الجزائر: توقعات بتسوية سياسية لـ«قضية صنصال»

خبراء قانونيون يرجّحون أن تنعكس الانفراجة التي يشهدها البلدان عليه بشكل إيجابي

صورة مركبة للكاتب بوعلام صنصال والمحكمة التي أدانته (متداولة)
صورة مركبة للكاتب بوعلام صنصال والمحكمة التي أدانته (متداولة)
TT
20

الجزائر: توقعات بتسوية سياسية لـ«قضية صنصال»

صورة مركبة للكاتب بوعلام صنصال والمحكمة التي أدانته (متداولة)
صورة مركبة للكاتب بوعلام صنصال والمحكمة التي أدانته (متداولة)

استبعد خبراء القانون في الجزائر أن يقضي الكاتب الجزائري - الفرنسي، بوعلام صنصال، عقوبة السجن 5 سنوات مع التنفيذ، التي صدرت بحقه الخميس في محكمة بالعاصمة، ويتوقعون في المقابل أن تنعكس الانفراجة التي تشهدها العلاقات الجزائرية - الفرنسية عليه بشكل إيجابي، علماً أن وزير خارجية فرنسا، جان نويل بارو، منتظر في الجزائر الشهر المقبل، حسب «الصحافة الفرنسية» لحل الخلاف، الذي نشأ بسبب انحياز باريس للمغرب في نزاع الصحراء.

من لقاء سابق بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (متداولة)
من لقاء سابق بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (متداولة)

ورجح المحامي عبد الله هبول في حديث مع «الشرق الأوسط» استئناف الحكم من طرف المتهم أو النيابة، التي التمست السجن 10 سنوات ضده، وعلى هذا الأساس سيعالج من جديد، لكن في «الغرفة الجزائية بمجلس قضاء الجزائر العاصمة» (محكمة الاستئناف).

وبرأي هبول، وهو قاضٍ سابق، فإن قضية صنصال «أخذت بعداً سياسياً لدى الحكومة والنخبة ووسائل الإعلام في فرنسا، تمثل في حرية التعبير، وأنه ما كان ينبغي ملاحقة الكاتب الذي يحمل الجنسية الفرنسية، وحبسه وحرمانه من توكيل محام فرنسي يدافع عنه. وفي المقابل، عاملته الحكومة الجزائرية بوصفه مواطناً جزائرياً أطلق تصريحات وضعته تحت طائلة قانون العقوبات. وتم تكييف التهم جنحة تقوم على المس بسلامة الوحدة الترابية، وإهانة مؤسسات الدولة».

المحامي عبد الله هبول (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)
المحامي عبد الله هبول (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

وأضاف المحامي، الذي اشتهر بدفاعه عن معتقلي الحراك، موضحاً أن عقوبة السجن 5 سنوات «يراها البعض قاسية جداً بالنظر إلى سن صنصال والأمراض التي يعاني منها. في حين يراها البعض الآخر عقوبة مخففة بالقياس إلى الأحكام القضائية، التي صدرت بحق تجار متهمين بالمضارة بغرض إحداث ندرة في بعض المواد الغذائية». مبرزاً أن قضية صنصال «أخذت حيزاً مهماً من الخلاف بين الحكومتين الجزائرية والفرنسية أيضاً».

ولفت هبول إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون أكد قبل المحاكمة بأنه «يعول على بصيرة وحكمة» نظيره الجزائري عبد المجيد تبون لإطلاق سراح صنصال، في حين صرح تبون بأن الخلاف الجاري مع فرنسا «يعالج بينه وبين ماكرون». وحسب المحامي، «فقد لوحظ أن تبون لم ينزع إلى التصعيد في تصريحه، بل أظهر ليونة أوحت بأن صنصال قد ينال حكماً مخففاً أو يطلق سراحه. لكن حدث العكس، وتم الحكم عليه بالسجن 5 سنوات».

ومع بروز بوادر انفراج في سماء العلاقات الثنائية، يتوقع هبول أن ينعكس هذا المعطى الجديد على صنصال. كما أن ماكرون طالب من السلطات الجزائرية أن تكون رحيمة بصنصال، وهي رسالة إلى تبون بشكل خاص، حسب المحامي.

