لم يبقَ بيل غيتس في جامعة «هارفارد» لفترة طويلة، وتركها بعد ثلاثة فصول دراسية ليؤسس شركة «مايكروسوفت» في عام 1975، ولكنه ظل هناك لفترة كافية لترك انطباع جيد.
على سبيل المثال، يتذكر أستاذ الرياضيات التطبيقية السابق لغيتس، هاري لويس، أنه كان فضولياً و«ناضجاً» يتجاوز عمره، مع ميل إلى طرح الأسئلة على البالغين ومعالجة المشاكل الصعبة.
وقال لويس، الذي يدرِّس في «هارفارد» منذ سبعينات القرن العشرين، لصحيفة «تايمز» اللندنية، في مقابلة نُشرت الأسبوع الماضي: «كان يريد دائماً التحدي. ولم أتفاجأ عندما ترك الدراسة ــ كنت أتمنى لو استثمرت فيه».
وترك غيتس «هارفارد» مبكراً لإطلاق شركة مايكروسوفت، التي كانت آنذاك شركة ناشئة في صناعة البرمجيات الناشئة. وفي نهاية المطاف حوّلت «مايكروسوفت» غيتس إلى ملياردير في سن الحادية والثلاثين. وتبلغ القيمة السوقية للشركة الآن نحو 3.2 تريليون دولار، وتقدر صافي ثروة غيتس بنحو 108.7 مليار دولار، وفقاً لمجلة «فوربس».
بوصفه طالباً جامعياً، كان غيتس محاطاً بطلاب تفوقت مهاراتهم في الرياضيات على مهاراته، مما أعطاه نوعاً من جرس الإنذار، وفق ما قال لصحيفة «تايمز»، وكشف عن أنه «كاد يقتل نفسه» بتحميل دروس إضافية بينما كان يقضي مئات الساعات شهرياً في كتابة أكواد البرامج في مختبر الكمبيوتر بالجامعة.
وأضاف غيتس، الذي من المقرر نشر مذكراته المقبلة «Source Code»، التي تتناول إلى حد كبير حياته قبل «مايكروسوفت»: «فكرت حينها يا إلهي، قد يكون هناك أشخاص أفضل مني في الرياضيات».
ربما شكك غيتس في مهاراته في الرياضيات أثناء وجوده في «هارفارد»، لكن رائد التكنولوجيا كان بإمكانه أيضاً أن يصبح عالم رياضيات محترفاً «إذا أراد ذلك»، بحسب ما صرح لويس لـ«إن بي آر» في عام 2008.
وقال لـ«تايمز»: «في لحظة معينة، فضول غيتس المبكر وحرصه على خوض التحدي جعلاه يبرز، في اليوم الأول (من الفصل) أريتهم مشكلة البانكيك (pancake problem)، وهو سؤال فرز رياضي، وبعد يومين عاد ليُظهر لي أنه يمكنه القيام بذلك بشكل أفضل».
ونُشر حل غيتس في ورقة أكاديمية في عام 1979. وقال لويس ـلـ«إن بي آر»: «ظلت المشكلة في تلك الحالة إلى حد كبير لمدة 30 عاماً، حتى تمكن بعض الباحثين أخيراً من تحسين طريقة غيتس في ورقة بحثية عام 2008».
ومن عجيب المفارقات أن هؤلاء الباحثين تمكنوا من خلال تطوير صناعة الكمبيوتر، التي كانت «مايكروسوفت» مسؤولة جزئياً عنها. وقال لويس: «لم يكن بوسعهم على الإطلاق إجراء تحليل الحالة، لولا صناعة الكمبيوتر التي بناها بيل غيتس خلال الثلاثين عاماً الفاصلة».