منظمة التعاون الاقتصادي: الدين العالمي يتجاوز 100 تريليون دولار

شعار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في برلين (د.ب.أ)
شعار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في برلين (د.ب.أ)
TT
20

منظمة التعاون الاقتصادي: الدين العالمي يتجاوز 100 تريليون دولار

شعار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في برلين (د.ب.أ)
شعار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في برلين (د.ب.أ)

قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يوم الخميس، إن السندات الحكومية وسندات الشركات المستحقة على مستوى العالم تجاوزت 100 تريليون دولار العام الماضي، مع ارتفاع تكاليف الفائدة مما يجعل المقترضين يواجهون خيارات صعبة ويحتاجون إلى إعطاء الأولوية للاستثمارات المنتجة.

في حين أن البنوك المركزية تخفض أسعار الفائدة الآن، فإن تكاليف الاقتراض لا تزال أعلى بكثير مما كانت عليه قبل رفع أسعار الفائدة في عام 2022، لذلك يستمر استبدال الديون ذات الفائدة المنخفضة ومن المرجح أن ترتفع تكاليف الفائدة في المستقبل.

يأتي ذلك في وقت تواجه الحكومات فواتير إنفاق كبيرة. فقد وافق البرلمان الألماني، هذا الأسبوع، على خطة ضخمة لتعزيز البنية التحتية ودعم دفعة إنفاق دفاعي أوروبي أوسع نطاقاً. وتلوح في الأفق تكاليف طويلة الأمد من التحول الأخضر إلى شيخوخة السكان بالنسبة للاقتصادات الكبرى.

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقريرها السنوي للديون: «هذا المزيج من التكاليف المرتفعة والديون المرتفعة يهدد بتقييد القدرة على الاقتراض في المستقبل في وقت تزداد فيه احتياجات الاستثمار أكثر من أي وقت مضى».

بين عامي 2021 و2024، ارتفعت تكاليف الفائدة بوصفها حصة من الناتج من أدنى مستوياتها إلى أعلى مستوياتها في السنوات العشرين الماضية.

ومع ذلك، لا تزال تكاليف الفائدة أقل من أسعار الفائدة السائدة في السوق لأكثر من نصف الديون الحكومية لبلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وما يقرب من ثلث الديون الحكومية للأسواق الناشئة، وكذلك لأقل من ثلثي ديون الشركات عالية الجودة وما يقرب من ثلاثة أرباع ديون الشركات غير المرغوب فيها، حسبما ذكر التقرير.

وسيحل أجل استحقاق ما يقرب من نصف الديون الحكومية لبلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والأسواق الناشئة ونحو ثلث ديون الشركات بحلول عام 2027.

وقالت المنظمة إن البلدان المنخفضة الدخل وذات المخاطر العالية تواجه أكبر مخاطر إعادة التمويل، حيث يستحق أكثر من نصف ديونها في السنوات الثلاث المقبلة، وأكثر من 20 في المائة منها هذا العام.

وقال سردار جيليك، رئيس أسواق رأس المال والمؤسسات المالية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إنه مع تزايد تكلفة الديون، يتعين على الحكومات والشركات ضمان أن يدعم اقتراضها النمو والإنتاجية على المدى الطويل.

وأضاف: «إذا فعلوا ذلك بهذه الطريقة، فلن نشعر بالقلق... أما إذا لم يفعلوا ذلك بهذه الطريقة، وإذا أضافوا ديوناً إضافية باهظة الثمن، دون زيادة القدرة الإنتاجية للاقتصاد، فسنشهد أوقاتاً أكثر صعوبة».

ومع ذلك، قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن الشركات لجأت إلى زيادة الاقتراض منذ عام 2008 لأغراض مالية مثل إعادة التمويل أو دفعات المساهمين، في حين انخفضت استثمارات الشركات منذ ذلك الحين.

