طهران تتبنّى موقفاً «هادئاً» بعد ضربات إسرائيلية «دقيقة»

مقتل 4 من الدفاعات الجوية في الجيش الإيراني... والسلطات نفت تضرّر قواعد «الحرس الثوري»

TT

طهران تتبنّى موقفاً «هادئاً» بعد ضربات إسرائيلية «دقيقة»

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي من مقاتلة شاركت في ضرب إيران قبل لحظات من إقلاعها (أ.ف.ب)
صورة نشرها الجيش الإسرائيلي من مقاتلة شاركت في ضرب إيران قبل لحظات من إقلاعها (أ.ف.ب)

في ضربة متوقَّعة قصفت إسرائيل مواقع عسكرية إيرانية في وقت مبكر، السبت، لكن طهران قلَّلَت من الهجوم الذي لم يستهدف مواقعها النفطية والنووية، وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان اتَّسَم بالهدوء، إنها تحتفظ بحق الرد، وذلك في أحدث تطوّر للصراع المتصاعد بين الخصمَين المسلحَين.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، صباح السبت، أنّه شنّ ضربات «دقيقة وموجّهة» على مواقع تصنيع صواريخ وقدرات جوية أخرى في إيران، رداً على الهجوم الذي شنّته طهران على إسرائيل مطلع الشهر الحالي، مهدّداً طهران بجعلها تدفع «ثمناً باهظاً» في حال قرّرت الرد.

وقالت طهران إن دفاعاتها الجوية نجحت في صد الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عسكرية في طهران، ومحافظتَي خوزستان (الأحواز) وإيلام في غرب البلاد، متحدثةً عن «أضرار محدودة» في بعض المواقع.

وأعلن الجيش الإيراني مقتل 4 من جنود الدفاعات الجوية في الضربات، دون تحديد موقعهم المستهدف، وتزايدت المخاوف من التصعيد منذ مطلع الشهر الحالي عندما أطلقت إيران نحو 200 صاروخ باليستي على إسرائيل، مما أودى بحياة شخص في الضفة الغربية المحتلة، رداً على تحركات سابقة من إسرائيل.

وتفاقم التوتر أيضاً في ظل الصراع المحتدم في لبنان، حيث تشنّ إسرائيل حملة مكثّفة على جماعة «حزب الله»، وهي حليف إيران الرئيسي في المنطقة؛ لمنع الجماعة من إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل. وتطالب الولايات المتحدة ودول أخرى بإنهاء دائرة المواجهة، وقال مسؤول أميركي كبير: «يجب أن يكون هذا (الهجوم) هو نهاية الأمر».

طهران تدين الهجوم

ودانت وزارة الخارجية الإيرانية الهجمات الإسرائيلية على مواقع عسكرية في إيران، وذلك في بيان اتَّسَم بلهجة أخفّ حدةً من البيانات الصادرة في موجات سابقة من التصعيد.

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن لطهران «الحق في الدفاع عن نفسها ومُلزَمة به»، لكنها أضافت أنها «تدرك مسؤولياتها تجاه السلام والأمن بالمنطقة». غير أن وزير الخارجية عباس عراقجي قال إن إيران لا حدود لها عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالحها وسلامة أراضيها وشعبها.

وبدوره، قال القيادي في «الحرس الثوري»، محسن رضائي، إن «اعتداء الكيان الصهيوني على إيران أكثر من كونه عرضاً للقوة، يعكس خوف وهروب الكيان»، حسبما أورد التلفزيون الرسمي.

وصرّح المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، النائب إبراهيم عزيزي بأن «العدو الصهيوني يشبه عملات معدنية، تُصدِر ضجيجاً لكن لا قيمة ولا تأثير لها، إسرائيل أضعف من أن تُلحق ضرراً بإيران».

وقال النائب محمد مولوي، ممثل مدينة عبادان، إن «الكيان الصهيوني كان متوهماً أنه يشنّ هجوماً على بعض النقاط في البلاد، لكنه أظهر أن قوته العسكرية سراب»، وأضاف: «دون شك الرد الإيراني سيكون بالوقت المناسب، غير انفعالي، مفاجئ، غير متوقَّع، ومصحوب بالعقلانية».

وقال مسؤولان إقليميان مُطَّلِعان على معلومات من إيران لـ«رويترز»، إن عدة اجتماعات رفيعة المستوى عُقِدت في طهران لتحديد نطاق الرد الإيراني. وذكر مسؤول أن الأضرار «قليلة للغاية»، وأن عدة قواعد لـ«الحرس الثوري» داخل طهران وفي محيطها استُهدِفت أيضاً.

تضارُب الساعات الأولى

بعد أقل من ساعة من الهجوم، أكّدت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، تعرّض قواعد عسكرية عدة في غرب وجنوب غربي طهران لهجمات إسرائيلية، لكن وكالة «تسنيم» المملوكة أيضاً لـ«الحرس الثوري» قالت إنه «حتى هذه اللحظة، لم يتم تسجيل أي إصابة صاروخية، أو ضربة لمراكز الحرس في غرب وجنوب غربي طهران».

وأضافت «تسنيم» أن الأصوات التي سُمِعت تشير إلى تدخل الدفاع الجوي للجيش في 3 نقاط حول طهران، في إطار التصدي للأعمال العسكرية الإسرائيلية. وأشار إلى أنه «لا توجد تقارير عن وقوع حرائق أو انفجارات في مصفاة طهران» للنفط جنوب العاصمة.

