لبنان: تزايد على طلب الأدوية المهدئة ونقص في تأمينها

الاستعاضة عنها بالأعشاب والخلطات المنزلية

نقيب أصحاب الصيادلة جو سلّوم (فيسبوك)
نقيب أصحاب الصيادلة جو سلّوم (فيسبوك)
TT

لبنان: تزايد على طلب الأدوية المهدئة ونقص في تأمينها

نقيب أصحاب الصيادلة جو سلّوم (فيسبوك)
نقيب أصحاب الصيادلة جو سلّوم (فيسبوك)

اضطرابات في النوم وحالات قلق وتوتر تصيب غالبية اللبنانيين؛ فالحرب التي يعيشونها ولّدت لديهم مشاعر الإحباط والحزن، وبالتالي زاد طلبهم على الأدوية المهدئة. يتحدّث نقيب الصيادلة في لبنان، جو سلّوم، لـ«الشرق الأوسط» عن نسبة تهافت مرتفعة على طلب هذا النوع من الأدوية. ويضيف: «نحن بالفعل نلحظ ذلك، في ظل الحرب والاضطرابات، ولكن في المقابل ربما لا زيادات في استهلاكها».

ويعلّل سلوم ذلك بصعوبة الحصول عليها إلّا بوصفة طبية موحّدة يقدمها الشخص للصيدلي، ومن دونها لا يستطيع صاحب الصيدلية أن يبيعه إياها. بالتالي تلك الوصفات كان يحصل عليها من طبيبه الخاص. وفي ظل النزوح الذي نشهده اليوم، أضاعَ اللبناني إيقاع حياته اليومي، وهو ما أفقده أيضاً التواصل مع طبيبه ليحصل على الوصفة. ويتابع: «عدم توفّر الوصفة الموحّدة أدّى إلى نسبة تسليم أدوية مهدئة أقل. كما أننا، نحن الصيادلة، لا ننصح بتعاطيها لما تملكه من انعكاسات سلبية كثيرة على صحتنا عامة».

لا ينصح جو سلوم بتناول الأدوية المهدئة (فيسبوك)

نسبة النزوح من المناطق المعرّضة للقصف حشدت الناس في مساحات ضيقة. وهذا الأمر تسبب بإصابة أعداد كبيرة منهم بعوارض القلق والتوتر، فتبدّلت حياتهم بعد أن انقلبت رأساً على عقب. وحاجتهم لتناول الدواء المهدئ دفعتهم للتحوّل إلى خلطات أعشاب ونباتات تسهم في تخليصهم من هذه العوارض.

ويقول ماجد، وهو بائع في أحد محلات الأعشاب ببيروت: «زاد الطلب بشكل كبير على نباتات معينة تسهم في الاسترخاء وتساعد على النوم. فكما البابونج والبنفسج هناك خلطة تتألف من بلسم الليمون والنعناع تشهد إقبالا كبيراً عليها. وهي كناية عن أوراق زهور مجفّفة يمكن تناولها بانتظام بعد غليها، فتساعد على النوم والاسترخاء».

كارول التي تعمل في مجال بيع أدوات التجميل في مجمّع تجاري معروف لديها خلطتها الخاصة: «كنت مدمنة على تناول أدوية مهدئة، ولكنني اكتشفت ما يوازيها فعالية؛ فجدتي نصحتني بغلي أوراق شجر الغار، وها أنا أتناول كوباً منه مساء كل يوم قبل أن آوي إلى النوم. وبالفعل وجدت فيها الدواء الشافي للتخلص من ليالٍ طويلة أعاني فيها من الأرق».

ومن ناحية ثانية، يتحدث نقيب أصحاب الصيادلة عن مشكلة أخرى بات اليوم الجسم الصيدلاني يعاني منها، تتمثل بتراجع عدد الصيادلة في المناطق اللبنانية. ويوضح في سياق حديثه: «هناك عشرات من الصيدليات التي اختفت عن الخريطة، وغالبيتها تقع في الجنوب والبقاع، وكذلك في بيروت. وفي يوم واحد علمنا بخسارة 5 صيدليات دفعة واحدة في منطقة النبطية. وذلك بسبب القصف الصاروخي والدمار الذي أصاب تلك المنطقة الجنوبية. وهناك أمثلة أخرى مشابهة عن خسارتنا لصيدليات في مناطق البقاع. ويجب ألا ننسى تلك التي إما أغلقت أبوابها تماماً في الضاحية الجنوبية أو دُمّرت بكاملها».

قد يساعد البابونج في التخلص من الأرق (فيسبوك)

ويشير النقيب سلّوم إلى أنه لا مشكلة أدوية تلوح في الأجواء اليوم، موضحاً: «تصل نسبة الأدوية المتوفرة لمدة 4 أشهر مقبلة، إلى نحو 80 في المائة. ولكننا نعاني في الوقت نفسه من عدم تسليم الصيدليات كميات من الأدوية المطلوبة من المخازن؛ فكلما تأخر تسليمنا كميات منها، تسبب ذلك في تراجع نسب توفرها في الصيدليات».