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن الأسواق الناشئة التي تعتمد على الاقتراض بالعملات الأجنبية تحتاج إلى تطوير أسواق رأس المال المحلية. وقد وجد التقرير أن تكاليف الاقتراض من خلال السندات المقومة بالدولار قد ارتفعت من نحو 4 في المائة عام 2020 إلى أكثر من 6 في المائة عام 2024، لترتفع إلى أكثر من 8 في المائة بالنسبة للدول ذات الاقتصادات ذات التصنيف الائتماني غير المرغوب فيه الأكثر خطورة. وقد كافحت تلك الدول للاستفادة من المجمعات النقدية المحلية بسبب انخفاض معدلات الادخار وضحالة الأسواق المحلية.

التوترات الجيوسياسية

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن تمويل التحول إلى صافي انبعاثات معدومة يمثل «تحدياً هائلاً». وإذا تم تمويل الاستثمارات الإضافية اللازمة للتحول إلى القطاع العام، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 25 نقطة مئوية في الاقتصادات المتقدمة و41 نقطة في الصين بحلول عام 2050. أما إذا تم تمويلها من القطاع الخاص، فإن ديون شركات الطاقة في الأسواق الناشئة خارج الصين ستحتاج إلى أن تتضاعف أربع مرات بحلول عام 2035.

وأوضحت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن البنوك المركزية، التي خفضت حيازتها من السندات، قد حلت محل المستثمرين الأجانب وكذلك الأسر، التي تمتلك الآن 34 في المائة و11 في المائة من الديون الحكومية المحلية لاقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على التوالي، بعد أن كانت 29 في المائة و5 في المائة عام 2021.

لكنها حذرت من أن هذه الديناميكيات قد لا تستمر. وقالت إن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة والشكوك التجارية قد تؤدي إلى تغيرات سريعة في تجنب المخاطر، مما قد يؤدي إلى تعطيل تدفقات المحافظ الدولية.


مقالات ذات صلة

مصنّعو السيارات يسارعون إلى شحن المركبات إلى الولايات المتحدة

الاقتصاد سيارات «تسلا» في معرض للسيارات في أونتاريو بكندا (رويترز)

مصنّعو السيارات يسارعون إلى شحن المركبات إلى الولايات المتحدة

تسارع شركات صناعة السيارات العالمية إلى شحن السيارات والمكونات الأساسية إلى الولايات المتحدة لاستباق الجولة التالية من الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الذهب يواصل الصعود للأسبوع الثالث

الذهب يواصل الصعود للأسبوع الثالث

سجلت أسعار الذهب ارتفاعاً للأسبوع الثالث على التوالي يوم الجمعة، مدعومةً بتلميحات مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي بشأن خفض أسعار الفائدة هذا العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مصفاة نفط من ماراكايبو في ولاية زوليا بفنزويلا (أ.ف.ب)

ارتفاع النفط بدفع من التوقعات القوية للطلب وضعف الدولار

ارتفعت أسعار النفط، الخميس، مدعومةً بتوقعات قوية للطلب في الولايات المتحدة بعد انخفاض مخزونات الوقود بأكثر من المتوقع وضعف الدولار.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد بائع ذهب يحلل العملات الذهبية في متجر للذهب في نيس (إ.ب.أ)

الذهب يرتفع بعد إبقاء «الاحتياطي الفيدرالي» الفائدة ثابتة

ارتفعت أسعار الذهب قليلاً لتحوم قرب أعلى مستوياتها على الإطلاق، الأربعاء، بعد أن أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أشخاص يلتقطون صوراً مع أشجار أزهار الكرز بمنطقة تشو في طوكيو (أ.ف.ب)

وسط تنامي المخاوف من تباطؤ عالمي... بنك اليابان قد يبقي الفائدة ثابتة

من المرجح على نطاق واسع أن يبقي بنك اليابان على سعر الفائدة عند 0.5 % في اجتماعه يومي الثلاثاء والأربعاء وسط مخاوف زائدة من تباطؤ الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

مع اهتزاز الثقة بحكومة ترمب... مسؤولون أوروبيون يناقشون مدى الاعتماد على «الفيدرالي» لتأمين الدولار

