السودان عند «نقطة انهيار كارثية»

منظمة دولية تحذر مع توقع تسجيل عشرات الآلاف من الوفيات

المنظمة الدولية للهجرة تحذر من أن السودان وصل إلى نقطة انهيار كارثية (أ.ف.ب)
المنظمة الدولية للهجرة تحذر من أن السودان وصل إلى نقطة انهيار كارثية (أ.ف.ب)
TT

السودان عند «نقطة انهيار كارثية»

المنظمة الدولية للهجرة تحذر من أن السودان وصل إلى نقطة انهيار كارثية (أ.ف.ب)
المنظمة الدولية للهجرة تحذر من أن السودان وصل إلى نقطة انهيار كارثية (أ.ف.ب)

حذرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، من أن السودان وصل إلى «نقطة انهيار كارثية»، مع توقع تسجيل عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن تفاديها جراء الأزمات المتعددة.

ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قال عثمان بلبيسي، المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الدولية للهجرة، في بيان: «دون استجابة عالمية فورية واسعة النطاق ومنسقة، فإننا نخاطر بأن نكون شاهدين على عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن تفاديها في الأشهر المقبلة. نحن عند نقطة الانهيار، نقطة انهيار كارثية».

يشهد السودان حرباً منذ أبريل (نيسان) 2023 بين «قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو والجيش الذي يقوده عبد الفتاح البرهان، أوقعت إلى الآن عشرات آلاف القتلى وأدت إلى أزمة إنسانية.

وأشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أنّ الأرقام الأخيرة أظهرت أنّ هناك أكثر من 10.7 مليون نازح داخلياً في السودان، وقد نزح العديد منهم مرّات عدّة.

وفي الوقت نفسه، فرّ 2.3 مليون شخص عبر الحدود إلى الدول المجاورة.

ووفق المنظمة الدولية للهجرة، فقد أدّت الفيضانات إلى تشريد أكثر من 20 ألف شخص منذ يونيو (حزيران) في 11 من ولايات السودان الـ18، مشيرة في الوقت ذاته إلى تدمير البنية التحتية بفعل هذه الفيضانات، مما أدّى إلى تعطيل وصول الإمدادات الحيوية.

وبالمجمل، نزح أكثر من 45 ألف شخص خلال الأسبوعين الماضيين، فرّ أكثر من 38 ألفاً منهم عبر الحدود.

وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي تعتمده الأمم المتحدة، فقد دفع الصراع مخيّم زمزم بالقرب من مدينة الفاشر المحاصرة في دارفور إلى المجاعة.

من جهتها، أفادت المنظمة الدولية للهجرة بأنّ الظروف الإنسانية والحماية في السودان تعدّ «من بين الأسوأ في العالم».

وقالت المنظمة، التي يقع مقرّها في جنيف، إنّ «القيود على وصول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك العوائق التي فرضها طرفا النزاع، حدّت بشدّة من قدرة منظمات الإغاثة على توسيع نطاق عملها وإنقاذ الأرواح، خصوصاً خلال موسم الأمطار الحالي».

وأكدت المنظمة أنّ هناك حاجة إلى «تمويل عاجل... من أجل أولئك الذين ما زالوا في حاجة ماسّة إلى الغذاء والمأوى والمياه والخدمات الصحية والحماية المتخصّصة».


مقالات ذات صلة

حميدتي: سنشارك في مفاوضات سويسرا لوقف الحرب السودانية فوراً

شمال افريقيا محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أ.ف.ب)

حميدتي: سنشارك في مفاوضات سويسرا لوقف الحرب السودانية فوراً

أقر قائد «الدعم السريع» بأن البلاد «تمر بحالة من الانهيار جراء الحرب التي تسببت بفوضى، وفراغ أمني كبير»

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)

واشنطن مصرّة على اجتماع جنيف حول السودان

المجاعة والفيضانات أُضيفت إلى قائمة التحديات التي يواجهها ملايين الأشخاص في البلاد التي مزّقتها الحرب، في ظلّ أكبر أزمة نزوح في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
تحليل إخباري قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)

