سلام بشر يعزف مقطوعات تراثية وعالمية بمصاحبة «موسيقى الحجرة»

في حفل يحتضنه «بيت الهراوي» الأثري بالقاهرة

عازف العود السوري سلام بشر (الشرق الأوسط)
عازف العود السوري سلام بشر (الشرق الأوسط)
TT

سلام بشر يعزف مقطوعات تراثية وعالمية بمصاحبة «موسيقى الحجرة»

عازف العود السوري سلام بشر (الشرق الأوسط)
عازف العود السوري سلام بشر (الشرق الأوسط)

يمزج الفنان السوري سلام بشر بين المقطوعات الموسيقية العربية التراثية وبين الموسيقى العالمية، في حفل بـ«بيت العود العربي» في القاهرة الذي تشاركه فيه مجموعة موسيقى الحجرة «blue ensemble» الخميس في «بيت الهراوي» بالقاهرة التاريخية.

ووسط الزخم التراثي للمباني الأثرية المجاورة للجامع الأزهر، يصنع الفنان السوري حالة خاصة، تعبر عن عشقه القديم المستمر للموسيقى العربية التراثية، وكذلك الموسيقى العالمية، مع مجموعة مكونة من 6 عازفين لآلة العود هم: يوستينا موريس، ومنال ربيع، وعبير فوزي، وحسن الكاف، ومحمد السماني، وعمر المحمد، وبمشاركة عازف الإيقاع شريف طنطاوي.

ومن المقرر أن يطلق بشر عملاً جديداً «بوليفوني» يجمع بين أساليب التوزيع الغربي والتقنيات العربية.

وقد تخرج الفنان السوري في «المعهد العربي» في السويداء بسوريا، وأكمل دراسته في «المعهد العالي للموسيقى» في دمشق، ثم درس في «بيت العود العربي» بالقاهرة على يد الفنانين نصير شمة وإسلام طه، ليصبح أستاذاً ومدرساً بـ«بيت العود».

وعن حفله الأحدث يقول: «أعتز بتقديم تجربة دمج موسيقى الحجرة للعود على أرض مصر التي طالما أقدم الموسيقيون فيها على إدخال الموسيقى البوليفينية على الموسيقى العربية، وكان أولهم الموسيقار سيد درويش من خلال عمل (دقت طبول الحرب)، وهي موسيقى متعددة الأصوات، ثم تلاه الموسيقار عمار الشريعي».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ثم أدخل الموسيقار عمر خيرت الآلات النفخية والوتريات والآلات الأوركسترالية في الأعمال الشرقية، ونراها من خلال الكثير من الأعمال الفنية التي يقدمها».

ويؤكد بشر أنه يسير على النهج نفسه: «إدخال الآلات الأوركسترالية مع الآلات العربية، بشرط أساسي، وهو كتابة توزيع موسيقي يتوافق مع البناء الموسيقي الكلاسيكي الذي هو أساس القواعد الفنية، إضافة إلى الحرص على التوافق مع الموسيقى العربية».

وعن تقديمه لموسيقى الحجرة في الحفل يقول: «كما هو معروف فإن (موسيقى الحجرة) أو (موسيقى الصالون/ Chamber Music)‏ هي من أشكال الموسيقى الكلاسيكية، التي تضم مجموعة صغيرة من الآلات الموسيقية، وأقل من العدد المعتاد للأوركسترا كأن يكون هناك نحو أربعين عازفاً أو أقل، وفي الغالب يمكن أن تحتضنها حجرة كبيرة، ومن هنا جاء اسمها».

سلام بشر مع الفنان نصير شمة (الشرق الأوسط)

ويوضح: «لأنني درست الموسيقى العربية والكلاسيكية، فقد استطعت أن أجمع بينهما، وتقديمهما معاً في حفلاتي، فجميع الأعمال في الحفل من توزيعي وإعدادي الموسيقي، ومن ذلك مجموعة من مقطوعات المؤلف العالمي يوهان سباستيان باخ الذي يُعد من أقدم وأهم الموسيقيين على مر العصور؛ إذ قمت بإعداد هذه الأعمال للعزف على آلة العود مع الفلوت والكونترباص، وهو ما قمت به أيضاً لعدد من أعمال الفنان نصير شمة».

ويقدم سلام بشر في حفله أعمالاً قام بإعادة توزيعها أوركسترالياً للفنان المصري بليغ حمدي وغناها المطرب المصري عبد الحليم حافظ، من بينها «أنا كل ما أقول التوبة»، بالإضافة إلى أعمال للفنانين المصريين رياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب.

