«الخارجية السودانية» تتهم «الدعم السريع» بنهب الآثار والمتاحف

عدّته «جريمة حرب»... وتوعدت بمحاسبة مرتكبيه واسترداد المنهوبات

أرشيفية لمتحف السودان القومي
أرشيفية لمتحف السودان القومي
TT
20

«الخارجية السودانية» تتهم «الدعم السريع» بنهب الآثار والمتاحف

أرشيفية لمتحف السودان القومي
أرشيفية لمتحف السودان القومي

اتهمت وزارة الخارجية السودانية، «قوات الدعم السريع» بتدمير المتاحف السودانية ونهب مقتنياتها، إبان سيطرتها على ولاية الخرطوم، بما في ذلك «المتحف القومي»، و«تدمير آثار ومقتنيات تؤرخ للحضارة السودانية الممتدة لسبعة آلاف عام». وعدّت ذلك «جريمة حرب»، وتوعَّدت بمحاسبة المتهمين بارتكابها، والتواصل مع المنظمات الدولية المعنية لاسترداد الآثار المسروقة.

مشهد من داخل المتحف القومي السوداني في الخرطوم يبين حالته في 12 أغسطس 2020 (أ.ف.ب)
مشهد من داخل المتحف القومي السوداني في الخرطوم يبين حالته في 12 أغسطس 2020 (أ.ف.ب)

وقالت وزارة الخارجية، في بيان الثلاثاء، «إن المحفوظات الأثرية في المتحف القومي، تعرَّضت للنهب والتهريب عبر اثنتين من دول الجوار»، لم تسمهما، واتهمت «الدعم السريع» باستهداف «دار الوثائق القومية»، والمكتبات العامة والخاصة، والجامعات والمعامل والمساجد والكنائس ذات القيمة التاريخية في كل من العاصمة الخرطوم، ومدينة ود مدني.

وعدّت «الاعتداء على المتاحف ومراكز الإشعاع الثقافي والتاريخي، مخططاً يستهدف محو الهوية الثقافية الوطنية». وقالت: «برز كذلك استهداف الميليشيا للتراث التاريخي والثقافي للسودان». وأوضحت: «التدمير الذي استهدف المتحف القومي ونهب مقتنياته، كان متعمداً، لتدمير مقتنيات تلخص الحضارة السودانية الممتدة لأكثر من 7 آلاف عام».

جانب من الفسحة الخارجية للمتحف السوداني (مواقع التواصل)
جانب من الفسحة الخارجية للمتحف السوداني (مواقع التواصل)

واتهمت «قوات الدعم السريع» كذلك باستهداف جميع المتاحف في العاصمة الكبرى: «متحف بيت الخليفة، ومتحف الإثنوغرافيا، ومتحف القصر الجمهوري، ومتحف القوات المسلحة، ومتحف التاريخ الطبيعي بجامعة الخرطوم، ومتحف السلطان علي دينار في مدينة الفاشر».

ووصفت «الاعتداء على المتاحف، ونهب المقتنيات الأثرية» بـ«المخطط الإجرامي الذي تنفذه (قوات الدعم السريع)، وأنه استهداف للأمة السودانية إنساناً ودولةً، وإرثاً ثقافياً، وذاكرةً تاريخيةً، وبني اقتصادية، وعلمية».

وعدّت الوزارة «الاعتداء على التاريخ الثقافي امتداداً للفظائع ضد إنسان السودان، ممثلةً في المقابر الجماعية لآلاف القتلى والرهائن والأسرى ومراكز التعذيب، في أنحاء الخرطوم كافة... وتحول مَن نجا من الموت لهياكل عظمية».

ووصف البيان الاعتداءات على المتاحف بأنها «جريمة حرب تحكمها المادة 8 من نظام روما الأساسي، واتفاقية لاهاي 1954 لحماية الممتلكات الثقافية في أثناء النزاعات، واتفاقية اليونيسكو لعام 1970 بخصوص حظر الاتجار بالممتلكات الثقافية»، وعدّت ذلك «امتداداً لسلوك الجماعات الإرهابية» في استهداف الآثار والتراث الثقافي للمجتمعات.

المتحف السوداني في الخرطوم (متداولة)
المتحف السوداني في الخرطوم (متداولة)

وتعهدت «بالعمل مع منظمات اليونيسكو والإنتربول والمنظمات المعنية لحماية المتاحف والآثار والممتلكات الثقافية، لاستعادة ما تم نهبه من محتويات المتحف القومي وبقية المتاحف، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم». وطالبت المجتمع الدولي «بإدانة ذلك السلوك الإرهابي من الميليشيا ومَن يقفون وراءها».

