المطاعم اللبنانية تخسر 90 % من حركتها

خالد نزها لـ«الشرق الأوسط»: إنها الأزمة الأسوأ التي يمرّ بها القطاع

تراجع حركة مطاعم بيروت بنسبة 90 % (فيسبوك)
تراجع حركة مطاعم بيروت بنسبة 90 % (فيسبوك)
TT

المطاعم اللبنانية تخسر 90 % من حركتها

تراجع حركة مطاعم بيروت بنسبة 90 % (فيسبوك)
تراجع حركة مطاعم بيروت بنسبة 90 % (فيسبوك)

تعاني بيروت اليوم، من شلل تام في حركة قطاع المطاعم فيها. في عام 2023 شهد القطاع نمواً ملحوظاً، حيث افتُتح نحو 300 مطعم ومقهى جديداً. ولكن جاءت الحرب لتقلب هذه المشهدية رأساً على عقب، وتكبّد هذا القطاع خسائر فادحة بحيث تراجعت حركته بنسبة 90 في المائة. وبعد أن كان من المتوقّع افتتاح 50 مطعماً ومحلَ سهر ومقاهي مؤخراً، ألغى أصحابها مشاريعهم. وقرّروا تعليق كل نشاطٍ يتعلّق بهذا الموضوع.

بعض تلك المحلات كانت على أهبّة تدشينها فأنهت العمل في ديكوراتها. خسائر بملايين الدولارات تكبدّها هؤلاء، بينهم من عاد أدراجه إلى بلاد الاغتراب بانتظار الفرج، وآخرون قرّروا التمهّل وترك محلاتهم من دون واجهات زجاجية وأثاث، كي يحدّدوا خسائرهم.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يختصر نائب رئيس نقابة المطاعم والملاهي والمقاهي خالد نزها المشهد. «لا داعي للتحدّث أو التّصريح عن حالتنا البائسة اليوم. فالمشهد يحكي عن حاله. بيروت مقفرة لا حركة مطاعم فيها، إنها الأزمة الأسوأ التي نمرّ بها في قطاع المطاعم».

محل «سكاي بار» وسط بيروت استقبل النازحين (فيسبوك)

يشير نزها إلى أن بيروت تفتقد اليوم روّادها وزوّارها، وحدها محلات السناك و«الدليفري» لا تزال إلى حد ما تعمل، فتلبي طلبات نازحين ولبنانيين يخافون الخروج من منازلهم. ويتابع: «يجب ألا ننسى أن بعض تلك المحلات فتحت أبوابها لإيواء النازحين، والأمر لم يُفرض عليهم بتاتاً، بل هم من همّوا وبادروا الى المساعدة. فاللبناني هُجّر لتزداد حالته سوءاً بعد خسارته أمواله في المصارف. لا أرقام محدّدة نملكها اليوم عن خسارتنا في قطاع المطاعم. ولكن يمكننا القول إن تراجعاً هائلاً تشهده حركة المطاعم في بيروت. همّنا الأكبر هو تأمين رواتب الموظفين، لأنهم يعانون حالياً الأمرّين. وبعضهم يعاني من البطالة والتهجير معاً. ونحاول أن نستقدمهم ولو مرة في الأسبوع لنُبقي أجورهم».

وإذا ما قمت بجولة في وسط بيروت اليوم، التي كانت تعجّ مطاعمها ومحلات السّهر فيها ومقاهيها بروادها، ستفاجأ بالصّمت الذي يعمّها. عتمة تسودها وخوف حذر، ومطاعم مقفلة وقطاع مشلول يطبع هذه المرحلة.

ويؤكّد نزها لـ«الشرق الأوسط»: «ندرك أن خساراتنا كبيرة جداً، ولكننا نأمل بأن نعود ونحيي هذا القطاع من جديد. فكما في فترات سابقة مدّ لنا المغترب اللبناني يد العون، كذلك نأمل بعد انتهاء الحرب أن يعود من غادرنا من أصحاب المشروعات. في تلك الفترات اضطر بعضهم إلى بيع أو رهن عقارٍ يملكه ليُسهم في إحياء القطاع. ونأمل تجاوز هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة».

أحد مطاعم بيروت الفارغة من روادها (فيسبوك)

نقيب أصحاب المطاعم طوني الرامي يلتزم الصّمت ولا يردّ على الاتصالات الهاتفية التي ترده. فهو حزين على ما وصل إليه هذا القطاع الذي شهِد ولادات متلاحقة بين أزمة وأخرى. ويعلّق خالد نزها: «غالبية الأماكن من مطاعم و(روف توب) ومقاهي أقفلت. وإذا ما تجوّلنا في مناطق ولو بعيدة إلى حدّ ما عن موقع سقوط الصواريخ، نجدها خسرت زبائنها أيضاً. وكما في الحمراء وفِردان وبدارو ومار مخايل، المناطق على اختلافها تعيش اليوم الحذر ولا حركة مطاعم ومقاهي فيها.

