اليابان «محبطة» من رسوم ترمب الجمركية... وتتعهد بدعم الشركات

«نيكي» يهبط 2.8 %... وتقديرات بتراجع الناتج المحلي 0.6 %

عمال يحملون حاويات على سفينة شحن في ميناء صناعي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
عمال يحملون حاويات على سفينة شحن في ميناء صناعي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT
20

اليابان «محبطة» من رسوم ترمب الجمركية... وتتعهد بدعم الشركات

عمال يحملون حاويات على سفينة شحن في ميناء صناعي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
عمال يحملون حاويات على سفينة شحن في ميناء صناعي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

قالت اليابان، يوم الخميس، إن الرسوم الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الواردات الأميركية تعدّ أمراً «مؤسفاً للغاية»، مضيفة أن الحكومة في طوكيو تحثُّ واشنطن على إلغاء هذه الإجراءات، وتدرس التداعيات وتبحث الاختيارات كافة.

وأعرب رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، يوم الخميس، عن خيبة أمله لعدم حصول بلاده على إعفاء من الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، ووعد باتخاذ إجراءات لمساعدة الصناعة المحلية على التعامل مع تداعياتها.

ولم يُشر المسؤولون اليابانيون إلى أي رد انتقامي مُحتمل، لكنهم شككوا في مدى توافق الرسوم الجمركية مع اتفاقات منظمة التجارة العالمية، ومدى دقة بعض الحسابات الأميركية بشأن الرسوم الجمركية اليابانية.

وقال إيشيبا للصحافيين: «كنا نطالب الحكومة الأميركية بمراجعة إجراءاتها الجمركية الأحادية الجانب على مختلف المستويات، ونشعر بخيبة أمل بالغة، ونأسف لتنفيذ هذه الإجراءات رغم ذلك».

وعلى الرغم من أسابيع من الجهود الدبلوماسية لتغيير رأي ترمب، استيقظت اليابان، يوم الخميس، على أنباء تفيد بأنها ستخضع لرسوم جمركية متبادلة بناءً على ما وصفته الولايات المتحدة بأنه يمثل اختلالاً تجارياً بنسبة 46 في المائة مع حليفها الرئيسي. ودخلت رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة، أُعلن عنها سابقاً، على جميع واردات السيارات، حيز التنفيذ في موعدها المقرر يوم الخميس في الولايات المتحدة، مما وجَّه ضربةً موجعةً لصناعة السيارات اليابانية التي تُمثّل نحو 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال إيشيبا: «سنواصل حثَّ الولايات المتحدة بشدة على مراجعة إجراءاتها»، مُضيفاً أنه سيتحدَّث مُباشرةً مع ترمب عند الحاجة. وأوضح أن الحكومة ستُطبّق أيضاً تدابير دعم، بما في ذلك تسهيل حصول الشركات الصغيرة على قروض مدعومة من الدولة.

وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية، يوشيماسا هاياشي، للصحافيين اليابانيين: «من المؤسف للغاية أن تعلن الحكومة الأميركية قرارها بفرض رسوم تبادلية، حتى بعدما أعربنا عن مخاوفنا على أصعدة عدة، وطالبنا الولايات المتحدة بعدم اتخاذ إجراءات أحادية».

وأضاف: «نحن قلقون للغاية بشأن ما إذا كانت الرسوم متوائمة مع قواعد منظمة التجارة العالمية واتفاقية التجارة بين اليابان والولايات المتحدة».

وعند سؤاله عمّا إذا كانت اليابان ستفرض تعريفات جمركية مضادة أو تفكر في إقامة دعوى لدى منظمة التجارة العالمية، قال هاياشي إنه لن يقدم تفاصيل حول ذلك.

وصرَّح وزير التجارة يوجي موتو بأن وزارته شكَّلت فريق عمل يوم الخميس لتحليل تأثير الرسوم الجمركية، بعد أن باءت مناشدته الأخيرة وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، قبل وقت قصير من إعلان ترمب، بالفشل.

وعندما سُئل موتو عمّا إذا كانت اليابان سترد، قال: «علينا أن نقرر ما هو الأفضل لليابان، والأكثر فاعلية، بطريقة حذرة ولكن جريئة وسريعة».

وتعد الشركات اليابانية أكبر الشركات المستثمرة في الولايات المتحدة، لكن طوكيو لم تتمكَّن من الحصول على إعفاء مع إعلان ترمب فرض ضريبة بنسبة 24 في المائة على الواردات اليابانية.

وقال ترمب، مساء الأربعاء، لدى إعلان الرسوم: «اليابان صلبة جداً. شعب عظيم... قد يفرضون علينا رسوماً بنسبة 46 في المائة، وربما أعلى بكثير على سلع معينة. أما نحن فنفرض عليهم رسوماً بنسبة 24 في المائة».

وقال موتو إنه أوضح للوتنيك «كيف ستؤثر الرسوم الجمركية الأميركية سلباً على الاقتصاد الأميركي من خلال تقويض قدرة الشركات اليابانية على الاستثمار». وأضاف: «لقد أجرينا مناقشةً صريحةً حول طريقة مواصلة التعاون بما يخدم مصالح كل من اليابان والولايات المتحدة دون اللجوء إلى الرسوم الجمركية».

