«هدنة غزة»: تضارب بشأن مصير مقترح «الفرصة الأخيرة»

إعلام أميركي يتحدّث عن مطالب جديدة لإسرائيل و«حماس»

لافتة ملقاة على الأرض قرب نار أشعلها متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية خلال احتجاجات طالبت بإطلاق سراح الرهائن (أ.ف.ب)
لافتة ملقاة على الأرض قرب نار أشعلها متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية خلال احتجاجات طالبت بإطلاق سراح الرهائن (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: تضارب بشأن مصير مقترح «الفرصة الأخيرة»

لافتة ملقاة على الأرض قرب نار أشعلها متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية خلال احتجاجات طالبت بإطلاق سراح الرهائن (أ.ف.ب)
لافتة ملقاة على الأرض قرب نار أشعلها متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية خلال احتجاجات طالبت بإطلاق سراح الرهائن (أ.ف.ب)

تضارب جديد تشهده مفاوضات الهدنة في غزة بشأن مصير «المقترح الأميركي النهائي» لحل أزمة الحرب بالقطاع، التي تدخل شهرها الـ12، وسط حديث إعلامي أميركي عن «تأجيل لأجل غير مسمى»، مع مطالب جديدة ظهرت من طرفي الحرب، وتأكيد إسرائيلي رسمي بأن «الإعلان عن المقترح بات وشيكاً»، في مقابل تشاؤم بشأن الاتفاق حوله.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يعتقدون أن «التضارب بشأن المقترح، الذي يعد فرصة أخيرة قبل الانتخابات الأميركية، مردّه تخبط واشنطن نتيجة تعنت رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، في قبول حلول لخروج الاتفاق إلى النور»، مؤكدين أنه دون ضغوط حقيقية أميركية عليه فـ«لا صفقة قريبة»، واحتمال اندلاع تصعيد جديد بالمنطقة.

ووفق صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، فإن مساعي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي استمرت لأشهر من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل و«حماس»، «تعرقلت مرة أخرى في الأيام الأخيرة، ما أدخل الاتفاق في حالة من الجمود»، إذ يقول مسؤولون أميركيون: «إنهم أجّلوا، إلى أجل غير مسمى، خطتهم لتقديم اقتراح للجانبين».

الصحيفة أوضحت، السبت، أن «العقبة الأخيرة، المتعلقة بتقديم (حماس) المفاجئ لمطلب جديد يتعلق (بزيادة عدد) السجناء الذين ستفرج عنهم إسرائيل»، في حين يستمر تمسك إسرائيل بالبقاء في محور فيلادلفيا بصفته عقبة رئيسية ترفضها مصر وكذلك «حماس».

كما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن مسؤولين أميركيين، لم تسمهم، أن «حماس» أضافت في الأيام الأخيرة مطالب جديدة تتعلق بالإفراج عن الرهائن، وطالبت بمضاعفة عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيجري إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من الاتفاق، ووفق الصحيفة، يأمل المسؤولون أن تتمكن قطر من إقناع «حماس» بالتخلي عن تلك المطالب، وتقليص طلبها.

شاب فلسطيني يسير بين أنقاض مبنى تعرض لقصف إسرائيلي في حي الشيخ رضوان بغزة (أ.ف.ب)

وفي المقابل، كشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، مساء السبت، عن «أجواء تشاؤم بشأن إمكانية التوصل إلى صفقة»، غير أنها قالت «لكن المقترح سيقدم على أي حال»، وأوضحت أن الصفقة التي تجري صياغتها قد تعرض الأحد أو خلال الأيام القليلة المقبلة، وتتضمن كل النقاط الخلافية، وعلى رأسها محور فيلادلفيا.

بينما قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، في تصريحات، السبت: «إن بلاده تعمل على مقترح لوقف إطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل أن يتم ذلك في الأيام المقبلة»، مؤكداً «مواصلة العمل بأقصى ما يمكن مع الوسطاء».

وفي محاولة لإحداث حلحلة بملف المفاوضات، كشفت وسائل إعلام أميركية نهاية الشهر الماضي اعتزام واشنطن تقديم «صيغة نهائية»، تشمل اقتراحات عينية لجسر الهوة بين الطرفين في كل القضايا، لافتة إلى أن هذا المقترح سيكون على طريقة «خذه أو اتركه»، لكي يضع الطرفين في موقف جاد.

ووفق مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق، السفير علي الحفني، فإن «ذلك التضارب مردّه عراقيل نتنياهو المتكررة التي جعلت المفاوضات على المحك»، مضيفاً: «إننا سمعنا من واشنطن أن المفاوضات أوشكت على الاتفاق، ثم حسمت بنسبة 90 بالمائة، ثم ستعلن الجمعة مقترحاً جديداً، ثم تدرس مقترحاً ثالثاً، وهذا كله نتاج عدم تقبل نتنياهو أي حلول».

ويحذر الحفني من «تداعيات تقسيم الأدوار بين واشنطن وإسرائيل»، مؤكداً أن الأزمة الكبرى هي وقف حرب «الإبادة» في غزة، التي توسعت في الضفة، وإن حدث ذلك «سنرى حلولاً حقيقية تتم على أرض الواقع دون تضارب».

