سيناريوهات «الانتقام» الإسرائيلي وخطة خامنئي للرد

تل أبيب حدّدت «قواعد صاروخية»... وطهران متأهبة بـ«الدرجة القصوى»

أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال عرض جنوب طهران (أ.ب)
أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال عرض جنوب طهران (أ.ب)
TT

سيناريوهات «الانتقام» الإسرائيلي وخطة خامنئي للرد

أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال عرض جنوب طهران (أ.ب)
أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال عرض جنوب طهران (أ.ب)

رجح تقريران غربيان، الجمعة، جملةَ أهداف ستضربها إسرائيل في إيران، وخطة المرشد علي خامنئي للرد عليها، التي قد تشمل إطلاق 1000 صاروخ باليستي، وتحريك فصائل موالية لطهران للقيام بعمليات مضادة.

وخلص تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» إلى أن تل أبيب قد تختار مواقع صاروخية غرب إيران لقربها من إسرائيل، في حين قالت «نيويورك تايمز» إن «الحرس الثوري» الإيراني «متأهب بالدرجة القصوى».

ومع مرور الوقت، تزداد المخاطر من احتمالية انفلات مواجهة كبرى بين إسرائيل وإيران، بعد تقارير عن فشل وساطات فعلتها طهران، ومحاولات أميركية، لثني إسرائيل عن الرد، أو تأجليه ما بعد الانتخابات الأميركية.

وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع من إطلاق إيران وابلاً من الصواريخ على إسرائيل، بعضها اخترق أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وسقط أحدها بالقرب من مقر لـ«الموساد»، تترقب إيران اليوم انتقاماً إسرائيلياً.

ومساء الجمعة، أرسلت الولايات المتحدة مقاتلات «F-16» إلى قاعدة بالشرق الأوسط، تحسباً لرد إيراني محتمل على الهجوم الإسرائيلي المرتقب.

وقالت القيادة المركزية الأميركية «سنتكوم»، على حسابها في «إكس»، إن «طائرات (F-16) تابعة للقوات الجوية الأميركية من السرب المقاتل رقم 480 المتمركز في قاعدة (سبانغداهليم) الجوية في ألمانيا وصلت إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية».

أنظمة صواريخ «سجيل» خلال عرض لـ«الحرس الثوري» (أ.ب)

أهداف عسكرية وازنة

وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن أن إسرائيل تخطط لضرب أهداف عسكرية إيرانية، وليس البنية التحتية للنفط أو المنشآت النووية.

وحثّ بايدن إسرائيل على عدم استهداف المنشآت النووية الإيرانية، وتثبيط الهجمات على البنية التحتية للنفط، خشية ارتفاع أسعار الغاز قبل الانتخابات الأميركية.

لكن إسرائيل قالت إن «مصلحتها الوطنية»، وليس مصلحة الولايات المتحدة، ستقرر الأهداف. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن الانتقام الإسرائيلي سيكون «دقيقاً ومؤلماً ومفاجئاً».

وحسب المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي في إدارة جورج دبليو بوش، مايكل ألين، فإن إسرائيل قد تميل إلى ضرب أهداف عسكرية وازنة بدلاً من الأهداف النفطية أو النووية، ليس فقط بسبب مطالبات بايدن، لكن لأنها تريد إعاقة إيران عن القيام بهجمات صاروخية مستقبلاً.

وقال ألين: «إسرائيل لن تضيع رصاصة واحدة. وستكون أهدافها مقصودة للغاية». لذلك، فإن «استهداف مواقع الإطلاق الإيرانية سيكون الخيار الأكثر منطقية لإسرائيل إذا كانت تريد إضعاف قدرات إيران على الرد».

وفقاً لـ«مبادرة التهديد النووي»، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن، فإن إيران تمتلك عدداً قليلاً من مواقع الإطلاق، بما في ذلك قواعد صواريخ «تبريز» و«كرمنشاه»، و«الإمام علي» في الغرب، تعد جميعها صوامع صواريخ إيرانية، لأنها الأقرب إلى إسرائيل، إلى جانب القاعدة البحرية جنوباً، في بندر عباس.