كما انتقد ترمب سوق الأرز اليابانية، التي فرض عليها تعريفات جمركية بنسبة 700 في المائة، وهو رقم وصفه وزير الزراعة الياباني تاكو إيتو بأنه «غير منطقي». وقال إيتو: «لا يمكن التوصُّل إلى هذا الرقم بأي حسابات. إنه أمرٌ غير مفهوم».

وبموجب إطار منظمة التجارة العالمية للحد الأدنى من الوصول إلى الأسواق، تتمتع اليابان بحصة استيراد أرز معفاة من الرسوم الجمركية تبلغ نحو 770 ألف طن متري سنوياً، وتفرض رسوماً قدرها 341 يناً للكيلوغرام على أي كمية تتجاوز هذه الكمية.

وفي الأسواق، تراجع المؤشر «نيكي» بما وصل إلى 4.6 في المائة في التعاملات المبكرة يوم الخميس، ليصل إلى 34102 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ السابع من أغسطس (آب)، لكن المؤشر عوَّض بعض خسائره ليغلق منخفضاً 2.8 في المائة مسجلاً 34735.93 نقطة، مما أدى إلى خسارة 18.7 تريليون ين (127 مليار دولار) من قيمته السوقية. ونزل المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 4.3 في المائة خلال الجلسة، قبل أن يتعافى قليلاً لينهي التعاملات الخميس على انخفاض نسبته 3.1 في المائة.

وقال كازو كاميتاني خبير الأسهم في شركة «نومورا للأوراق المالية»: «كنا نعتقد أن الرسوم الجمركية ستكون 10، وربما 20 في المائة، لكنها بدلاً من ذلك بلغت 24 في المائة... لنسمها صدمة رسوم ترمب. السوق عازفة تماماً عن المخاطرة».

وباع المستثمرون الأجانب الأسهم اليابانية للأسبوع التاسع على التوالي حتى 29 مارس (آذار)، مسجلين أطول موجة بيع في 3 سنوات، وسط مخاوف من أن الرسوم الجمركية الأميركية المتبادلة قد تُعطّل الصادرات.

وباع المستثمرون الأجانب أسهماً يابانية بقيمة 450.4 مليار ين (3.06 مليار دولار) صافية خلال الأسبوع، وفقاً لبيانات وزارة المالية اليابانية. وخلال 9 أسابيع متتالية من عمليات البيع الصافي التي بدأت في 26 يناير (كانون الثاني)، سحب الأجانب 6.47 تريليون ين، مقارنةً بـ3.89 تريليون ين فقط من إجمالي عمليات السحب الصافية في الأسبوع المنتهي في 26 مارس 2022، وهي آخر موجة بيع استمرت 9 أسابيع.

كما تخلى المستثمرون الأجانب عن السندات اليابانية في الأسبوع المنتهي في 29 مارس، حيث تخلّصوا من سندات طويلة الأجل بقيمة 489.7 مليار ين، وأذون خزانة قصيرة الأجل بقيمة 155.8 مليار ين.

وفي غضون ذلك، اشترى المستثمرون اليابانيون أسهماً أجنبية بقيمة 583.2 مليار ين، مسجلين بذلك صافي شراء أسبوعي سادس خلال 7 أسابيع. ومع ذلك، باعوا ديوناً أجنبية، للأسبوع الثاني على التوالي، بقيمة نحو 214.9 مليار ين.

وأدى ارتفاع الين، الذي يعدّ ملاذاً آمناً، إلى تفاقم خسائر كثير من شركات تُصدِّر منتجاتها. كما أثار التأثير المحتمل للرسوم الجمركية على النمو المحلي والعالمي تكهنات بأن بنك اليابان المركزي قد يضطر إلى تأجيل أي زيادات أخرى في أسعار الفائدة.

وقدّر «معهد دايوا للأبحاث» أن الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترمب على اليابان قد تخفِّض ناتجها المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.6 في المائة هذا العام، بعد نمو ضئيل بلغ 0.1 في المائة في عام 2024.



الدولار يتراجع وسط شكوك المستثمرين بمكانته كعملة احتياطية

أوراق الدولار الأميركي في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
أوراق الدولار الأميركي في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
TT
20

الدولار يتراجع وسط شكوك المستثمرين بمكانته كعملة احتياطية

أوراق الدولار الأميركي في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
أوراق الدولار الأميركي في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

تراجع الدولار الأميركي يوم الاثنين بعد مكاسب مبكرة من أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، في ظل استمرار تشكك المستثمرين في مكانته كعملة احتياطية عالمية، عقب سلسلة من التصريحات المتقلبة بشأن الرسوم الجمركية من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ويستعد المستثمرون لأسبوع جديد من التقلبات، إذ تسببت قرارات ترمب المتكررة بفرض الرسوم الجمركية على الواردات، ثم تأجيلها بشكل مفاجئ، في إثارة حالة من الارتباك في الأسواق، وفق «رويترز».

