«داعش» يستهدف مسجداً في النيجر ويقتل 44 مصلياً

السلطات تعلن حداداً وطنياً وعملية عسكرية لتعقب منفذي الهجوم

وحدة من الجيش النيجري تتحرك في منطقة تيلابيري (إعلام محلي)
وحدة من الجيش النيجري تتحرك في منطقة تيلابيري (إعلام محلي)
TT
20

«داعش» يستهدف مسجداً في النيجر ويقتل 44 مصلياً

وحدة من الجيش النيجري تتحرك في منطقة تيلابيري (إعلام محلي)
وحدة من الجيش النيجري تتحرك في منطقة تيلابيري (إعلام محلي)

أعلنت النيجر مقتل 44 مدنياً على الأقل في هجوم إرهابي نفذه تنظيم «داعش في الصحراء الكبرى»، واستهدف مدنيين حين كانوا يؤدون صلاة الجمعة في قرية «فامبيتا»، الواقعة غربي النيجر، بالقرب من الحدود مع بوركينا فاسو ومالي.

وقالت وزارة الداخلية النيجرية إن القرية المذكورة «تعرضت يوم الجمعة لهجوم وحشي، شنّه إرهابيون من تنظيم (داعش في الصحراء الكبرى)، واستهدفوا مسجداً».

وأضافت الوزارة أن الهجوم «خلف 44 شهيداً جميعهم مدنيون، و13 جريحاً بينهم 4 إصاباتهم خطرة»، كما أعلنت الحداد الوطني لمدة 72 ساعة اعتباراً من اليوم (السبت).

الرواية الصادرة عن الحكومة النيجرية أوضحت أن الهجوم وقع حين كان سكان القرية يؤدون صلاة الجمعة في المسجد. وقالت الحكومة إن «الإرهابيين المدججين بالسلاح طوقوا المسجد، وارتكبوا مجزرة وحشية وغير مسبوقة»، مشيرة إلى أن ما يزيد من وحشية الهجوم الإرهابي أنه وقع يوم الجمعة في شهر رمضان، واستهدف مسجداً.

وبحسب المصدر نفسه، فإن منفذي الهجوم الإرهابي «أضرموا النار بشكل منهجي في السوق والمنازل أثناء انسحابهم».

وسبق أن استهدف تنظيم «داعش» القرية نفسها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقتل أكثر من 20 شخصاً، من بينهم مدير مدرسة وبعض أعيان القرية والوجهاء فيها، وهو ما اعتُبر آنذاك نوعاً من العقاب للسكان المحليين على تعاونهم مع السلطات.

تحرك الجيش

وصف وزير الدولة ووزير الداخلية بالإنابة، الفريق ساليفو مودي، الهجوم بأنه «عمل شنيع ارتُكب يوم الجمعة، اليوم المقدس في الإسلام، وخلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك»، مضيفاً أن الهجوم «يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الإرهابيين، ومَن يقف وراءهم، لا يدافعون عن أي مبدأ ديني».

وأعلنت الحكومة النيجرية أنها أطلقت عملية عسكرية واسعة لتعقب منفذي الهجوم الإرهابي، وأكدت أن «هذه الجرائم الشنيعة لن تمر دون عقاب»، متعهدة بملاحقة «المنفذين والمخططين والمتواطئين» وتقديمهم للعدالة.

صورة جوية من قرية «فامبيتا» التي استهدفها «داعش» الجمعة (موقع مابكارتا)
صورة جوية من قرية «فامبيتا» التي استهدفها «داعش» الجمعة (موقع مابكارتا)

ويأتي الهجوم العنيف بعد يومين من إعلان الجيش النيجري عن عملية جوية وبرية ضد عناصر يشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش» في موقع كيرال للتنقيب عن الذهب في المنطقة نفسها، ما أدى إلى مقتل 45 مسلحاً، وفقاً لبيان رسمي.

مثلث الموت

تقع القرية التي استهدفها «داعش» في منطقة تيلابيري، الواقعة في المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وهي منطقة تعرفُ محلياً باسم «ليبتاغو غورما»، وتوصف بأنها «مثلث الموت» بسبب تركيز الهجمات الإرهابية عليها خلال السنوات الأخيرة.

