مسؤولون عسكريون: نستعين بخبراء لتحديث المؤسسات المصرية

السيسي أكد رفض مبدأ «إما أن نحكمكم أو نقتلكم» الإخواني

مسؤولون عسكريون: نستعين بخبراء لتحديث المؤسسات المصرية
TT

مسؤولون عسكريون: نستعين بخبراء لتحديث المؤسسات المصرية

مسؤولون عسكريون: نستعين بخبراء لتحديث المؤسسات المصرية

أكد مسؤولون في الجيش والأمن بمصر لـ«الشرق الأوسط» أن خبراء بينهم عسكريون يشرفون على تحديث مؤسسات الدولة لتحقيق طموحات الشعب في مستقبل جديد يعتمد على تحسين المستوى الاقتصادي والرعاية الاجتماعية والصحية لملايين المواطنين، خاصة من محدودي الدخل والطبقات الدنيا والوسطى. وقال أحد كبار المسؤولين الأمنيين في البلاد إن الاستقرار الأمني «يحرز تقدما مقارنة بما كان عليه الحال في الشهور الماضية». وجاء ذلك خلال لقاء لعدد من كبار قادة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية مع مراسلي الصحف الأجنبية بالقاهرة الليلة قبل الماضية.
ومن جانبه كشف قائد الجيش، المشير عبد الفتاح السيسي، بعد مرور نحو ثمانية أشهر على مظاهرات المصريين الضخمة ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين والرئيس السابق محمد مرسي المنتمي إليها، عن أنه أخطر مرسي بضرورة أن يستفتي الشعب على استمراره، وألا يدخل المصريين في فتنة، وشدد السيسي على أن شعار «يا نحكمكم يا نقتلكم (إما أن نحكمكم أو نقتلكم)» غير مقبول. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في حفل إنهاء فترة الإعداد العسكري لطلبة في الكلية الحربية يوم أول من أمس.
واستقبل عدد من كبار قادة الأجهزة المصرية، وعلى رأسها وزارة الدفاع ومؤسسات أمنية أخرى، مراسلي الصحف الأجنبية في مصر. وأكد أحد المقربين من المشير السيسي أن الرجل قرر بشكل نهائي ترشيح نفسه لرئاسة الدولة، وأنه - أي السيسي - يدرك مسؤولياته كوزير للدفاع، ومسؤوليات العمل السياسي كمرشح للرئاسة، «وبالتالي هو لا يريد الخلط بين هذين العملين في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد. سيعلن عن ذلك في الوقت المناسب، الذي ربما يكون خلال أسبوع أو أسبوعين، أو حين تعلن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية عن موعد فتح باب تلقي طلبات الترشح». وأضاف مصدر آخر من قادة الجيش أن الكثير من الخبراء، بينهم عسكريون، يعكفون في الوقت الحالي على وضع برنامج متكامل لتحديث المؤسسات المصرية، من منطلق وطني، ولا علاقة لهذا الأمر بانتخابات الرئاسة خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن «مصر لم تشهد طيلة عقود الاهتمام الذي يليق بها، وحان الوقت للاستعانة بالخبرات من مختلف الجهات والتوجهات، لإصلاح الاقتصاد بتحديث منظومة الصناعة والاستثمار وخلق فرص عمل جديدة، وكذلك جذب السياحة، وإقامة المشروعات العملاقة، وكل ذلك بالتعاون مع الحكومة والأجهزة المختصة».