وفقد الدولار مكاسبه مع بداية جلسة التداول الآسيوية، مقترباً من أدنى مستوى له في عشر سنوات مقابل الفرنك السويسري عند 0.8188.

في المقابل، حافظ الجنيه الإسترليني على معظم مكاسبه التي بلغت 1.7 في المائة الأسبوع الماضي، ليستقر عند 1.3099 دولار أميركي، بينما ارتفع الدولار النيوزيلندي إلى أعلى مستوى له في أربعة أشهر مسجلاً 0.5860 دولار أميركي.

وأعلن ترمب، يوم الأحد، أنه سيكشف الأسبوع المقبل عن معدل الرسوم الجمركية على واردات أشباه الموصلات، مشيراً إلى أنه سيكون هناك قدر من المرونة تجاه بعض الشركات العاملة في هذا القطاع.

وكان البيت الأبيض قد منح، يوم الجمعة، إعفاءات مؤقتة من الرسوم الجمركية المرتفعة على الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، وبعض الإلكترونيات الأخرى المستوردة من الصين. وصرّح ترمب لاحقاً أن هذه الإعفاءات ستكون قصيرة الأجل.

وقال توني سيكامور، محلل السوق في «آي جي»: «حتى الآن، تم التعامل مع الوضع التجاري بشكل عشوائي وقاسٍ وبيد ثقيلة، وقد خلقت هذه الإجراءات حالة كبيرة من عدم اليقين». وأضاف: «لا تزال الغيوم تتلبد في الأفق، ولم تنقشع بعد».

وتراجع الدولار بنسبة 0.22 في المائة أمام الين الياباني، ليسجل 143.24 ين.

وفي هذا السياق، تستعد اليابان لمفاوضات تجارية مع الولايات المتحدة من المتوقع أن تتطرق إلى موضوع حساس يتعلق بسياسات صرف العملة، إذ يتحضّر بعض المسؤولين اليابانيين سرّاً لاحتمال مطالبة واشنطن طوكيو بدعم الين. وقال وزير الاقتصاد الياباني، ريوسي أكازاوا، إن قضايا الصرف الأجنبي ستُناقش بين وزير المالية كاتسونوبو كاتو ونظيره الأميركي سكوت بيسنت.

وقال كريستوفر وونغ، استراتيجي العملات في بنك «أو سي بي سي»: «سارعت الأسواق إلى تسعير الين الأقوى بعد التأكيد على أن بيسنت وكاتو كانا يناقشان أسواق الصرف الأجنبي».

وحافظ اليورو على استقراره عند 1.1359 دولار، بالقرب من أعلى مستوياته في ثلاث سنوات والذي بلغه يوم الجمعة، وسط تزايد إقبال المستثمرين على العملة الموحدة نتيجة تراجع الثقة في الدولار.

وقال سيكامور: «أعتقد أننا قد نرى اليورو يتداول عند 1.20 دولار بحلول نهاية يوليو (تموز) أو مطلع أغسطس (آب)».

وقد دفعت المخاوف المتزايدة بشأن الأصول الأميركية عدداً من المستثمرين إلى تقليص مراكزهم، وتحويل أموالهم نحو أسواق أخرى، لا سيما أوروبا، مما عزز أداء اليورو. وارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.08 في المائة ليسجل 0.6299 دولار، مواصلاً مكاسبه التي تجاوزت 4 في المائة الأسبوع الماضي.

أما مقابل سلة من العملات، فاستقر الدولار الأميركي قرب أدنى مستوى له في ثلاث سنوات الذي بلغه يوم الجمعة عند 99.77.

وكتب جورج سارافيلوس، رئيس الأبحاث العالمية للعملات الأجنبية في «دويتشه بنك»، في مذكرة للعملاء: «السوق يعيد تقييم جاذبية الدولار الهيكلية كعملة احتياطية عالمية، ويشهد موجة سريعة من التخلي عن الدولرة».

وأشار إلى أن ذلك يتجلى بوضوح في التراجع المتزامن والمستمر في أسواق الصرف والسندات الأميركية.

وقد ساهمت عمليات البيع المكثفة في سوق سندات الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي - التي نُسبت جزئياً إلى التصفية السريعة لما يُعرف بـ«تداولات الأساس» من قبل صناديق التحوط - في الضغط على الدولار. ولم تظهر إشارات تُذكر على انتعاش السندات يوم الاثنين، حيث استقرت عوائد السندات لأجل عشر سنوات عند 4.47 في المائة، بعد أن سجلت الأسبوع الماضي أكبر قفزة أسبوعية في تكاليف الاقتراض منذ عقود.

وقال سارافيلوس: «نعتقد أن عملية التخلي عن الدولرة لا تزال في مراحلها الأولى، لكننا منفتحون على احتمالات تطورها وعلى الشكل النهائي للتوازن الجديد في الهيكل المالي العالمي».

وفي الصين، تراجع اليوان المحلي بنسبة 0.2 في المائة إلى 7.3093 مقابل الدولار، بينما هبط اليوان في السوق الخارجية بأكثر من 0.4 في المائة إلى 7.3142.