ملابس التزلج... خط «يفتح النفس» على هوايات شتوية ومنتجعات جديدة

الشركات وبيوت الأزياء تتنافس على اقتطاع نسبة من الأرباح

من اقتراحات شركة «بوس» الألمانية لموسم هذا العام (بوس)
من اقتراحات شركة «بوس» الألمانية لموسم هذا العام (بوس)
TT
20

ملابس التزلج... خط «يفتح النفس» على هوايات شتوية ومنتجعات جديدة

من اقتراحات شركة «بوس» الألمانية لموسم هذا العام (بوس)
من اقتراحات شركة «بوس» الألمانية لموسم هذا العام (بوس)

لا يُفوِّت صُنَّاع الموضة أي فرصة يمكن أن تعود عليهم بالربح. تبقى الأناقة وسيلتهم، وغايتهم الوصول إلى أكبر عدد من الزبائن. لهذا ليس غريباً أن يحظى خط التزلج في السنوات الأخيرة باهتمام كبير من قبل الشركات التقليدية التي لها باع طويل في هذا المجال، وبيوت الأزياء التي دخلت على هذا الخط حديثاً لمغازلة هؤلاء الزبائن. فشريحة كبيرة منها فُتحت شهيتها بعد أن فُتحت أمامها أبواب منتجعات فخمة كانت تثير الأحلام ولا تسمع عنها أو تراها سوى في الأفلام مثل «سانت موريتز»، و«غاشتاد» وغيرهما.

فهذه الهواية، أو الرياضة، التي كانت حتى عهد قريب نخبوية، خضعت مثل كثير من الأمور لتغيرات الزمن، وانفتاح أسواق بعيدة، وظهور جيل من الشباب تواق لاستكشاف نشاطات وأماكن جديدة.

من عرض «مونكلير» على خلفية جبال سانت موريتز (مونكلير)
من عرض «مونكلير» على خلفية جبال سانت موريتز (مونكلير)

أصبحت الموضة ترفع شعار «الديمقراطية». ما كان نخبوياً أصبح شعبياً، الأمر الذي أنعش هذا القطاع، الذي بلغ حجمه عالمياً في عام 2023 نحو 1.30 مليار دولار أميركي، مع توقعات بأن يصل إلى 1.56 مليار دولار بحلول عام 2032. «سترة التزلج» وحدها يُتوقَّع أن تصل مبيعاتها إلى 2.26 مليار دولار في السنة بحلول عام 2031 إذا ظلت الحال على ما هي عليه.

كل هذا يجعل المنافسة تحتدم بين صُنَّاع الموضة والشركات المتخصصة لتقديم كل ما هو أنيق وعملي.

واللافت أن العملية لم تعد تقتصر على أمثال «لورو بيانا»، أو «فندي»، أو «جيورجيو أرماني»، أو «مونكلير» و«ديور»، أو الشركات التقليدية المتخصصة مثل «ذي نورث فايس»، و«بورفيكت مومنت»، و«مونكلير»، و«روسينيول»، و«فوسالب»، فمحلات شعبية كثيرة منها «زارا»، و«أيتش آند إم»، و«بريمارك» بدأت بدورها تغذي حاجة ذوي الإمكانات المحدودة من هذه الأزياء.

من اقتراحات دار «فندي» (فندي)
من اقتراحات دار «فندي» (فندي)

خيارات متنوعة

بالنتيجة، أصبحت الخيارات سخيةً ومتنوعةً، تخاطب المبتدئين والمحترفين وكل الأذواق. كل واحد منها بألوانه ونقشاته الخاصة، لكن تبقى الخامات الدافئة والمرنة والتقنيات المتطورة السمة المشتركة بينها جميعاً. ويُحسب لبيوت أزياء حديثة العهد بهذا الخط، حرصها على التعاون مع الشركات المتخصصة لإنتاج قطع بجودة وحرفية عالية. فهذه الشراكات تخوّل لها دخول الأسواق العالمية بثقة؛ نظراً للمصداقية التي تكتسبها. دار «إميليو بوتشي» مثلاً عقدت شراكة مع «فوسالب» الفرنسية، بينما استعان كيم جونز، مصمم «ديور» القسم الرجالي سابقاً، في تشيكلته لعام 2024 بالفنان البريطاني بيتر دويغ، وأيضاً مع شركة «ديسانت» المتخصصة في ملابس التزلج المبطنة والمعروفة. فـ«ديور» لم تدخل غمار التزلج حتى عام 2020.

