لماذا يضطر مارك زوكربيرغ إلى إرضاء ترمب؟

مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة «ميتا» وأمامه شعار الشركة (أ.ف.ب)
مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة «ميتا» وأمامه شعار الشركة (أ.ف.ب)
TT

لماذا يضطر مارك زوكربيرغ إلى إرضاء ترمب؟

مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة «ميتا» وأمامه شعار الشركة (أ.ف.ب)
مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة «ميتا» وأمامه شعار الشركة (أ.ف.ب)

وصفت شبكة «سي إن بي سي» الأميركية، إعلان الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ، الأسبوع الماضي، أن «ميتا» ستغير سياساتها للسماح بمزيد من «حرية التعبير» بأنه قرار يُنظر إليه على نطاق واسع بوصفه أحدث جهود الشركة لإرضاء الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

والثلاثاء، قال زوكربيرغ إن «ميتا» ستنهي سياسة التحقق من الحقائق من قبل طرف ثالث، وتزيل القيود المفروضة على موضوعات مثل الهجرة والهوية الجنسية، وتعيد المحتوى السياسي إلى المستخدمين.

ووصف زوكربيرغ التغييرات الشاملة في السياسة بأنها مفتاح لاستقرار جهاز تعديل المحتوى في «ميتا»، الذي قال إنه «وصل إلى نقطة حيث أصبح هناك كثير من الأخطاء والرقابة المفرطة».

وكان تغيير السياسة أحدث تحول استراتيجي اتخذته «ميتا» للتقارب مع ترمب والجمهوريين منذ يوم الانتخابات.

ونقلت عن أشخاص مطلعين على خطط الشركة قولهم إنه مع وضع «ميتا» نفسها في موقع الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، يدرك زوكربيرغ الحاجة إلى دعم البيت الأبيض، بينما تبني شركته مراكز البيانات، وتسعى إلى سياسات متوافقة مع ترمب.

ويأتي ذلك بعد 4 سنوات مثيرة للجدال بين الاثنين، خلال فترة ولاية ترمب الأولى في منصبه، التي انتهت بحظر «فيسبوك» - على غرار شركات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى - لترمب من منصتها.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وحتى مارس (آذار) الماضي، كان ترمب يسخر من زوكربيرغ، ويعدّ «فيسبوك» «عدواً للشعب».

وقال بريان بولاند، نائب رئيس «فيسبوك» السابق، الذي ترك الشركة في عام 2020: «على الرغم من أن (فيسبوك) قوية كما هي، فإنه لا يزال يتعين عليها الرضوخ لترمب».

والاثنين، أعلنت «ميتا» أن دانا وايت، وهو صديق قديم لترمب، سينضم إلى مجلس إدارة الشركة.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت «ميتا» أن جول كابلان سيحل محل نيك كليغ، رئيس الشؤون العالمية.

ولكليغ مسيرة مهنية في السياسة البريطانية مع حزب الديمقراطيين الليبراليين، بما في ذلك نائب رئيس الوزراء، بينما كان كابلان نائباً لرئيس موظفي البيت الأبيض في عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش.

وانضم كابلان إلى شركة «ميتا» في عام 2011 عندما كانت لا تزال تُعرف باسم «فيسبوك»، وله علاقات طويلة الأمد بالحزب الجمهوري.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، نشر كابلان صوراً على «فيسبوك» له مع نائب الرئيس المنتخب جيه دي فانس وترمب، في أثناء زيارتهما بورصة نيويورك.

وانتقد عدد من موظفي «ميتا» تغيير السياسة داخلياً، حيث قال البعض إن الشركة تتنصل من مسؤوليتها عن إنشاء منصة آمنة، كما أعرب الموظفون الحاليون والسابقون عن قلقهم من أن المجتمعات المهمشة قد تواجه مزيداً من الانتهاكات عبر الإنترنت؛ بسبب السياسة الجديدة، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ خلال الأسابيع المقبلة.

وعلى الرغم من ردِّ الفعل العنيف من الموظفين، فإن أشخاصاً مطلعين على تفكير الشركة قالوا إن «ميتا» أكثر استعداداً للقيام بمثل هذه التحركات بعد تسريح 21 ألف موظف، أو نحو رُبع قوتها العاملة، في عامَي 2022 و2023.

وبدأت مبادرات زوكربيرغ للتودد لترمب في الأشهر التي سبقت الانتخابات.

وبعد محاولة الاغتيال الأولى لترمب في يوليو (تموز)، وصف زوكربيرغ صورة ترمب وهو يرفع قبضته والدم ينزف على وجهه بأنها «واحدة من أكثر الصور فظاعة التي رأيتها في حياتي».

وبعد شهر، كتب زوكربيرغ رسالة إلى مجلس النواب زعم فيها أن إدارة جو بايدن ضغطت على «ميتا» لفرض رقابة على محتوى معين عن «كوفيد - 19».

وقال: «أعتقد أن ضغوط الحكومة كانت خاطئة، وأنا آسف لأننا لم نكن أكثر صراحة بشأن ذلك».