ويرى نائب رئيس «المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية»، مختار غباشي، أن «هذا التضارب محاولة أميركية إسرائيلية لممارسة ضغوط إعلامية على (حماس) لترضي إسرائيل، لكن بالنهاية فإن المفاوضات ستفشل بسبب تعنت نتنياهو».

ويضيف غباشي سبباً ثانياً، أن «واشنطن تمهّد حال جمود المفاوضات بأنها بذلت مجهوداً، وهناك أطراف تعرقل جهودها، وهذا غير صحيح، لأنه لو كانت هناك ضغوط حقيقية على نتنياهو لذهبنا لاتفاق مبكر».

وبينما يعلو الحديث عن «تعثر محتمل»، يتصاعد بالمقابل أصوات المظاهرات في إسرائيل المطالبة بهدنة قريبة، وإطلاق سراح المحتجزين؛ حيث شهدت إسرائيل، مساء السبت، مظاهرات حاشدة، قال منظموها إنها «ضمت أكثر من نصف مليون شخص»، عادّين أنها «الأكبر في تاريخ البلاد»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، وسط توسع عسكري إسرائيلي في الضفة الغربية.

ووسط ترقب إسرائيلي لاجتماع مجلس الوزراء الأمني المصغر الأحد، لمناقشة اتفاق الرهائن، وفق «هيئة البث الإسرائيلية»، طرأ متغير جديد في ساحة المواجهات، مع كشف الجيش الإسرائيلي، عن حدوث هجوم عند معبر اللنبي قرب الحدود الأردنية، أودى بحياة 3 إسرائيليين، فضلاً عن منفذ العملية، وهذا هو أول هجوم من نوعه على الحدود مع الأردن منذ حرب غزة قبل 11 شهراً.

وعدّت «حماس»، في بيان الأحد، تلك العملية بأنها «رد طبيعي على المحرقة التي تنفذها إسرائيل بحق أبناء شعبنا في غزة والضفة الغربية المحتلة، ومخططاتها في التهجير وتهويد المسجد الأقصى»، في حين عدّها نتنياهو «يوماً صعباً».

وحذّر الحفني من عدم التوصل لهدنة قريبة، وانشغال واشنطن بالانتخابات، وتأجيل المفاوضات لما بعد انتهائها، مؤكداً أن «توسع الحرب وارد، وكذلك التصعيد بالمنطقة»، ويتفق معه غباشي في أهمية الذهاب لاتفاق لعدم توسع خطر المواجهات، خصوصاً مع توسيع إسرائيل عملياتها في الضفة الغربية.

 


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعلن مقتل 20 مسلحاً فلسطينياً في الغارة على مستشفى «كمال عدوان»

المشرق العربي سيارات الإسعاف تنقل الجرحى الفلسطينيين من مستشفى «كمال عدوان» إلى مستشفى «الشفاء» وسط الهجوم الإسرائيلي المستمر (أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن مقتل 20 مسلحاً فلسطينياً في الغارة على مستشفى «كمال عدوان»

أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل نحو 20 مسلحاً فلسطينياً خلال غارته على مستشفى «كمال عدوان» في شمال غزة، ووصفها بأنها واحدة من «أكبر العمليات» التي ينفذها في القطاع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة تظهر آثار الانفجار في مبنى دار الضيافة التابع لمعسكر «الإمام علي» في شمال طهران (شبكات التواصل)

اغتيال هنية... كيف تم اختراق الحصن الإيراني؟

بعد أيام من تبني اغتيال هنية، أكد مسؤولون إسرائيليون أن رئيس حركة «حماس» اغتيل بعبوة ناسفة وضعت في غرفته في المجمع الأكثر حراسة في طهران.

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يلتقي إسماعيل هنية في طهران يوم 30 يوليو 2024 (رويترز)

تقرير إسرائيلي: عُطل بالمكيف كاد يفشل عملية اغتيال هنية في طهران

كاد عُطل في وحدة مكيف الهواء أن يعرقل عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في 31 يوليو في طهران.

الولايات المتحدة​ الرئيس المنتخب ترمب وحليفه الملياردير إيلون ماسك (أ.ب) play-circle 01:14

ترمب يساند إيلون ماسك في نزاع حول برنامج للتأشيرات

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب اليوم (السبت) إنه يساند الملياردير إيلون ماسك في نزاع على استخدام برنامج التأشيرات «إتش-1بي».

