لقاء الماضي والحاضر... عرض أدائي ساحر تحت سماء العلا

ثمرة تعاون ما بين مصمم الرقصات العالمي أكرم خان والفنانة السعودية منال الضويان

من عرض "ذكرى، حين يلتقي الماضي بالحاضر" (الهيئة الملكية للعلا)
من عرض "ذكرى، حين يلتقي الماضي بالحاضر" (الهيئة الملكية للعلا)
TT

لقاء الماضي والحاضر... عرض أدائي ساحر تحت سماء العلا

من عرض "ذكرى، حين يلتقي الماضي بالحاضر" (الهيئة الملكية للعلا)
من عرض "ذكرى، حين يلتقي الماضي بالحاضر" (الهيئة الملكية للعلا)

لم يكن «ذكرى - حين يلتقي الماضي بالحاضر» الذي عُرِض للمرة الأولى في العلا في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي عرضاً تقليدياً في مكان إقامته؛ فقد أُقيم في الهواء الطلق، وتحت سماء مرصعة بالنجوم. أما المسرح، فكان دائرياً شُيِّد مقابل المنحدرات الضخمة في الوادي الصحراوي، بينما جلس الجمهور على سجاد من السدو التراثي.

العرض نفسه لم يكن تقليدياً أيضاً؛ فهو عرض أدائي حركي اعتمد على المجموعات، وعلى موسيقى شرقية تحمل نغمات ونوتات من الهند ومن السعودية. ما لم يكن تقليدياً أيضاً أن العرض جاء نتيجة لتعاون ما بين المصمم الكوريغرافي المشهور عالمياً الحائز على كثير من الجوائز، أكرم خان، مع الفنانة السعودية، منال الضويان، نتج منه قصة أسطورية الوقع تمد خيوطها من الماضي السحيق لمدينة العلا، وتنتهي عند ترددات تلك القصص القديمة في الوقت الحاضر.

يرى أكرم خان أن العرض يمثل إعادة تصور الأساطير القديمة (الهيئة الملكية للعلا)

بدايةً، العرض كان ساحراً جداً من الناحية الجمالية فبرزت الديكورات والأزياء التي صممتها الضويان والرقصات المعبرة التي صممها أكرم خان، غير أن العنصر الأهم كان برأيي صحراء العلا التي شكلت الإطار والخلفية الموحية للعرض.

انطلق العرض من خارج الخشبة، حيث انتظم موكب من المؤدين من أهالي العلا حاملي المشاعل اتخذوا طريقهم عبر الصحراء، ليستقروا على خشبة المسرح. بداية درامية مبدعة جذبت نظر الجمهور للأجواء المحيطة لتدمجها بعد ذلك مع خشبة المسرح.

استوحى المصمم أكرم خان الحركات المعاصرة من المناظر الطبيعية والقصص القديمة في المدينة عبر ورشات عمل وجلسات تدريبية نظمها هو ومنال الضويان مع أهالي العلا. وتضمنت المقطوعات الموسيقية تسجيلات لعازفي الإيقاع المحليين وأهالي العلا، الذين لعبوا دوراً رئيسياً في الموكب الافتتاحي للعرض.

موكب افتتاح عرض "ذكرى، حين يلتقي الماضي بالحاضر" (الهيئة الملكية للعلا)

الضويان وخان وقصة تعاون

يشرح أكرم خان لـ«الشرق الأوسط» تجربته مع العلا وزيارته الأولى لها: «عندما دُعيتُ لرؤية طبيعة العلا، أثّر بي ذلك حقاً. دُهشتُ من صغرنا في هذا العالم الواسع. شعرتُ فجأة بتواصل حقيقي مع مفهوم الروحانية. أنا شغوفٌ جداً باستكشاف السرديات الروحية، لكن الوجود في مكان مثل العلا أثار اهتمامي حقاً، وشعرتُ برغبة في التفاعل مع هذا الفضاء». يقول إنَّ التعاون مع الضويان كان عاملاً جاذباً: «(منال) إنسانة مُستنيرة، مليئة بالحكمة والأسئلة. شعرتُ وكأنني أعمل مع فنانة لديها عددٌ من الأسئلة يُضاهي عدد أسئلتي، وفي الوقت نفسه تُجيب عليها. هذا التعاون هو جوهر المشروع».

منال الضويان وأكرم خان (الهيئة الملكية للعلا)

من جانبها، تحدثت الفنانة منال الضويان لـ«الشرق الأوسط» عن دورها في العرض قائلة إنها تولت تصميم المشاهد والمكونات البصرية على خشبة المسرح من المكياج والملابس إلى أجزاء الديكور، مثل الدرج والأحجار المنقوشة. كذلك أسهمت في كتابة القصة كأساس لتصميم الرقصات، وتضيف: «قصة (ذكرى - حين يلتقي الماضي بالحاضر)» كتبتُها عن العلا، وكيف تعرفنا إلى تاريخ العلا، وهو تاريخ إنساني يشملنا؛ فمن دون الماضي لن يكونا لنا حاضر، ولا مستقبل».

