تقرير: إسرائيل تلجأ إلى «خبرات» أوكرانيا في مواجهة المسيّرات الإيرانية

تظهر هذه الصورة غير المؤرخة التي أصدرها الجيش الأوكراني حطام طائرة مسيّرة إيرانية من طراز «شاهد» أطلقتها روسيا قيل إنها أسقطت بالقرب من كوبيانسك في أوكرانيا (أ.ب)
تظهر هذه الصورة غير المؤرخة التي أصدرها الجيش الأوكراني حطام طائرة مسيّرة إيرانية من طراز «شاهد» أطلقتها روسيا قيل إنها أسقطت بالقرب من كوبيانسك في أوكرانيا (أ.ب)
TT

تقرير: إسرائيل تلجأ إلى «خبرات» أوكرانيا في مواجهة المسيّرات الإيرانية

تظهر هذه الصورة غير المؤرخة التي أصدرها الجيش الأوكراني حطام طائرة مسيّرة إيرانية من طراز «شاهد» أطلقتها روسيا قيل إنها أسقطت بالقرب من كوبيانسك في أوكرانيا (أ.ب)
تظهر هذه الصورة غير المؤرخة التي أصدرها الجيش الأوكراني حطام طائرة مسيّرة إيرانية من طراز «شاهد» أطلقتها روسيا قيل إنها أسقطت بالقرب من كوبيانسك في أوكرانيا (أ.ب)

قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية إن الشركات الإسرائيلية تجري محادثات مع قطاع الدفاع في أوكرانيا؛ لمواجهة التهديد الذي تشكله الطائرات دون طيار الإيرانية.

وأضافت الصحيفة أن هذا التعاون يمثل تحولاً كبيراً في موقف إسرائيل السابق المتمثل في تجاهل تحذيرات أوكرانيا بشأن الطائرات دون طيار الإيرانية.

وتابعت أن عاماً من التعرض للهجمات المكثفة التي شنت من لبنان وغزة وسوريا واليمن والعراق وإيران نفسها على إسرائيل كشف عن حاجتها الماسة إلى حلول دفاع جوي قوية وقابلة للتكيف.

وأصبحت صناعة الدفاع في أوكرانيا مركزاً عالمياً للابتكار في مجال الطائرات دون طيار، مع وجود أكثر من 200 شركة طائرات دون طيار، ونحو ثلاث سنوات من الخبرة في زمن الحرب.

وتجتذب هذه الخبرة اهتماماً متزايداً من الشركات الغربية، حتى إن بعض الشركات الخاصة أنشأت وجوداً لها في أوكرانيا.

ومنذ أوائل عام 2024، صمدت أوكرانيا أمام أكثر من 7000 هجوم روسي بطائرات دون طيار، بما في ذلك 2000 في أكتوبر (تشرين الأول) وحده، وبالمقارنة، أبلغت إسرائيل عن 1300 غارة بطائرات دون طيار عبر جبهات متعددة منذ هجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023.

وقبل أشهر، في يوليو (تموز)، ضربت طائرة دون طيار محملة بالمتفجرات أطلقها الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن مبنى سكنياً في تل أبيب، واعترف الجيش الإسرائيلي بأنه تم التعرف على الطائرة، ولكن لم يتم اعتراضها بسبب خطأ بشري.

مشاهد من حيفا لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي خلال اعتراض صواريخ أُطلقت من لبنان (أرشيفية - رويترز)

والآن، فيما قد يكون نقطة تحول، تستكشف الشركات الإسرائيلية بنشاطٍ شراكات مع أوكرانيا للاستفادة من خبرتها؛ إذ يبدو أن إسرائيل تدرك الإمكانات الاستراتيجية والاقتصادية لهذا التحالف في مواجهة أحد أكثر التحديات الأمنية إلحاحاً اليوم لها.

