حوار فني بين «شيخ» الخط العربي وتلاميذه في مصر

عبر الدورة التاسعة من «ملتقى القاهرة الدولي»

جانب من الأعمال المعروضة في الملتقى (الشرق الأوسط)
جانب من الأعمال المعروضة في الملتقى (الشرق الأوسط)
TT

حوار فني بين «شيخ» الخط العربي وتلاميذه في مصر

جانب من الأعمال المعروضة في الملتقى (الشرق الأوسط)
جانب من الأعمال المعروضة في الملتقى (الشرق الأوسط)

يُتيح «ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي» لزائره فرصة استكشاف الزخم الجمالي للخطوط العربية، وتراكُم فنونها عبر أجيال مختلفة، تجمعها شدة الشغف بهذا اللون الفني، والتمرّس على إتقان أصوله، وتقنياته المتعددة، وهو ما تُبرِزه عديد من الأعمال التي تُعرض في «قصر الفنون» بالعاصمة المصرية، الذي يستضيف أعمال الدورة التاسعة من الملتقى الدولي حتى الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وزير الثقافة المصري مع قوميسير المعرض والفنان أحمد درويش خلال الافتتاح (الشرق الأوسط)

يختار الملتقى اسم فنان الخط العربي و«شيخ الخطاطين» الراحل محمد حمام لتكريمه في هذه الدورة، كما يقول الفنان محمد بغدادي، قوميسير عام «ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي»، ويبرز عدد من أعمال الفنان محمد حمام، كما تظهر أعمال تلاميذه الذين قام بالتوقيع لهم في نهاية لوحاتهم، في واحدة من تقاليد تعليم الخط التي تدعم الآصرة بين طالب الخط وأستاذه، فنرى توقيع حمام لأحد تلاميذه بقوله: «يسرني أنا الفقير إلى الله الشيخ محمد حمام أن يصل تلميذي إبراهيم بدر إلى هذا المستوى القدير في خط النستعليق الذي أفتخر به»، وخط «النستعليق» يُعرف كذلك بالخط «الفارسي المنسوخ».

فنانة إيطالية تستخدم الحرف العربي في فضاء تشكيلي (الشرق الأوسط)

وتستعير الأعمال المعروضة بشكل خاص ومضات من آيات قرآنية، وأسماء الله الحسنى، وكذلك كلمات من أغنيات وقصائد صوفية شهيرة، كلوحة تستلهم قصيدة الزاهدة رابعة العدوية «أحبك حُبّين: حب الهوى وحبّاً لأنك أهل لذاك» في تكوين زُخرفي، كما تستخدم الفنانة الإيطالية أنتونيلا ليوني الحرف العربي مركزاً فنياً ودلالياً في تكويناتها التشكيلية، كما تظهر فنون تمزج بين جماليات الحرف العربي والحرف الصيني التقليدي، في حالة من التحاور الخطي بين اثنين من أقدم الخطوط وأعرقها في العالم.

الملتقى يستضيفه قصر الفنون في مصر (الشرق الأوسط)

وتشارك في هذه الدورة من الملتقى الذي تنظمه وزارة الثقافة المصرية عديد من الدول، منها: المملكة العربية السعودية، والجزائر، واليمن، ولبنان، وسلطنة عمان، والعراق، وإيطاليا، وإندونيسيا، والصين. ويقول بغدادي في حديثه مع «الشرق الأوسط»، إن دورة هذا العام شهدت أكبر عدد من المتقدمين بأعمالهم من الفنانين في مصر والعالم، حيث «وصل عدد المشاركين في هذه الدورة إلى 160 فناناً من مبدعي الخط العربي، ويشارك في المسابقة الرسمية للملتقى 80 متسابقاً مصرياً، و31 متسابقاً من دول عربية وأجنبية، بالإضافة لعرض أعمال 180 من مدعوين داخل وخارج مصر من فناني الخط» على حد تعبيره.