وجاء طلب ماكرون رد فعلٍ على الحكم، وهو دعوة غير مباشرة للرئيس الجزائري ليمارس صلاحيته الدستورية في إصدار عفو عن الكاتب، الذي ظل إحدى حلقات الصراع بين البلدين خلال التوترات الدبلوماسية بينهما.

وإذا كان هناك توجه نحو عفو لصالحه، فإن القانون لا يسمح به في حالة الطعن في الحكم. وبهذا الخصوص يقول هبول: «في حال وجود نية لطي هذا الملف، أتوقع أن يكون ذلك في محكمة الاستئناف، حيث يمكن أن يستفيد صنصال من ظروف تخفيف. كما يمكن أن يبرأ من بعض التهم، وهذا هو المخرج الأفضل؛ إذ يبدو القضاء الجزائري حينها أنه يتمتع بنوع من الاستقلالية، رغم أن المتفاعلين مع القضية في فرنسا يشككون في أن يكون القضاء عالجها، من دون تدخل جهات في الحكم». مضيفاً: «يمكن أن يحصل صنصال على حكم بالسجن مع وقف التنفيذ، فتتم تغطية الأشهر التي قضاها في السجن ويغادره».

المحامي عبد الغني بادي (الشرق الأوسط)
المحامي عبد الغني بادي (الشرق الأوسط)

من جهته، يقول أيقونة المدافعين عن معتقلي الحراك، المحامي عبد الغني بادي، إن السلطة الجزائرية «تتوجه في الغالب إلى إجراءات العفو خارج دائرة القضاء، بصفته مخرجاً للقضايا السياسية»، لافتاً إلى صدور عفو عن معتقلين سُجنوا بسبب مواقفهم المعارضة في بداية 2020 ونهاية 2024.

وفي تقديره، فإن «العفو خارج دائرة القضاء معناه تدابير سياسية بتغليف قضائي»، وهو ما حدث، حسبه، مع الإفراج عن الصحافي خالد درارني، والناشطين السياسيين أميرة بوراوي وسمير بلعربي، ورجل الثورة الراحل لخضر بورقعة.

ولاحظ المحامي سعيد زاهي، المعروف هو أيضاً في ساحات المحاكم دفاعاً عن مساجين الحراك، أن «إسقاط تهم مصنفة ضمن الجنايات عن صنصال وإعادة تكييفها جنحةً، بمثابة تمهيد لتبسيطها. بكلام آخر فضلت الجزائر التهدئة، وأسلوب التسوية مع فرنسا في أزمة صنصال، وأي رفع للتصعيد في هذه القضية سيخسر النظام الجزائري كل أوراقه».

المحامي سعيد زاهي (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)
المحامي سعيد زاهي (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

يقول زاهي: «حين معالجة القضية في محكمة الاستئناف سيخفف حكم السجن 5 سنوات، في حدود تغطية العقوبة المقضية بالحبس». وبحسب زاهي «لم يكن ممكناً الحكم ببراءة صنصال في الدرجة الابتدائية، خوفاً من غضب الجزائريين»، الذين أظهر غالبيتهم تأييداً لمتابعته وسجنه، ويشجعون المناكفة التي أبدتها السلطات مع فرنسا بشأن هذه القضية.

وعند سؤاله عما إذا كان يتوقع استفادة صنصال من عفو رئاسي، قال المحامي: «في هذه الحالة سيتم إصداره إما بمناسبة عيد الأضحى مع باقي مساجين القانون العام، أو في ذكرى الاستقلال»، الذي يوافق الخامس من يوليو (تموز).

واعتُقل الكاتب السبعيني في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمطار العاصمة الجزائرية لحظة عودته من باريس. واتهمته النيابة في البداية بـ«المس بالوحدة الوطنية والسلامة الترابية»، بسبب تصريحات لمنصة إخبارية فرنسية مقربة من اليمين الفرنسي المتشدد، زعم فيها أن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن الاستعمار الفرنسي «اجتزأها».

وقبل أيام قليلة من محاكمته، استدعاه قاضي التحقيق ليوجه له تهمة جديدة تتعلق بتقارير وفيديوهات بعثها إلى السفير الفرنسي السابق بالجزائر، تخص الاقتصاد الجزائري، عدتها النيابة «بيع أسرار لجهة أجنبية»، انطلاقاً من أن صنصال كان مسؤولاً كبيراً في وزارة الصناعة.