ونقلت الصحيفة عن الباحث الذي يدرس برامج الأسلحة الإيرانية في «مشروع ويسكونسن» للسيطرة على الأسلحة النووية، جون كرزيزانياك، أن إيران لديها أيضاً منصات إطلاق متحركة أكثر مما كان يُعتقد سابقاً.

لكن الوقائع الميدانية في إيران تشير إلى أن صواريخها بعيدة المدى، مثل «شهاب 3» الذي يبلغ مداه 2000 كيلومتر، من الصعب إطلاقها من منصة متحركة.

وأسهبت الصحيفة الأميركية في احتمالات استهداف المنشآت النفطية والنووية في إيران، لكنها خلصت إلى أن نتيجة هذا ستكون «عبئاً ثقيلاً على إسرائيل والعالم».

صاروخ اعتراضي خلال انطلاقه من قاذفة «مقلاع داود» (الجيش الإسرائيلي)

سيناريوهات الرد الإيراني

بدورها، حاولت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية رسم تصورات عن رد الفعل الإيراني. ونقلت عن أربعة مسؤولين إيرانيين أن المرشد علي خامنئي أمر الجيش الإيراني بوضع خطط عسكرية متعددة للرد على أي هجوم إسرائيلي. وقالوا إن نطاق أي رد إيراني سيعتمد إلى حد كبير على شدة الهجمات الإسرائيلية.

وسبق لـ«الشرق الأوسط» أن كشفت عن «رسالة إيرانية» نُقلت عبر قنوات أوروبية إلى إسرائيل، بأنها «ستتغاضى عن الرد لو كان الهجوم الإسرائيلي محدوداً»، وأكدت أنها «ستضطر إلى الرد بقسوة لو كان مؤذياً».

وقال المسؤولون الإيرانيون لـ«نيويورك تايمز» إن خامنئي أصدر توجيهات بأن الرد سيكون مؤكداً إذا ضربت إسرائيل البنية التحتية للنفط والطاقة أو المنشآت النووية، أو إذا اغتالت مسؤولين كباراً.

وقال المسؤولون، بمن في ذلك عضوان من «الحرس الثوري»، إنه إذا ألحقت إسرائيل ضرراً كبيراً، فإن الردود قيد النظر تشمل وابلاً يصل إلى 1000 صاروخ باليستي؛ وتصعيد الهجمات من قبل الجماعات المسلحة الموالية لإيران في المنطقة؛ طبقاً لما أوردته «نيويورك تايمز».

تجدر الإشارة إلى أن إطلاق إيران هذا العدد الكبير من الصواريخ بحاجة إلى طواقم عسكرية كبيرة، إذ يحتاج إطلاق صاروخ واحد إلى نحو 20 شخصاً، بعضهم يشغل الرادار لضبط الإحداثيات.

وتؤكد إيران علناً أنها لا تريد الحرب. لكن الضربات العسكرية الانتقامية من إسرائيل من شأنها أن تشكل تحدياً، خصوصاً بعد اغتيال إسرائيل للعديد من قادة «حماس» و«حزب الله».

ونقلت «نيويورك تايمز» عن ناصر إيماني، الذي وصفته الصحيفة بأنه «محلل سياسي مقرب من الحكومة»، أن «التفكير في طهران منصب حول إذا كان الهجوم الإسرائيلي رمزياً ومحدوداً، فيتعيّن التخلي وإنهاء سلسلة الهجمات المتواصلة. لأن إيران ليست راغبةً حقاً في خوض حرب كبرى مع إسرائيل. ولا نرى أي فوائد في تفجر المنطقة».

وقال إيماني إن إيران في هذه المرحلة لا تنظر إلى الحرب مع إسرائيل على أنها تهديد وجودي، لكنها تعتقد أن الصراع المطول سيكون مدمراً وسيعرقل خطط الحكومة الجديدة للتفاوض مع الغرب لرفع العقوبات الأميركية الصارمة.

المرشد الإيراني علي خامنئي مع قادة في «الحرس الثوري» الإيراني في طهران (رويترز)

طهران: نحن مستعدون

في طهران، حاول «الحرس الثوري» التقليل من أهمية التقارير الغربية عن أهداف «الانتقام» الإسرائيلي، وخطة إيران للرد عليه.