بين الأساسيات والكماليات

ولأن رياضة التزلج كانت تقتصر على الطبقات الأرستقراطية والثرية، فإن دخول ذوي الدخل المحدود والطبقات المتوسطة على الخط، يضع بعضها في حيرة من أمرها، بشأن ما هو أساسي وما هو غير ضروري.

فالأمر لا يتعلق بالمعاطف الشتوية والكنزات الصوفية السميكة، ولا القبعات والقفازات فحسب، هناك أيضاً حاجة إلى ألواح للتزلج، ونظارات شمسية بمواصفات عالية، ناهيك عن نوعية الأحذية.

من اقتراحات شركة «بوس» الألمانية للجنسين (بوس)
من اقتراحات شركة «بوس» الألمانية للجنسين (بوس)

شركة «بوس» الألمانية مثلاً طرحت تشكيلة بعنوان «بوس سكي» بطابع عملي أنيق، كانت فيها الأقمشة التقنية هي الأساس، إذ صُنعت كلها من مواد مضادة للمياه، وزُوِّدت بتفاصيل تلائم ظروف التزلج، بدءاً من واقيات الثلج والدرزات المُحكمة، وصولاً إلى الأكمام القابلة للتعديل، والبطانات المصنوعة من الصوف القطني العازِل للحرارة.

من اقتراحات دار «إيف سولومون» (خاص)
من اقتراحات دار «إيف سولومون» (خاص)

دار «إيف سولومون» الباريسية، المعروفة بفروها الطبيعي، طرحت مجموعةً جمعت فيها تقاليد حرفية قديمة بتقنيات حديثة تخاطب الشباب التواقين للمغامرات. لترتقي بها أكثر، لوَّنتها بدرجات كلاسيكية مثل البني والأسود والأبيض والبيج. أما بيوت الأزياء الكبيرة، فحدِّث بلا حرج:

لورو بيانا

تعتمد «لورو بيانا» دائماً على ورقتها الرابحة ألا وهي صوفها الفخم (لورو بيانا)
تعتمد «لورو بيانا» دائماً على ورقتها الرابحة ألا وهي صوفها الفخم (لورو بيانا)

«لورو بيانا» ومنذ أن دخلت على الخط وهي تنافس أكبر الشركات تخصصاً، لأنها تعمل على تطوير تقنياتها في غزل الصوف، وطرق مزجه بخامات بتقنيات عالية من دون توقف.

لخريف وشتاء 2024 - 2025 طرحت مجموعة متعدّدة الاستخدامات على شكل سترات مصنوعة من قماش «Pecora Nera®»، و«الكشمير»، ومعاطف من صوف «الشيرلينغ»، فضلاً عن سراويل مصنوعة من صوف «الألباكا» وبدلات من «الكشمير» المحبوك، وصوف «الموهير»، مزيّن بعضها بتطريزات ثلاثية الأبعاد. كلها بقصَّات واسعة تتماهى مع حركة الجسم وتضخه بالدفء.

