يشعر كثير من المسافرين في رحلات الطيران بالقلق من نوعية الناس التي يمكن أن تُجاورهم. ولتفادي هذا الأمر يلجأ بعضهم أحياناً إلى دفع بطاقة سفر مزدوجة كي يُفلتوا من مواقف مشابهة، في حين لا يتوانى آخرون عن إثارة المشاكل مع جيرانهم في المقعد لأسباب مختلفة.
دراسات عدة أُجريت تُظهر طبيعة المسافرين غير المرحَّب بهم على متن الطائرة، ويشير معظمها إلى وجود نحو 19 صنفاً.
وتتفق النسبة الكبرى، من الذين أُجريت عليهم هذه الدراسات على خطوط رحلات أميركية، في أن الجار هو المسبِّب الأول لمثل هذه الحالات.
وتفيد دراسة لمؤسسة «إتيكيت الطائرة» بأن 63 في المائة من الذين جرى سؤالهم، أبدوا انزعاجهم بشكل أولي من حالات الصخب والضجة التي تثيرها أفراد العائلة الواحدة. فإضافة إلى تعاملهم بخفّة مع أولادهم، فهم لا يتوانون عن الصراخ وكأنهم الوحيدون الموجودون على الطائرة. في حين عَدَّت نسبة 85 في المائة من المسافرين أن أكثر من يتسبب بالإزعاج هم الأشخاص الثرثارون.

وتوزّعت نسب أخرى بين الوقوف الدائم أو مغادرة المقعد أكثر من مرة خلال الرحلة. وهؤلاء بلغت نسبتهم نحو 22 في المائة. بينما أظهرت هذه الدراسة أن 19 في المائة ينزعجون من احتلال جارهم مَسند اليد الخاص بمقعدهم طيلة الوقت، فيجلسون بشكلٍ يجعلهم يميلون بنحو كبير إلى مقعدهم، مما يُشعرهم بالإزعاج طيلة الرحلة.
مارلين مطر، مُضيفة طيران سابقة على متن الخطوط الجوية اللبنانية «ميدل إيست»، تشير، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هناك دائماً أشخاصاً يتصرفون على الطائرة بقلّة لياقة. وتضيف: «لكن مهمتنا، نحن مضيفات الطيران، تقضي بتسلّحنا بالصبر والتحمّل والتعامل مع الآخر بلطف. لكن حين يتجاوز الشخص حدوده ويتسبب بالإزعاج لنا أو لغيره، نُوجّه له إنذاراً صارماً. بداية يكون كلامياً، وفي حال لم يتقيّد بالملاحظة نوجه له إنذاراً ثانياً، مكتوباً وموقَّعاً من قائد الطائرة».
أما سابين حنا، التي تسافر بشكل مستمر، فتؤكد أن أكثر ما يزعجها وهي على متن الطائرة هو صراخ الأولاد. وتقول، لـ«الشرق الأوسط»: «يبلغ هذا الأمر ذروته في رحلات السفر الطويلة، والتي تستغرق أكثر من 8 ساعات، عندها أحاول غض النظر أو أتوجه مباشرة إلى مقصورة فارغة أجلس فيها بعيداً عن الضجة. ومراتٍ تساعدني إحدى مضيفات الطيران لتبديل مكاني مع شخص آخر لا يزعجه هذا الموضوع».

ومن بين الحالات التي تترك أثرها الكبير على المسافرين؛ الروائح المنبعثة من جارهم على المقعد. وتبلغ نسبة الذين يُبدون تذمرهم من هذا الوضع 28 في المائة. ويؤكد المهندس يوسف فرح هذا الأمر، ويوضح، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أشخاص يضعون عطوراً قوية تُشعرني بالغثيان. وفي مراتٍ أخرى أعاني من جارٍ لا يهتم بنظافته على الإطلاق، فأحاول تغيير وجهة أنفي بشكل دائم؛ كي لا تتسرب رائحة عرق جسمه إليَّ».
ويأتي المسافرون، الذين يتضايقون من المقعد المنحني بشكل كبير إلى الخلف مما يعرقل حركة غيرهم، ليشكلوا نسبة 42 في المائة. ووفق الدراسات، فإن هؤلاء أنفسهم يشكلون نسبة 80 في المائة ممن يقومون بهذا التصرّف على متن الطائرة.
ومن المواقف المُحرجة التي تتذكرها مضيفة الطيران مارلين: «إنها تلك الناجمة عن حادث صحّي يصاب به أحد ركاب الطائرة، فهو يتسبب ببلبلة كبيرة بين الركاب. وأحياناً يُحدث الأمر نوعاً من نوبات الهلع بينهم، فيتشعب الموضوع بحيث يصبح علينا الاعتناء بأكثر من شخص». لكنْ، وفي حالات أخرى يدّعي البعض المرض أو الإصابة بأوجاع؛ كي تتاح له فرصة الانتقال إلى درجة الـ(بزنس) لرجال الأعمال».
ومن المواقف المضحكة التي يواجهها مضيفو الطيران تلك المؤلفة من طلبات خارجة عن المألوف. وتروي ريتا كرم، مضيفة طيران على أحد الخطوط العربية، لـ«الشرق الأوسط»، فتقول: «هناك من يطلب مني أن أنقله إلى مكان يتنفس خلاله الهواء الطبيعي، وهو أمر مستحيل، فيما يصرّ آخر على تبديل كوب المياه أمامه بشكل مستمر؛ لأسباب يتخيلها في عقله».
وتتابع ريتا: «الأمر الأسوأ الذي نواجهه غالباً أثناء رحلة الطيران تتعلّق بالأشخاص الذين يرفضون وضع حزام الأمان، فنخوض نقاشاً طويلاً معهم إذا لم يقتنعوا بضرورته. وكذلك الأمر مع الأشخاص الذين يتأهبون للمغادرة قبل دقائق قليلة من هبوط الطائرة، فهم يجهلون تماماً قواعد السلامة العامة التي يجب الالتزام بها لتفادي أي حادث مفاجئ قد تواجهه الرحلة».
وتروي ريتا حادثة حصلت معها فتقول: «في إحدى المرات، واجهنا حالة طقس رديئة جداً ومطبّات هوائية قوية. والأشخاص الذين لم يكونوا قد وضعوا حزام الأمان تعرّضوا لإصابات في الوجه والفم والأسنان، لذلك نحرص دائماً على الالتزام بوضع حزام الأمان حتى اللحظة الأخيرة من الرحلة».













