بينما رفضت الجزائر التعامل مع مهلة قدمتها فرنسا لتقديم مقترحات حول مراجعة «اتفاق 1968»، الذي يثير أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين، بدأ مجلس الشيوخ الفرنسي، الثلاثاء، مناقشة مقترح لبرلمانيين من اليمين بخصوص نقض هذه الوثيقة، على أساس أنها تمنح وضعاً خاصاً للجزائريين بشأن الإقامة والعمل والتجارة في فرنسا، أما الجزائريون فيؤكدون أن الاتفاق «أفرغ من محتواه مع الوقت».

وحضر عن الحكومة في مجلس الشيوخ الوزير المكلف بالشؤون الأوروبية، بنجامان حداد، الذي أكد أن «الموقف الرسمي للحكومة قد تغير بعد تدخل الرئيس إيمانويل ماكرون»، حسبما جاء في تقارير صحافية فرنسية حول القضية. وكان حداد يشير إلى تصريح لماكرون نشرته صحيفة «لوفيغارو»، الاثنين الماضي، أوضح فيه صراحة أنه لا ينوي إلغاء «اتفاق الهجرة 1968» المبرم مع الجزائر، ما عدته الصحافة الجزائرية «رداً صارماً على رئيس الوزراء ووزير الداخلية الفرنسيين».
وصرح فرنسوا بايرو، الأسبوع الماضي، بأن «أمام الجزائر مهلة شهر إلى 6 أسابيع» لتتسلم رعاياها محل قرار بالطرد من فرنسا، وإلا تم نقض الاتفاق من أساسه، ورفضت وزارة الخارجية الجزائرية الاستجابة لهذا «الإنذار». أما المسؤول الثاني، الوزير برونو ريتايو، فقد أعلن الحرب على الاتفاق منذ عدة أسابيع، كما أعد لائحة تضم «المئات» من المهاجرين الجزائريين السرّيين بغرض طردهم من فرنسا.

وبحسب وزير الشؤون الأوروبية، فإن الحكومة تريد إعادة التفاوض حول الاتفاق لتشديد شروط «لم الشمل العائلي» بالنسبة للجزائريين، لصالح الهجرة الأكثر تأهيلاً.
و«لمّ الشمل» آلية يتيحها الاتفاق للجزائريين المقيمين في فرنسا، ويسمح لهم بجلب أفراد من عائلاتهم للإقامة معهم. لكن في الميدان يواجه المهاجرون الجزائريون صعوبات إدارية مشددة لتحقيق «لمّ الشمل»، حيث تم في السنوات الأخيرة رفض آلاف الطلبات بهذا الخصوص، حسب المسؤولين الجزائريين الذين يرون أن الفرنسيين «نقضوا تعهداتهم في الاتفاق، من دون أن يعلنوا عن ذلك صراحة».
ورداً على برلمانيين من اليمين والوسط، أصحاب مسعى نقض الاتفاق، أشار الوزير حداد إلى أن معاهدة 1968 لا تتعلق بالهجرة غير الشرعية، ولا تناقش مسألة تراخيص المرور القنصلية التي تسمح بترحيل المهاجرين غير النظاميين. وفيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، أكد حداد أن «الجزائر تخضع في الغالب للقانون العام، وليس لاتفاق استثنائي»، مشيراً إلى أن نسبة إصدار تصاريح المرور القنصلية ارتفعت بواقع 42 في المائة، العام الماضي، وموضحاً أن «هذا الرقم في ازدياد، لكنه لا يزال غير كافٍ».
أما فيما يخص اتفاق 1968، فقد أشار الوزير نفسه إلى أن الحكومة الفرنسية تفتح المجال لإعادة التفاوض مع الجزائر. وقال بهذا الخصوص إن هذا الاتفاق «لا يتوافق مع متطلبات الوقت الحاضر، ومع ما هي عليه مصالحنا ومتطلبات الهجرة».
وفي وقت سابق، أعلن مجلس الأمة الجزائري «التعليق الفوري» لعلاقاته مع مجلس الشيوخ الفرنسي، في سياق التوتر السياسي والدبلوماسي المتفاقم بين البلدين. كما أعربت الحكومة الجزائرية عن «استغرابها ودهشتها إزاء تدابير تقييدية على التنقل والدخول إلى الأراضي الفرنسية، تم اتخاذها في حق الرعايا الجزائريين الحاملين لوثائق سفر خاصة (حاملي جوازات السفر الدبلوماسية أو لمهمة) تعفيهم من إجراءات الحصول على التأشيرة»، مؤكدة أنها «سترد بتدابير مماثلة وصارمة وفورية»