ليبيا: 4 سنوات مرت على «اتفاق وقف النار» وسط «تكلس سياسي»

خوري تحدثت عن وجود تحديات أمام اللجنة العسكرية «5+5»

ستيفاني خوري في صورة مع أعضاء «مجموعة العمل الأمنية» (البعثة الأممية)
ستيفاني خوري في صورة مع أعضاء «مجموعة العمل الأمنية» (البعثة الأممية)
TT

ليبيا: 4 سنوات مرت على «اتفاق وقف النار» وسط «تكلس سياسي»

ستيفاني خوري في صورة مع أعضاء «مجموعة العمل الأمنية» (البعثة الأممية)
ستيفاني خوري في صورة مع أعضاء «مجموعة العمل الأمنية» (البعثة الأممية)

تحل بعد أيام قليلة ذكرى مرور 4 سنوات على اتفاق «وقف إطلاق النار» في ليبيا، الذي وُقّع في جنيف بين طرفي الحرب آنذاك، فيما لا يزال البلد الغني بالنفط يتخبّط في دروب السياسة الملتوية، ولم يحرز تقدماً باتجاه استقراره.

وكان طرفا الحرب قد وقّعا على «الاتفاق» في 23 من أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وسط ترحيب إقليمي ودولي واسع، على أمل أن يلقي ذلك بظلال إيجابية على المسار السياسي، الذي يعاني تكلساً وانقساماً بين جبهتي غرب ليبيا وشرقها. لكن على الرغم من مرور 4 سنوات على الاتفاق، يؤكد متابعون للشأن الليبي «اتساع الفجوة بين الأطراف المتنازعة سياسياً وعسكرياً، بعد تقارب سابق كاد أن يضع حداً للانقسام المؤسسي».

ستيفاني خوري تلقي كلمتها خلال اجتماع «مجموعة العمل الأمنية» (البعثة الأممية)

ويرى العديد من الليبيين وجود تسارع من طرف جبهة شرق ليبيا للتوسع جنوباً عسكرياً وسياسياً، على حساب جبهة طرابلس، التي تتمحور حول نفسها بمناطق غرب البلاد، في ظل عدم تنفيذ اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» كامل بنود تنفيذ الاتفاق المبرم.

وبهذا الخصوص، رأت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، أن عدم إحراز تقدم في العملية السياسية «يعدّ من أبرز التحديات التي تحول دون التنفيذ الكامل لولاية اللجنة العسكرية»، لكنها أشادت في ختام اجتماع «مجموعة العمل الأمنية» المنبثقة عن مسار برلين، مساء الخميس، بـ«الإنجازات التي حققتها (5+5)».

السفير البريطاني لدى ليبيا خلال مشاركته في اجتماع مجموعة العمل الأمنية (صفحة الفريق أول خيري التميمي)

ومن بين ما جرى الاتفاق عليه بين طرفي اللجنة العسكرية قبل 4 أعوام «الوقف الفوري لإطلاق النار، الذي يسري من لحظة توقيع هذا الاتفاق؛ وإخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة، بإعادتها إلى معسكراتها بالتزامن مع خروج جميع (المرتزقة) والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية»، بالإضافة إلى «تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي».

كما اتفقت اللجنة على «تشكيل قوة عسكرية محدودة العدد من العسكريين النظاميين، تحت غرفة يتم تشكيلها من قبل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، تعمل كقوة تساهم في الحد من الخروقات المتوقع حدوثها، على أن يتم توفير المواد اللازمة لتشغيلها من الأطراف والجهات كافة».

وكانت خوري قد شاركت في رئاسة اجتماع «مجموعة العمل الأمنية» ​​مع السفير الفرنسي، الرئيس المشارك الرئيسي لهذه الجلسة، مصطفى مهراج، إلى جانب أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» والرؤساء المشاركين الآخرين.

