انقلابيو اليمن يختطفون 89 شخصاً في صنعاء خلال 3 أيام

استحداث سجون وحالة استنفار في أحياء المدينة

مقر أمني حوثي تابع لما يُسمى جهاز «الأمن الوقائي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
مقر أمني حوثي تابع لما يُسمى جهاز «الأمن الوقائي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن يختطفون 89 شخصاً في صنعاء خلال 3 أيام

مقر أمني حوثي تابع لما يُسمى جهاز «الأمن الوقائي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
مقر أمني حوثي تابع لما يُسمى جهاز «الأمن الوقائي» في صنعاء (الشرق الأوسط)

شنّت الجماعة الحوثية حملة اختطافات واسعة طالت عشرات السكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بمن فيهم إعلاميون وناشطون وموظفون حكوميون، وذلك على خلفية اعتزامهم الاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر»، بحسب ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن عناصر تتبع ما تسمى أجهزة «الأمن والمخابرات» و«الأمن الوقائي» و«الأمن المجتمعي» التابعة للجماعة الحوثية اختطفت خلال 3 أيام نحو 89 مدنياً من أحياء متفرقة في صنعاء تتبع مديريات السبعين والثورة ومعين وآزال لمنعهم من الاحتفال بذكرى ثورة «26 سبتمبر» التي تصادف الخميس.

مسلحون حوثيون في أحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)

وذكرت المصادر أن الاختطافات الحوثية شملت مدنيين في أحياء بيت معياد وحدة والقادسية والجرداء والسنينة ومذبح وعصر والجراف والحصبة، في حين تواصل الجماعة تنفيذ حملات تعقب وملاحقة لأشخاص آخرين.

وتتزامن أعمال الخطف الحوثية ضد المدنيين في صنعاء، مع اتهام مصادر حقوقية يمنية الانقلابيين باستحداث عشرات المعتقلات والأقبية الجديدة بمناطق متفرقة في المدينة وضواحيها بغية التمكن من استيعاب أعداد أخرى من المختطفين الجدد.

دهم ليلي

يؤكد «حمدي. م»، وهو شقيق أحد المخطوفين لدى الجماعة في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، قيام عناصر حوثية في وقت متأخر من مساء الأحد الماضي باقتحام منزلهم الكائن في حي السنينة وترويع النساء والأطفال واختطاف شقيقه (22 عاماً) بتهمة كتابته منشوراً بحسابه على «فيسبوك» يتعلق بـ«ثورة 26 سبتمبر».

ويوضح حمدي أن عملية الدهم لمنزلهم كانت وكأنها توحي للجميع بأن شقيقه يتزعم عصابة أو تنظيماً إرهابياً، ويضيف: «في الحقيقة الجماعة هي من تقوم في الواقع بممارسة الإرهاب بعينه ضد السكان لإسكات أي صوت مناوئ لمشروعها الانقلابي ويدعو للاحتفال بذكرى الثورة اليمنية».

أطفال مشاركون في احتفالات ذكرى «الثورة اليمنية» العام الماضي (إكس)

وطالب حمدي المعنيين بالدفاع عن حقوق الإنسان بإدانة جرائم الاعتقال الحوثية ضد المدنيين والتدخل لإطلاق سراح شقيقه ومعه عشرات الشبان في سجون الانقلابيين.

وتبرر جماعة الانقلاب جرائم الخطف الحالية للمدنيين في صنعاء ومدن أخرى بأنهم يقومون بأعمال تحريض ضدها وتوجيه دعوات للخروج إلى الشوارع للاحتفال بثورة «26 سبتمبر» والقيام بانتفاضة شعبية تطالب برحيلها.

استهجان ورفض

أثارت حملات القمع الحوثية حالة من الاستياء والرفض في صنعاء، بعد أن أعلنت الجماعة حالة استنفار وسخّرت جميع أجهزتها الأمنية والتجسسية لترهيب المدنيين في العاصمة المختطفة وبقية مناطق سيطرتها.

واستهجن ياسر وهو اسم مستعار لأحد السكان في صنعاء، انشغال الانقلابيين بملاحقة وخطف المدنيين المحتفلين بثورة «26 سبتمبر»، وتجاهلهم لما يعانيه الملايين بمناطق سطوتهم من توقف الرواتب واتساع رقعة الفقر وتقطع سبل الحياة وغياب أبسط الخدمات وتفشي الأوبئة.

عنصر حوثي خلال تجمع للجماعة الموالية لإيران في صنعاء (رويترز)

وتمنى ياسر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن يعلن قادة الجماعة الحوثية ولو لمرة واحدة عن حالة استنفار وطوارئ من أجل مواجهة الفلتان الأمني غير المسبوق الذي تشهده صنعاء وبقية المدن تحت سيطرتها وزادت معه معدلات الجريمة بمختلف أنواعها.

وتداول ناشطون يمنيون في الأيام الماضية، صوراً ومشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي لعمليات انتشار كثيف لمسلحي جماعة الحوثي، وقيامهم بأعمال دهم وتفتيش، ضد كل مَن يحاول الاستعداد والتجهيز للاحتفال بذكرى ثورة «26 سبتمبر».

وكانت منظمة «ميون لحقوق الإنسان» قد أفادت باختطاف جماعة الحوثي في الأيام الماضية أكثر من 270 مدنياً في صنعاء، وعدد من المدن تحت سيطرتها، وذلك لمنعهم من الاحتفال بذكرى الثورة.