وبينما ندد الطيف السياسي الفرنسي، خصوصاً من جهة اليمين، بشدة إدانة صنصال، دعا الرئيس ماكرون، الخميس، في ختام مؤتمر حول أوكرانيا في «الإليزيه»، إلى «الفطنة والإنسانية لدى السلطات الجزائرية» من أجل إطلاق سراحه. وقال بهذا الخصوص: «أعلم أنه يمكنني الاعتماد على كل من الفطنة والإنسانية لدى السلطات الجزائرية، لاتخاذ مثل هذا القرار. على أي حال، آمل ذلك بشدة». فهم كلامه في الجزائر بأنه مناشدة لتبون لإصدار عفو عنه.



وزير الخارجية المصري يبحث تطورات غزة خلال زيارته تركيا

محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره المجري الخميس في القاهرة قبل توجهه إلى تركيا (الخارجية المصرية)
محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره المجري الخميس في القاهرة قبل توجهه إلى تركيا (الخارجية المصرية)
TT
20

وزير الخارجية المصري يبحث تطورات غزة خلال زيارته تركيا

محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره المجري الخميس في القاهرة قبل توجهه إلى تركيا (الخارجية المصرية)
محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره المجري الخميس في القاهرة قبل توجهه إلى تركيا (الخارجية المصرية)

توجَّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الخميس، إلى مدينة أنطاليا التركية، للمشاركة في الدورة الرابعة لمنتدى أنطاليا الدبلوماسي الذي يعقد خلال الفترة من 11 إلى 13 أبريل (نيسان) الحالي.

ووفق بيان لوزارة الخارجية المصرية، فإن عبد العاطي سيُشارك في عدد من الجلسات الخاصة بالمنتدى، كما يعقد لقاءات ثنائية على هامش المنتدى مع عدد من نظرائه، ويشارك في اجتماع مجموعة الاتصال العربية الإسلامية حول غزة.

وقبيل مغادرته القاهرة، أجرى عبد العاطي محادثات مع نظيره المجري بيتر سيارتو، تناولت تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين. ووفق إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكد الوزيران «ضرورة العمل لزيادة التبادل التجاري»، كما ثمَّنا «تطور مشروعات التعاون الثنائي، والتطور في التعاون الاقتصادي، لا سيما على المستوى الصناعي».

وجاءت المحادثات المصرية - المجرية، بالتزامن مع انعقاد «الدورة الخامسة للجنة الاقتصادية المشتركة، في الفترة من 8 حتى 10 أبريل الحالي»، وكذلك «منتدى الأعمال المشترك، بحضور وزيري التجارة والتعاون الدولي المصريين، وبمشاركة وفد رجال أعمال مجري يُمثل 21 شركة، مع ممثلي 95 شركة مصرية»، حسب «الخارجية المصرية».

وأعرب وزيرا خارجية البلدين عن تطلعهما لـ«قيام الشركات المجرية بضخ استثمارات بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر»، إلى جانب «تعزيز التعاون في قطاع السياحة والطيران».

ويُشكل الجانب الاقتصادي والتبادل التجاري أولوية في مسار العلاقات المصرية - المجرية، وفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي، الذي أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «القاهرة تسعى لاستعادة وجودها في أسواق شرق أوروبا»، مشيراً إلى أن «المجر من بين دول الاتحاد الأوروبي الذي تطورت علاقاته مع مصر مؤخراً إلى مستوى الشراكة».

وعلى الصعيد الإقليمي، تناولت المحادثات تطورات الأوضاع في غزة، وأكد وزير الخارجية المصري «رفض بلاده الكامل للعدوان الإسرائيلي على القطاع، ومنع نفاذ المساعدات الإنسانية والإيوائية والتصعيد الجاري بالضفة الغربية»، كما أعاد تأكيد رفض بلاده «تهجير الفلسطينيين من أرضهم تحت أي مسمى».

وأشار عبد العاطي، إلى «الخطة العربية - الإسلامية»، لعملية التعافي المبكر، وإعادة الإعمار في غزة، مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم، وأكد ضرورة «التوصل لحل سياسي دائم وعادل للقضية الفلسطينية، من خلال حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».

كما تناولت المحادثات المصرية - المجرية «التطورات في سوريا ولبنان، إلى جانب أمن الملاحة في منطقة البحر الأحمر»، حسب «الخارجية المصرية».