وقال نائب قائد «الحرس الثوري» الإيراني، علي فدوي، إن «الأميركيين هم من نشروا تلك الخطط، وإذا كانت هناك مصداقية أو أهداف من وراء التسريبات، فهي من دون شك لا تعنينا».

ونقلت وكالة «إيلنا» شبه الرسمية عن فدوي أن «إسرائيل تقول باستمرار منذ عشرين يوماً إنها تريد التحرك (...) أما نحن الآن، فمستعدون أكثر من أي وقت مضى».

والأسبوع الماضي، قالت إيران إنها التزمت «ضبط النفس» طوال الفترة الماضية أمام التهديدات الإسرائيلية، لكنها «مستعدة، وسترد بقوة إذا ما تعرّضت لهجوم».

وقال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الأربعاء الماضي: «إن إسرائيل إذا أخطأت وقامت بعمل ضد طهران، فسوف تتلقى ردّاً حازماً وغير معقول».

وكذلك، هدّد قادة في «الحرس الثوري» والجيش الإيراني بـ«تدمير البنى التحتية» في إسرائيل.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تستهدف موالين لإيران بسوريا

شؤون إقليمية جانب من دخان القصف على درعا (المرصد السوري لحقوق الانسان)

إسرائيل تستهدف موالين لإيران بسوريا

في هجوم هو الأكثر دموية والعاشر منذ بداية الشهر الحالي داخل الأراضي السورية، قُتل أكثر من 40 شخصاً وجُرح نحو 50 آخرين بغارات إسرائيلية طالت 3 مواقع في مدينة

«الشرق الأوسط» (دمشق - بغداد)
المشرق العربي عناصر ميليشيات في البادية السورية (مواقع التواصل الاجتماعي)

إيران تعزز ميليشياتها في سوريا

في مواجهة التصعيد الإسرائيلي والتهديد بقطع شريان طهران ـ دمشق، تعزز إيران قوة الميليشيات التابعة لها في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الصواريخ الإيرانية تُعرض في متحف القوة الجوية الفضائية لـ«الحرس الثوري» في طهران بإيران الجمعة (رويترز)

إسرائيل تعتبر عقوبات «الأوروبي» على إيران بأنها خطوات ضرورية

رحب وزير الخارجية الإسرائيلي بالعقوبات الجديدة التي أعلن الاتحاد الأوروبي فرضها على طهران ووصفها بأنها «خطوات ضرورية».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية ضابطة فيتنامية تجرب سلاحاً خلال معرض الدفاع الدولي في هانوي (أرشيفية-رويترز)

إيران وإسرائيل تشاركان بمعرض للمعدات العسكرية بفيتنام

قالت وزارة الدفاع الفيتنامية اليوم الثلاثاء، إن شركات من إيران وإسرائيل والصين وروسيا والولايات المتحدة ستعرض معدات عسكرية بمعرض للأسلحة في العاصمة هانوي.

«الشرق الأوسط» (هانوي )
شؤون إقليمية الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ (إ.ب.أ)

رئيس إسرائيل يلغي رحلته لأذربيجان بعد رفض تركيا السماح لطائرته بالعبور

ألغى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ زيارته المخطط لها إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP29» في باكو بأذربيجان؛ لأن تركيا رفضت السماح لطائرته بالمرور.


استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)
صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)
TT

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)
صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

لا تحتاج «الأهداف السرية» للحرب في قطاع غزة إلى تكهنات كثيرة في ظل تصريحات إسرائيلية يطلقها مسؤولون حاليون أو سابقون، وعمليات عسكرية جارية في القطاع، وحملات وخطوات لقادة مستوطنين، وكلها تشير إلى احتلال طويل للقطاع أو أجزاء منه على الأقل، واستئناف الاستيطان هناك.

وعلى الرغم من أن الأهداف المعلنة للحرب ما زالت كما هي: «القضاء على حماس» و«استعادة المحتجزين»، فإن ما يجري في تل أبيب وقطاع غزة نفسه، لا يؤيد ذلك، ويشير إلى أهداف أخرى؛ إذ يمتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن وضع خطة لـ«اليوم التالي» في غزة، وتعمل إسرائيل في غزة على تعميق السيطرة عبر توسيع المحاور، وإنشاء ما يشبه «المواقع العسكرية» الدائمة.

