تونس: مطالب بالإفراج عن معارضة متهمة بـ«الفساد المالي»

محاميها أكد أن القضية «ملفقة لأسباب سياسية»

الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة للعدالة الانتقالية سهام بن سدرين (أ.ف.ب)
الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة للعدالة الانتقالية سهام بن سدرين (أ.ف.ب)
TT

تونس: مطالب بالإفراج عن معارضة متهمة بـ«الفساد المالي»

الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة للعدالة الانتقالية سهام بن سدرين (أ.ف.ب)
الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة للعدالة الانتقالية سهام بن سدرين (أ.ف.ب)

دعت هيئة الدفاع عن الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة للعدالة الانتقالية، سهام بن سدرين، الموقوفة منذ أغسطس (آب) الماضي، الأربعاء، القضاء إلى التزام الحياد والإفراج عنها، وفق ما أورده تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحاكم سهام بن سدرين في 7 قضايا، أبرزها تهمة «الفساد المالي»، و«تزوير» تقرير هيئة الحقيقة والكرامة النهائي الذي نشر سنة 2020، حسب تصريح محاميها فتحي الربيعي.

وقال المحامي عبد الرؤوف العيادي، إن هذه «قضية ملفقة لأسباب سياسية»، عادّاً أن الإجراءات المتخذة ضد سهام بن سدرين «كلها مرتبطة بموقفها المعارض للسلطات». مشيراً إلى أن «القضاء اليوم في تونس تحت السلطة».

كما أوضح العيادي أنه منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، قدّم المحامون طلبات للإفراج عنها، «لكن حتى الآن لم نتلقَّ أي ردّ». وطالبت هيئة الدفاع «بالإفراج الفوري عن سهام بن سدرين، وإيقاف المتابعات الكيدية والانتقامية ضدها، التي تعد خرقاً واضحاً للقانون».

وأنشئت هيئة الحقيقة والكرامة سنة 2014، في أعقاب ثورة 2011، وكانت مسؤولة عن حصر الانتهاكات التي ارتكبها ممثلو الدولة في الفترة الممتدة ما بين 1955 و2013، والتي تشمل رئاسة الحبيب بورقيبة (1957-1987)، ثم خلفه زين العابدين بن علي (1987-2011).

كما شملت أعمالها الاضطرابات التي شهدتها البلاد أثناء وبعيد الثورة. وبعد انتهاء ولايتها في عام 2018، أصدرت هيئة الحقيقة والكرامة تقريراً نشر في الجريدة الرسمية سنة 2020. وكانت سهام بن سدرين هي نفسها ضحية للانتهاكات، في ظل نظام بن علي.

وقد أوقفت المسؤولة السابقة بشبهة تلقي رشوة لإضافة فقرة إلى تقرير الهيئة، تتهم البنك الفرنسي - التونسي بالفساد، وهي شبهات رفضتها دائماً.

ودعا خبراء مستقلون في مجال حقوق الإنسان، مفوضون من الأمم المتحدة في أغسطس الماضي، تونس إلى ضمان «محاكمة عادلة»، عادّين أن توقيفها «قد يرقى إلى مستوى المضايقة القضائية».

وقال الخبراء، في بيان صدر آنذاك في جنيف، إن توقيف سهام بن سدرين «يُثير مخاوف جدية بشأن احترام الحق في حرية الرأي والتعبير في تونس، وله تأثير مروّع على الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني بشكل عام».

في سياق قريب، أصدر قاضٍ في تونس العاصمة أمراً بالسجن ضد الصحافيين برهان بسيس، ومراد الزغيدي، الموقوفين في السجن منذ مايو (أيار) الماضي، في قضية جديدة بتهمة غسل أموال.

من مظاهرة سابقة لإعلاميين ضد المرسوم «54» الذي أقره الرئيس سعيد (إ.ب.أ)

ويقضي الصحافيان عقوبة السجن لمدة عام بتهمتي نشر أخبار غير صحيحة للإضرار بالأمن العام، والتشهير بالغير. ويجري تحريك مثل هذه الدعاوى عبر المرسوم «54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيد قبل عامين، والذي يُحدد الجرائم المرتبطة بأنظمة الاتصال والمعلومات، لكنه لاقى انتقادات واسعة من منظمات حقوقية.

وقال مصدر من عائلة الزغيدي لـ«وكالة الأنباء الألمانية» إن المحكمة وجّهت للصحافيين الاثنين تهمة جديدة بغسل الأموال يجري التحقيق بشأنها. موضحاً أن المشكلة «تتعلق بإجراءات إدارية بمؤسسة إنتاج تعود إلى مراد، ولا علاقة له بغسل أموال».