ومن ناحية أخرى تعيش بعض المناطق البعيدة عن بيروت إلى حدٍّ ما حالة طبيعية.

فكما في منطقة المتن الساحلي وأعاليها، كذلك مناطق كسروان وجبيل، هناك تشهد المطاعم والمقاهي زحمة زبائن طوال اليوم. يقول بيار أحد المشرفين على مطعم شعبي في منطقة برمانا: «في بداية الحرب شهدنا تراجعاً ملحوظاً في ارتياد الزبائن إلى المطعم. وكان سبقه حركة راكدة بسبب انتهاء موسم الصيف وعودة المصطافين إلى بيروت. اليوم المشهد تبدّل تماماً، والمطعم عاد يشهد حركة إلى حد ما عادية. وهناك عددٌ من الزبائن يأتونا من بيروت ليلتقطوا أنفاسم في أجواء هادئة، تنسيهم قساوة الحرب ولو لساعات قليلة».

وعمّا إذا كان يواجه قطاع المطاعم نقصاً في المواد الغذائية ومكوّنات الطعام يختم: «لا أبداً، نُحافظ على الوتيرة نفسها في هذا الصدد. فالتوقف عن العمل لعدد كبير من المقاهي والمطاعم يلغي هذه الإمكانية. المكوّنات متوفّرة وننتظر بوادر الفرج لتُصرف في جميع المطاعم وليس في منطقة دون أخرى».


مقالات ذات صلة

تبرئة طبيب من تهمة القتل رغم موت 163 من مرضاه

يوميات الشرق د.بودكين آدامز في منزله بمدينة إيستبورن (غيتي)

تبرئة طبيب من تهمة القتل رغم موت 163 من مرضاه

«قد تسمح المعايير الصارمة للقانون في بعض الأحيان بأن يتحرك المذنبون بحرية»، كانت هذه كلمات اللورد القاضي باتريك ديفلين، بعد انتهاء محاكمة د. جون بودكن آدامز.

«الشرق الأوسط»
يوميات الشرق تمتع الآباء والأمهات بحس الفكاهة يساعدهم على بناء علاقات أفضل مع أبنائهم (رويترز)

تمتعك بحس الفكاهة يحسن علاقتك مع أبنائك

أكدت دراسة جديدة أن تمتع الآباء والأمهات بحس الفكاهة يساعدهم على بناء علاقات أفضل مع أبنائهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعد خليج رنزويك شمال يوركشاير من أفضل الأماكن للعيش (يوركشاير لايف)

سكان قرية بريطانية ساحلية يشكون من «أصحاب المنازل الثانية»

يشعر السكان المحليون بقرية جميلة داخل المملكة المتحدة بالغضب، بسبب إجبارهم على ترك قريتهم، من قِبل السياح الذين يتوافدون على القرية لشراء منازل ثانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الرياضة تسهم في تحسين الأداءين الإدراكي والبدني لدى كبار السن (جامعة ماسترخت)

تدريب عقلي يُحسّن صحة المسنين

أظهرت دراسة أجراها باحثون في جامعتَي برمنغهام البريطانية وإكستريمادورا الإسبانية أن «تدريب التحمل العقلي» يمكن أن يحسِّن الأداءين الإدراكي والبدني لدى كبار السن

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق يعاني كثير من الأشخاص التعب والإرهاق عند استيقاظهم من النوم (أ.ف.ب)

إذا كنت تشعر بالتعب عند الاستيقاظ يومياً... فاتبع هذه الخطوات

يعاني كثير من الأشخاص التعب والإرهاق عند استيقاظهم من النوم، بغض النظر عن عدد الساعات التي ناموها... فماذا تفعل في هذه الحالة؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحديث عن إزالة «المسرح العائم» في مصر يُثير استياء في الأوساط الفنية

الفنانة سميحة أيوب («فيسبوك» مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي)
الفنانة سميحة أيوب («فيسبوك» مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي)
TT

الحديث عن إزالة «المسرح العائم» في مصر يُثير استياء في الأوساط الفنية

الفنانة سميحة أيوب («فيسبوك» مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي)
الفنانة سميحة أيوب («فيسبوك» مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي)

أثارت أخبار متداولة عن إزالة «المسرح العائم» بمصر استياءً في الأوساط الفنية، وتصاعد الأمر بعد مناشدة الفنانة المصرية سميحة أيوب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، العدول عن قرار الإزالة، الذي عدّته نوعاً من التشويه الثقافي، وذلك خلال مداخلة هاتفية في برنامج «الحكاية» مع الإعلامي عمرو أديب.