تحليل إخباري خبراء لا يستبعدون اتساع نطاق الحرب بالسودان... وتفشي المجاعة

قال اللواء المتقاعد كمال إسماعيل لـ«الشرق الأوسط» إن حرب السودان «ليس فيها منتصر أو مهزوم... والمهزوم الأكبر هو الشعب»، وإنها «لن تنتهي إلاّ بالتفاوض».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييللو (رويترز)

المبعوث الأميركي: محادثات السودان في جنيف ستمضي قدماً هذا الأسبوع

أعلنت الولايات المتحدة الاثنين أنها تريد بدء محادثات بشأن السودان هذا الأسبوع في سويسرا حتى في غياب ممثلي الحكومة السودانية التي أبدت تحفظات على الطرح الأميركي.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا 
رئيس الوفد السوداني محمد بشير أبو نمو  (مواقع التواصل)

تعثر «مشاورات جدّة» الأميركية ــ السودانية

أُعلن أمس تعثر المشاورات السودانية - الأميركية، التي جرت في مدينة جدة السعودية، تمهيداً لمشاركة الجيش في مفاوضات مع «قوات الدعم السريع»، من المقرر أن تبدأ في جن

أحمد يونس (كمبالا)

تراشُق مصري - «حمساوي» يفاقم صعوبات مفاوضات «الهدنة»

عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق (رويترز)
عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق (رويترز)
TT

تراشُق مصري - «حمساوي» يفاقم صعوبات مفاوضات «الهدنة»

عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق (رويترز)
عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق (رويترز)

أثارت تصريحات متلفزة لعضو المكتب السياسي في «حماس» موسى أبو مرزوق، بشأن دور مصر ووساطتها في إنهاء «حرب غزة»، انتقادات برلمانيين وإعلاميين مصريين، استنكروا «المزايدة» على مواقف القاهرة، وذلك قُبيل محادثات مرتقبة يقودها الوسطاء، الخميس، لبحث إبرام صفقة هدنة.

وبينما استبعد السفير محمد العرابي، رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تتأثر علاقة الحركة بالقاهرة في ضوء ذلك التراشق، أكّد خبراء بالشأن الفلسطيني؛ أحدهما مقرّب من «حماس»، لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية».

أبو مرزوق، الذي سبق أن استضافته القاهرة لسنوات، تحدث في مقابلة متلفزة، السبت، عن أن «مصر لا يمكن أن تعدّ نفسها محايدة، وألا تقف إلى جانب المظلومين الفلسطينيين»، لافتاً إلى أن «القاهرة هي التي فقدت قطاع غزة».

وباعتقاد أبو مرزوق أن «مصر قادرة على وقف إطلاق النار وهذه المجازر في يوم واحد، في حين يواجه الشعب الفلسطيني مذابح مستمرة عبر الصواريخ، وعبر منع الدواء والغذاء عن قطاع غزة»، وفق تصريحاته الإعلامية.

موقف أبو مرزوق غير المعهود من «حماس» منذ أن بدأت تعيد علاقاتها مع مصر قبل سنوات، قُوبل بهجوم من مصريين؛ حيث استنكر عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، في تغريدة عبر حسابه بمنصة «إكس»، الاثنين، تصريحات القيادي الحمساوي، مخاطباً إياه بالقول: «أنت تدرك أن مصر لم تتخلَّ ولن تتخلَّ عن القضية الفلسطينية، رغم كل الضغوط، والشعب المصري وقيادته أبداً لم يقصروا منذ اليوم الأول، ونحن لسنا وسيطاً، ولسنا محايدين في قضية تمسّ الأمن القومي المصري والعربي».

وقال الإعلامي أحمد الطاهري، رئيس تحرير مجلة «روز اليوسف» (حكومية)، السبت، عبر فضائية «القاهرة الإخبارية»: إن «مصر تحمَّلت ما لم يتحمله أحد، منذ 7 أكتوبر حتى الآن على المستويات كافةً، في كثير من الأحيان كادت المفاوضات أن تقترب من النقطة التي يمكن من خلالها وقف القتال، وخلقت (حماس) الذريعة للمحتل، وبعد كل محاولات مصر خرج موسى أبو مرزوق ليزايد على مصر».

