تباطؤ نمو الأجور في بريطانيا لأدنى مستوى خلال عامين

الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار واليورو بدعم من بيانات التوظيف

مجموعة من المشاة فوق جسر لندن بالحي المالي (رويترز)
مجموعة من المشاة فوق جسر لندن بالحي المالي (رويترز)
TT

تباطؤ نمو الأجور في بريطانيا لأدنى مستوى خلال عامين

مجموعة من المشاة فوق جسر لندن بالحي المالي (رويترز)
مجموعة من المشاة فوق جسر لندن بالحي المالي (رويترز)

تباطأ نمو الأجور في بريطانيا في الأشهر الثلاثة حتى يوليو (تموز) إلى أدنى مستوياته في أكثر من عامين، كما ارتفع التوظيف بشكل حاد، وهو ما يبقي على الأرجح بنك إنجلترا على المسار الصحيح لخفض أسعار الفائدة مرة أخرى قبل نهاية العام.

وقال مكتب الإحصاء الوطني إن متوسط ​​الدخل الأسبوعي لبريطانيا باستثناء المكافآت ارتفع بنسبة 5.1 في المائة عن العام السابق، في الأشهر الثلاثة حتى نهاية يوليو، وهو ما يطابق الإجماع في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء الاقتصاد.

وكانت هذه أدنى قراءة منذ الأشهر الثلاثة حتى يونيو (حزيران) 2022.

وقال بنك إنجلترا إنه سيواصل مراقبة نمو الأجور من كثب، عندما يخفض أسعار الفائدة في الأول من أغسطس (آب) بعد أن أبقى عليها عند أعلى مستوى في 16 عاماً عند 5.25 في المائة لمدة عام تقريباً.

ويرى المستثمرون أن احتمالات خفض أسعار الفائدة من جانب بنك إنجلترا في سبتمبر (أيلول) ضئيلة للغاية.

وقال نائب كبير الاقتصاديين في شركة «أبردين» لإدارة الأصول، لوك بارثولوميو، إن البيانات تركت النقاش حول تحركات بنك إنجلترا المستقبلية دون تغيير إلى حد بعيد. وأضاف: «لا يزال هناك عدد قليل من التقارير المهمة قبل أن يحتاج بنك إنجلترا إلى اتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة مرة أخرى، ولكن في ظل الوضع الحالي من الصعب أن نرى خفضاً في الأسبوع المقبل. وبدلاً من ذلك، نتوقع أن يأتي الخفض التالي في نوفمبر (تشرين الثاني)».

ويتوقع خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم أيضاً أن يأتي خفض أسعار الفائدة التالي في نوفمبر وليس في 19 سبتمبر.

وقال مكتب الإحصاء الوطني، إن اقتصاد بريطانيا أضاف 265 ألف وظيفة في الأشهر الثلاثة حتى يوليو، وهو ما يزيد كثيراً عن توقعات خبراء اقتصاديين في استطلاع أجرته «رويترز» بزيادة قدرها 123 ألف وظيفة. وكرر المكتب تحذيراته بشأن عيوب مسح القوى العاملة الذي ينتج بيانات التوظيف والبطالة، ولكن ليس أرقام الأجور الرئيسية. ومن المقرر تحديث المنهجية في إصدار ديسمبر (كانون الأول).

وانخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، بانخفاض طفيف من 4.2 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى يونيو، وأدنى مستوى له منذ الأشهر الثلاثة حتى يناير (كانون الثاني) 2024. وفي يوليو، وافقت وزيرة المالية البريطانية الجديدة راشيل ريفز على زيادات في الأجور بنسبة 5 في المائة على الأقل لملايين العاملين في القطاع العام.

يركز بنك إنجلترا بشكل أكبر على أجور القطاع الخاص، والتي يتوقع أن تتباطأ إلى 5 في المائة في أواخر عام 2024 و3 في المائة في أواخر عام 2025. وباستثناء المكافآت، تباطأ نمو أجور القطاع الخاص إلى 4.9 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى يوليو، مما يضعه على المسار الصحيح لتلبية توقعات بنك إنجلترا البالغة 4.8 في المائة للربع الثالث كله.