«ديور»

رغم أن دخول «ديور» هذا المجال لا يتعدى سنوات فإنه أصبح تقليداً معتمداً (تصوير: ساشا مارو لديور)
رغم أن دخول «ديور» هذا المجال لا يتعدى سنوات فإنه أصبح تقليداً معتمداً (تصوير: ساشا مارو لديور)

قدَّمت مجموعة محدودة بعنوان «ديور آلبس»، قالت مصممتها ماريا غراتسيا كيوري، إنها تحاكي تقنيات «الكوتور» وتفاصيلها الدقيقة، مضيفة أنها استوحتها من تشكيلتها للأزياء الجاهزة لموسمَي خريف وشتاء 2024 - 2025. ولأنها تعرف أن مخاطبة شريحة تهتم بالماركات العالمية لا تقل أهمية عن مخاطبة النخبة، لم تبخل بنقشاتها الكلاسيكية، لأنها أكثر بلاغة من أي «لوغو».

نظارات تزلّج واقية برباط يحمل توقيع كريستيان ديور بوضوح (ديور)
نظارات تزلّج واقية برباط يحمل توقيع كريستيان ديور بوضوح (ديور)

زوَّدت نظارات تزلّج واقية مثلاً برباط يتخلّله توقيع «كريستيان ديور»، بنمط «ديور أوبليك» الأيقوني، وأعادت تفسير شعار نجمة الدار الجالبة للحظ «ديورستار» بألوان مرهفة على الملابس المحبوكة التي تغلّف الجسم، كما على الأوشحة، والقبعات، والقفازات. لكنها لم تنسَ عنصر السلامة والدفء، بدليل أن السراويل تأتي مع تدعيمات للرُّكبة؛ لضمان أقصى درجات الراحة في كافّة الظروف.

علاقة ممتدة لأكثر من قرن

ما تجدر الإشارة إليه أن علاقة الموضة والتزلج ليست وليدة الأمس والتغيرات الحديثة.

بدأت في عام 1924 عندما طرح الفرنسيون لوسيان لولونغ، وإجيديو سكايوني، ومادلين فيونيه بدلات ببنطلونات وأكسسوارات صوفية دافئة للمتزلجات، بمناسبة أول دورة ألعاب أولمبية شتوية على الإطلاق في فرنسا. أما أول بدلة تزلج مكونة من قطعة واحدة كما نعرفها اليوم، فيعود الفضل في إبداعها لإيميليو بوتشي، ومديره الفني آنذاك ماسيمو جيورجيتي في أواخر الأربعينات.

من عرض «مونكلير» الذي أُقيم على خلفية جبال سانت موريتز (مونكلير)
من عرض «مونكلير» الذي أُقيم على خلفية جبال سانت موريتز (مونكلير)

حتى التسعينات، سيطرت الطبقات المخملية والثرية على هذا القطاع. في الألفية فقط بدأ ينفتح هذا القطاع على طبقات حديثة، وشجَّع ذلك بيوت أزياء كثيرة على التوجه إليها، مثل «شانيل» في عام 1997، و«برادا» في 2000. جيورجيو أرماني أيضاً طرح خطاً خاصاً أطلق عليه اسم «نيفي» في تسعينات القرن الماضي. لوَّنه بدرجات ألوان هادئة شكَّلت مفاجأة لسوق تعوَّدت على ألوان النيون.

زبون «مونكلير» سيجد كل ما يحتاج إليه في المجموعة التي قدَّمتها الشركة على خلفية جبال سانت موريتز (مونكلير)
زبون «مونكلير» سيجد كل ما يحتاج إليه في المجموعة التي قدَّمتها الشركة على خلفية جبال سانت موريتز (مونكلير)

كانت تصاميمهم تتراوح بين الأناقة التي تتطلبها منتجعات فخمة، وتقنيات يستعينون لتنفيذها بمتخصصين حتى يحصلوا على المصداقية ويحققوا المعادلة بين الأناقة والعملية. في عام 2014، أطلق موقع «نيت أبورتيه (Net-a-Porter)» قسماً خاصاً بمعدات التزلج، وفي عام 2020، أطلقت «ديور» أول مجموعة لمعدات التزلج في تاريخها. وفي عام 2021، خاضت كل من المصممة الفرنسية إيزابيل مارون وبعدها الثنائي «دولتشي آند غابانا»، التجربة ذاتها بالتعاون مع موقع «ماي تيريزا». ثم مَن لا يذكر العرض الضخم الذي أقامته شركة «مونكلير» العام الماضي على خلفية جبال سانت موريتز، وشاركت فيه عارضات سوبر؟. كان مواجهة بين الدار وبين بيوت الأزياء حديثة العهد بهذا الجانب. فما دامت هذه الأخيرة اقتحمت ما تعدّه تخصصها، فمن حقها هي أيضاً أن تقتحم عروض الأزياء جامعة الأناقة بالحرفية والتقنيات العالية.