وقال باحث في مجال الطائرات دون طيار في الجيش الإسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن خبرة أوكرانيا الواسعة في ساحة المعركة بالطائرات دون طيار تُقدم «ميزة فريدة تأمل إسرائيل في الاستفادة منها».

وأضاف: «أحد أهم الأشياء في هذا المجال هو الخبرة الفعلية، وأوكرانيا هي ساحة معركة الطائرات دون طيار الأكثر نشاطاً في التاريخ، ولم يكن هناك مثل هذا التركيز للطائرات دون طيار في صراع واحد، وهذا يجعل معرفتهم ذات صلة وثيقة بنا».

وقال: «هذه تجربة لا تقدر بثمن في العالم الحقيقي لم يمتلكها أحد آخر بعد، وهي شيء يمكن لإسرائيل الاستفادة منه بشكل كبير، خاصة بالنظر إلى التهديدات المتزايدة للطائرات دون طيار التي نواجهها على جبهات متعددة».

وقال المحلل إيان ماتفيف: «عندما يتعلق الأمر بالعمل مع الطائرات دون طيار ومواجهتها، فإن الجيش الأوكراني حالياً هو رقم واحد في العالم، بينما الجيش الروسي هو الثاني».

وذكر أن «أوكرانيا يمكنها تعليم إسرائيل كيفية مواجهة هجمات الطائرات دون طيار الانتحارية بكفاءة، واستخدام الطائرات دون طيار التي تتميز بمنظور الشخص الأول في ساحة المعركة».

وأضاف: «من المرجح أن تكون أوكرانيا مهتمة باكتساب الخبرة في بناء أنظمة الحرب الإلكترونية وغيرها من الإلكترونيات المهمة، فضلاً عن التعلم من قدرات الدفاع الجوي الإسرائيلي بشكل عام، ويواجه كلا البلدين هجمات ضخمة من الذخائر الرخيصة وغير الدقيقة، ويتعاملان مع هذه التحديات بثقة، ومن الواضح أن هناك الكثير مما يمكن مناقشته في هذا المجال».

وقال المصدر العسكري الإسرائيلي إن إسرائيل وأوكرانيا تواجهان نفس الطائرات دون طيار من طراز «شاهد» في ساحة المعركة.

وأوضح أن «الطائرات دون طيار تشكل تهديداً أكثر تعقيداً من الصواريخ؛ لأنها لا تتبع مساراً يمكن التنبؤ به، وحتى عندما نكتشفها لا يمكننا دائماً التنبؤ بدقة بمكان سقوطها، ونهجنا العام هو إطلاق الإنذارات في كل مكان قد تذهب إليه طائرة دون طيار؛ لتوخي الحذر. لهذا السبب يمكن لطائرة دون طيار واحدة أن تطلق الإنذارات عبر منطقة واسعة. نحاول أن نكون أكثر أماناً».

وأشار إلى أن التعاون مع أوكرانيا يمكن أن يساعد إسرائيل على فهم تكتيكات الطائرات دون طيار بشكل أفضل.

وقال المصدر إن مثل هذا التعاون لن يكون تحالفاً عسكرياً رسمياً، وأوضح: «هذا التعاون هو أكثر من علاقة معرفية اقتصادية. في كثير من الأحيان، يمكن أن يؤدي مثل هذه العلاقات إلى تعاون أعمق».

ولكن ماتفيف أبدى تشككه في العواقب الأوسع نطاقاً المترتبة على علاقة تبادل المعرفة بين إسرائيل وأوكرانيا، وقال: «من غير المرجح أن نطلق على هذا التعاون بداية تحالف، ويبقى أن نرى إلى أي مدى سيعزز التعاون بين البلدين دفاعات كل منهما».

وقال ماتفيف: «تبادل المعرفة أمر عظيم، لكن الحرب تتطلب موارد وأسلحة محددة، وإذا بدأنا نرى إمدادات الطائرات دون طيار أو غيرها من المعدات تتحرك في أي اتجاه، فسيكون ذلك بمثابة تعزيز حقيقي للقدرات. وحتى الآن، لا توجد معلومات تشير إلى حدوث ذلك».