وانتقد الإعلامي نشأت الديهي، خلال برنامجه «بالورقة والقلم»، المذاع عبر شاشة «TEN»، السبت، أبو مرزوق، قائلاً: «نحن نتعامل بشرف وحكمة بالغة، لكن أن يأتي أقدم زعيم لحركة (حماس)، موسى أبو مرزوق، الذي كان مقيمًا في القاهرة، ويوصَف بأنه رجل عاقل، ويخطئ، فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه، خطأ لا يجب أن يمرّ مرور الكرام».

لم يرد موسى أبو مرزوق، أو «حماس» على انتقادات الإعلاميين المصريين، بينما طالبت «حماس»، في بيان الأحد، الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة، ووافقت عليه في 2 يوليو (تموز) الماضي، استناداً لرؤية الرئيس الأميركي جو بايدن في نهاية مايو (أيار) الماضي، وإلزام الاحتلال بذلك، بدلاً من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات، أو مقترحات جديدة توفر الغطاء لعدوان الاحتلال.

وبينما لم تعلق مصر رسمياً، على «عتاب أبو مرزوق»، أكّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الاثنين، خلال لقاء مع نظيره الرواندي، أوليفيي ندوهونجيريهي، بأن «هناك جهوداً مصرية دؤوبة لإنهاء الأزمة بغزة، من خلال التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والحيلولة دون اندلاع حرب إقليمية واسعة»، وفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية.

وزير الخارجية المصري الأسبق ورئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية» محمد العرابي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر أفعال لا أبواق»، مؤكّداً أن «مصر هي السند، وتعمل لصالح الشعب الفلسطيني بكامله، وليس لفصيل معين».

وأكّد أهمية «ألا يكون هناك تغيير في موقف (حماس) في ظل قيادة جديدة لها»، في إشارة لتولّي يحيي السنوار رئاسة مكتبها السياسي خلفاً لإسماعيل هنية، الذي اغتِيل في طهران نهاية يوليو الماضي.

ويأتي ذلك التراشق بينما تقترب جولة مفاوضات جديدة يوم الخميس المقبل، دعت لها قادة الوساطة؛ الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وتوقع العرابي ألا يؤثر ذلك التراشق على العلاقة مع «حماس»، مستدركاً: «لكن المفاوضات القادمة قد تتأثر، ومع طلب (حماس) الذي يستلزم إعداداً جديداً قد يحتاج وقتاً، ليس بالضرورة أن تتم في الموعد المحدد».

وتعليقاً على تصريحات أبو مرزوق، قال الأكاديمي بالعلوم السياسية والقيادي بحركة «فتح»، جهاد الحرازين: «أي تصريحات من أي شخصية كانت لا يجب أن تؤثر على العلاقات بين الفلسطينيين ومصر، التي لم تتخلَّ عنهم في أي مرحلة، وفتحت أبوابها على مصراعيها لدعم حقوقهم».

فمصر قدّمت مساعدات إغاثية لغزة، وأنشأت مخيمات للنازحين، وتقود المطالب بحقوق الفلسطينيين في المنابر الدولية وعبر الوساطة، حسب الحرازين، الذي دعا لـ«عدم خلق عداء غير مبرَّر مع مصر»، بينما استنكر عدم انتقاد «حماس» دولاً، لم يسمّها، ترفع شعارات، ولم تقدّم أي شيء للقضية الفلسطينية، وتُضرّ بها.

في المقابل، يرى إبراهيم المدهون، المحلل السياسي الفلسطيني، المقرّب من «حماس»، أن تصريحات أبو مرزوق «حُرّفت عن معناها وقصدها الحقيقي، ولا تحمل أي إساءة لمصر»، مؤكداً أن «حماس وأبو مرزوق يحملان كل التقدير والثقة في الدور المصري».

ويعتقد أن تصريحات أبو مرزوق كانت تتطلع لتدخل مصري ودور مصري أكبر، بوصفها الدولة الأقدر على لَجْم إسرائيل، مشيراً إلى تصريحات سابقة له تشيد بالدور المصري، وتعتزم إهداء انتصار غزة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

ويحث المدهون إعلاميّي مصر على عدم التراشق في تلك المرحلة الحرجة والجرح الفلسطيني غائر، مؤكداً أن «مصر هي الدواء، وهي التي تطبّب جروح فلسطين، ولا أحد يقبل لها أي إساءة».