مقالات ذات صلة

إيلي صعب يُغير اتجاهه لا أولوياته

لمسات الموضة كان الفرو الخامة الرئيسية في تشكيلة اختار لها المصمم منتجعات شتوية فخمة (إيلي صعب)

إيلي صعب يُغير اتجاهه لا أولوياته

جرأة إيلي صعب في هذه التشكيلة تتمثل في تخفيفه من رومانسيته التي كانت ولا تزال ورقته الرابحة، وتوجهه إلى شابة تتمتع بروح رياضية عالية

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة كارولين شيفوليه في مشغلها (شوبارد)

الفيل الأفريقي يُلهم مجموعة «شوبارد» الأخيرة

«القدرة على تتبع المنشأ أكثر من مجرد تقدم تقني، إنها تشكّل إنجازاً على الصعيد الأخلاقي» حسب رأي كارولين شوفوليه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق فستان زفاف السيدة الأولى ميلانيا ترمب معروض للبيع عبر الإنترنت (إيباي)

بأقل من نصف سعره... عرض فستان زفاف ميلانيا ترمب للبيع على الإنترنت

يُعرض فستان زفاف ميلانيا ترمب للبيع على الإنترنت بأقل من نصف سعره الأصلي، لكنه يبدو مختلفاً تماماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
لمسات الموضة يصور الجدار الرئيسي «بانتيرا» يتحرك برشاقة بين الأزهار المتفتحة ووسط الكثبان الرملية كأنه يتوجه إلى واحة هادئة (كارتييه)

«كارتييه» ترسخ أقدامها في الرياض لرابع مرة

وأصبح للترف عنوان جديد في قلب الرياض: «سوليتير مول». هذا ما تقوله بيوت أزياء كبيرة مثل «شانيل» و«فندي» و«لويس فويتون» و«ديور»، ودور مجوهرات عالمية مثل «كارتييه…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة تستمد الألوان إيحاءاتها من الرمال الذهبية والصحراء (ليم)

مجموعة «ليم» السعودية... تتراقص على نغمات رمضان والعيد

نظرة سريعة على المجموعة تؤكد أن خيوطاً شرقيةً مستمدةً من جيناتها تربطها بشهر رمضان الفضيل ومناسبات العيد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إيلي صعب يُغير اتجاهه لا أولوياته

كان الفرو الخامة الرئيسية في تشكيلة اختار لها المصمم منتجعات شتوية فخمة (إيلي صعب)
كان الفرو الخامة الرئيسية في تشكيلة اختار لها المصمم منتجعات شتوية فخمة (إيلي صعب)
TT
20

إيلي صعب يُغير اتجاهه لا أولوياته

كان الفرو الخامة الرئيسية في تشكيلة اختار لها المصمم منتجعات شتوية فخمة (إيلي صعب)
كان الفرو الخامة الرئيسية في تشكيلة اختار لها المصمم منتجعات شتوية فخمة (إيلي صعب)

على غير العادة لم يكن الدانتيل ولا الموسلين نجمي عرض إيلي صعب لخريف 2025 وشتاء 2026. غطى الفرو على وجودهما بشكل لافت، حيث ظهر في أغلب الإطلالات، على شكل معاطف وجاكيتات بل وحتى في حقائب يد وقبعات وأحذية.