كما أشارت وسائل إعلام إيرانية إلى وقوع انفجارات عدة في جنوب شرقي وجنوب غربي طهران، حيث تتمركز قواعد صاروخية لـ«الحرس الثوري»، ودفاعات جوية مكلَّفة بحماية العاصمة، بما في ذلك قاعدة «قديري» في ضواحي بلدة «قدس» غرب العاصمة طهران.

وقال الجيش الإسرائيلي إن عشرات الطائرات انتهت قبل فجر السبت من شنّ 3 موجات من الضربات على منشآت لتصنيع الصواريخ، ومواقع أخرى قرب طهران وفي غرب إيران، وحذّر طهران من الرد.

لكن وكالة «مهر» الحكومية، أفادت عن مصدر مطّلع بأن التقارير التي تزعم مشاركة 100 طائرة عسكرية إسرائيلية في الهجوم غير صحيحة، مشيراً إلى أن «الكيان الصهيوني يسعى لتضخيم حجم هجومه الضعيف».

وقال المصدر إن استهداف 20 موقعاً داخل إيران «مزاعم غير واقعية»، وأن «العدد الفعلي للأهداف أقل بكثير»، وأوضح أن الهجوم نُفّذ من خارج الحدود الإيرانية، وأسفر عن أضرار محدودة، نافياً أيضاً تعرّض أي مركز عسكري لـ«الحرس الثوري» للاستهداف، واصفاً التقارير بـ«الكاذبة».

أعمدة دخان تتصاعد في منطقة بجنوب طهران بعد هجمات إسرائيلية فجر السبت (شبكات التواصل)

وفي الساعات الأولى، نفت السلطات الإيرانية وقوع انفجارات في شيراز. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى سماع دويّ انفجارات في مدن أصفهان ومشهد ومحافظة كردستان، ولم تُعرَف طبيعة الأصوات.

وأشارت بعض التقارير غير الرسمية إلى تضرّر في منظومة «إس 300» المكلّفة بحماية العاصمة، وكذلك منشأة «فوردو» النووية، كما وردت معلومات عن تضرّر منظومة «إس 200» في بلدة «قدس».

وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن دويّ انفجارات قوية سُمع في محيط العاصمة طهران. وقالت وسائل إعلام إيرانية شبه رسمية إن دويّ انفجارات سُمع أيضاً في مدينة كرج المجاورة.

وفي مشاهد غير مسبوقة، أظهرت مقاطع مصوّرة بثّتها وسائل إعلام إيرانية الدفاعات الجوية وهي تُطلق النار باستمرار على ما يبدو أنها صواريخ قادمة في وسط طهران، دون ذكر المواقع التي تعرّضت لهجمات. وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته قصفت منشآت لتصنيع الصواريخ وصواريخ سطح - جو، وأنها عادت بأمان.

وتابع: «إذا اقترف النظام الإيراني خطأَ بدْءِ جولة جديدة من التصعيد، فسوف نكون ملزَمين بالرد». وذكر مسؤول أميركي لـ«رويترز» أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة قُبَيل شنّ الضربات على إيران، لكن واشنطن لم تشارك في العملية. وبثّت مواقع إخبارية إيرانية لقطات لمسافرين في مطار مهرآباد بطهران، فيما يهدف على ما يبدو إلى إظهار أن الضربات لم تؤدّ إلى أضرار تُذكَر.

وأعلن الجيش الإيراني بعد ساعات من الهجوم مقتل ضابطين في دفاعاته الجوية، قبل أن يرتفع العدد إلى 4، وجاء في البيان الأول: «فقد الجيش الإيراني خلال الليل اثنين من جنوده في أثناء التصدي للقذائف التي أطلقها النظام الصهيوني المجرم، وذلك في إطار الدفاع عن السيادة، وأمن إيران، وحماية الشعب والمصالح الوطنية»، وبعد ساعات أعلنت مواقع إيرانية ارتفاع عدد القتلى الإيرانيين إلى 4 ضباط، مشيرةً إلى مقتل سجاد منصوري ومهدي نقوي. وكشفت عن هوية القتلى ونشرت صورهم.

وأفادت صحيفة «همشهري»، التابعة لمجلس بلدية طهران، أن الرائد حمزة جهانديده قُتل في الهجمات التي شنّتها إسرائيل صباح السبت في ميناء معشور (ماهشهر بالفارسية).

وقالت مصادر مطّلعة أن مواقع صاروخية لـ«الحرس الثوري»، بمحافظتَي طهران وخوزستان (الأحواز) تعرّضت لضربات «مدمرة»، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا.

وحسب المصادر، فإن الضربات طالت مقراً للدفاعات الجوية، بالقرب من مصفاة معشور للبتروكيمياويات في جنوب المحافظة، وشملت الضربات موقعاً بالقرب من مطار عبادان، ونشرت وسائل إعلام إيرانية فيديوهات في الساعات الأولى لنفي وقوع تفجيرات في المنشآت النفطية بالمدينتين.

وأشارت المصادر إلى ضربات طالت قاعدة جوية تابعة للجيش في مدينة دزفول شمال المحافظة، وكذلك قاعدة «عاصي زاده»، مقر الوحدة الصاروخية التابعة لـ«الحرس الثوري» في مدينة الأحواز.


مقالات ذات صلة

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.