استشارات: تناول الأسبرين وأدوية خفض حموضة المعدة

استشارات: تناول الأسبرين وأدوية خفض حموضة المعدة
TT
20

استشارات: تناول الأسبرين وأدوية خفض حموضة المعدة

استشارات: تناول الأسبرين وأدوية خفض حموضة المعدة

تناول الأسبرين وأدوية خفض حموضة المعدة

* أود استشارتكم، إذ وحسب التعليمات الطبية البريطانية، فإنه وبعد بلوغ عمر 80 سنة تُعطى حبة من دواء مضاد الحموضة بشكل يومي، لكل من يتناول دواء الأسبرين بمقدار 75 ملغم. أنا أخذت الحبوب لمدة أسبوع ولم تتسبب لي بآثار جانبية أو تفاعلات عكسية. ثم أخبرت الطبيبة أنني لن أتناولها طيلة بقية عمري فذلك غير معقول. وعوضاً عن ذلك سأقوم بتناول الأسبرين بعد وجبة الطعام. وسكتت الطبيبة وكأنها موافقة. ما نصيحتك؟

- هذا ملخص أسئلتك. وبداية، هذه الاستشارة تمسّ أحد المواضيع التي تهم ملايين المرضى حول العالم، وخاصة ملايين مرضى القلب الذين يتناولون الأسبرين إما للوقاية الأولية (مرضى لديهم فقط عدد من عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب، وليس لديهم تأكيد طبي لوجود مرض في شرايين القلب) أو للوقاية المتقدمة (مرضى ثبت أن لديهم مرض شرايين القلب عبر إصابتهم السابقة بجلطة النوبة القلبية أو أن قسطرة شرايين القلب أظهرت وجود المرض فيها).

وكذلك هذا الموضوع مهم لملايين آخرين من مرضى الحالات الالتهابية (المزمنة أو الحادة) في المفاصل أو العمود الفقري أو العظام أو الصداع وفي غيرها من أجزاء الجسم، الذين يتناولون أحد أنواع فئة أدوية مضادات الالتهابات ومسكنات الألم غير الستيرويدية، مثل بروفين وفولتارين وغيرهم كثير.

الأسبرين هو أحد فئة الأدوية المضادة لالتصاق وتراكم الصفائح الدموية، التي يجدر أن يتم تناوله بشكل يومي إذا كان ثمة داع طبي لذلك. ولكن تناوله بشكل يومي يرتبط باحتمالات التسبب بمضاعفات نزيف الجهاز الهضمي العلوي المتكررة نسبياً. خاصة أن احتمال تسبب الأسبرين بنزيف أو التهاب المعدة، يرتفع مع ارتفاع وجود الأحماض في المعدة، وكذلك يرتفع مع تناول الأسبرين على معدة خالية من الطعام، أو تناول أنواع أقراص الأسبرين «غير المُغلّف».

ولذا تتجه النصائح الطبية أولاً نحو النصيحة بتناول النوعية «المُغلّفة» من الأسبرين. وثانياً بتناول الأسبرين بعد وجبات الطعام. وكذلك تتجه النصيحة الطبية ثالثاً بطرح احتمال الحاجة إلى تناول نوع آخر من الأدوية مع تناول الأسبرين، وهي أدوية تُخفّض من إنتاج المعدة للأحماض (أدوية مثبطات مضخة البروتون).

ومن أمثلة أدوية «مثبطات مضخة البروتون» كل من أوميبرازول (لوسك) ولانسوبرازول (تاكيبرون) وإيزوميبرازول (نيكسيم) وبانتوبرازول (كونترولوك) ورابيبرازول (باريوت).

ولذا ازداد بشكل سريع خلال العقود الماضية استخدام مثبطات مضخة البروتون (مضادات قوية لإفراز حمض المعدة) ليس فقط لعلاج الاضطرابات المرتبطة بالحموضة، مثل مرض الارتجاع المعدي المريئي وقرحة المعدة، بل وأيضاً للوقاية من تضرر المعدة والاثنى عشر لدى المرضى الذين يعالجون بالأسبرين أو الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات. وأصبحت الآن أدوية مثبطات مضخة البروتون من بين الأدوية الأكثر وصفاً في العالم، وذلك لتقليل خطر نزيف المعدة.