ويتبنى الفنان مجموعة مشاريع ثقافية متعددة بمصر بعد أن انتقل إليها، ويقول: «احتضنتني وزارة الثقافة بمصر وصندوق التنمية الثقافية وبيت العود العربي في القاهرة، وكان ذلك بشكل خاص ممثلاً في الموسيقار نصير شمة، مما ساعدني على تقديم عدد من الحفلات والمشاركات التي شملت البيوت الثقافية المصرية في قصر الأمير طاز، وقبة الغوري، وبيت الهراوي، ودار الأوبرا المصرية».

ويوضح بشر أن «المواهب التي يتم دعمها في (بيت العود) من مختلف الجنسيات العربية والغربية؛ مما يفتح في مصر آفاقاً واسعة ونوافذ متنوعة على الثقافات المختلفة»، ويتابع: «كما أنه من شأنه أن يوطد الترابط الفني بين الفنانين العرب، ويمثل من جهة أخرى جسراً بين الثقافتين العربية والغربية».

وأنشأ عازف العود العراقى نصير شمة «بيت العود العربي» عام 1998 في القاهرة، وكان أول مدرسة مخصصة لتعليم العود كأداة موسيقية منفردة، وبعده أطلق عدة فروع لـ«بيت العود» في الوطن العربي.


مقالات ذات صلة

مهرجان «بلد بيست»... مزيج إبداعي موسيقي في «جدة التاريخية» أواخر يناير

يوميات الشرق «بلد بيست» سيتيح لمحبي الموسيقى والثقافة فرصة استكشاف الإرث العريق لمنطقة «البلد» في جدة (ميدل بيست)

مهرجان «بلد بيست»... مزيج إبداعي موسيقي في «جدة التاريخية» أواخر يناير

تطلق منصة «ميدل بيست» النسخة الثالثة من مهرجان «بَلَد بيست»، في قلب مدينة جدة التاريخية (غرب السعودية) يومي 30 و31 يناير (كانون الثاني) المقبل.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الاستماع إلى الموسيقى يمكنه تغيير كيفية تذكر الناس للماضي (رويترز)

الموسيقى قد تغير طريقة تذكرنا للماضي

أكدت دراسة جديدة أن الاستماع إلى الموسيقى لا يمكن أن يحفز الذكريات فحسب، بل يمكنه أيضاً تغيير كيفية تذكُّر الناس لها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد بموهبة التمثيل (زياد صليبا)

زياد غسان صليبا لـ«الشرق الأوسط»: والدي فنان عالمي

يعدّ زياد الابن الأصغر للفنان غسان صليبا. وهو مثل شقيقه وسام جذبه عالم الفن بكل أبعاده، فمشى على خطى والده المغني وأخيه الممثل وسام صليبا.

فيفيان حداد (بيروت)

«رديء الصنع»... معرض مصري مستوحى من أسواق الألعاب الشعبية

من مجموعة «أنصال حادة» في المعرض (الشرق الأوسط)
من مجموعة «أنصال حادة» في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«رديء الصنع»... معرض مصري مستوحى من أسواق الألعاب الشعبية

من مجموعة «أنصال حادة» في المعرض (الشرق الأوسط)
من مجموعة «أنصال حادة» في المعرض (الشرق الأوسط)

قد يستدعي زائر معرض «رديء الصنع» للفنان المصري علي حسان، ذلك الشعور «الطفولي» القديم بمجرد دخوله إلى محل ألعاب؛ فتُشتته الدُمى بفساتينها وابتساماتها، وألعاب الصيد بتحدياتها، إلا أن هذا الشعور سرعان ما تصحبه تأملات وهواجس أخرى عما يختبئ وراء قصة تلك الألعاب كما تُعبر عنها لوحات المعرض الذي يستضيفه غاليري «زهوة» بالقاهرة، ويُواصل أعماله حتى نهاية الشهر الحالي.

ويسجّل المعرض الفني الذي يضم 29 عملاً تجربة ذاتية واستكشافية ممتدة عبر نحو ثلاث سنوات، عايشها الفنان المصري علي حسان عبر جولاته داخل أسواق ألعاب الأطفال الشعبية، لا سيما في سوق «المنشية» ومحيط «سيدي بشر» في مدينة الإسكندرية (شمال مصر)، التي راكم من خلالها مشاهدات حول تلقي الأطفال تلك الألعاب ما بين فضول واستكشاف، وصولاً لفرحة سريعة يتبعها إحباط، وأحياناً ألم، حيث تتسبب في جرح بعضهم بسبب حِدتها ورداءة تصنيعها.