ولم يتردد رئيس الأركان الإسرائيلي السابق غادي أيزنكوت بالقول قبل أيام قليلة فقط إن هناك أهدافاً معلنة للحرب وأخرى سرية. وأضاف الوزير السابق في مجلس الحرب أن نتنياهو يعيش في «ازدواجية دائمة»؛ إذ «يستبعد عودة الاستيطان والحكم العسكري إلى قطاع غزة، ولكن ذلك يحدث فعلياً».

احتلال طويل

ويدرك الأميركيون والفلسطينيون والعرب أن نتنياهو ينوي احتلال قطاع غزة أو جزء منه على الأقل، ليس فقط بسبب الغموض في تعامله مع مستقبل القطاع وما يجري على أرض الواقع، أو تصريحات معارضين له، لكن أيضاً لأن شركاءه في الحكومة كانوا واضحين بشأن خطة احتلال طويل للقطاع، فضحها وزير المالية الإسرائيلية بتسلئيل سموتريتش الأسبوع الماضي، مؤكداً أن الجيش سيحكم قطاع غزة لسنوات.

مستوطنون يحاولون العبور إلى داخل غزة لإقامة بؤرة استيطانية في فبراير 2024 (د.ب.أ)

وجاء ذلك في حين بدأت إسرائيل في بلورة اتفاق مع شركة أمنية أميركية لتولي أمر توزيع المساعدات في القطاع أثناء السيطرة الإسرائيلية، وهو توجه رفضته الرئاسة الفلسطينية عموماً، مشددة على أن مستقبل غزة كله تقرره دولة فلسطين فقط.

ولا يبدو أن إسرائيل تخطط لحكم عسكري فحسب؛ إذ أصبح هذا مكشوفاً إلى حدٍّ ما، لكن أيضاً لاستئناف الاستيطان هناك، وهو أكثر خطوة إثارة للجدل لو حدثت.

وتثير العملية العسكرية الدامية في شمال قطاع غزة القائمة على تهجير الفلسطينيين تحت النار، وعزل جزء من الشمال عن باقي مناطق القطاع المقسمة، المخاوف من أن الجيش يمهد المكان لعودة المستوطنين.

والحملة العسكرية الماضية هناك هي في الحقيقة حملة تستند إلى «خطة الجنرالات» التي تقوم على ضرورة القضاء بشكل كامل على أي وجود لحركة «حماس» في شمال القطاع، من خلال إفراغ سكانه تماماً، وتحويل المنطقة إلى منطقة عسكرية مغلقة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إليها.

«مسح مواقع»

وفي وقت سابق الأسبوع الماضي، في ذروة الهجوم الإسرائيلي المنظم، قام جنود إسرائيليون في غزة بمساعدة ناشطة استيطانية على دخول القطاع لمسح المواقع المحتملة للمستوطنات اليهودية دون الحصول على إذن من قادتهم.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية «كان» إن دانييلا فايس، التي تقود الجهود لإعادة الاستيطان في شمال غزة، قامت بجولة على الجانب الإسرائيلي من السياج الحدودي لغزة، وقد عبرت مع مجموعتها الحدود، من خلال وسائل غير واضحة، وسارت مسافة قصيرة داخل القطاع.

بالقرب من محور «نتساريم» في غزة، قامت فايس بحسب التقرير بالاتصال بجنود تعرفهم، وهم الذين قاموا بإرسال مركبة لاصطحابها وزملائها الناشطين ونقلهم إلى عمق القطاع، إلى الموقع السابق لـ«نتساريم»، وهي مستوطنة يهودية سابقة فككتها إسرائيل خلال فك الارتباط عن غزة في عام 2005.

القيادية الاستيطانية دانيلا فايس في مؤتمر عُقد الشهر الماضي على حدود غزة (وسائل إعلام عبرية)

بعد ذلك، تم إعادة المستوطنين بحسب التقرير إلى حدود غزة، حيث خرجوا منها عبر بوابة غير رسمية لتجنب إيقافهم من قبل قوات الأمن.