مقالات ذات صلة

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)
رياضة عربية فرحة عبد الله الحمدان بهدفه القاتل في شباك اليمن (تصوير: سعد العنزي)

خليجي 26: رغم الفوز... الأخضر باهت

حقق المنتخب السعودي الفوز على منتخب اليمن 3-2، الأربعاء، ليحصد أول ثلاث نقاط له في المجموعة الثانية بكأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) التي تستضيفها الكويت

«الشرق الأوسط» (الكويت)
العالم العربي عناصر حوثيون يحملون مجسماً لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

نفّذ الحوثيون خامس هجماتهم هذا الأسبوع باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يستنفرون استعداداً لضربات إسرائيلية أشدّ

الحوثيون يستنفرون استعداداً لضربات إسرائيلية أشدّ

رفع الحوثيون حالة الجاهزية القتالية إلى أعلى مستوياتها، ودفعوا بأغلب قواتهم إلى مناطق خطوط التماس مع القوات الحكومية تحسباً لضربات إسرائيلية أكثر شدة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لصاروخ هاجموا به إسرائيل يسمونه «فلسطين 2» (إعلام حوثي) play-circle 03:14

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

تجاهل الحوثيون المدعومون من إيران تهديدات بنيامين نتنياهو بضربهم وتدمير البنية التحتية وواصلوا هجماتهم باتجاه إسرائيل بالتوازي مع التصعيد ضد الجيش اليمني في تعز

علي ربيع (عدن)

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)

كثّف الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم، هذا الأسبوع، باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني في مناطق سيطرة الجماعة لجهة هشاشة الأوضاع المعيشية والخدمية وعدم القدرة على تحمل المزيد من الأزمات.

وتشنّ الجماعة هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى جانب هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وتبنى المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، الأربعاء، هجوماً باتجاه إسرائيل هو الخامس خلال أسبوع، إذ أعلن إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب زاعماً أنه حقق هدفه، مع وعيده باستمرار الهجمات.

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان اعتراض صاروخ أطلق من اليمن وعبر إلى الأراضي الإسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، مشيراً إلى تفعيل صفارات الإنذار بسبب احتمال سقوط شظايا من عملية الاعتراض.

وأوضح، في منشور على منصة «إكس»، أنه «للمرة الخامسة في أسبوع، سارع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ مع شن الإرهابيين الحوثيين في اليمن هجوماً صاروخياً».

إلى ذلك، قالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء)، في بيان، إنها تلقت تقارير عن إصابة نحو 9 أشخاص أثناء توجههم إلى الملاجئ.

تصاعد الهجمات

كانت الجماعة الحوثية قد تبنت، السبت الماضي، إطلاق صاروخ باليستي على وسط إسرائيل، ولم تتمكن الدفاعات الجوية من اعتراضه فسقط في ساحة وسط مبانٍ سكنية، وأدى إلى إصابات طفيفة طالت نحو 23 إسرائيلياً، وفق وسائل إعلام عبرية.

وفي وقت مبكر، الثلاثاء، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن صفارات الإنذار دوت في مناطق عدة بوسط إسرائيل بعد إطلاق صاروخ من اليمن، مؤكداً اعتراضه قبل أن يعبر إلى الأراضي الإسرائيلية.

عناصر حوثيون يحملون مجسما لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

ويوم الاثنين الماضي، قالت تل أبيب إن سلاح الجو اعترض طائرة مسيّرة، أُطلقت من اليمن قبل أن تخترق الأجواء الإسرائيلية، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرنوت».

وفي حين لم تسجل أي إصابة مباشرة خلال عمليتي الاعتراض، تحدثت خدمة الإسعاف الإسرائيلي عن إصابة أكثر من 20 شخصاً أثناء توجههم إلى الملاجئ، بعضهم أصيب بحالة هلع، بعد دوي صفارات الإنذار.

وعلى امتداد أكثر من عام، تبنى الحوثيون إطلاق نحو 370 صاروخاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي، وكذا تضررت مدرسة بشكل كبير جراء انفجار رأس صاروخ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر السبت الماضي 21 ديسمبر.

حفرة أحدثها صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات في 19 ديسمبر الحالي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 3 آخرين.

صورة جوية وزعها الجيش الإسرائيلي لاستهداف أحد المواقع الخاضعة للحوثيين (رويترز)

ومع تجاهل الحوثيين تهديدات نتنياهو المتكررة، كان الأخير قد أبلغ أعضاء الكنيست بأنه طلب من الجيش تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين. وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال نتنياهو: «وجّهت قواتنا المسلحة بتدمير البنى التحتية للحوثيين لأننا سنضرب بكامل قوتنا أي طرف يحاول إلحاق الضرر بنا. سنواصل سحق قوى الشر بقوة ومهارة، حتى وإن استغرق الأمر وقتاً».

وعلى وقع التصعيد المستمر يترقب اليمنيون بخوف عمليات الرد الإسرائيلية الانتقامية، خاصة أن ضربات تل أبيب لا تفرق بين ما هو هدف عسكري، وبين الأهداف الأخرى المتصلة بحياة السكان الخاضعين للجماعة بالقوة.