مقالات ذات صلة

تركيا تعارض السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية في روسيا

شؤون إقليمية الصواريخ الأميركية التي سمح بايدن لأوكرانيا باستخدامها في منطقة روسية (موقع الصناعات الدفاعية التركية)

تركيا تعارض السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية في روسيا

أعلنت تركيا معارضتها قرار الرئيس الأميركي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لتنفيذ ضربات داخل روسيا.

سعيد عبد الرازق
أوروبا الرئيس بوتين يحضر اجتماعاً مع النائب الأول لرئيس الوزراء دينيس مانتوروف في موسكو بروسيا 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

روسيا: بوتين مستعد لإجراء مفاوضات بشأن أوكرانيا

أعلن المتحدث باسم «الكرملين»، دميتري بيسكوف، اليوم الأربعاء، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعد لإجراء اتصالات ومفاوضات بشأن أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا وزيرة البيئة الأوكرانية تلقي كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 29) في أذربيجان 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تُقدّر الضرر البيئي نتيجة الحرب بـ71 مليار دولار

قالت وزيرة البيئة الأوكرانية إن الضرر البيئي بسبب العمليات العسكرية جراء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير 2022 يقدّر بـ71 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في الكرملين (أرشيفية - رويترز)

هل بوتين مستعد للضغط على الزر الأحمر النووي؟

طرحت شبكة سكاي نيوز البريطانية سؤالاً عما ستفعله روسيا بعدما وجهت أوكرانيا ضربة لها بستة صواريخ من طراز «أتاكمز» قدمتها لها الولايات المتحدة لأول مرة

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

سيول: قوات كورية شمالية انضمت لروسيا في معاركها ضد أوكرانيا

نحو 10900 جندي كوري شمالي تم نشرهم في منطقة كورسك الروسية، بوصفهم جزءاً من وحدة محمولة جواً، ومن مشاة البحرية الروسية.

«الشرق الأوسط» (سيول)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)
TT

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا «مستعدة للوضع الجديد والواقع الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، كما أنها عازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي».

وقال إردوغان إن منطقة شمال شرقي سوريا «المحتلة من حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب الكردية)، التي تشكل أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بدعم من أميركا، هي منطقة مهمة للغاية ليس فقط بالنسبة لتركيا، بل لسوريا أيضاً».

وعدَّ إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه (الأربعاء) خلال عودته من البرازيل حيث شارك في قمة قادة مجموعة الـ20، أن «تطهير هذه المنطقة من هذه (التنظيمات الإرهابية) أمر بالغ الأهمية أيضاً بالنسبة للحكومة السورية».

عملية عسكرية محتملة

ورداً على سؤال عن تصريحاته الأخيرة حول احتمال شن عملية عسكرية جديدة ضد مناطق سيطرة «قسد» في شمال شرقي سوريا، قال إردوغان إن «تركيا عازمة على جعل الإرهاب شيئاً من الماضي. ليس لدينا أي تسامح على الإطلاق مع الهياكل التي تشكل باستمرار تهديداً للأمن القومي لبلدنا من خارج حدودنا، لقد أبلغنا جميع محاورينا بمدى وضوحنا وتصميمنا على ذلك، وسنشرح بوضوح أيضاً هذا النهج وهدفنا لمحاورينا الجدد (إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب)».