اللواء أحمد أبو شحمة ممثل غرب ليبيا في اللجنة العسكرية المشتركة (البعثة الأممية)

وعقب انتهاء الاجتماع، الذي احتضنته مدينة سرت (وسط ليبيا) للمرة الأولى، قالت خوري: «اليوم، وعشية حلول الذكرى الرابعة لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020، كان لي شرف المشاركة في رئاسة اجتماع مجموعة العمل؛ وأنا أشعر بالامتنان لحفاوة الترحيب من قبل اللجنة «5+5»، والوجهاء المحليين، والمجتمع المدني والقادة العسكريين في سرت».

وأوضحت خوري أنها أكدت على «أهمية سيادة ليبيا وسلامة أراضيها، والدور الحاسم الذي تضطلع به اللجنة العسكرية المشتركة في الحفاظ على السلام والاستقرار في ليبيا، وتعزيز البيئة المواتية لإحياء عملية سياسية، تفضي إلى إجراء الانتخابات». مشددةً على «الحاجة الملحّة لإنهاء الانسداد السياسي لتوحيد مؤسسات الدولة؛ وفي مقدمتها المؤسستان العسكرية والأمنية، وتمكين اللجنة العسكرية المشتركة من التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار كافة».

كما جددت خوري «التزام بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إلى جانب شركائها في (مجموعة العمل الأمنية)، بدعم اللجنة العسكرية المشتركة في تنفيذ مهامها الحاسمة».

الفريق أول خيري التميمي العضو باللجنة العسكرية عن شرق ليبيا (البعثة الأممية)

وتعاني العملية السياسية في ليبيا حالة جمود وتكلس؛ بسبب تمسك الأطراف المتنازعة بمواقفها الرافضة لتقديم تنازلات، وسط تحذير خوري أمام أعضاء مجلس الأمن قبل أيام من أن استمرار الإجراءات الأحادية الجانب، «لن يؤدي إلا إلى تقويض سيادة ليبيا، وإغراق البلاد في مزيد من الأزمات، وتشتيت الانتباه عن المهمة المطروحة». ورأت أن هذه المهمة هي «تمهيد السبيل إلى حل سياسي شامل؛ يعالج قضايا رئيسية، مثل الانقسام الحالي داخل مؤسسات الدولة، والحاجة إلى حكومة موحّدة، واستعادة الشرعية الديمقراطية عن طريق الانتخابات».

في المقابل، تغاضت خوري عن أي انتقادات ليبية للتباطؤ في مسار الحل السياسي، وأشارت بأصابع الاتهام إلى أن «استمرار الانقسام داخل المجلس الأعلى للدولة يشكّل قضية أخرى تزعزع الاستقرار في ليبيا؛ وهذا الشلل يؤدي إلى تآكل وحدة هذه المؤسسة المهمّة».

ويذهب ليبيون كثيرون إلى أن انقسام «المجلس الأعلى» إلى مجموعتين: إحداهما تؤيد خالد المشري، رئيسه الحالي، والثانية موالية لمحمد تكالة الرئيس السابق، سيؤدي إلى «موته»، ويؤثر بالتبعية على العملية السياسية المتكلسة.

ومع ذلك لم يفقد الليبيون الأمل في حلحلة أزمتهم، لا سيما بعدما تحدثت خوري عن «اعتزامها البناء على الإنجازات الإيجابية الأخيرة، والدفع بالعملية السياسية الشاملة في الأسابيع المقبلة، بهدف كسر الجمود السياسي، ومعالجة أسباب الصراع طويلة الأمد، والمضي قدماً نحو الانتخابات الوطنية».


مقالات ذات صلة

ليبيا: عودة المطالب بتعيين مبعوث أممي جديد خلفاً لباتيلي

شمال افريقيا خوري والأمين العام بمقر الأمم المتحدة في نيويورك 8 أكتوبر الحالي (البعثة الأممية)

ليبيا: عودة المطالب بتعيين مبعوث أممي جديد خلفاً لباتيلي

عادت الأصوات الليبية المطالبة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بتسمية مبعوث جديد له في البلاد خلفاً للمبعوث السابق عبد الله باتيلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع «مجموعة العمل الأمنية الدولية» في سرت (البعثة الأممية)

«مجموعة العمل الدولية» تدعو الليبيين لـ«تسوية سياسية»