أوراق نقدية من الدولار (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار (رويترز)
TT
20

مع اهتزاز الثقة بحكومة ترمب... مسؤولون أوروبيون يناقشون مدى الاعتماد على «الفيدرالي» لتأمين الدولار

أوراق نقدية من الدولار (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار (رويترز)

يتساءل بعض مسؤولي البنوك المركزية الأوروبية وبعض مسؤولي الإشراف على البنوك المركزية الأوروبية، عما إذا كان لا يزال بإمكانهم الاعتماد على «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي لتوفير التمويل بالدولار في أوقات ضغوط السوق، مما يلقي بعض الشكوك حول ما كان حجر الأساس للاستقرار المالي، وفق ما كشفه 6 أشخاص مطلعين لـ«رويترز».

وقالت المصادر إنهم يعدُّون أنه من غير المرجح إلى حد بعيد ألا يحترم «الاحتياطي الفيدرالي» دعمه التمويلي. ولم يعطِ البنك المركزي الأميركي نفسه أي إشارات توحي بذلك.

إلا أن المسؤولين الأوروبيين أجروا مناقشات غير رسمية حول هذا الاحتمال -وهو ما تنقله «رويترز» للمرة الأولى- لأن ثقتهم في حكومة الولايات المتحدة قد اهتزت بسبب بعض سياسات إدارة ترمب. فقد قام الأخير بانفصال حاد عن سياسة الولايات المتحدة القائمة منذ فترة طويلة في عدة مجالات، مثل الظهور بمظهر المؤيد لموقف روسيا بشأن أوكرانيا، وإثارة التساؤلات حول التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي، وفرض رسوم جمركية على حلفائها.

وفي بعض المنتديات الأوروبية التي يقيِّم فيها المشاركون المخاطر المحتملة على النظام المالي، ناقش هؤلاء المسؤولون السيناريوهات التي قد تضغط بموجبها الحكومة الأميركية على «الاحتياطي الفيدرالي» لتعليق العمل بالدعم النقدي للدولار، حسب اثنين من المصادر.

وقال المصدران إن بعض المسؤولين يدرسون ما إذا كان بإمكانهم إيجاد بدائل للبنك المركزي الأميركي.

في أوقات ضغوط السوق، قدم بنك الاحتياطي الفيدرالي للبنك المركزي الأوروبي ونظرائه الرئيسيين الآخرين إمكانية الحصول على تمويل بالدولار.

الخلاصة من هذه المناقشات: لا يوجد بديل جيد لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، كما قالت المصادر الستة، والتي تضم كبار موظفي الإشراف المصرفي في البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي الذين لديهم معرفة مباشرة بالمحادثات.

وطلبت جميع المصادر عدم الكشف عن هويتها، للتحدث بصراحة عن المداولات الخاصة.

معروف أن «الاحتياطي الفيدرالي» هو مؤسسة مستقلة مسؤولة أمام الكونغرس. لم يلمح البنك المركزي أبداً إلى أنه لن يقف وراء دعائمه الخلفية، والتي يحتفظ بها بوصفها خط دفاع أول ضد امتداد الصدمات الاقتصادية أو المالية الأجنبية إلى الولايات المتحدة.

وفي سياق منفصل، قال 5 من كبار مسؤولي البنك المركزي في منطقة اليورو، إن المحادثات غير الرسمية -التي عُقدت خارج اجتماعات صانعي السياسات العادية- لم تكن مدفوعة بأي إشارات من «الاحتياطي الفيدرالي» أو من قيادة البنك المركزي الأوروبي.

وقال أحد المصادر المطلعة بشكل مباشر على المحادثات، إن الأمر نوقش في الأسابيع الأخيرة في مجموعات العمل التي تساعد المسؤولين على دراسة القضايا، وشارك فيها كبار موظفي البنوك المركزية الأوروبية وكبار الموظفين الإشرافيين.