المتابع لعروض الأزياء العالمية الأخيرة، يعرف أن إيلي لم يغرد خارج السِرب. فقط خرج عما عوَدنا عليه. فالفرو، لا سيما الاصطناعي، كان من الخامات التي اكتسحت الكثير من عروض ميلانو وباريس الأخيرة. الخبراء يردون الفضل إلى تطور التقنيات التي تجعله لا يفرق عن الطبيعي من ناحية الملمس الناعم والشكل الأنيق، ورغبة صناع الموضة في الدفع بمفهوم الاستدامة إلى الأمام.

أسوة بغيره استعمل إيلي صعب الفرو بأشكال مختلفة ومغرية (إيلي صعب)
أسوة بغيره استعمل إيلي صعب الفرو بأشكال مختلفة ومغرية (إيلي صعب)

ومع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن جرعته العالية في عرض إيلي صعب، كان لها تأثير مختلف. بث الدفء في أرجاء قاعة العرض كما في أوصال زبوناته الوفيات وحفيداتهن. صحيح أنه خفَّف من جرعة الإثارة الأنثوية التي التصقت به، كما خفَّف من التطريزات الغنية بالبريق، إلا أن نظرته الرومانسية لم تغب ولا لمساته المفعمة بالفخامة. كل ما في الأمر أنه أضفى على التشكيلة رشاقة، بتفصيلها وتحديدها على الجسم وأيضاً باستغنائه عن التفاصيل الكثيرة، حتى يُبرز روحها الرياضية.

أخذنا في رحلة شتوية إلى منتجعات مثل سانت موريتز وكورتشوفال وآسبن، لقضاء إجازة ممتعة لن تحتاج فيها المرأة سوى أن تطلب فتجد. فهو لم يبخل عليها بأزياء خاصة بممارسة رياضة التزلج، مثل الجمبسوت، ولا إلى معاطف وجاكيتات وفساتين وتنورات لمناسبات ما بعد التزلج «أبري سكي».

اكتسبت هذه التشكيلة روحاً رياضية عالية تتوجه إلى فئة الشابات (إيلي صعب)
اكتسبت هذه التشكيلة روحاً رياضية عالية تتوجه إلى فئة الشابات (إيلي صعب)

إيلي مثل العديد من المصممين وبيوت الأزياء العالمية انتبه للاهتمام المتزايد بهذه المنتجعات، أو بالأحرى بما تتطلبه نشاطاتها الشتوية من أزياء وإكسسوارات. فرياضة التزلج أصبحت لها شعبية في صفوف الشباب عموماً وعاشقات الموضة خصوصاً. لم تعد نخبوية بعد أن فتحت المنتجعات الفخمة أبوابها للجميع ما دامت لهم القدرة على تكاليفها الباهظة. وهكذا أصبح ما لم يكن يُرى سوى في الأحلام أو الأفلام واقعاً يثير اهتمام الجميع وعلى رأسهم بيوت الأزياء المهمة. أرقام المبيعات مثلا تشير إلى أن حجم قطاع التزلج بلغ عالمياً في عام 2023 نحو 1.30 مليار دولار أميركي، مع توقعات بأن يصل إلى 1.56 مليار دولار بحلول عام 2032. «سترة التزلج» وحدها يُتوقَّع أن تصل مبيعاتها إلى 2.26 مليار دولار في السنة بحلول عام 2031.

تكررت اللعبة بين السميك والشفاف في الكثير من الإطلالات (إيلي صعب)
تكررت اللعبة بين السميك والشفاف في الكثير من الإطلالات (إيلي صعب)