وينظر بنك إنجلترا أيضاً في ضغوط تضخمية أخرى -مثل نقص العمالة- التي ارتفعت خلال جائحة «كوفيد-19».

وانخفض عدد الوظائف الشاغرة إلى أدنى مستوى له في أكثر من 3 سنوات عند 857 ألفاً في الأشهر الثلاثة حتى يوليو، انخفاضاً من 1.3 مليون في منتصف عام ،2022 ولكنه لا يزال أعلى مما كان عليه في أوائل عام 2020.

وارتفع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار واليورو يوم الثلاثاء، بعد أن دعمت بيانات التوظيف في المملكة المتحدة الرأي القائل بأن الاقتصاد البريطاني يقف على أساس متين.

وارتفعت العملة 0.1 في المائة إلى 1.3085 دولار، بعد أن بلغ 1.3107 دولار في وقت سابق من الجلسة. وانخفض الدولار قليلاً يوم الثلاثاء قبيل بيانات التضخم في الولايات المتحدة، ومناظرة رئاسية أميركية تُبث على التلفزيون، وهو ما قد يؤثر سلباً على التوقعات بشأن آفاق أسعار الفائدة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة الخدمات المالية العالمية «إيبوري»، إنريكي دياز ألفاريز: «هذه (سوق عمل مرنة وتضخم متراجع) من شأنه أن يدعم الحجة القائلة بأنه في حين أن تخفيضات بنك إنجلترا قادمة، فإن وتيرة خفض أسعار الفائدة يجب أن تكون تدريجية نسبياً».

وانخفض اليورو مقابل الجنيه الإسترليني، ليُتداول عند مستوى أقل بنسبة 0.05 في المائة عند 84.36 بنس لليورو.

وقال استراتيجي الاقتصاد الكلي في «إس جي ماركتس»، كيت جوكس: «بعد توقفه في الأسابيع القليلة الماضية، فإن أي مفاجأة تصاعدية من بيانات المملكة المتحدة قد تفتح الباب أمام تداول اليورو عند مستوى أقل من 0.84 للجنيه الإسترليني».

وأضاف أن من المتوقع أن يتباطأ نمو الأجور إلى 5 في المائة، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6 في المائة ربع سنوياً و0.2 في المائة شهرياً. وقال جوكس إن مراكز العقود الآجلة لدى لجنة تداول العقود الآجلة للسلع الأساسية أظهرت مزيداً من عمليات بيع الدولار في بداية الأسبوع الماضي، مع نمو المراكز الطويلة في الين والجنيه الإسترليني واليورو بشكل أكبر.


مقالات ذات صلة

«ستاندرد آند بورز» تتوقع ارتفاع إصدارات الصكوك إلى 200 مليار دولار في 2025

الاقتصاد شعار «ستاندرد آند بورز غلوبال» على مكاتبها في الحي المالي بمدينة نيويورك (رويترز)

«ستاندرد آند بورز» تتوقع ارتفاع إصدارات الصكوك إلى 200 مليار دولار في 2025

توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني أن يتراوح حجم إصدارات الصكوك بين 190 و200 مليار دولار في عام 2025.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يقدم بياناً حول السياسة العامة في الجمعية الوطنية (إ.ب.ا)

رئيس الوزراء الفرنسي يعلن خفض توقعات النمو إلى 0.9 % هذا العام

قال رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا بايرو، في أول خطاب له أمام المشرعين في الجمعية الوطنية، يوم الثلاثاء، إن حكومته خفضت توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تتحدث في مجلس العموم بعد زيارتها الأخيرة للصين (أ.ف.ب)