وتعد المنطقة مركز نفوذ تقليدياً لتنظيم «داعش في منطقة الصحراء الكبرى»، كما تنشط فيها جماعات أخرى مرتبطة بتنظيم القاعدة، وذلك لأنها منطقة تبادل نشطة بين دول الساحل الثلاث، وقريبة من دول غرب أفريقيا الأخرى، وتنتشر فيها الغابات والأنهار، ويعاني سكانها من الفقر، ما يجعلها بيئة خصبة لنمو الأنشطة الخارجة على القانون.

كما تعد المنطقة نفسها شرياناً تجارياً رئيسياً لآلاف الشاحنات، التي تنقل البضائع من ميناء لومي في توغو عبر شمال بوركينا فاسو إلى النيجر، والشاحنات القادمة من المغرب وموريتانيا، ما يزيد من مخاطر استهداف الحركة التجارية من طرف «داعش» و«القاعدة»؛ حيث قُتل في ديسمبر الماضي 21 مدنياً في هجوم استهدف قافلة تجارية في المنطقة نفسها.

وتسعى سلطات النيجر منذ سنوات لبسط نفوذها على هذه المنطقة، من خلال عملية «نيا» العسكرية التي يخوضها الجيش النيجري، بالتنسيق مع دولتي مالي وبوركينا فاسو من أجل القضاء على «داعش» و«القاعدة».

أزمة النيجر

أدخلت الحرب على الإرهاب النيجر منذ يوليو (تموز) 2023 في أزمة سياسية حادة، بعد سيطرة الجيش على الحكم، والإطاحة بحكم الرئيس المنتخب محمد بازوم، الموجود في السجن منذ الانقلاب.

وبرر قادة الانقلاب تحركهم بمخاطر الإرهاب المحدقة بالدولة، وأعلنوا نيتهم القضاء على الجماعات الإرهابية، واتخذوا قرارات بإلغاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا والولايات المتحدة، والتوجه نحو التحالف مع روسيا والاستعانة بمجموعة «فاغنر».

وعلى الرغم من ذلك، لا تزال الجماعات الإرهابية تودي بحياة المئات في النيجر؛ حيث قُتل أكثر من 2.400 شخص في النيجر منذ الانقلاب، وفقاً لمنظمة ACLED المتخصصة في رصد النزاعات عبر العالم.



مصر: واقعة اعتداء على طبيب تزيد مطالب حماية «طواقم المستشفيات»

وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار خلال تفقده أحد المستشفيات بمحافظة المنيا (وزارة الصحة)
وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار خلال تفقده أحد المستشفيات بمحافظة المنيا (وزارة الصحة)
TT
20

مصر: واقعة اعتداء على طبيب تزيد مطالب حماية «طواقم المستشفيات»

وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار خلال تفقده أحد المستشفيات بمحافظة المنيا (وزارة الصحة)
وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار خلال تفقده أحد المستشفيات بمحافظة المنيا (وزارة الصحة)

أعادت واقعة اعتداء على طبيب بأحد المستشفيات المصرية، مطالب متكررة بضرورة توفير حماية مناسبة للطواقم الطبية العاملة بالمستشفيات، وذلك بعد أيام من إقرار البرلمان قانوناً جديداً يُنظم «المسؤولية الطبية»، ويسعى إلى تحقيق التوازن بين مسؤوليات الأطباء وحقوقهم وحقوق المرضى.

وتعرَّض مدير عيادة النصر للتأمين الصحي بحلوان (جنوب القاهرة) لـ«اعتداء» من أحد المرضى المترددين على العيادة، الجمعة، بعد تدخله لفض مشادة كلامية بين المريض وموظفة الأرشيف، ما أدَّى إلى إصابته.

ومع رواج الواقعة إعلامياً، علَّق نائب وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، مشدداً في إفادة رسمية، على أن «الاعتداء على الفرق الطبية مرفوض تماماً، ولن يكون هناك تسامح مع هذه الحوادث»، موضحاً أن «الطبيب المصاب حالته الصحية مستقرة تماماً؛ حيث تعرَّض لإصابة استدعت تدخلاً طبياً محدوداً، وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة».