وبعد فوز ترمب، انضم زوكربيرغ إلى كثير من المسؤولين التنفيذيين الآخرين في مجال التكنولوجيا الذين زاروا الرئيس المنتخب، كما تبرعت «ميتا» بمليون دولار لصندوق تنصيب ترمب.

وفي يوم الجمعة، كشفت «ميتا» للعاملين، في مذكرة، أنها تنوي إغلاق عدد من البرامج الداخلية المتعلقة بالتنوع والشمول في عملية التوظيف، وهو ما يمثل خطوة أخرى للتقرب من ترمب.

لوغو شركة «ميتا» في ولاية كاليفورنيا (أ.ف.ب)

إعادة ضبط الأمور من أجل ترمب

وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن زوكربيرغ، الذي تم استدعاؤه إلى واشنطن 8 مرات للإدلاء بشهادته أمام لجان الكونغرس خلال الإدارتين الأخيرتين، يريد أن يُنظر إليه على أنه شخص يمكنه العمل مع ترمب والحزب الجمهوري.

ورغم أن تحديثات سياسة المحتوى الخاصة بشركة «ميتا» فاجأت كثيراً من موظفيها وشركاء التحقق من الحقائق، فإن عدداً صغيراً من المديرين التنفيذيين كانوا يصوغون الخطط في أعقاب نتائج الانتخابات.

وبحلول يوم رأس السنة الجديدة، بدأت القيادة في التخطيط للإعلان عن تغيير سياستها، حسبما قال الأشخاص.

قالت كاتي هارباث، مديرة سياسة «فيسبوك» السابقة، والرئيسة التنفيذية لشركة الاستشارات التقنية «أنكور تشينغ»، إن «ميتا» تخضع عادة «لإعادة ضبط» كبرى بعد الانتخابات، و«في عام 2028، سيعيدون ذلك مرة أخرى».

وعلى سبيل المثال، بعد انتخابات عام 2016 وانتصار ترمب الأول، قام زوكربيرغ بجولة في ولايات لم يزرها من قبل، ونشر بياناً يؤكد الحاجة إلى توسيع مجتمع «فيسبوك».

وواجهت الشركة انتقادات شديدة بشأن الأخبار المزيفة والتدخل الروسي في الانتخابات على منصاتها بعد انتخابات 2016.

وبعد انتخابات 2020، خلال قلب الوباء، اتخذت «ميتا» موقفاً أكثر صرامة بشأن محتوى «كوفيد»، حيث قال أحد المسؤولين التنفيذيين في عام 2021 إن «كمية المعلومات المضللة حول لقاحات، التي تنتهك سياساتنا، أكثر من اللازم وفقاً لمعاييرنا».

وربما استرضت هذه الجهود إدارة بايدن، لكنها أثارت غضب الجمهوريين.

وفي حين قدَّم ترمب قليلاً من مقترحات السياسة المحددة لإدارته الثانية، فإن «ميتا» لديها كثير على المحك.

وقد يضع البيت الأبيض لوائح أكثر مرونة للذكاء الاصطناعي مقارنة بتلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي، حيث تقول «ميتا» إن القيود القاسية أدت إلى عدم إصدار الشركة بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً.

أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)

وتحتاج «ميتا»، مثل شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى، أيضاً إلى مراكز بيانات أكثر ضخامة ورقائق كومبيوتر متطورة؛ للمساعدة على تدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة الخاصة بها.

واتهم ترمب «ميتا» بالرقابة، وأعرب عن استيائه من تعليق الشركة لمدة عامين حساباته في أعقاب الهجوم على الكابيتول.

وفي 2024، توعد ترمب زوكربيرغ لأنه تآمر ضده خلال انتخابات 2020. وذكر أن الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» «سيقضي بقية حياته في السجن» إذا حدث ذلك مرة أخرى.

وتنفق «ميتا» 14 مليون دولار سنوياً على توفير الأمن الشخصي لزوكربيرغ وعائلته، وفقاً لبيان للشركة لعام 2024.

وكجزء من هذا، تحلل الشركة أي تهديدات ضد رئيسها التنفيذي، حيث يتم تصنيف هذه التهديدات وتحليلها وتشريحها من قبل عدد من فرق الأمن في «ميتا».

وبعد تعليقات ترمب، حللت فرق الأمن في «ميتا» كيف يمكن لترمب استخدام وزارة العدل ووكالات الاستخبارات ضد زوكربيرغ وما قد يكلف الشركة للدفاع عن رئيسها التنفيذي ضد رئيس في منصبه، كما قال الشخص، الذي طلب عدم ذكر اسمه؛ بسبب السرية.