ريفز: الاضطرابات المالية تؤكد ضرورة تسريع جهود تحفيز النمو في بريطانيا

أصرت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، على أن الاضطرابات في الأسواق المالية تؤكد ضرورة تسريع وتعميق جهود تحفيز النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ضباط شرطة يقفون حراساً أمام مقر بنك الشعب الصيني في بكين (رويترز)

«المركزي الصيني» يحذّر من مخاطر السندات الحكومية مع انخفاض العائدات

قال مسؤول في البنك المركزي الصيني، يوم الثلاثاء، إن الاستثمارات في السندات الحكومية ليست خالية من المخاطر، محذراً من فقاعة سوقية محتملة واضطرابات ناجمة عن ذلك…

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يسيرون حاملين أمتعتهم في محطة للقطارات ببكين (إ.ب.أ)

رسوم ترمب قد تخفّض نمو الصين إلى 4.5 % في 2025

أظهر استطلاع أجرته وكالة «رويترز» أن النمو الاقتصادي في الصين من المرجح أن يتباطأ إلى 4.5 في المائة في عام 2025، وأن يتراجع أكثر إلى 4.2 في المائة في عام 2026.

«الشرق الأوسط» (بكين)

ما المتوقع من بيانات التضخم الأميركية اليوم؟

أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

ما المتوقع من بيانات التضخم الأميركية اليوم؟

أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

من المحتمل أن يكون التضخم في الولايات المتحدة قد تفاقم الشهر الماضي على خلفية ارتفاع أسعار الغاز والسيارات المستعملة، وهو اتجاه قد يُقلل من احتمالية قيام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة الرئيسي كثيراً هذا العام.

ومن المتوقع أن تعلن وزارة العمل يوم الأربعاء عن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في ديسمبر (كانون الأول) بنسبة 2.8 في المائة عن العام الماضي، وفقاً لخبراء اقتصاديين استطلعت آراؤهم شركة «فاكتسيت»، بعد أن كان قد ارتفع بنسبة 2.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وسيكون هذا هو الارتفاع الثالث على التوالي، بعد أن انخفض التضخم إلى أدنى مستوى له منذ 3 سنوات ونصف السنة إلى 2.4 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وقد يؤدي هذا الارتفاع إلى تأجيج المخاوف المستمرة بين عدد من الاقتصاديين، وفي الأسواق المالية من أن التضخم قد علق فوق هدف «الاحتياطي الفيدرالي»، البالغ 2 في المائة. وقد أدّت مثل هذه المخاوف إلى ارتفاع أسعار الفائدة على سندات الخزانة، ما أدى أيضاً إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للرهون العقارية والسيارات وبطاقات الائتمان، حتى مع قيام «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة الرئيسي.

وقد تسبب تقرير الوظائف القوي غير المتوقع الصادر يوم الجمعة الماضي في انخفاض أسعار الأسهم والسندات، بسبب المخاوف من أن الاقتصاد السليم قد يُحافظ على ارتفاع التضخم، ما يمنع «الاحتياطي الفيدرالي» من خفض سعر الفائدة الرئيسي أكثر من ذلك.

وباستثناء فئتي الغذاء والطاقة المتقلبتين، توقع الاقتصاديون أن يظل ما يُسمى بالتضخم الأساسي عند 3.3 في المائة في ديسمبر للشهر الرابع على التوالي.

وعلى أساس شهري، من المرجح أن ترتفع الأسعار بنسبة 0.3 في المائة في ديسمبر للشهر الثاني على التوالي، ومن شأن ارتفاع الأسعار بهذه الوتيرة أن يتجاوز هدف «الاحتياطي الفيدرالي»، البالغ 2 في المائة. ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة.

ومن المحتمل أن يكون جزء من الارتفاع في الأسعار مدفوعاً بعوامل لمرة واحدة، مثل قفزة أخرى في تكلفة البيض، التي كانت واحدة من أكثر فئات الأغذية تقلباً في السنوات الأخيرة. وقد أدَّى تفشي إنفلونزا الطيور إلى هلاك عدد من قطعان الدجاج، ما قلّل من المعروض من البيض.