ولكن من ناحية أخرى، ثمة تحفظات طبية تشير إلى احتمال تسبب تناول أدوية «مثبطات مضخة البروتون» في «إضعاف» فاعلية الأسبرين أو الأنواع الأخرى من فئة أدوية مُضادات الصفائح (مثل بلافيكس)، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ولذا توصي الإرشادات الطبية الحالية في الولايات المتحدة والدول الأوروبية باستخدام مثبطات مضخة البروتون مع العلاج المضاد للصفيحات، «فقط» لدى المرضى الذين لديهم «عوامل خطر لنزيف الجهاز الهضمي» وبعض من «كبار السن».

وفي بريطانيا، صدر في يناير (كانون الثاني) 2025 تحديث وثيقة إرشادات «حماية المعدة (باستخدام مثبطات مضخة البروتون) للمرضى الذين يتناولون مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو مضادات الصفائح الدموية». وذلك عن مؤسسة NHS المملوكة بالكامل لوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية بالمملكة المتحدة. وهي سارية المفعول للتطبيق الإكلينيكي من قبل الأطباء حتى موعد المراجعة العلمية التالية التي ستكون في يناير (كانون الثاني) 2028.

وقالت الوثيقة في مقدمتها: «عند الحاجة إلى استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (أو مضادات الصفائح الدموية)، ولتقليل خطر الآثار الجانبية المعدية المعوية، ينبغي استخدام أقل جرعة فعالة (منهما) لأقصر مدة علاج. ومع انتشار استخدام مثبطات مضخة البروتون، بدأت الأدلة تظهر بشأن سلامتها على المدى الطويل واحتمالية حدوث آثار جانبية. وعند التفكير في وصف مثبطات مضخة البروتون طويلة الأمد، ينبغي على الأطباء مراعاة ما إذا كانت المخاطر (كما سيأتي) تفوق الفوائد».

ووضعت الخطوة الأولى في تكوين القرار الطبي (من قبل الطبيب) بضرورة تحديد مدى الحاجة بالأصل إلى تناول المريض علاج مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو مضادات الصفائح الدموية. وإذا كان ثمة ضرورة بالفعل، فإنها وكاحتياط، طلبت التأكد مما إذا كان لدى المريض عامل أو أكثر من عوامل الخطورة العالية للإصابة بمشاكل في المعدة. وهو ما يتم التعرف عبر النقاط التالية:

- وجود تاريخ سابق من الإصابة بمضاعفات القرحة.

- وجود تاريخ سابق من مرض القرحة (غير نزيفي).

- هل ثبت وجود بكتيريا الملوية البوابية (جرثومة المعدة)، وهل يُعالج المريض منها في حال الإصابة.

- هل حصل في السابق نزيف الجهاز الهضمي.

- هل يتناول المريض علاجاً مزدوجاً مضاداً للصفيحات (عدد 2 من أنواع أدوية مُضادات الصفائح).

- هل تناول المريض مضادات التخثر الفموية - مضادات الصفائح الدموية - مضادات الالتهاب غير الستيرويدية بالتزامن مع تناول الأسبرين.

- هل يتناول المريض جرعات الأسبرين التي تزيد عن 300 ملغم في اليوم.

- هل يتجاوز عمر المريض 65 عاماً فأكثر، ويتلقى أيضاً مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لفترات قصيرة الأمد أو متقطعة.

هل يزيد عمر المريض عن 70 عاماً، ويتلقى جرعة منخفضة من الأسبرين 75 ملغم أو كلوبيدوغريل (بلافيكس).

وإذا لم يكن أي منها لدى المريض، فلا يُنصح «بالعموم» تناول أدوية خفض إنتاج المعدة للأحماض مع تناول الأسبرين.

