جولة بريطانية ثانية لقصف حقول نفط لـ«داعش» في سوريا

التحالف الدولي يكثف استخدام طائرات من دون طيار على الحدود مع تركيا

وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون يخاطب الطيارين والجنود البريطانيين في قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية بشرق جزيرة قبرص (أ.ب)
وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون يخاطب الطيارين والجنود البريطانيين في قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية بشرق جزيرة قبرص (أ.ب)
TT

جولة بريطانية ثانية لقصف حقول نفط لـ«داعش» في سوريا

وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون يخاطب الطيارين والجنود البريطانيين في قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية بشرق جزيرة قبرص (أ.ب)
وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون يخاطب الطيارين والجنود البريطانيين في قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية بشرق جزيرة قبرص (أ.ب)

نفّذت بريطانيا جولة ثانية لقصف حقول نفط يسيطر عليها تنظيم داعش في سوريا بعد أيام على موافقة البرلمان البريطاني على قصف أهداف للتنظيم، في حين ذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها رصدت مضاعفة التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بثلاث مرات لعدد طائراته من دون طيار في سوريا، حيث يبلغ عددها في الأجواء في آن واحد 50 طائرة.
وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون أوضح أن «القاذفات البريطانية نفذت جولة ثانية من قصف أهداف تابعة لتنظيم داعش في سوريا في وقت متأخر الليلة الماضية (ليل الجمعة) واستهدفت حقولاً نفطية مجددًا». وتابع فالون لقناة «سكاي نيوز» أثناء زيارته للقاعدة الجوية البريطانية في قبرص: «شهدنا الليلة الماضية طائرات من طراز (تايفون) تقاتل للمرة الأولى، فأصابت بنجاح حقلاً نفطيًا ورؤوس آبار نفطية بشرق سوريا في حقل العمر».
من جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بـ«تنفيذ طائرات حربية يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي غارت على مناطق في محيط حقل الورد النفطي القريب من بلدة الدوير بريف محافظة دير الزور الشرقي»، متحدثا عن سقوط قذيفتين أطلقهما تنظيم داعش على مناطق في حي الجورة الخاضع لسيطرة قوات النظام بمدينة دير الزور نفسها، مما أدى لسقوط جرحى.
ومن موسكو، أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إلى أن «معظم الطائرات من دون طيار التي تكثّف استخدامها في الشمال السوري، تقوم بطلعات استطلاعية على طول الحدود التركية السورية التي يتم عبرها تهريب النفط».
وأضاف كوناشينكوف للصحافيين: «تدركون جيدا أن زملاءنا (في التحالف الأميركي) الذين يقومون بالمراقبة على تلك المناطق بهذا الحجم، يمكن أن يشاطروا الجماهير المعلومات التي يتلقونها، إذا رغبوا في ذلك، المعلومات عما يحصل على الحدود السورية التركية وبأي حجم ينقل الإرهابيون النفط، وإلى أين».
بدوره، أعلن «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» المعارض عن قصف مقاتلات روسية قافلة شاحنات تنقل مساعدات إغاثية إلى «المناطق المحررة» بريف محافظة حلب الشمالي، موقعة عددًا من القتلى والجرحى. وأشار الائتلاف في بيان إلى أن الشاحنات كانت تحمل وقودًا لصالح هيئة الدفاع المدني في حلب، وجرى استهدافها بالصواريخ الفراغية، لدى مرورها بالطريق الواصل بين بلدتي كفرناصح وإحرص شمال حلب. علما بأنّها المرة الرابعة التي تستهدف بها الطائرات الروسية قوافل المساعدات الإغاثية، بحسب المعارضة. كذلك، في المنطقة المتاخمة للحدود مع تركيا، قُتل 13 عنصرا على الأقل من مقاتلي فصائل المعارضة جراء الاشتباكات العنيفة المستمرة ضد تنظيم «داعش» في ريف حلب الشمالي في شمال سوريا.
ووفق المرصد، فإن «13 مقاتلا على الأقل من (لواء السلطان مراد) قضوا في الاشتباكات العنيفة مع تنظيم داعش في ريف حلب الشمالي خلال الـ24 ساعة الماضية». وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن لواء «السلطان مراد» هو «فصيل يضم مقاتلين تركمانًا ويخوض إلى جانب الفصائل المقاتلة اشتباكات ضد المتطرفين في ريف حلب الشمالي، في محاولة لاستعادة السيطرة على عدد من البلدات والقرى التي تمكن تنظيم داعش من السيطرة عليها في وقت سابق».
وتتركز الاشتباكات بين الطرفين وفق عبد الرحمن، في المناطق الواقعة شرق مدينة أعزاز (ذات الكثافة السكانية التركمانية) قرب الحدود السورية التركية. وتمكنت الفصائل في الساعات الأخيرة من السيطرة على قرى حدودية عدة من التنظيم أبرزها براغيدة والخربة وغزل، وفق عبد الرحمن.
من ناحية أخرى، قال المسؤول الإعلامي في «الجبهة الشامية» أبو محمد ناصر لوكالة «الأناضول» إن «قوات تابعة للجبهة، ولواء (السلطان مراد)، و(فيلق الشام)، تمكنت عقب اشتباكات عنيفة من استعادة السيطرة على قريتي خربة وبراغيده من يد (داعش)». كما ذكرت المعارضة السورية أنها سيطرت على قرية الغزل (شمال حلب) بعد معارك مع التنظيم. ونقلت وكالة «آرا نيوز» عن صالح الزين، أحد القادة الميدانيين بـ«الجبهة الشامية» بريف حلب الشمالي إن «مقاتلي الجبهة الشامية بالاشتراك مع غرفة عمليات فتح حلب وحركة أحرار الشام الإسلامية تمكنوا من التقدم والسيطرة على عدة قرى استراتيجية كان قد سيطر عليها تنظيم داعش منذ أكثر من عام، وهي قرى غزل وقره مزرعة والكوبري ومحطة الغاز والخربة وكلها قرى قريبة من الحدود السورية التركية».
وأشار الزين إلى أن «مقاتلي الجبهة الشامية تمكنوا من قتل وجرح العشرات من عناصر تنظيم داعش خلال المعارك الطاحنة بين الطرفين، التي انتقلت صباح يوم السبت إلى مشارف دوديان التي يحاول مقاتلو الجبهة السيطرة عليها».
في هذه الأثناء، في ريف محافظة اللاذقية، أشارت مصادر تابعة للنظام السوري إلى أن قوات النظام سيطرتها على جبل العزر والنقطة 817 القريبة من منطقة كسب الحدودية مع تركيا، كما تقدمت على جبهة الزيارة القريبة من جورين في ريف اللاذقية الشمالي، بعد معارك مع فصائل المعارضة المنتشرة في المنطقة، وفق بيان صادر عن «لواء درع الساحل»، التابع لقوات النظام.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».