وطالبت الفنانة الملقبة بـ«سيدة المسرح العربي» خلال المداخلة الهاتفية، ببناء المزيد من المسارح، مؤكدة أن «المسرح العائم صرح فني وثقافي وتاريخ عريق».

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أكدت الفنانة سميحة أيوب على «صدور قرار إزالة المسرح العائم»، وأضافت: «علمت بالأمر من أكثر من مصدر مسؤول وموثوق به»، مشددة على أنها «لم تخرج للحديث عنه من فراغ».

وتطمح أيوب لتعديل القرار أو إلغائه بشكل نهائي، لافتة إلى أن «المسرح العائم وقف على خشبته قامات، والدولة تعي قدره ودوره التنويري».

وتابعت: «لا أطالب بالرجوع في القرار فقط، لكنني أرفض بشكل قاطع التفكير بهدم أي مسرح، بل بناء المزيد لثقافة الناس وتنويرهم عبر ألوان الفن التي تتسلّل للعقول، وتشكل وجدان المواطن».

ووسط كثيرٍ من التكهنات والمنشورات الغاضبة لفنانين على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تنشر وزارة الثقافة المصرية، أيّ قرار رسمي عن إزالة المسرح العائم، ولم يُصدر البيت الفني للمسرح برئاسة المخرج خالد جلال أي بيانات رسمية توضح حقيقة القرار من عدمه.

وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع المخرج خالد جلال القائم بأعمال رئيس البيت الفني للمسرح، للوقوف على صحة صدور قرار الإزالة من عدمه، ولم نتلقَ رداً. في حين أفاد مصدر بالمسرح العائم (طلب عدم ذكر اسمه)، بأن مسؤولين من جهات رسمية تردّدوا على المكان أكثر من مرة لمعرفة مساحته.

وامتدت أصداء التساؤلات إلى الـ«السوشيال ميديا»، وكتب الفنان محمد علي رزق عبر صفحته الشخصية في موقع «فيسبوك» متسائلاً عن «صحة ما قيل عن هدم المسرح العائم».

لقطة من مسرحية «مرايا إليكترا» («فيسبوك» مسرح الشباب)

وطالب المايسترو هشام جبر عبر صفحته على «فيسبوك» جموع الفنانين والمثقفين بمناشدة الدولة الحفاظ على المسرح العائم، في حين كتبت الدكتورة سامية حبيب أستاذة النقد والدراما في أكاديمية الفنون: «أ. خالد جلال مطلوب منك إيضاح المعلومات حول المسرح العائم من موقعك الوظيفي، ولا تتركنا نبحث عن صحة وحقيقة المعلومة... إنها مسؤوليتك أمام فناني مصر».

وكتبت الفنانة عايدة فهمي عبر صفحتها في موقع «فيسبوك»: «لا لهدم المسرح العائم»، وتساءل السيناريست سيد فؤاد عن حقيقة القرار وكتب عبر حسابه على «فيسبوك»: «هل فعلاً يتم هدم المسرح العائم (فاطمة رشدي) بالمنيل لتحويله لجراج؟».

وكتب الناقد والمؤلف المسرحي حسن سعد عبر صفحته على «فيسبوك»: «المسرح العائم جزء مهم من ثقافة وتراث مصر فلا تهدموه... نناشدكم الحفاظ على شخصية مصر وهويتها».

ويعود تاريخ إنشاء «المسرح العائم»، الذي يقع في حي المنيل وسط القاهرة إلى خمسينات القرن الماضي، وأطلق عليه اسم الفنانة المصرية فاطمة رشدي، إحدى رائدات المسرح والسينما، كما جرت صيانته وتطويره قبل سنوات.

ويضمّ «المسرح العائم» مسرحين هما «الصغير» و«الكبير» لعروض فرقتي «المواجهة والتجوال»، و«فرقة الشباب»، وكانت أحدث عروضه «مرايا إليكترا».

الناقد الفني والمؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة قال: إن «ما يجري ليس مفهوماً إذ لم يخرج أيّ بيان رسمي لإيضاح حقيقة الهدم من عدمه»؛ وطالب دوارة بتكاتف النقابات الفنية والتدخل للتعبير عن مطالبات الفنانين بالحفاظ على هذا المسرح.

وأضاف دوارة لـ«الشرق الأوسط»: «إغلاق أو هدم أي مسرح أمر مرفوض تماماً»، وتابع: «ما يُقال عن إنشاء مسرح بالدورين الأول والثاني أسفل المركز التجاري الذي سيُشيّد مكان المسرح، حقنة تخديرية».

وشدّد دوارة على أن «خشبة المسرح العائم تحمل اسماً فنياً عريقاً وهو فاطمة رشدي، ولا يصحّ إزالته، كما وقف على خشبته أسماء عريقة من بينهم الأستاذ فؤاد المهندس، وقدم عليه الفنان السيد راضي أفضل عروضه المسرحية».