من أعمال الفنان مسعد خضير (الشرق الأوسط)

وتنقسم الجوائز المرصودة في دورة هذا العام إلى عدة فئات؛ الأولى في الاتجاه الأصيل للخط، والثانية للتميّز في الطباعة الرقمية، والثالثة للاتجاهات الخطيّة الحديثة والتصميمات «الحروفية» التي تستلهم الخط العربي في أعمال تشكيلية، علاوةً على رصد جائزة التميز في الزخرفة، وجائزة باسم فنان الخط العربي الشهير خضير البورسعيدي.

لوحة تستلهم قصيدة «وُلد الهدى» (الشرق الأوسط)

وتتراوح الخطوط العربية في الملتقى بين تنويعات الخطوط الأصيلة ما بين خط النسخ، وخط الثُّلث الجلي، والخط الديواني، والديواني الجلي، والخط الفارسي، والكوفي، ويرى قوميسير المعرض أن «الخط العربي التقليدي المكتوب باليد، لا يزال له رونقه وجمهوره الذي يبحث عنه ويُقدره، ولكن لا يمكن إغفال التطورات التكنولوجية من حولنا، سواء برامج الذكاء الاصطناعي أو البرامج مسبقة التجهيز، وهو محور رئيسي يستعرضه عدد كبير من باحثي العالم العربي خلال المؤتمر العلمي الذي يُعقد على هامش الملتقى».

الملتقى يستعرض رحلة الخط العربي وفنونه (الشرق الأوسط)

ويضيف محمد بغدادي أن «المخضرمين في مجال الخط العربي يستطيعون تمييز الخط الأصيل من غيره، خصوصاً أنه على الرغم من أن قواعد الخط راسخة فإن كل فنان له أسلوبه الخاص الذي يمكن تمييزه عن غيره، ومن الطبيعي أن يتأثر الخط بطبيعة العصر التكنولوجية، والبحث في وسائل الاستفادة منها بما لا يسيء لتكوينات الخط وتشريحه وطابعه الجمالي، ولا يعرّضه للتشويه».

وقد ضمّت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021، الخط العربي إلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.


مقالات ذات صلة

محكمة فرنسية تلغي حظراً على مشاركة شركات إسرائيلية في معرض للأسلحة

أوروبا إيمانويل ماكرون يزور جناحاً في معرض «يورونافال» للدفاع البحري في لو بورجيه بالقرب من باريس 23 أكتوبر 2018 (رويترز)

محكمة فرنسية تلغي حظراً على مشاركة شركات إسرائيلية في معرض للأسلحة

قال منظمو معرض «يورونافال للأسلحة البحرية»، إن محكمة فرنسية ألغت حظراً حكومياً على مشاركة شركات إسرائيلية في المعرض المقرر عقده الأسبوع المقبل قرب باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق جزء تفاعلي من «فن تناول الطعام: ثقافة الطعام في العالم الإسلامي» في معهد ديترويت للفنون (نيويورك تايمز)

متحف ديترويت يركّز على تجربة تناول الطعام الإسلامية

يحاول معرض يستضيفه «معهد ديترويت للفنون» التواصل مع المجتمع العربي الأميركي الكبير والحيوي في المنطقة، عبر معروضات عن الطعام.

ميشيلين ماينارد (نيويورك)
يوميات الشرق إمرأة في حالة الطيران (الشرق الأوسط)

«قصائد مرئية»... معرض قاهري لنساء في حالة الطيران

رسمت الفنانة عدداً من البروفات للوحات النساء الطائرات؛ لتلغي الخلفيات، وترسّخ لحالة الحرية عبر الانطلاق في الفراغ، وجاءت هذه البروفات «اسكتشات» ضمن المعروضات.

محمد الكفراوي (القاهرة )
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الخط العربي حاضر (من المعرض)

حين تتفاهم الحضارات بلغة الألوان والفنون

يقدم المعرض مروحة واسعة مفتوحة على عدد من الثقافات والحضارات. إنها مقتنيات تعكس مهارة الإنسان المبدع وروعة المخيلة البشرية والنفوذ الكوني للفن على مرّ القرون.