وإذا كان ما قدمه إيلي صعب في باريس حديثاً هو المعيار، فإن كل ما في تشكيلته يُغذي حاجة نفسية جامحة للتميز وفي الوقت ذاته يفي بمتطلبات أجواء لا تتقبل الدخلاء أو الحلول الوسطى. وهذا يعني ضرورة توفر خزانة متكاملة تتسلح بها كل من ستتوجه إلى هذه الوجهات. لم يتأخر المصمم. قدم قطعاً متنوعة هي كل ما تحتاجها زبونته. معاطف «باركا» مزينة بالفرو وأخرى طويلة بأكمام أو من دون، يمكن تنسيقها مع فساتين السهرة المطرزة إما بالترتر أو بتقنيات مخرمة تتماهى مع الموسلين فتخلق انعكاسات بصرية تلعب على الشفاف والمستور. هذه اللعبة، بين السميك والشفاف، تكررت في عدة إطلالات أغلبها مكون من كنزات صوفية بأحجام سخية يصل طول بعضها إلى ما فوق الركبة بقليل لتفسح المجال لظهور تنورات مستقيمة بأقمشة ناعمة مطرزة، من تحتها.

للمساء يقدم المصمم فساتين محددة تلمع ببريق الأقمشة أو بحبات الكريستال أو بدلات مفصلة على شكل «توكسيدو» (إيلي صعب)
للمساء يقدم المصمم فساتين محددة تلمع ببريق الأقمشة أو بحبات الكريستال أو بدلات مفصلة على شكل «توكسيدو» (إيلي صعب)

تشرح الدار في بيانها الصحافي أن الألوان المنتقاة تعكس أجواء الخريف والشتاء وأيضاً ألوان الطبيعة الجبلية، مثل الأسود والأبيض الثلجي والأخضر الصنوبري، والعنابي، والبني بتدرجاته من القمحي إلى الشوكولاتي. ويضيف البيان أنه مع غروب الشمس تبدأ امرأة إيلي في التحضير لسهرة مميزة. أمامها خيارات عدة تتمثل في فساتين محددة على الجسم تلمع ببريق الأقمشة أو بحبات الكريستال أو في بدلات مفصلة على شكل «توكسيدو» أو تنورات مطرزة بتخريمات يمكن تنسيقها مع كنزات بخيوط لامعة.

اقترح إيلي صعب عدة إكسسوارات مصنوعة من الفرو (إيلي صعب)
اقترح إيلي صعب عدة إكسسوارات مصنوعة من الفرو (إيلي صعب)

لم ينس المصمم شريحة يسكنها الحلم بأن تدخل هذا النادي وليست لديها الإمكانات لقضاء إجازة شتوية في منتجع فخم. قدم لها مجموعة من الإكسسوارات كحل وسط إما على شكل قبعة من الفرو وأحذية عالية وسميكة وإما على شكل نظارات واقية من أشعة الشمس أو حقائب يد بأحجام متعددة.

جرأة إيلي صعب في هذه التشكيلة، لا تتمثل في التصاميم ولا في الأقمشة أو التطريزات، بل في تخفيفه من رومانسيته التي كانت ولا تزال ورقته الرابحة. بتوجهه إلى شابة في مقتبل العمر، تتمتع بروح رياضية عالية، كان لا بد من الاستغناء عن بعض البهارات التي تعشقها زبونته الوفية ولازمت أسلوبه طويلاً، ومخاطبة هذه الشابة بخطوط بسيطة ومحددة.

معاطف الفرو أخذت عدة أشكال لكنها كلها تصرح بالأناقة والتميز (إيلي صعب)
معاطف الفرو أخذت عدة أشكال لكنها كلها تصرح بالأناقة والتميز (إيلي صعب)

ثم تعود وتتمعن في كل قطعة على حدة، لتكتشف أنه أذكى من أن يلغي هذه الزبونة من قاموسه. كانت حاضرة في تصوره المعاطف الطويلة الفخمة والفساتين المفصلة والتي عندما تلمع تشد الأنفاس. كل ما في الأمر أنها تفرض نفسها عليه في موسم الـ«هوت كوتور» بينما بناتها وحفيداتها يفرضن أنفسهن عليه في موسم الأزياء الجاهزة، وهو ما يُعتبر معادلة ترضي كل الأطراف.