أكد وزير الشباب والرياضة اللبناني، الدكتور جورج كلاس، أن الاعتداءات الإسرائيلية على البلاد تركت آثارها المدمرة على المجتمع الرياضي، مشيراً إلى أن الوزارة تتبع خطة استجابة لتلبية الاحتياجات الأساسية للشباب بالتنسيق مع الجمعيات الشبابية والاتحادات الكشفية، بالتوازي مع الالتزام بالخطة التنفيذية لـ«وثيقة السياسة الشبابية» التي أقرّتها الحكومة.
وقال الوزير اللبناني في حوار لـ«الشرق الأوسط»، إن الهم الأساسي للحكومة اليوم هو العمل على وقف الحرب، وترسيخ استقرار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني، وتركيز الثقة بالشباب وتحفيزهم لبناء الجسور بين الجماعات اللبنانية، إضافة إلى دورهم في بناء علاقات ثقة وتكامل بين الشباب العرب.
وأشار إلى أنه رغم الأزمات الأمنية القاتلة وظروف الحرب التدميرية التي يعيشها لبنان، وتنعكس على الواقع الشبابي والرياضي، فإنهم يضعون خطة نهوض ودعم للإبقاء على الدور الحيوي للاتحادات الرياضية والجمعيات الكشفية، التي لها دور محوري في التنمية الاجتماعية وتقوية الروابط بين الشباب.
> برأيك، كيف ترى تأثير الأوضاع الأمنية في لبنان على قطاع الرياضة بشكل عام؟
- الأوضاع الأمنية في لبنان أثّرت على قطاع الرياضة بشكل جذريّ وقاسٍ، فالنشاط الرياضي توقف كلياً، والأندية أغلقت أبوابها في كل المناطق، ومن تركها مفتوحة يقوم بمهام إغاثية للأهل الآتين من الجنوب والبقاع، كما دفعت هذه الأوضاع بأندية الألعاب الجماعية خصوصاً إلى اتخاذ خطوات جذرية تقع تحت بند «القوة القاهرة» قانوناً، فألغت عقود لاعبيها، دون أن ننسى ارتقاء شهداء من لاعبين ومدربين وإداريين.
> ما الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لحماية الرياضيين والمنشآت الرياضية خلال الحرب؟
- كي أكون شفافاً، هذه المسألة بالغة التعقيد، وهي أكبر بكثير من الوزارة، لأن ما يجري ليس أزمة محدودة أو قضية محصورة، إنها حالة حرب حقيقية شرسة مع عدوّ لا قيم لديه، ولا أعراف ولا قوانين، ويتعمّد الإيذاء، وجلّ ما نأمله أن يحمي الله لبنان وأهله.
> هل هناك خطط لاستئناف الأنشطة الرياضية في ظل الظروف الراهنة؟ وما التدابير التي يُجرى اتخاذها لضمان سلامة اللاعبين والجماهير؟
- استئناف الأنشطة الرياضية في ظل الظروف الراهنة أمر مستحيل، فالأمان غير موجود بالكامل، وثلث لبنان على الأقل في دائرة النار المُدمّرة، والباقي مهدد في أي لحظة، وهناك نزوح عارم ترك اللبنانيين في تجمعات بشرية غير متوازنة، ويستحيل على الوزارة أو الاتحادات الرياضية مجرّد طرح المبدأ أو التفكير فيه أو تحمّل أي تبعات ناتجة عنه.
> كيف تتعامل الوزارة مع توقف الأنشطة الكروية والرياضية؟ وهل هناك مبادرات لدعم الأندية واللاعبين المتأثرين؟
- تتعامل الوزارة مع الأنشطة الكروية والرياضية من خلال قرار بإيقافها بالكامل؛ حفاظاً على حياة الناس وأمانها، وحتى قرارها بتجميد انتخابات الاتحادات الرياضية المقررة بعد الألعاب الأولمبية وفق القانون، وتمديد ولايات الهيئات الإدارية.
أما بالنسبة لمبادرات دعم الأندية واللاعبين المتأثرين، فهذه المسائل تتم عبر الهيئة العليا للإغاثة ولجنة الطوارئ الحكومية، كوننا شركاء فيها، وذلك بموجب قرار مجلس الوزراء في هذا الشأن، وهو ما دفعنا إلى وضع منشآت المؤسسة العامة بتصرف اللجنة.
> ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الرياضة في تعزيز الوحدة الوطنية والروح الإيجابية خلال هذه الفترة الصعبة؟
- هذا الدور تمثل بوضوح من خلال احتضان الرياضيين لبعضهم البعض في كل المناطق، واستيعابهم لنزوح زملاء وأصدقاء، وفتح بيوتهم لهم، فالقضية باتت وطنية، والمشاعر واحدة، ولم يعد التنافس الرياضي في الملعب قائماً، بل التوّحد.
ويهمني هنا، أن أتحدث عن الدور الذي تلعبه عدة أندية رياضية، والتي فتحت أبوابها وملاعبها، وقامت بمهام اجتماعية وإغاثية وصحية، وبدّلت من أدوارها.