«الشرق الأوسط» (باريس)

منحوتة اليد العملاقة «المكروهة» تغادر نيوزيلندا إلى أستراليا

أثار الجدل وترك الأثر (أ.ب)
أثار الجدل وترك الأثر (أ.ب)
TT

منحوتة اليد العملاقة «المكروهة» تغادر نيوزيلندا إلى أستراليا

أثار الجدل وترك الأثر (أ.ب)
أثار الجدل وترك الأثر (أ.ب)

يودّع تمثال ضخم يُمثّل يداً تحمل وجهاً مُعارضاً، تصدَّر بشكل مشؤوم ساحة ويلينغتون النيوزيلندية لـ5 سنوات، المدينة نهائياً، باعثاً على الارتياح لدى عمدة العاصمة، وعلى الأسى لدى الذين أحبّوه. هذا العمل، المُسمَّى «كواسي»، يعود إلى الفنان النيوزيلندي روني فان هاوت المقيم في ملبورن، الذي صنع «الصورة الذاتية الجزئية» لنصبها في مسقطه بمدينة كريستشيرش بعد زلزال 2011 المدمِّر. وذكرت «الغارديان» أنّ المنحوتة المصنوعة من «البوليسترين» و«الراتنج» هي أيضاً إشارة إلى «كوازيمودو» من رواية «أحدب نوتردام» لفيكتور هوغو.

في هذا السياق، قالت رئيسة بلدية ويلينغتون، توري هوانو، إنّ «كواسي» أثار كثيراً من الأحاديث والفضول، وترك علامة حقيقية حيث نُصب. وأضافت: «أوضح لنا أيضاً أهمية أن تكون لدينا فنون متنوّعة ومشروعات خلّاقة في مدينتنا. مع ذلك، فإنني أتطلّع إلى رؤيته ينتقل إلى مكان آخر بهدف التغيير».

أما عضوة البرلمان المركزي في ويلينغتون، تاماثا بول، فأكدت أنّ التمثال صدم سكاناً بدايةً، وانزعجوا من تشابهه غير المقصود مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. لكن منذ ذلك الحين، أصبح «أيقونة» للمدينة، وحقّق هدفه بوصفه عملاً فنّياً، وفق بول التي أضافت: «كانت لدى الناس وجهات نظر قوية حوله، وأعتقد أنّ جوهر الفنّ هو الانفتاح على التفسيرات المختلفة للجميع، والحبّ والكراهية التي يكنّها الناس».

المغادرة النهائية (أ.ب)

قضى «كواسي» 3 سنوات على رأس معرض «كريستشيرش» للفنون، قبل الانتقال إلى ويلينغتون. ناقد فنّي في المعرض غضب بشدّة لوجوده، وشعر بأنه ملزم بإدراج 10 أسباب لضرورة التخلُّص منه، بما فيها أنّ إصبع الخاتم «تشير بشكل غير لائق وعدواني إلى المشاة والعاملين في المكاتب».

أثار وصوله إلى العاصمة عام 2019، للاستقرار فوق معرض مدينة ويلينغتون، استقطاباً ملحوظاً، فوصفه سكان بأنه «حلم حمى كابوسية» أو «كائن شرير بشع»، واعتقد آخرون أنه سيجذب الناس إلى المعرض.

بدوره، قال فان هوت لـ«أسوشييتد برس»: «للأشياء نهاية. أنا متأكد أنه سيُفتقد، ولكن حتى أكثر الكوابيس رعباً يجب أن تعود إلى حيث آتت، والآن لديكم فقط غيابه لتفكروا فيه».

وإذ يغادر «كواسي»، السبت، بوساطة مروحية إلى مكان لم يُكشف عنه في أستراليا، قالت جوديث كوك من المعرض إنه كان من دواعي الشرف استضافته، فقد «كان له تأثير كبير في ويلينغتون، مما أثار نقاشات قوية حول الفنّ، وسيستمر في إرخاء شخصيته الهائلة أينما ذهب». أما الناس، فأعربوا عبر مواقع التواصل عن فرحتهم أو حزنهم لرحيله الوشيك. فسُرَّ بعضٌ بسماع أنّ التمثال «السخيف» و«المثير للاشمئزاز» سيغادر، وكتب آخر: «سأفتقد رؤية وجهك الجميل، ولكن المثير للجدل».