«الشرق الأوسط» (ويست بالم بيتش (فلوريدا))
شؤون إقليمية صور للإسرائيليين المحتجزين في غزة منذ هجمات 7 أكتوبر في ساحة ديزنغوف وسط تل أبيب في 26 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

إسرائيل قلقة من أن مفاوضي «حماس» لا يقررون

تعتقد إسرائيل أن عملية صنع القرار والهيكل التنظيمي لـ«حماس» بعد قتل زعيمها يحيى السنوار، لم تستقر، مما يجعل إدارة المحادثات معقدة للغاية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

«حزب الله» مُلوّحاً بالرد على إسرائيل: أمامهم فترة اختبار... والوضع الحالي لن يستمر

النائب حسن فضل الله
النائب حسن فضل الله
TT

«حزب الله» مُلوّحاً بالرد على إسرائيل: أمامهم فترة اختبار... والوضع الحالي لن يستمر

النائب حسن فضل الله
النائب حسن فضل الله

لوّح «حزب الله» بالرد على الخروقات الإسرائيلية، محذراً، على لسان النائب حسن فضل الله، بأن الوضع الحالي في جنوب لبنان لن يستمر، وبأن «العدو لن يتمكن من أن يحصل بهذه الطرق على ما عجز عنه في الميدان»، وأكد أن «المقاومة تعرف واجباتها»، رامياً المسؤولية على الحكومة والمجتمع الدولي.

جاء كلام فضل الله التصعيدي خلال احتفال تكريمي أقامه «حزب الله» لشهداء بلدة عيناثا الجنوبية، في وقت لا تزال فيه الخروقات الإسرائيلية مستمرة في جنوب لبنان، فيما الجيش الإسرائيلي لم ينسحب من القرى التي دخل إليها خلال الحرب، مع تسجيل توغل إضافي له باتجاه بلدات لبنانية، مثل الطيبة التي نفذ فيها، الاثنين، عملية نسف عنيفة لمنازل، وفق ما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام».

وقال فضل الله: «ثبات المقاومة والجهد السياسي الذي قاده رئيس البرلمان نبيه بري بالتنسيق الكامل مع قيادة (حزب الله)، هما ما أوصلا إلى وقف إطلاق النار، الذي يلزم العدو الانسحاب خلال مهلة 60 يوماً، دون أن يتضمن بنوداً تسمح للعدو بالقيام بما يريد من خروق واعتداءات يقوم بها، منذ إعلانه، على الأراضي اللبنانية وعلى الجنوب والقرى الحدودية».

ورد على تساؤلات البعض حول موقف «حزب الله» من الخروقات الإسرائيلية، فقال: «نقول لجميع من كانوا يطالبوننا سابقاً بترك الأمر للدولة وللقرارات الدولية وللمجتمع الدولي، وبأنّ الدولة تستطيع الحماية وكذلك المجتمع الدولي: أمامكم فترة الستين يوماً، وهي فترة اختبار لكل هذه المقولات؛ اختبار لهم وليس لنا، فنحن لسنا بحاجة إلى دليل أو تجربة أو قراءة تاريخية؛ نحن نعرف هذا العدو، ونعرف أنّ ليس هناك ما يحمينا في مواجهته إلا التصدي له، وإلا سلاح المقاومة، ومعادلة (الشعب والجيش والمقاومة). أما أصحاب هذه المقولات، فنقول لهم اليوم: كيف ستحمون سيادة لبنان في هذه الفترة، وكيف ستمنعون العدو من القيام بهذه الخروق؟ هم لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً».

وأكد أن «المقاومة تعرف واجباتها وما عليها فعله، وتعرف المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقها، ولكن صدقية شعارات ومواقف من يدعي أنه مع السيادة باتت الآن على المحك؛ إذ منطقة جنوب الليطاني الآن هي من مسؤولية الدولة من خلال قواها العسكرية الرسمية، والقرار عند الحكومة التي نتواصل معها لمتابعة هذا الأمر، ونحن لا نريد أن يعالج الأمر بالمزايدة أو بالمواقف السياسية والسجالات وتحميل المسؤوليات كيفما كان، فالمسؤول من المفترض أن يتحمل مسؤوليته لمواجهة هذه الخروق والاعتداءات، إضافة إلى المسؤولية الملقاة على لجنة المراقبة الدولية والـ(يونيفيل) التي نرى كيف يعطيها العدو توجيهاته حول الطرق التي عليها أن تسلكها».

وإذ أشار إلى «أننا الآن نرى النتيجة من الدعوة التي كانت توجَّه إلينا بترك الأمر في الجنوب للـ(يونيفيل) وللمؤسسات الرسمية لتقوم بواجباتها»، فقد أكّد فضل الله أن «هذا الوضع لن يستمر، وأن العدو لن يتمكن من أن يحصل بهذه الطرق على ما عجز عنه في الميدان، فهؤلاء الشهداء منعوه من التسلل والاحتلال، وإخوانهم ورفاقهم لن يسمحوا له بأن يحتل وبأن يبقى في هذه الأرض. المرحلة الآن لها علاقة بهذا الاتفاق، ونحن نريد تطبيق هذا الاتفاق، ونتعاطى مع الموضوع من زاوية مسؤوليات الدولة، لكن هذا لن يستمر مع العدو طويلاً، ولن تكون له ضمانة في أرضنا من أحد، ولن تكون له حرية التصرف بأرضنا كيفما كان. وسنبقى نحمل قضية الدفاع عن لبنان وعن الجنوب لتحرير أرضنا وحماية شعبنا وصون الإنجازات التي تحققت بتضحيات شهدائنا».