قصف تركي على مواقع لـ«قسد» شمال شرقي سوريا (أرشيفية - إكس)

ودعا الرئيس التركي الحكومة السورية إلى بذل جهد لمحاربة الإرهاب، قائلاً إن «الحرب الأهلية في سوريا جلبت حالة من عدم الاستقرار العميق في الأراضي المجاورة لتركيا، مما جذب التنظيمات الإرهابية خارج الحدود، كما يجذب المستنقع الذباب». وأضاف: «كما بذلنا جهودنا لتجفيف هذا المستنقع، ينبغي للإدارة السورية أيضاً أن تبذل هذا الجهد»، مشدداً على أن «الأمن القومي بالنسبة لتركيا يأتي في المقام الأول، ونسعى إلى تحويل هذه الأجواء في سوريا لصالح المنطقة، من خلال إجراء المفاوضات اللازمة مع روسيا حول هذه المسألة».

روسيا وأميركا

وتتوسط روسيا بين أنقرة ودمشق من أجل تطبيع العلاقات التي توقفت بشكل كامل عقب اندلاع الحرب في سوريا في 2011، ويشكل الوجود العسكري التركي في شمال سوريا عقدة أمام التطبيع.

وعبَّرت روسيا مؤخراً عن رؤيتها بشأن المفاوضات، ووصف المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، تركيا بأنها تتصرف على أنها «دولة احتلال» في سوريا، وأنها بذلك تعرقل التقدم في المفاوضات، وأنه لا يمكن عقد لقاء بين إردوغان ونظيره السوري بشار الأسد، أو إجراء مفاوضات على مستوى رفيع، كما كان الحال قبل 18 شهراً، لكن هناك اتصالات بين وزارتي الدفاع في البلدين.

المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف (إعلام تركي)

وجددت تركيا دعوتها الولايات المتحدة لوقف دعمها «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعدّها حليفاً وثيقاً في الحرب على «داعش» في سوريا. وقال إردوغان إنه طلب من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، خلال اتصال معه لتهنئته بالفوز في الانتخابات، وقف دعم الوحدات الكردية، لافتاً إلى أنه إذا قرر سحب القوات الأميركية من سوريا فستتم مناقشة المسألة بينهما عبر «دبلوماسية الهاتف».

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في تصريحات الأسبوع الماضي: «نذكِّر نظراءنا الأميركيين باستمرار بضرورة وقف تعاونهم مع المنظمة الإرهابية في سوريا (وحدات حماية الشعب الكردية)، وزادت الاتصالات بشأن هذه القضية، ونرى أن الجانب الأميركي حريص على مزيد من المفاوضات».

جنود أميركيون مع عناصر من «قسد» شمال شرقي سوريا (أرشيفية)

وقالت مصادر دبلوماسية تركية إن أنقرة تلقَّت رسالة من أميركا مفادها أنه يجب حل مشكلة انسحاب قواتها من سوريا على أساس التعاون، لكن ليست لديها أجندة للانسحاب رسمياً بعد.

وأضافت أن السياسة الأميركية في سوريا نوقشت في واشنطن، وعملية الانسحاب قد تجري بين 2025 و2026.

وعُقد آخر اجتماع تركي - أميركي حول سوريا خلال زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي، جون باس، لأنقرة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث التقى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ونائبه، نوح يلماظ، ومسؤولين آخرين.

في سياق متصل، واصلت تركيا تعزيز قواتها في مناطق سيطرة قواتها في شمال سوريا.

تركيا تواصل تعزيز قواتها في شمال سوريا (إعلام تركي)

إلى ذلك، دخل رتل عسكري تركي عبر معبر «باب السلامة» الحدودي إلى النقطة التركية المتمركزة قرب بلدة كفرجنة في ريف حلب الشمالي ضمن منطقة «غصن الزيتون» في عفرين، ضم 15 مدرعة عسكرية و7 عربات محملة بالمعدات اللوجيستية، إضافةً إلى شاحنات ومعدات ثقيلة وجنود.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن مدنياً أُصيب بجروح نتيجة استهداف القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، المتمركزة في منطقة «درع الفرات»، بالأسلحة الرشاشة وقذائف المدفعية الثقيلة قرية حربل المأهولة بالسكان ضمن مناطق انتشار «قسد» والجيش السوري.