وافتُتح «المتحف القومي» بالخرطوم عام 1971، ويطل على ضفة نهر الأزرق، ويضم مقتنيات وآثاراً، تؤرخ للحضارة السودانية، ابتداءً من العصر الحجري، والحضارات المروية والكوشية، بما في ذلك المرحلة النوبية والفترة الإسلامية.

وأشارت تقارير إعلامية سابقة، إلى أن تمثال «الملك تهارقا»، وهو منحوتة حجرية تزن نحو 7 أطنان، هو الوحيد الذي بقي شاهداً على تخريب المتحف، وتم نقله من مدخل المتحف إلى «بلاط ملكي» بمساعدة «اليونيسكو»، ووكالات الدولية.


مقالات ذات صلة

الفاشر: مدينة تئن تحت النار والجوع وانسداد الأفق

شمال افريقيا النزوح من مخيمات النزوح ظاهرة جديدة في مدينة الفاشر المحاصرة منذ عدة أشهر(الشرق الأوسط) play-circle 00:35

الفاشر: مدينة تئن تحت النار والجوع وانسداد الأفق

بين سندان الموت تحت القصف والجوع والمرض، ومطرقة النزوح إلى المجهول، يواجه مئات الآلاف من سكان مدينة الفاشر بدارفور، والمخيمات حولها، واقعاً إنسانياً مؤلماً.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

بدء محاكمة «حميدتي» وشقيقه غيابياً في السودان

بدأت محكمة سودانية، أمس، أولى جلسات محاكمة غيابية لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم، بالإضافة إلى 14 من قادة «الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

بدء محاكمة حميدتي وشقيقه غيابياً في السودان

بدأت محكمة سودانية، يوم الأحد، أولى جلسات محاكمة غيابية لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم، بتهمة قتل والي ولاية غرب دارفور.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
العالم العربي لاجئة سودانية تحمل ابنها خلال مغادرتهما السفينة «يو إس إن إس برونزويك» في ميناء جدة (أ.ب) play-circle

في الفاشر السودانية المحاصَرة... إسعافات أولية بمواد بدائية ونباتات طبية

في مدينة الفاشر السودانية مرضى لا ينامون من الألم، ومناشدات من منظمات دولية لإدخال المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
تحليل إخباري هروب الآلاف بعد هجمات «قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين شمال دارفور 15 أبريل (رويترز) play-circle 00:35

تحليل إخباري «طويلة»... معسكر جديد لضحايا الحرب في السودان

تحوّلت بلدة «طويلة» بشمال دارفور، إلى معسكر جديد لضحايا الحرب، بعد تدفق الآلاف من النازحين الهاربين من القصف من مدينة الفاشر، ومخيمي زمزم وأبو شوك.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

تنسيق مصري - جيبوتي لضمان حرية الملاحة بالبحر الأحمر

زيارة السيسي الثانية لجيبوتي (الرئاسة المصرية)
زيارة السيسي الثانية لجيبوتي (الرئاسة المصرية)
TT
20

تنسيق مصري - جيبوتي لضمان حرية الملاحة بالبحر الأحمر

زيارة السيسي الثانية لجيبوتي (الرئاسة المصرية)
زيارة السيسي الثانية لجيبوتي (الرئاسة المصرية)

أكدت مصر وجيبوتي على أهمية تعزيز التنسيق المشترك حول الملفات المتعلقة بالبحر الأحمر، وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الجيبوتي إسماعيل عمر غيله على «رفض أي ممارسات تؤثر على حرية الملاحة البحرية».

وقام السيسي بزيارة إلى جيبوتي، الأربعاء، أجرى خلالها محادثات تناولت، حسب «الرئاسة المصرية»، «سبل تعزيز العلاقات الثنائية، إلى جانب التنسيق المشترك بشأن الأوضاع الإقليمية في البحر الأحمر والقرن الأفريقي».

وهذه ثاني زيارة للسيسي إلى جيبوتي بعد زيارته الأولى في مايو (أيار) 2021، التي عُدّت وقتها أول زيارة لرئيس مصري، وتناولت «سبل تطوير التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية والتنموية».

وأشار السيسي خلال مؤتمر صحافي مع غيله إلى أن «زيارته الثانية لجيبوتي جاءت برسالة اعتزاز بالروابط التاريخية، وعلاقة الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين»، وقال إن «محادثاته مع نظيره الجيبوتي تناولت الأوضاع في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، والتحديات المشتركة للبلدين في المنطقة».

وأكدت المحادثات «رفض تهديد أمن وحرية الملاحة في البحر الأحمر»، باعتباره شرياناً تجارياً دولياً حيوياً. وشدد السيسي على «ضرورة الالتزام بمبادئ ومرتكزات الأمن الإقليمي»، وقال إنه «تم التوافق على المسؤولية الحصرية للدول المطلة على البحر الأحمر، وخليج عدن، في حوكمة وتأمين هذا الممر الملاحي الدولي»، حسب «الرئاسة المصرية».

