف التي تُفاقم معاناة الشركات من حالة عدم اليقين بشأن سياسة الرسوم الجمركية الأميركية.
وتُسلط هذه البيانات الضوء على التحدي الذي يواجهه «بنك اليابان» في تحديد توقيت رفع أسعار الفائدة المُقبل، لا سيما في ظل قوى الدفع والجذب المُتمثلة في ازدياد الضغوط التضخمية المحلية والتأثير المُتوقع على النمو الاقتصادي من رسوم ترمب.
وتجاوز ارتفاع «مؤشر أسعار سلع الشركات (CGPI)»، الذي يقيس السعر الذي تفرضه الشركات على سلعها وخدماتها، متوسط توقعات السوق البالغ 3.9 في المائة، وجاء عقب ارتفاع بنسبة 4.1 في المائة خلال فبراير (شباط) الماضي.
وأظهرت بيانات «البنك المركزي»، يوم الخميس، ارتفاع أسعار مجموعة واسعة من السلع، بما فيها ذلك ارتفاع بنسبة 3.1 في المائة على أساس سنوي لتكلفة الغذاء، وارتفاع بنسبة 8.6 في المائة لأسعار البترول والفحم... ومع ذلك، انخفض مؤشر أسعار الواردات المُقاس بالين بنسبة 2.2 في المائة خلال مارس الماضي مقارنة بالعام السابق، بعد انخفاض بنسبة 0.9 في المائة خلال فبراير.
وصرح ماساتو كويكي، كبير الاقتصاديين في «معهد سومبو بلس»: «من المرجح أن يتباطأ تضخم أسعار الجملة في المستقبل بسبب انخفاض تكاليف السلع الأساسية وانتعاش الين»؛ مما سيساعد في تخفيف تضخم أسعار المستهلكين.
وأدى ارتفاع أسعار الغذاء بشكل مستمر وارتفاع الأجور إلى إبقاء تضخم أسعار المستهلكين أعلى من هدف «بنك اليابان» البالغ اثنين في المائة لنحو 3 سنوات؛ مما يعزز توقعات السوق بأن «البنك المركزي» سيواصل رفع أسعار الفائدة من مستواها الحالي البالغ 0.5 في المائة. لكن قرار ترمب فرض رسوم جمركية شاملة على واردات السلع قد عقّد مسار رفع أسعار الفائدة الذي اتخذه «بنك اليابان المركزي»؛ إذ هدد بعرقلة الانتعاش المعتدل في الاقتصاد الياباني المعتمد على الصادرات.
وصرح محافظ «بنك اليابان»، كازو أويدا، يوم الأربعاء، بأن على «البنك المركزي» التدقيق «دون أي تصورات مسبقة» فيما إذا كان الاقتصاد يسير على الطريق الصحيحة لتحقيق توقعاته؛ مما يشير إلى احتمال توقف رفع أسعار الفائدة مؤقتاً في ظل تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على الأسواق.