مصير الكاتب الجزائري الفرنسي صنصال يُعْرَف الأربعاء

الكاتب الجزائري بوعلام صنصال  (أ.ب)
الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (أ.ب)
TT

مصير الكاتب الجزائري الفرنسي صنصال يُعْرَف الأربعاء

الكاتب الجزائري بوعلام صنصال  (أ.ب)
الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (أ.ب)

في الوقت الذي تفصل فيه «غرفة الاتهام» بمحكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، الأربعاء، في مصير الكاتب الجزائري الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، إثر استئنافه أمر إيداعه الحبس المؤقت، قال محاميه بباريس إن السلطات القضائية نقلته، الخميس الماضي، من مستشفى كان يعالَج به، إلى سجنه «من دون إبلاغنا بذلك».

ويعود لـ«غرفة الاتهام»، حسب قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، النظر في الطعون التي تصلها بشأن الحبس الاحتياطي من المحبوس على ذمة التحقيق، كما تصلها طعون من النيابة في حال جاء قرار قاضي التحقيق بالإفراج عنه، في حين ترى هي العكس.

وكان الروائي صاحب الـ75 عاماً، مَثُلَ أمام قاضي التحقيق بـ«محكمة الدار البيضاء» بالضاحية الشرقية للعاصمة، في 21 من الشهر الماضي، حيث قرر حبسه في إطار التحقيق، وذلك بعد أن جرى توقيفه بمطار عاصمة البلاد في 16 من الشهر نفسه، وهو عائد من فرنسا التي حصل على جنسيتها، الصيف الماضي، بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون، لكنه لا يمتلك إقامة بها.

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

وأفادت صحيفة «الوطن» الجزائرية، في عددها الصادر في الرابع من الشهر الحالي، بأن إدارة السجون التي تتبع وزارة العدل، نقلت صنصال من سجنه بمدينة القليعة (35 كلم غرب العاصمة) إلى جناح مخصَّص للمساجين بـ«مستشفى مصطفى باشا الجامعي» بوسط العاصمة، «بسبب متاعب صحية تعود إلى سنِّه».

وأكد محامون على دراية بمضمون «ملف صنصال»، أن قاضي التحقيق وجَّه له تهماً يشملها قانون العقوبات، وتحديداً «المسّ بالوحدة الترابية والوحدة الوطنية»، وذلك على أساس تصريحات مصوَّرة أدلى بها قبل أيام قليلة من اعتقاله لمنصة إخبارية محسوبة على اليمين الفرنسي المتطرف أفادت بأن قادة فرنسا «أحدثوا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر» عندما احتلوها عام 1830.

وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، بغرب الجزائر «كانت تابعة للمغرب»، مؤكداً أن قادة ثورة التحرير الجزائرية «طلبوا من سلطات المغرب إيواء قواعدهم ومساعدتهم مالياً وعسكرياً ودبلوماسياً، مقابل وعد بإعادة الأراضي التي اقتطعتها فرنسا، لكن هؤلاء القادة تنكروا للاتفاق»، بعد استقلال الجزائر.

أكثر من ذلك، قال صنصال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب»، وإن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهِم من الجملة الأخيرة أنه يقصد الجزائر. ومثل هذه التصريحات رأتها سلطات البلاد «غاية في الخطورة؛ لأن فيها إهانة كبيرة للوطن، وتحقيراً لشعبه».

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

ومعروف عن المهندس صنصال، الذي شغل منصباً مهماً في وزارة الصناعة، أنه مستفز في رواياته فيما يخص المجتمع الجزائري. ففي عمله الأدبي الشهير «قرية الألماني» (2008)، لم يتردد في توصيف قادة حرب التحرير الجزائرية بـ«النازيين»، كما أن زياراته المتكررة للكيان الإسرائيلي أثارت استياءً رسمياً وشعبياً، لكن لم يتعرض قط للمضايقات. ويعتقد مراقبون أن التوترات الحادة بين الجزائر مع المغرب من جهة، ومع فرنسا من جهة ثانية، في الفترة الأخيرة، كانت دافعاً قوياً لسجنه.

وحول مستجِدات هذا الملف، نقلت صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، الأحد، عن محامي صنصال الفرنسي فرنسوا زيمراي، أنه أُعِيدَ إلى سجن القليعة، الخميس الماضي، «دون أن تجد السلطات القضائية ضرورة لإبلاغ دفاعه بذلك، في الوقت المناسب». وأكد المحامي في بيان بهذا الخصوص، أنه سيطلب الإفراج عنه في جلسة «غرفة الاتهام» يوم 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وأثار اعتقال صنصال ضجة سياسية في فرنسا، خصوصاً من قبل أوساط اليمين المتطرف، وأعلن قصر الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلق» بشأن سجنه، وأنه يعتزم التدخل لدى الجزائر لإطلاق سراحه، لكن لم يسجّل أي تواصل بينه وبين الرئيس عبد المجيد تبون في هذا الشأن.

وفي بلاطوهات نظمتها القنوات التلفزيونية الفرنسية، حول القضية، تم تحويل هذا الجدل إلى موضوع نقاش عن القطيعة التي تشهدها العلاقات الجزائرية الفرنسية، منذ أن أعلنت باريس في يوليو (تموز) الماضي، اعترافها بمخطط الحكم الذاتي المغربي للصحراء الغربية.