ويتوقع الاقتصاديون بشكل عام أن ينخفض التضخم قليلاً في الأشهر المقبلة؛ حيث تنمو أسعار إيجار الشقق والأجور وتكاليف التأمين على السيارات بشكل أبطأ، ولكن ما يُلقي بظلاله على التوقعات هو السياسات التضخمية المحتملة من الرئيس المنتخب دونالد ترمب، فقد اقترح الأخير زيادة الرسوم الجمركية على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين غير المصرح لهم.

يوم الثلاثاء، قال ترمب إنه سينشئ «دائرة الإيرادات الخارجية» لتحصيل الرسوم الجمركية، ما يُشير إلى أنه يتوقع فرض عدد من الرسوم في نهاية المطاف، حتى إن كان قد قال أيضاً إنه ينوي استخدامها ورقة مساومة. وخلال حملته الانتخابية، وعد بفرض رسوم تصل إلى 20 في المائة على جميع الواردات، ورسوم تصل إلى 60 في المائة على البضائع القادمة من الصين.

وفي الأسبوع الماضي، أظهر محضر اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال ديسمبر أن الاقتصاديين في البنك المركزي يتوقعون أن يظل التضخم هذا العام كما هو تقريباً في عام 2024، مدفوعاً قليلاً بسبب ارتفاع الرسوم الجمركية.

وقال رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن البنك المركزي سيُبقي على سعر الفائدة الرئيسي مرتفعاً، حتى يعود التضخم إلى 2 في المائة. ونتيجة ذلك، يتوقع المستثمرون في «وول ستريت» أن يخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي مرة واحدة فقط هذا العام، من مستواه الحالي البالغ 4.3 في المائة، وفقاً لأسعار العقود الآجلة.

ولا تزال تكاليف الاقتراض الأخرى مرتفعة، ويرجع ذلك جزئياً إلى توقعات ارتفاع التضخم، وقلة تخفيضات أسعار الفائدة من جانب «الاحتياطي الفيدرالي». وارتفعت معدلات الرهن العقاري، التي تتأثر بشدة بالعائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، للمرة الرابعة على التوالي الأسبوع الماضي إلى 6.9 في المائة، وهو أعلى بكثير من أدنى مستوياتها في عهد الوباء، الذي بلغ أقل من 3 في المائة.

وفي ظل مرونة سوق العمل -حيث انخفض معدل البطالة إلى مستوى متدنٍّ بلغ 4.1 في المائة الشهر الماضي- فإن المستهلكين قادرون على مواصلة الإنفاق، ودفع عجلة النمو. ومع ذلك، إذا تجاوز الطلب ما يمكن أن تنتجه الشركات، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التضخم.

في وقت سابق من هذا الشهر، اتفق عدد من الاقتصاديين البارزين، بمن في ذلك رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، بن برنانكي، على أن التعريفات الجمركية التي سيفرضها ترمب في نهاية المطاف لن يكون لها على الأرجح سوى تأثيرات طفيفة على التضخم. وقد نوقشت هذه المسألة في الاجتماع السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرنسيسكو.

وقال جيسون فورمان، أحد كبار المستشارين الاقتصاديين خلال إدارة أوباما، في المؤتمر إن الرسوم قد ترفع معدل التضخم السنوي بعدة أعشار من النقطة المئوية فقط، لكنه أضاف أنه حتى زيادة بهذا الحجم قد تكون كافية للتأثير على قرارات «الاحتياطي الفيدرالي» بشأن معدل الفائدة.

وقال في الرابع من يناير (كانون الثاني): «أنت في عالم تكون فيه سياسات ترمب أشبه بالأعشار، أكثر من كونها شيئاً كارثياً». وأضاف: «لكنني أعتقد أننا أيضاً في عالم يعتمد فيه اتجاه بقاء معدلات الفائدة على حالها أو انخفاضها أو ارتفاعها على تلك الأعشار».