أما إذا كان الأمر كذلك لدى المريض في أي من هذه النقاط، حتى لو في واحد منها، فإنها تنصح بتناول أدوية خفض إنتاج المعدة للأحماض مع تناول الأسبرين.

وأكدت الوثيقة على أن: «عادة ما تكون الآثار الجانبية لمثبطات مضخة البروتون خفيفة وقابلة للعكس (والإزالة). ومع ذلك، من خلال تقارير الحالات والدراسات الرصدية (التي يصعب إثبات التحيز والسببية فيها)، قد يرتبط العلاج طويل الأمد بمثبطات مضخة البروتون بآثار جانبية أخرى نادرة، مثل نقص مغنيسيوم الدم. ولكن لا توجد أدلة كافية تُثبت أن وجود علاقة بين استخدام مثبطات مضخة البروتون وزيادة خطر الإصابة بالالتهاب الرئوي لدى المرضى الذين يتلقون هذه الأدوية بشكل طويل الأمد».

ويبدو أنك بحاجة إلى تناول دواء حماية المعدة. ولكن تظل هذه الإرشادات الطبية كما تقول الوثيقة: «هذه الوثيقة مخصصة كدليل استشاري، ولا تحل محل الحكم الإكلينيكي الذي يتم تقييمه (من قبل الطبيب المتابع بشكل مباشر لحالة المريض) على أساس كل حالة على حدة».



دراسة: 3 ملايين طفل تُوفوا بسبب «مقاومة المضادات الحيوية»

دعوة إلى تطوير استراتيجيات فعالة للحدّ من سوء استخدام المضادات الحيوية (جامعة منيسوتا)
دعوة إلى تطوير استراتيجيات فعالة للحدّ من سوء استخدام المضادات الحيوية (جامعة منيسوتا)
TT
20

دراسة: 3 ملايين طفل تُوفوا بسبب «مقاومة المضادات الحيوية»

دعوة إلى تطوير استراتيجيات فعالة للحدّ من سوء استخدام المضادات الحيوية (جامعة منيسوتا)
دعوة إلى تطوير استراتيجيات فعالة للحدّ من سوء استخدام المضادات الحيوية (جامعة منيسوتا)

أظهرت دراسة أجراها خبيران في مجال صحة الطفل أن أكثر من 3 ملايين طفل حول العالم لقوا حتفهم في عام 2022 نتيجة للعدوى المقاومة للمضادات الحيوية. وبيّنت أن الأطفال في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا هم الأكثر عرضة للخطر.

تتطور مقاومة المضادات الحيوية عندما تتطور الميكروبات المسببة للعدوى بطريقة تجعل المضادات الحيوية لا تعمل. وقد تم تحديدها كواحدة من أكبر التهديدات الصحية العامة التي تواجه سكان العالم، وفقاً لموقع «بي بي سي».

واستند مُعدّا الدراسة على بيانات من مصادر متعددة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية (WHO) والبنك الدولي، وخلصا إلى أن هناك أكثر من 3 ملايين حالة وفاة بين الأطفال في عام 2022 مرتبطة بالعدوى المقاومة للأدوية. وقد يكون الرقم تفاقم بسبب تأثير جائحة «كوفيد - 19».

زيادة استخدام المضادات الحيوية

تستخدم المضادات الحيوية لعلاج أو الوقاية من مجموعة كبيرة من العدوى البكتيرية، من التهابات الجلد إلى الالتهاب الرئوي.

وتُعطى المضادات الحيوية أحياناً كإجراء احترازي للوقاية من العدوى بدلاً من علاجها، على سبيل المثال إذا كان الشخص يخضع لعملية جراحية أو يتلقى علاجاً كيميائياً للسرطان.

والمضادات الحيوية ليس لها أي تأثير على العدوى الفيروسية، مثل نزلات البرد أو الإنفلونزا أو «كوفيد».