وقال آخر إنه من المتوقع أن تُطرح مسألة ما إذا كان بإمكان أوروبا الاعتماد على دعم بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في مناقشات أكثر رسمية قريباً. وأوضح أحد المصادر أن المناقشات تأتي وسط «احتمالية تراجع التعاون الدولي من جانب السلطات الأميركية».

وخلال جلسة استماع للبرلمان الأوروبي يوم الخميس، حول تحول الولايات المتحدة إلى الحمائية وتأثيرها على الاقتصاد الأوروبي، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، إن العلاقة مع «الاحتياطي الفيدرالي» لم تتغير منذ تولي ترمب منصبه في يناير كانون الثاني)

تقييم المخاطر

بصفته البنك المركزي لدول منطقة اليورو العشرين، يضع البنك المركزي الأوروبي السياسة النقدية، وهو مسؤول عن زيادة مرونة النظام المالي، وتحديد المخاطر المحتملة. كما أنه يشرف على البنوك الكبرى في المنطقة، والتي تُعدُّ من بين أكبر البنوك في العالم.

وقالت المصادر إن المناقشات حول بدائل التمويل هي جزء من تحليل أوسع لنقاط الضعف في النظام المالي في منطقة اليورو، وهو ما يقوم به البنك المركزي الأوروبي والجهات التنظيمية الأخرى في الاتحاد الأوروبي بشكل طبيعي؛ حسب المصادر.

الدولار الأميركي هو العُملة المهيمنة على التجارة الاقتصادية وتدفقات رأس المال. وفي أوقات التوتر، يهرع المستثمرون والشركات والمؤسسات المالية إلى العملة الاحتياطية العالمية الآمنة.

وفي الآونة الأخيرة في عام 2023، قدم «الاحتياطي الفيدرالي» عشرات المليارات من الدولارات إلى البنك المركزي السويسري، الأمر الذي مكَّن بدوره بنك «كريدي سويس» من تلبية طلب العملاء على النقد. وفي حين كان لا بد من إنقاذ بنك «كريدي سويس» في نهاية المطاف، فإن «الاحتياطي الفيدرالي» ساعد في تجنب الانهيار الداخلي الذي كان من الممكن أن يدمر النظام المالي، كما يقول المحللون.

وعلى الرغم من الشكوك التي أعرب عنها المسؤولون المصرفيون في أحاديثهم الخاصة، فإن المسؤولين الأوروبيين يرون أن احتمال قيام بنك «الاحتياطي الفيدرالي» بتقليص خطوط تمويله ليس سوى احتمال بعيد للغاية، وذلك وفقاً لمسؤولي البنوك المركزية الخمسة في منطقة اليورو الذين تحدثوا أيضاً إلى «رويترز» شرط عدم الكشف عن هويتهم. وذلك لأن مثل هذه الخطوة من جانب «الاحتياطي الفيدرالي» ستكون لها تداعيات عميقة على الأسواق العالمية والاستقرار المالي والاقتصاد. ومن المحتمل أيضاً أن يرتد ذلك على الاقتصاد الأميركي، ويهدد هيمنة الدولار، ويقلل الطلب على الديون الحكومية الأميركية؛ حسبما قال كثير من المصادر.

وفي حين أن استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي» ليست موضع تساؤل، فإن 4 من المصادر الستة المطلعة على المناقشات قالت إن بعض المسؤولين الأوروبيين يشعرون أنه من المحتمل أن تزيد إدارة ترمب من الضغط على البنك المركزي بمرور الوقت، مما يؤدي إلى سيناريو عدم توفير تمويل بالدولار.

وقال أحد المصادر إن المسؤولين في الاتحاد الأوروبي قلقون بشأن اقتراض البنوك الأوروبية على المدى القصير بالدولار، مما يجعل استمرار الوصول إلى خطوط ائتمان «الاحتياطي الفيدرالي» أمراً حيوياً.

وقد أظهرت دراسة حديثة للبنك المركزي الأوروبي أن نحو 17 في المائة من تمويل بنوك منطقة اليورو بالدولار.