مقالات ذات صلة

استقالة ممثل ادعاء حقق في قضايا لترمب من وزارة العدل

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يحضر عن بُعد جلسة إصدار الحُكم في قضية التستّر على دفع مبالغ مالية لنجمة إباحية سابقة (رويترز)

استقالة ممثل ادعاء حقق في قضايا لترمب من وزارة العدل

استقال المدعي الخاص الأميركي، جاك سميث، الذي قاد قضايا اتحادية ضد دونالد ترمب بتهمة محاولة إلغاء هزيمته في انتخابات 2020 وسوء التعامل مع وثائق سرية، من منصبه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن ورئيس وزراء غرينلاند موتي إيجيد خلال مؤتمر صحافي في كوبنهاغن (إ.ب.أ)

«أكسيوس»: الدنمارك أرسلت رسائل خاصة لفريق ترمب بشأن غرينلاند

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مصدرين قولهما إن الدنمارك بعثت برسائل خاصة إلى فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن غرينلاند.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مشاة يسيرون بشارع نيفسكي وسط مدينة سانت بطرسبرغ في روسيا (رويترز)

أزمات روسيا الاقتصادية ورقة رابحة في يد ترمب

تعطي أزمات روسيا الاقتصادية، الناتجة من تداعيات الحرب مع أوكرانيا، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب زخماً لتنفيذ وعوده بإنهاء الحرب في أقرب وقت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)

بسبب تطلعاته لضم غرينلاند... شولتس يجدد انتقاده لترمب

جدد المستشار الألماني أولاف شولتس انتقاده للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بسبب تطلعاته إلى الاستحواذ على جزيرة غرينلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة «ميتا» وأمامه شعار الشركة (أ.ف.ب)

منظمة: إلغاء زوكربيرغ التثبت من الحقائق نتيجة «ضغط سياسي شديد»

حذّرت منظمات دولية من إلغاء خاصية التثبت من الحقائق في شركة «ميتا» لمنشورات على «فيسبوك» و«إنستغرام».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

استقالة ممثل ادعاء حقق في قضايا لترمب من وزارة العدل

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يحضر عن بُعد جلسة إصدار الحُكم في قضية التستّر على دفع مبالغ مالية لنجمة إباحية سابقة (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يحضر عن بُعد جلسة إصدار الحُكم في قضية التستّر على دفع مبالغ مالية لنجمة إباحية سابقة (رويترز)
TT

استقالة ممثل ادعاء حقق في قضايا لترمب من وزارة العدل

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يحضر عن بُعد جلسة إصدار الحُكم في قضية التستّر على دفع مبالغ مالية لنجمة إباحية سابقة (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يحضر عن بُعد جلسة إصدار الحُكم في قضية التستّر على دفع مبالغ مالية لنجمة إباحية سابقة (رويترز)

ذكرت صحيفة «بوليتيكو»، اليوم السبت، أن المدعي الخاص الأميركي، جاك سميث، الذي قاد قضايا اتحادية ضد دونالد ترمب بتهمة محاولة إلغاء هزيمته في انتخابات 2020 وسوء التعامل مع وثائق سرية استقال من منصبه، بينما يستعد الرئيس الجمهوري المنتخب للعودة إلى البيت الأبيض.

وأضافت الصحيفة، مستشهدة بوثائق قضائية قدمت إلى محكمة اتحادية، أن سميث استقال، أمس الجمعة، من وزارة العدل، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

المدعي الخاص الأميركي جاك سميث (رويترز)

وحكم قاضٍ على الرئيس الأميركي المنتخب، أمس الجمعة، بإطلاق السراح غير المشروط في قضية التستّر على مبالغ مالية تم تسديدها لنجمة إباحية سابقة، وهي العقوبة الجنائية الأخفّ، على الرغم من جهود بذلها الملياردير الجمهوري لتجنّب أن يصبح أول سيد للبيت الأبيض يصدر بحقه حكم جنائي.

وأعفى القاضي خوان ميرشان ترمب من عقوبة الحبس أو الغرامة على الرغم من إدانته في مايو (أيار) 2024 بـ34 تهمة تتّصل بتزوير سجلات تجارية في قضية كان الحكم فيها يحتمل إنزال عقوبة الحبس بالمدان.

بدلاً من ذلك حكم القاضي على ترمب بأخف عقوبة جنائية ممكنة هي إطلاق السراح غير المشروط، وهو إجراء غير شائع نسبياً.

وحضر ترمب جلسة النطق بالحكم عبر الإنترنت.

وعُرضت خلال المحاكمة سلسلة إفادات لشهود تحدّثوا عن تستر ترمب احتيالياً على مدفوعات غير مشروعة للنجمة الإباحية ستورمي دانيلز في محاولة لشراء صمتها عن علاقة بينهما قبل الانتخابات الرئاسية للعام 2016 والتي فاز فيها.

وإطلاق السراح غير المشروط هو إجراء لا يشمل أي عقوبات أو قيود لكنه مع ذلك يثبّت حكم هيئة المحلفين بالإدانة، وقد جعل من ترمب أول رئيس سابق يدان بارتكاب جناية. وكان ترمب يواجه احتمال إدانته بالحبس لمدة تصل إلى أربع سنوات.

والاثنين، تمت المصادقة على فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية للعام 2024، بعد أربع سنوات على اقتحام مناصرين له مقر الكونغرس في إطار مساعيه لقلب نتائج انتخابات 2020 التي خسرها أمام الرئيس جو بايدن.