وفي بيان مشترك، أكدت القاهرة وجيبوتي على «أهمية تفعيل (مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر) ليضطلع بمسؤولياته الأصلية، في تعزيز التنسيق بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر، وخليج عدن».

ويضم «مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر»، الذي تأسس عام 2020، ثماني دول عربية وأفريقية، هي: المملكة العربية السعودية، ومصر، واليمن، والأردن، والسودان، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا، ويستهدف «تعزيز الأمن والتنمية بين أعضائه».

السيسي وغيله خلال لقاء أكدا فيه أهمية تعزيز التنسيق المشترك حول ملفات البحر الأحمر (الرئاسة المصرية)
السيسي وغيله خلال لقاء أكدا فيه أهمية تعزيز التنسيق المشترك حول ملفات البحر الأحمر (الرئاسة المصرية)

وحسب إفادة «الرئاسة المصرية»، أكد السيسي «ضرورة دعم ركائز الأمن والاستقرار في الصومال، وصيانة وحدته وتكامل وسلامة أراضيه»، وقال إنه «تم رفض أي محاولات تهدد وحدة وسيادة السودان وسلامة أراضيه، بما في ذلك مساعي تشكيل حكومة موازية»، مشدداً على «ضرورة الحفاظ على المؤسسات الوطنية السودانية، وتعزيز نفاذ المساعدات الإنسانية لكل المناطق».

كما تناولت محادثات الرئيس المصري ونظيره الجيبوتي تطورات القضية الفلسطينية، وأكدا على «الموقف العربي الموحد الرافض لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، تحت أي مسمى»، وشددا على «حتمية التوصل إلى تسوية مستدامة للقضية الفلسطينية»، استناداً إلى حل الدولتين، إلى جانب «التعاون مع الشركاء الدوليين لتنفيذ الخطة (العربية - الإسلامية) لإعادة إعمار غزة».

تأتي زيارة السيسي إلى جيبوتي في توقيت مهم تشهد فيه منطقة القرن الأفريقي توترات تستدعي التنسيق المشترك، وفق السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات المصرية - الجيبوتية قائمة على تحالف استراتيجي، للتعاون في مختلف المجالات، خصوصاً الاقتصادية والأمنية»، إلى جانب «التعاون الإقليمي مع دول القرن الأفريقي، في ضوء آلية التعاون الثلاثي مع الصومال وإريتريا».

وعمّقت مصر من حضورها في منطقة القرن الأفريقي، بقمة ثلاثية جمعت رؤساء «مصر والصومال وإريتريا»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بالعاصمة الإريترية أسمرة، وأكدت «القمة» حينها على «أهمية تطوير وتعزيز تلك العلاقات، سواء في مواجهة تحديات مشتركة في كل من القرن الأفريقي والبحر الأحمر».

محادثات بين الجانبين المصري والجيبوتي شددت على الالتزام بمبادئ ومرتكزات الأمن الإقليمي (الرئاسة المصرية)
محادثات بين الجانبين المصري والجيبوتي شددت على الالتزام بمبادئ ومرتكزات الأمن الإقليمي (الرئاسة المصرية)

ويمتد التنسيق المصري - الجيبوتي ليشمل قضايا وملفات عربية وأفريقية أخرى، من منطلق عضوية جيبوتي في الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، وفق منى عمر، التي أشارت إلى أن «القاهرة تستهدف تعزيز التعاون الاقتصادي مع جيبوتي»، إلى جانب «رفع معدلات التبادل التجاري للاستفادة من قدرات البلدين اللوجيستية».

وعلى صعيد التعاون الثنائي، أعلن السيسي عن إطلاق برنامج مشترك لتحقيق أمن الطاقة في جيبوتي، يتضمن مشروعات لتأهيل شبكة الكهرباء الوطنية، ومشروع محطة الطاقة الشمسية، إلى جانب التباحث بشأن إقامة مركز لوجيستي للشركات المصرية في المناطق الحرة في جيبوتي، ومشروع توسيع ميناء الحاويات في دوراله.

وأشار البيان المشترك إلى «عدد من المشروعات التي ستساهم مصر في تنفيذها بجيبوتي، في قطاعات الكهرباء والطاقة والموانئ، منها محطات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى جانب إنشاء منطقة لوجيستية في المنطقة الحرة بجيبوتي على مساحة 150 ألف متر مربع، لتستخدمها الشركات المصرية مركزاً لوجيستياً لدعم التبادل التجاري بين أسواق البلدين والأسواق الإقليمية المجاورة».