إحدى لوحات المعرض تستدعي تراث «صندوق الدنيا» (الشرق الأوسط)

الأمر الذي حفّز لديه طاقة تأملية لذلك الطيف الواسع من المشاعر التي يصفها لـ«الشرق الأوسط» بأنها تمثل «شكلاً من استهلاك الطموح الذي تُصدّره سوق الألعاب رديئة الصنع، فتُحبط الأطفال أكثر مما تجلب لهم السعادة».

وتعكس لوحات المعرض حالة من النقد عبر رؤية جمالية تتأمل رحلة اقتناء لعبة من وسط كومة من القطع البلاستيكية العشوائية داخل أروقة بيع الألعاب الضيقة: «هذا التكدس بألعاب رديئة الصنع، تبدو متسقة مع نداءات الباعة الجائلين في الأزقة الشعبية التي تردد دون انقطاع دعوات شراء تلك الألعاب بشكل مُلِحّ يُصعّد من حالة ترقب الأطفال للحصول على تلك الألعاب»، كما يقول صاحب المعرض.

عناصر متداخلة من الألعاب في واحدة من لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

ويضيف: «تلك اللعبة سريعة الزوّال التي تحتوي بعضها على أنصال حادة تجرح أيدي الأطفال، كانت دافعي لمراجعة مفهوم الألعاب وفلسفتها، ومحاولة فهم كيف أصبحت الألعاب، وربما الثقافة الشعبية بشكل أعم، منفذاً إنتاج محتوى سطحي أو استغلالي يعكس حالة عامة من الانحدار أو الرداءة».

من أعمال معرض «رديء الصنع» (الشرق الأوسط)

ويقسّم الدكتور علي حسان، أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة، لوحات المعرض مجموعاتٍ عدة، تجمع كل مجموعة تقنية عرضاً وموضوعاً مختلفاً يشكّلون في مجموعهم رؤيته الفنية منها مجموعة «أنصال حادة» التي استخدم فيها ألوان الفحم في رسم دُمى بوجه برئ مُصمت الانفعال بحجم كبير، لتبدو وكأنها تُواجه الزائر بنديّة، في لعبة فنية مقصودة: «فكرت من خلال هذا الحجم طرح سؤال عن السيطرة؛ كيف تُسيطر الألعاب على الناس؟»، كما يقول علي حسان.

دمى صغيرة استعان بها الفنان في صياغة عمله (الشرق الأوسط)

أما اللوحات الزيتية في المعرض فتبدو مُفعمة بالتفاصيل الصاخبة التي تُحاكي صخب أزقة الألعاب الشعبية، فجعل اللوحات مسرحاً لطبقات حكائية متداخلة عايشها خلال جولاته وأضاف إليها عناصر تراثية استدعاها من ذاكرته، كما في لوحة «بيانولا» التي تستلهم «صندوق الدنيا» الذي كان يُحرّك مُخيلة الأطفال في الموالد الشعبية، فجعله بتركيبته الشعبية مُحاصراً بألعاب بلاستيكية حديثة نمطية، التي رغم ما تبدو عليه من مرح إلا أنها تعكس روح الخامة البلاستيكية الرخيصة سريعة التلف، وبالتالي سريعة النسيان.

د. علي حسان مع جانب من لوحاته (علي حسان)

ويقول: «المفارقة بين زيف الشكل الخارجي، ووعوده البراقة هي ثيمة تبدأ من عالم الصِغار وتمتد بصياغات مختلفة في عالم الكِبار بعد ذلك»، كما يقول صاحب المعرض.

ويطرح معرض «رديء الصنع» صيّغاً تعبيرية مختلفة لفكرة الزيف، عبر أكثر من مجسّم لـ«ميكي ماوس»، حيث يُعيد الفنان علي حسّان صياغة هذا الرمز الأشهر في عالم الألعاب بصورة اعتمدت على منحه حُلة برّاقة باستخدام حِليات كريستالية مُزيفة، تُضاعف من فكرة الأوهام التي تعززها تلك الصناعة، فيما تظهر تكرارات لـ«ميكي ماوس» في ثنايا الأعمال المرسومة ليبدو جزءاً لا يتجزأ من ميراث ألعاب الطفولة على امتداد الأجيال.