كما يهمني التركيز بقوة على الدور الهائل في هذا المجال الذي يلعبه الاتحاد اللبناني لبيوت الشباب، وعدد كبير من الجمعيات الكشفية المنتشرة في كل المناطق اللبنانية، وهي كما تعملون اتحاد وجمعيات تابعة للوزارة، ويتم التنسيق معها في كل التفاصيل.
> هل هناك مساعدة أو تعاون دولي لدعم القطاع الرياضي في لبنان خلال هذه الأزمة، وهل طلبتم دعماً مادياً دولياً؟
- للأسف لا يوجد دعم للقطاع الرياضي بشكل مباشر، ولم نتلقَّ أي تواصل في هذا الشأن. هناك دعم تم الحصول عليه من خلال الوزارة لمجمل ملف النزوح، خصوصاً من العراق والصين.
> هل ستخصصون دعماً مادياً للاتحادات الرياضية بهدف استمرار القطاع الرياضي الذي تعتاش منه آلاف العائلات؟
- للأسف الشديد، موازنة الوزارة في الحضيض، وهي غير قادرة منذ عام 2019 -مع انهيار العملة الوطنية- على دعم الحركة الرياضية والشبابية والكشفية باتحاداتها وجمعياتها ومنشآتها، فكيف الآن، ونحن نتحدث عن ملف وطني كبير ومؤلم.
نأمل أن تنتهي هذه الحرب القذرة في أسرع وقت ممكن، كي نقوم بمساعٍ ضرورية لفتح كوّة في جدار الاتصالات مع الدول العربية الشقيقة ودول العالم الصديقة والمنظمات الدولية التي تربطنا معها علاقات واسعة.
> كم نسبة الملاعب والصالات الرياضية التي تأثرت جراء الحرب؟ وما خطط الوزارة لإعادتها للعمل؟
- يستحيل أن تكون لدينا معطيات في ظل النيران المشتعلة، فهناك منشآت وملاعب رياضية متنوعة الاستعمال والألعاب في مختلف مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، ولا يمكن تقويم الوضع ومدى تأثرها إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها، ثم يُبنى على الشيء مقتضاه.
>هل اطمأننتم على أوضاع أسر اللاعبين والعاملين في القطاع الرياضي، الذين أصبح معظمهم نازحين؟ وهل قدمتم أي دعم لهم أو توجد خطة لتقديم دعم مادي لهم؟
- أكرر، الوضع الإغاثي العام يمر عبر الهيئة العليا للإغاثة ولجنة الطوارئ الحكومية، ونحن شركاء فيها، وذلك بموجب قرار مجلس الوزراء في هذا الشأن، ونحن على تواصل مع الاتحادات الرياضية وليس مع الأندية والأسر مباشرة.
> هل هناك شهداء من القطاع الرياضي؟
- نعم بالتأكيد، هناك عدد من الشهداء، مثل محمد نزال، البطل والمدرب في رياضة المواي تاي، الذي ارتقى في بلدة دردغيّا حين قصف العدوّ مركز الدفاع المدني الذي ينتمي إليه، وهناك رئيس نادي الكيوكوشنكاي في ميس الجبل علي المصري، وبالأمس سقط رياضيون حاليون وسابقون في كرة القدم في الغارات المجرمة على مدينة النبطية مثل فضل عواضة حارس المرمى السابق، وآخرون ضحّوا بدمهم في سبيل لبنان.
> ما الحل لاستمرار دفع الرواتب مع توقف الرياضة في البلاد؟
- ما أنا متأكد منه أن الأندية لن تتخلى عن التزاماتها، وإن جمّدت العقود بفعل «القوة القاهرة»، وأكثريتها يقدّم خدمات للاعبيه والعاملين لديه، ويقوم بالتزاماته بالحد الأقصى الممكن، ولم أسمع أن أحداً منهم تخلّى عن دوره وواجباته.
> المشاركات الخارجية توقفت في ظل الحرب، ما دور الوزارة في المساعدة بهذا الشأن كي يبقى تمثيل لبنان موجوداً على الساحة الرياضية العالمية؟
- لنكن واقعيين، كيف يمكن أن نطلب من اتحاد أو نادٍ أن يُشكّل منتخباً أو فريقاً ويسافر به إلى الخارج ويتحمل المسؤولية، ولا أحد يمكن أن يتخيل السيناريوهات المقبلة، هذا غير وارد، لبنان موجود في كل مناسبة، ولكن في الوقت المناسب ووفق الأولويات الوطنية.
> ما الدور الذي لعبته منشآت وزارة الرياضة في إيواء النازحين؟ وماذا قدمت لهم؟ وما هي هذه المنشآت؟
- هذه المنشآت وُضعت بتصرّف لجنة الطوارئ الحكومية، وبموجب ذلك، فمدينة الرئيس «كميل شمعون الرياضية» في بيروت تُستعمل حالياً مكاناً لتخزين المواد الإغاثية وتوضيبها وتوزيعها، والمسبح الأولمبي في ضبية يجري تجهيزه لإيواء النازحين؛ لأنه غير مهيأ، وملعبا «الميناء» و«طرابلس الأولمبي» و«المدينة الكشفية» في سمار جبيل بتصرف اللجنة أيضاً.