وسط غياب الحل السياسي في ليبيا، وسعي أممي لإيجاد توافق بين الأطراف المتنازعة، عقدت «مجموعة العمل الأمنية الدولية» المعنية بليبيا اجتماعها في سرت للمرة الأولى.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من ترحيل مهاجرين ينتمون إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا)

ليبيا ترحّل 165 نيجيرياً إلى بلدهم... وتتأهب للمزيد

أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا أنه رحّل 165 مهاجراً نيجيرياً عن طريق مطار بنينا الدولي في بنغازي إلى بلدانهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي بطرابلس مع مسؤولين عسكريين (المجلس الرئاسي)

«الرئاسي» الليبي يبحث توحيد المؤسسة العسكرية

محمد المنفي يبحث توحيد المؤسسة العسكرية مع أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5)

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا خوري أمام مجلس الأمن الدولي (البعثة الأممية)

كيف يرى الليبيون مقترح خوري دمج حكومتي الدبيبة وحماد؟

اعتبر سياسيون ليبيون عودة الحديث عن دمج الحكومتين «إهداراً للوقت»، مشيرين إلى «وجود خلل في ترتيب الأولويات لدى البعثة الأممية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

وزير الخارجية المصري: القاهرة لديها الحق الكامل في الدفاع عن حقوقها المائية

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

وزير الخارجية المصري: القاهرة لديها الحق الكامل في الدفاع عن حقوقها المائية

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

قال وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، إن بلاده ترفض أي مساس بحصتها السنوية من مياه النيل، مضيفاً أن «مصر لديها الحق الكامل في الدفاع عن حقوقها المائية، ولن نقبل بأي ضرر لديها».

وأضاف عبد العاطي في حوار بثته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، مساء الجمعة، أن «مصر ليست ضد حق دول حوض النيل في التنمية، بعكس السردية الكاذبة التي تتبناها إحدى الدول»، لافتاً إلى أن «بلاده ليس لديها أي مشكلة مع دول حوض النيل باستثناء إثيوبيا»، موضحاً دعم «بلاده للتنمية والمشروعات المائية ما دامت توافقية، ولا تتسبب في ضرر لدولتي المصب (مصر والسودان)».

وأقامت إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيسي لإنتاج الكهرباء، وسط اعتراضات من دولتي المصب (مصر والسودان)، وفشلت آخر جولة مفاوضات بين الأطراف الثلاثة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وبينما تطالب القاهرة والخرطوم بـ«اتفاق قانوني ملزم» ينظم قواعد ملء وتشغيل «السد»، أنهت أديس أبابا الملء الخامس نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

في سياق آخر، أكد الوزير عبد العاطي أن «مصر هي الدولة الوحيدة التي تعمل بكل جدية وإخلاص على وقف الحرب الدائرة في السودان، واستضافت في وقت سابق جميع القوى السياسية السودانية لأول مرة، ولا يمكن لأحد أن يزايد علينا، فأمن مصر من أمن السودان»، مضيفاً أن «أي أكاذيب يزايد بها البعض على الدور المصري في السودان، هي والعدم سواء».

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت نحو 13 مليون سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار، حسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة.

وأشار عبد العاطي إلى أن «مصر لا تتآمر ضد أحد ولا تستهدف أحداً، وهدفها دعم الأشقاء في القارة الأفريقية»، موضحاً أن مصر كان لها دور كبير في حصول الصومال على استقلاله، مشيراً إلى أن «هناك مسؤولية مصرية بفرض إرادة الصومال على كامل أراضيه طبقاً للقانون الدولي».

وبشأن الحرب في غزة ولبنان، أكد وزير الخارجية والهجرة المصري «دعم بلاده استقرار مؤسسات الدولة اللبنانية وجيشها الوطني»، وقال: «نعمل مع كل وزراء الخارجية العرب لخلق موقف عربي داعم لاستقرار لبنان، ونتحرك بشكل ممنهج مع كل القوى اللبنانية بلا استثناء»، كما قال: «لن نسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر والأردن».