وهو ما يشير إليه أكرم خان بقوله: «أعتقد أنه من الضروري جداً النظر إلى الماضي وإعادة تصور الأساطير القديمة ومساءلتها. يمكننا أن نتعلم من هذا، لأنه إذا أغمضنا أعيننا عن الماضي، ونظرنا إلى المستقبل، فإن الإجابات لا تكمن في المستقبل، بل تكمن في الماضي لأنه حدث بالفعل».

أهالي العلا

كعادة الضويان التي دأبت على لقاء سكان العلا دائماً عبر ورش العمل واللقاءات المختلفة لمساعدتها بعملها القادم في وادي الفن بالعلا «واحة القصة»، لجأت إلى أهالي المدينة مرة أخرى، معتبرة أن لقاءاتها معهم تمثل تعميقاً لاستكشافها لـ«أصوات العلا».

تعتبر الضويان أن لقاءاتها مع أهل المدينة تمثل تعميقا لاستكشافها ل"أصوات العلا" (الهيئة الملكية للعلا)

تفاجئنا الضويان في العرض بتصميمها للأزياء والديكورات، وتعدّ ذلك «إنجازاً شخصياً»، وتضيف: «أتاحت لي هذه الفرصة الفريدة دمج الأداء في ممارستي الفنية، والجمع بين الأداء والصوت والأزياء والفنون المحلية للاحتفاء بالماضي، وإلهام المستقبل».

تعاونت الفنانة أيضاً مع الحرفيين من مختلف أنحاء العلا لتصميم الأزياء واللافتات، وجمعت بين تِقْنِيَّات الحرف التقليدية والجماليات المعاصرة، مستخدمة الأصباغ والألوان الطبيعية المصنوعة في مدرسة الديرة أول مركز للفنون والتصاميم في العلا، لتعكس درجات ألوان المناظر الطبيعية في المنطقة. وتشمل الجماليات البصرية تصاميم الأزياء واللافتات والمكياج والحلي التي تستلهم من الزخارف النبطية والهندسية للدلالة على أدوار المؤدّين ورموزها.

تصميمات الفنانة منال الضويان للأزياء (الهيئة الملكية للعلا)

التعاون مع المجتمع المحلي ثبت أقدام العرض في المكان والتاريخ؛ فقد شارك المهنيون السعوديين في ورش العمل والجلسات التدريبية التي نظمتها فرقة أكرم خان ومنال الضويان. وظهر ذلك التعاون أيضاً في الموسيقى المصاحبة للعرض التي تضمنت تسجيلات لعازفي الإيقاع المحليين وأهالي العلا.

وتختصر الضويان سبب قوة المشروع بقولها «الأساس هو التعاون وتبادل الأفكار». وهو ما يؤكده أكرم خان بقوله: «من المهم جداً بالنسبة إلى التفاعل مع سكان العلا. الكثير من أعمالي مستمدة من المجتمع، وترتكز على الفن. ولتحقيق فكرة العمل مع مجتمع مُدمج في عرض لراقصين عالميين، كنا بحاجة إلى إيجاد من سيكون جسر التواصل. من يمتلك الخبرة اللازمة لجذب المجتمع المحلي، وتوجيهه نحو القصة التي نحاول أنا ومنال سردها. وهكذا، كان هناك تبادل مستمر بين ما كنتُ أبحث عنه، الذي نقله مديرا حركتنا المجتمعية، بلال علاف وجمانة الرفاعي، وما يمكن أن يقدمه المجتمع. وهذا موجود في أجسادهم، وفي الذكريات التي سنحملها معنا أكثر من العرض نفسه. نعم، لقد شاركوا في الأداء، لكن الأمر أعمق من ذلك بكثير - يتعلق الأمر أكثر بما سيأخذونه من هذه التجربة، وبالتأكيد ما أخذته منهم».

اعتمدت تصاميم الأزياء واللافتات والمكياج والحليعلى الزخارف النبطية والهندسية. (الهيئة الملكية للعلا)

نظم العرض بتكليف من وادي الفن ضمن إطار برنامج العروض الأدائية المخصصة للموقع. وبعد هذا العرض الأول في العلا، سيشرع عمل «ذكرى»، في جولة عالمية، باعتباره إنتاجاً رئيسيّاً جديداً لفرقة أكرم خان لعام 2025. مع إعادة تكييفه كعرض داخلي، مما سيوصل ثقافة العلا وتراثها وفنونها إلى الجماهير في كل أنحاء العالم.



كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.