لكن بعض البكتيريا طورت الآن مقاومة لبعض الأدوية، بسبب الإفراط في استخدام المضادات الحيوية أو استخدامها بشكل غير مناسب، في حين تباطأ الوصول إلى مضادات حيوية جديدة بشكل كبير، لأنها عملية طويلة ومكلفة.

يشير المؤلفان الرئيسيان للتقرير، الطبيبة يانهونغ جيسيكا من «معهد مردوخ لأبحاث الأطفال» في أستراليا، والبروفسور هيرب هارويل من «مبادرة كلينتون للوصول إلى الصحة»، إلى زيادة كبيرة في استخدام المضادات الحيوية التي من المفترض أن يتم استخدامها فقط في حالات العدوى الأكثر خطورة.

وبين عامي 2019 و2021، زاد استخدام «المضادات الحيوية الاحتياطية»، وهي أدوية ذات مخاطر عالية للمقاومة، بنسبة 160 في المائة في جنوب شرقي آسيا، و126 في المائة في أفريقيا.

وخلال الفترة نفسها، ارتفع استخدام «المضادات الحيوية الاحتياطية»، وهي العلاجات التي تستخدم ضد العدوى الشديدة المقاومة للأدوية المتعددة، بنسبة 45 في المائة في جنوب شرقي آسيا، و125 في المائة في أفريقيا.

تضاؤل الخيارات

ويحذر مؤلِّفا الدراسة من أنه إذا طورت البكتيريا مقاومة لهذه المضادات الحيوية، فلن يكون هناك سوى القليل من البدائل، إن وجدت، لعلاج الالتهابات المقاومة للأدوية المتعددة.

وقدم هارويل النتائج في مؤتمر الجمعية الأوروبية لعلم الأحياء الدقيقة السريرية والأمراض المعدية في فيينا، هذا الشهر.

ويقول: «مقاومة مضادات الحيوية مشكلة عالمية؛ فهي تؤثر في الجميع. لقد قمنا بهذا العمل للتركيز على الطريقة غير المتناسبة التي تؤثر بها مقاومة مضادات الميكروبات على الأطفال».

وتابع: «نحن نقدر عدد وفيات الأطفال في جميع أنحاء العالم بثلاثة ملايين حالة وفاة مرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات».

هل هناك حل لمقاومة مضادات الميكروبات؟

تصف «منظمة الصحة العالمية» مقاومة مضادات الميكروبات بأنها واحدة من أخطر التهديدات الصحية العالمية التي نواجهها، لكن البروفسور هارويل متحدثاً من فيينا، حذر من عدم وجود إجابات سهلة.

وقال إنها «مشكلة متعددة الأوجه تمتد إلى جميع جوانب الطب، بل وحياة الإنسان في الواقع».

وأضاف أن «المضادات الحيوية منتشرة في كل مكان حولنا، وينتهي بها المطاف في طعامنا وبيئتنا. وبالتالي فإن التوصل إلى حل واحد ليس بالأمر السهل».

ويضيف أن أفضل طريقة لتجنب العدوى المقاومة للمضادات الحيوية هي تجنب العدوى تماماً، مما يعني الحاجة إلى مستويات أعلى من المناعة والصرف الصحي والنظافة.

وتابع: «سيكون هناك المزيد من استخدام المضادات الحيوية، لأن هناك المزيد من الأشخاص الذين يحتاجون إليها، ولكننا بحاجة إلى التأكد من استخدامها بشكل مناسب واستخدام الأدوية الصحيحة».

وقالت الدكتورة ليندسي إدواردز، المحاضرة البارزة في علم الأحياء الدقيقة في كلية «كينغز كوليدج» بلندن، إن الدراسة الجديدة «تمثل زيادة كبيرة ومقلقة مقارنة بالبيانات السابقة».

واختتمت: «يجب أن تكون هذه النتائج بمثابة جرس إنذار لقادة الصحة العالمية. فمن دون اتخاذ إجراءات حاسمة، يمكن لمقاومة مضادات الميكروبات أن تقوّض عقوداً من التقدم في مجال صحة الطفل، لا سيما في المناطق الأكثر ضعفاً في العالم».