وختم نقيب الصيادلة، جو سلوم، بضرورة عدم التهافت على شراء الأدوية وتخزينها، لأن ذلك يسهم في تفاقم الوضع. كما طالب اللبنانيين بعدم اعتبار الأدوية المهدئة الحلَّ لمشكلاتهم؛ فهي من ناحية أخرى تتسبب لهم بمشكلات صحية أخرى سيكتشفونها مع مرور الوقت.

من ناحية أخرى، لجأ بعض اللبنانيين إلى استخدام وصفات قديمة للتخلّص من الأرق، وبينها ما يرتكز على تناول حبة من فاكهة الموز قبل النوم. وأخرى تتألّف من خلطة بهارات تتضمن القرفة والكركم والنعناع والزنجبيل مع ملعقة طعام من العسل.

فيما يرى اختصاصيون في التغذية أن تناول الأفوكادو قبل ساعات قليلة من النوم يمكنه أن يعطي نتائج إيجابية.


مقالات ذات صلة

صحتك المشي القصير لمدة 10 ثوانٍ فقط قد يكون مفيداً للصحة (رويترز)

دراسة: المشي لمدة 10 ثوانٍ فقط يحسن الصحة

أشارت دراسة جديدة إلى أن المشي القصير لمدة 10 ثوانٍ فقط قد يكون مفيداً للصحة.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق الطلب على المياه العذبة سوف يتجاوز العرض بنسبة 40 في المائة بحلول نهاية العقد (رويترز)

أزمة المياه العالمية تُعرض نصف إنتاج الغذاء للخطر

حذّر خبراء من أن أكثر من نصف إنتاج العالم من الغذاء سيكون معرضاً للخطر خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، مع تفاقم أزمة المياه العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق آفاق العلم شاسعة (رويترز)

أحفورة عمرها 237 مليون عام تُضيء على صعود الديناصورات

يعتقد علماء أنّ حفرية من أقدم الحفريات على الإطلاق ربما تساعد في تفسير ظهور الديناصورات. فماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تربية الأطفال أمر صعب ومرهق (رويترز)

كيف تتعامل مع الضغوط النفسية الناتجة عن تربية طفلك؟

أصبحت تربية الأطفال صعبة ومرهقة بشكل متزايد، مع زيادة افتقار الآباء إلى الوقت الكافي والمال والنوم، وكثرة الضغوط والمشكلات المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

نفد الصبر... «ناشونال غاليري» يضاعف إجراءاته الأمنية ضد محتجي المناخ

حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)
حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)
TT

نفد الصبر... «ناشونال غاليري» يضاعف إجراءاته الأمنية ضد محتجي المناخ

حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)
حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)

على مر الزمن كانت حركات الاحتجاج تلجأ إلى وسائل مستفزة وصادمة مثل إيقاف المرور في الطرق السريعة، أو استخدام الصمغ لإلصاق الأيدي بالحواجز وواجهات المحال. وتاريخياً اختارت ناشطات حق المرأة في التصويت تكسير النوافذ أو إشعال النار في المباني، وغيرها كثير من التكتيكات التي تهدف إلى تعطيل حركة الحياة اليومية لصدمة الجمهور ومحاولة إقناعهم بفكرةٍ ما. وقد تجد بعض الممارسات قبولاً أو تعاطفاً من البعض، ولكن ذلك لم يحدث في حال مهاجمة الأعمال الفنية خلال الأعوام القليلة الماضية التي أتت بنتائج عكسية. فشهدنا من استخدم الصمغ للزق وجهه بلوحة فيرمير «الفتاة ذات القرط اللؤلئي»، أو من اختار نثر مسحوق أحمر اللون على أثر ستونهنج في بريطانيا، أو إلقاء البطاطس المهروسة على لوحة «كومة القش» لمونيه، أو إلقاء حساء القرع على «الموناليزا» في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.

عددت صحيفة «الغارديان» 38 عملية هجوم على الأعمال الفنية في عام 2022 وحده، وفي الأسابيع الماضية حدثت آخر تلك الهجمات، وكانت بحساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ التي تُعرض في «ناشونال غاليري» بلندن ضمن معرض قائم لأعمال الفنان. ويبدو أن الصبر قد نفد، ليس فقط صبر الجمهور الذي شهد على مرور أشهر محاولة بعد أخرى للتعدي على عمل فني مهم، بل أيضاً صبر مديري المتاحف في بريطانيا الذين أصدروا رسالة مفتوحة في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي يطالبون فيها بإنهاء الاحتجاجات داخل صالات العرض، وبالأخص التوقف عن استهداف الأعمال الفنية في المتاحف والغاليريهات. الخطاب أصدره مجلس مديري المتاحف الوطنية، وتناول الاحتجاجات في الفترة الأخيرة، وخص بالذكر «ناشونال غاليري» في لندن. وجاء في الخطاب: «وقعت اثنتان من هذه الهجمات في الأسبوعين الماضيين، ولهذا السبب قررنا الآن أن الوقت قد حان للتحدث. على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبحت المتاحف والمعارض الفنية في المملكة المتحدة، والأعمال الفنية التي تحتوي عليها، وبالتالي الأشخاص الذين يزورونها والذين يعملون فيها، أهدافاً متزايدة للاحتجاجات».