وشدد نائب وزير الصحة في إفادته على «أهمية قانون (المسؤولية الطبية)، الذي وافق عليه مجلس النواب نهائياً، ويهدف إلى تحقيق التوازن بين حماية حقوق المرضى وضمان كرامة الأطباء، وتجريم ومعاقبة مَن يتعدى على الأطقم الطبية أثناء أداء عملهم».

ورغم تضمن قانون العقوبات المصري المطبق حالياً مواد كثيرة تجرم الاعتداء على الموظف العام أثناء تأدية وظيفته (الوصف ينطبق على الأطباء)، فإن تكرار وقائع الاعتداء على الأطباء جدَّد مطالب حماية الطواقم الطبية أثناء تأدية عملهم.

وتضمن قانون المسؤولية الطبية، الذي أقره البرلمان، الثلاثاء، الماضي، مواد تُجرم الاعتداء على الأطباء والطواقم الطبية، وأقرت بعض المواد عقوبة الحبس أو الغرامة لمن يهين أحد مقدمي الخدمة الطبية في أثناء تأدية مهنته أو بسبب تأديتها.

وأرجع المقرر المساعد للجنة الصحة في «الحوار الوطني» الدكتور محمد حسن خليل، تكرار وقائع الاعتداء على الأطباء إلى ما وصفه بـ«تصاعد الضغوط الاقتصادية والحياتية التي تزيد وتيرة العنف المجتمعي».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة ليست في القوانين، بل في تطبيقها بشكل رادع، فكل من قانون (العقوبات) و(المسؤولية الطبية) أقرا مواد تُجرم الاعتداء على الطواقم الطبية، لكن الوقائع تتكرر لأن المريض عندما لا يجد الخدمة الطبية التي يرجوها يصب غضبه على الطبيب».

وأكدت وزارة الصحة في بيانها «التزامها الكامل بحماية أفراد المنظومة الطبية، وضمان بيئة عمل آمنة لهم، مع تقديم الدعم الكامل للطواقم الطبية تقديراً لدورهم الوطني في رعاية صحة المواطنين»، مشددة أيضاً على «اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة ضد أي اعتداء عليهم، باعتبارهم خط الدفاع الأول عن صحة المواطنين، وحمايةً لحقوقهم أثناء أداء واجبهم الإنساني». ووفق الوزارة، فإنه «تم تحرير محضر رسمي بقسم شرطة أول حلوان جنوب القاهرة، بشأن واقعة الاعتداء على طبيب عيادة النصر».

وفي رأي عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، الدكتورة إيرين سعيد، فإن مواجهة تكرار وقائع الاعتداء على الأطباء تحتاج إلى الردع وتطبيق القانون، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تطبيق قانون (المسؤولية الطبية) سوف يُقلل من وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بما يتضمنه من مواد تُجرم هذه الوقائع، وتحديده لحقوق المرضى والمسارات القانونية التي يمكن للمريض أن يسلكها لضمان حقه في الرعاية الصحية».

ووفق إيرين سعيد، فإن «مواجهة وقائع الاعتداء على الأطباء تحتاج أيضاً إلى تطبيق القانون بشكل حاسم ورادع ونشر العقوبات عندما يتم الحكم بسجن أي مرتكب للعنف، ضمن حملات توعية للمواطنين تحثهم على الالتزام بالقانون، وخطورة الاعتداء على الأطباء».

من جهتها، أشارت نقابة أطباء القاهرة إلى أنها تتابع مسارات التحقيق في واقعة الاعتداء على مدير عيادة النصر بحلوان، لضمان محاسبة المعتدي، مؤكدة أن «الاعتداء على الأطباء والطواقم الطبية جريمة لا يمكن التسامح معها»، وجددت النقابة مطالبتها للجهات المعنية بضرورة نشر الوعي المجتمعي بأهمية احترام الأطباء ودورهم الإنساني، محذرة من أن «تكرار هذه الوقائع يُشكل خطراً كبيراً على مستقبل المنظومة الصحية».