وقال إن البرنامج الذي سيطرح على مكتب الرئيس المقبل يتضمن اهتماما كبيرا بإصلاح شبكات الطرق والمياه والصرف الصحي، والإسكان منخفض التكاليف، وبالرعاية الاجتماعية والصحية للملايين من ذوي الأجور المحدودة والطبقات الدنيا والوسطى. بينما أفاد أحد كبار المسؤولين الأمنيين في البلاد، ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» بشأن تقييمه للحالة الأمنية بعد نحو ثمانية أشهر من فض اعتصامي أنصار الرئيس السابق في رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة، إن الاستقرار الأمني «يحرز تقدما مقارنة بما كان عليه الحال في الشهور الماضية». وأشار إلى أن السلطات تمكنت من تحقيق عملية ضبط كبيرة لحدود البلاد، لوقف تهريب السلاح وتسلل الجهاديين، قائلا إن العمليات التي يجري تنفيذها ضد أفراد الشرطة بين يوم وآخر محاولات يائسة لإثبات الوجود من جانب «الإرهابيين»، وإن «قدرة هذه الجماعات على كسر إرادة الدولة قد فشلت»، وأضاف: «توجد إجراءات إضافية مشددة جرى إبلاغ الحكومة الجديدة بها، وستظهر نتائجها على الأرض قريبا».
من جانبه, كشف المشير السيسي في تسجيل فيدو لكلمته التي ألقاها في حفل الكلية الحربية، وبثته صفحة المتحدث العسكري الليلة قبل الماضية، عن أحداث الأيام الأخيرة من حكم مرسي. وأضاف السيسي أنه يريد أن يذكر الناس بما دار في ذلك الوقت حتى يراجعوا أنفسهم ويدركوا المخاطر التي كانت تواجه البلاد، مشيرا إلى أنه جرى إبلاغ الرئيس السابق بأن يعرض نفسه على الشعب المصري في استفتاء، تقرر نتيجته بقاءه أو انصرافه عن القصر، حتى لا تدخل مصر في «فتنة». وتابع السيسي قائلا إن مبدأ «يا نحكمكم يا نقتلكم» غير مقبول، في إشارة على ما يبدو إلى قول مرسي في إحدى خطبه قبل عزله إن إقالته من الرئاسة «دونها الرقاب».
وتطرق السيسي إلى موضوع ترشحه للرئاسة، وقال: «خلال الأيام الماضية كان هناك كلام كثير فيما يخص موضوع الترشح لرئاسة الجمهورية، والناس تقول لماذا لا يوجد حسم للموقف ببساطة؟ وأنا أريد أن أقول لكم إن أي إنسان لا يشغل منصبا عاما هو حر، يستطيع أن يتصرف كما يريد.. ولكن (بالنسبة لمن يشغل منصبا عاما) توجد مسؤوليات وتوجد قيم ومبادئ»، مشيرا إلى أن هذا الأمر يحتاج أيضا إلى «ترتيبات كثيرة في الظروف الصعبة التي تمر بها بلدنا».
وشدد السيسي على أن المسؤولية مشتركة وقال: «لا تعتقدوا أن هناك من يمكنه أن يحل (وحده) المسائل والمشاكل في مصر، مهما كان من ستختارونه (للرئاسة)»، و«لا تعتقدوا أن النجاح القادم مرتبط بالشخصية التي ستختارونها، لا.. بل مرتبط بكم أنتم». وتطرق إلى ما حذر منه في مطلع العام الماضي من أن «الأمن القومي المصري معرض للخطر»، مشيرا إلى أنه حين تحدث بهذه الطريقة «في يناير (كانون الثاني 2013) بدأ الكل يتساءل، حتى الصحافة الغربية، لماذا يقول وزير الدفاع هذا الكلام؟». وأضاف أن «هذا كان قراءة للمستقبل.. بذلنا كل الجهد، بكل الأمانة والإخلاص والشرف، حتى لا نصل إلى ما كنت أخشى منه».
وتابع قائد الجيش قائلا: «كنا نرى أن الموضوع سيتحول من خلاف سياسي إلى خلاف ديني، ويقولون (أي أتباع مرسي) نحن ننصر الإسلام، ولهذا سنقاتل لنصرة الإسلام. وهذا الكلام أنا قلته للرئيس السابق في أبريل (نيسان) 2013. وقلت له إن الخلاف بين الشعب وبينكم سيتحول إلى خلاف ستجعلونه أنتم خلافا دينيا وستجعلونه خلافا على الإسلام، (بقولكم) إنكم تنصرون الإسلام والآخرين لا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.