ناشطة ألصقت صورة على لوحة لمونيه في متحف أوراس بباريس (أ.ب)

وأشارت الرسالة إلى أن الاحتجاجات في السنوات الأخيرة تسببت في «ضرر مادي للأعمال الفنية، وضيق للزوار والموظفين على حد سواء، وتعطيل مهمتنا الجماعية لضمان توفر الفن والتحف الفنية الرائعة للجميع في كل مكان للاستمتاع بها». وتابعت الرسالة: «بينما نحترم حق الناس في الاحتجاج، وكثيراً ما نتعاطف مع القضية، يجب أن تتوقف هذه الهجمات. إنها تلحق ضرراً كبيراً بسمعة المتاحف في المملكة المتحدة، وتسبب ضغوطاً هائلة للزملاء على كل مستوى من مستويات المنظمة، إلى جانب الزوار الذين لم يعودوا يشعرون بالأمان الآن عند زيارة أفضل المتاحف والمعارض الفنية في البلاد». وأشار الخطاب إلى أن تأثير هذه الهجمات قد يدفع المؤسسات الفنية لوضع المزيد من الحواجز بين الناس وأعمالهم الفنية «للحفاظ على هذه الأشياء الهشة للأجيال القادمة».

يُذكر أنه في عام 2022، نشرت منظمة المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) رسالة مفتوحة وصفت فيها الاحتجاجات التي تشمل أعمالاً فنية بأنها «تعريض خطير» لأشياء لا يمكن تعويضها. وقد وقّع على الرسالة مديرو المعرض الوطني والمتحف البريطاني ومتحف فيكتوريا وألبرت. ويبدو أن الاعتداءين اللذين حدثا خلال شهر أكتوبر في «ناشونال غاليري» على لوحة لبيكاسو ولوحة لفان جوخ، قد عجّلا برد من «ناشونال غاليري»؛ إذ أصدر الغاليري بالأمس بياناً تضمن لائحة شروط أمنية جديدة لمحاولة مواجهة المزيد من الاحتجاجات. وجاء في البيان: «في أعقاب الحوادث الأخيرة التي وقعت داخل المعرض، أصبح من الضروري الآن تطبيق تدابير أمنية مشددة لضمان سلامة جميع زوار المعرض وموظفي المعرض الوطني ومجموعة اللوحات الوطنية». وأشار البيان إلى أهمية ومكانة «ناشونال غاليري» الذي يسمح للزوار بالدخول المجاني لمعاينة روائع الفن العالمي عبر التاريخ، وأضاف البيان أن «الدخول المجاني إلى المعرض الوطني يتيح للجميع أن يستلهموا من أعظم إنجازات البشرية»، مشيراً إلى أن «المجموعة القيمة من الأعمال في الغاليري لا يمكن تعويضها، وأن الهجمات المتكررة عليها قد أدت إلى زيادة الاحتياطات الأمنية بإضافة الحواجز بين أفراد الجمهور واللوحات المعروضة، وهو ما كان محزناً، فقد اعتاد الجمهور سهولة مطالعة الأعمال الفنية، ولكن ذلك الإجراء لم يثنِ بعض المحتجين عن إلقاء الحساء أو غيره على تلك اللوحات، ما جعل إدارة الغاليري تتجه إلى فرض تشديدات أمنية لحماية الأعمال والزوار».

من مقطع فيديو نشرته جماعة «جاست ستوب أويل» بعد أن أُلقي طلاء أحمر على أثر ستونهنج في بريطانيا (أ.ب)

ومن الإجراءات التي ستبدأ من يوم الجمعة 18 أكتوبر، منع إدخال السوائل إلى داخل الغاليري باستثناء الأدوية الطبية وحليب الأطفال. وسيتم تفتيش الحقائب بدقة للتأكد من خلوها من أي قطع حادة أو سوائل أو رشاشات طلاء، أو ما قد يجده مسؤولو الأمن مثيراً للشبهات. كما سيُمنع إدخال أو توزيع أي أوراق أو منشورات احتجاجية، وستُمنع الاحتجاجات التي تقام في مداخل المؤسسات الفنية أحياناً للاعتراض على دعم شركات البترول لبعض المعارض. وبالنسبة إلى حركة أفراد الجمهور داخل الغاليري، تشير قائمة التدابير الأمنية المعدلة إلى منع تعدي الحواجز أمام اللوحات، ومنع لمسها، وعدم الإشارة للوحات باستخدام عصي خشبية أو ما يشابه ذلك.

يُذكر أن «ناشونال غاليري» قد تعرض لخمس هجمات منفصلة على لوحات فنية أيقونية مثل «زهور عباد الشمس» لفان جوخ، ولوحة «عربة القش» لجون كونستابل، ولوحة فلاسكويز «روكبي فينوس»، منها هجمتان في الأسبوعين الماضيين.