ووفقاً لـ«كان»، فإن كبار قادة الجيش الإسرائيلي لم يكونوا على دراية بدخول فايس إلى القطاع. وقالت هيئة البث إن مصادر عسكرية أظهرت تشككاً في حقيقة دخولها إلى غزة.

وأبلغ الجيش الإسرائيلي هيئة البث أن «التفاصيل الجديدة قيد الدراسة».

«المتسللة تعترف»

وقال الجيش الإسرائيلي إن «دخول فايس إلى قطاع غزة غير معروف ولم تتم الموافقة عليه بالطرق المناسبة»، وأضاف: «إذا حدثت الواقعة فإنها غير قانونية ومخالفة للبروتوكول، وسيتم التعامل معها وفقاً لذلك». لكن فايس، رئيسة حركة «نحالا» الاستيطانية، اعترفت بدخولها غزة، وقالت لهيئة البث إنها دخلت غزة باستخدام نفس الطريقة التي تستخدمها في الضفة الغربية.

وتحدثت فايس عن أنها تنوي الاستفادة من الوجود العسكري في غزة لتوطين اليهود هناك تدريجياً. وأكدت أنها تتمسك بـ«الوجود العسكري الإسرائيلي وإنشاء مجتمعات مدنية ستعترف بها الحكومة في النهاية».

وقالت فايس: «كيف سندخل قاعدة عسكرية؟ هناك أفكار إبداعية متعددة: تقوم هنا بنصب خيمة، وإلى جانب الخيمة مبنى، وإلى جانبه مطبخ، وبجانبهم يوجد أطفال، وهكذا».

مستوطنون متطرفون يحاولون العبور إلى داخل قطاع غزة في فبراير لإقامة بؤرة استيطانية (د.ب.أ)

وبحسب فايس، فإن المستوطنين مستعدون لإعادة الاستيطان في غزة في أي وقت. ونقلت هيئة البث عن الناشطة البالغة من العمر 79 عاماً قولها: «لم نعد نستعد للدخول. في اللحظة التي سيكون بإمكاننا فيها الدخول، سندخل». وأضافت: «إذا دخل 300 شخص في وقت واحد، فإن الجيش سيواجه صعوبة في طردهم».

عرّابة الاستيطان

وتحظى فايس بشهرة واسعة؛ إذ ساعدت في تأسيس مستوطنات يهودية في الضفة الغربية بعد وقت قصير من استيلاء إسرائيل عليها في عام 1967، وشغلت منصب رئيسة مجلس «كدوميم»، إحدى أقدم المستوطنات، لأكثر من عقد من الزمان. كما تورطت في أعمال عنف ضد الفلسطينيين، بدعم حكومي رسمي.

والشهر الماضي خلال مؤتمر عُقد حول إعادة الاستيطان في غزة، قالت فايس التي يصفها البعض بأنها «عرّابة الاستيطان» أو «أمّ المستوطنين»، إن «نحالا» أنشأت ست «مجموعات استيطانية» تضم ما مجموعه 700 عائلة «جاهزة الآن» لإنشاء مستوطنات جديدة في غزة، إذا سنحت الفرصة.

طفلان خلال مؤتمر لدعم الاستيطان في غزة الاثنين الماضي (تايمز أوف إسرائيل)

وقالت للمشاركين في المؤتمر الذي عقدته منظمتها على حدود غزة: «أتينا إلى هنا لتوطين قطاع غزة بأكمله، من الشمال إلى الجنوب، وليس جزءاً منه فقط».

وقد نفى نتنياهو مراراً أن تكون إسرائيل تنوي إعادة الاستيطان في القطاع. ومع ذلك، فإن شركاءه في الائتلاف المؤيد للاستيطان، وأعضاء في حزبه «الليكود»، أعربوا عن دعمهم للفكرة.

وفي المؤتمر نفسه، دعا وزراء كبار في الحكومة الإسرائيلية، وأعضاء من حزب «الليكود» الذي يتزعمه نتنياهو، لإعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة.

وكانت إسرائيل تقيم في غزة 21 مستوطنة، فككت جميعها بموجب خطة فك الارتباط عام 2005، والتي أدت كذلك إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.