«هدنة غزة»: تمسّك إيران و«حزب الله» بالرد على إسرائيل «يهدّد» المفاوضات

مصر تحذّر من خطورة الدخول في «دائرة مفرغة»

نازحون فلسطينيون أثناء فرارهم من الجزء الشرقي من خان يونس بعد أوامر إخلاء من الجيش الإسرائيلي (رويترز)
نازحون فلسطينيون أثناء فرارهم من الجزء الشرقي من خان يونس بعد أوامر إخلاء من الجيش الإسرائيلي (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: تمسّك إيران و«حزب الله» بالرد على إسرائيل «يهدّد» المفاوضات

نازحون فلسطينيون أثناء فرارهم من الجزء الشرقي من خان يونس بعد أوامر إخلاء من الجيش الإسرائيلي (رويترز)
نازحون فلسطينيون أثناء فرارهم من الجزء الشرقي من خان يونس بعد أوامر إخلاء من الجيش الإسرائيلي (رويترز)

بينما يتزايد حراك الوسطاء نحو إنجاز هدنة في غزة تُوقف الحرب المستمرة في القطاع منذ 11 شهراً، تتزايد المخاوف من تمسّك إيران و«حزب الله» اللبناني بالرد على اغتيالات إسرائيلية، وانعكاسات ذلك على المفاوضات.

وهناك ترقّب واسع لجولة مفاوضات ستُعقد الخميس المقبل، دعا إليها قادة دول الوساطة، مصر وأميركا وقطر، لبحث التوصل لوقف إطلاق نار بقطاع غزة، وسط تحذير رئاسي مصري من خطورة الدخول في «دائرة مفرغة» من التصعيد المتبادل بين إيران وإسرائيل، في وقت تتزايد فيه جهود أميركية لدعم عقد صفقة هدنة في أقرب وقت.

وتوقّع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن يحمل الرد الإيراني حال وقع قبل محادثات الخميس مسارَين؛ الأول: أن «يكون رداً قوياً، وبالتالي سيكون سلبياً على مسار المفاوضات؛ لأن الجانب الإسرائيلي قد يتذرّع به، ويجعله سبباً لتأجيله».

المسار الثاني: أن يكون «الرد محدوداً متفَقاً عليه، وبالتالي قد يسهم في حلحلة عقدة المحادثات، والذهاب لتنفيذ المرحلة الأولى من المراحل الثلاث من مقترح للرئيس الأميركي جو بايدن، يراوح مكانه منذ طرحه في نهاية مايو (أيار) الماضي».

ودعا بايدن، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الخميس، لاستئناف المفاوضات بالدوحة أو القاهرة دون أي تأخير، وسط ضغوط دولية لمنع أو تخفيف رد إيران و«حزب الله» على إسرائيل، عقب اتهامات لها باغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في طهران، والقائد بـ«حزب الله» فؤاد شكر، ببيروت، نهاية يوليو (تموز) الماضي.

رد فعل امرأة أثناء فرارها بعد أوامر إخلاء إسرائيلية جنوب قطاع غزة (رويترز)

وعقب ربط تقارير إعلامية بين مفاوضات هدنة غزة وعدم الرد، تمسّكت إيران وفق بيان بعثتها بالأمم المتحدة، السبت، بأن «لديها الحق في الدفاع عن النفس»، واستبعدت أنه «يكون له علاقة بهدنة غزة»، مُعرِبةً عن «أملها أن يأتي الرد في الوقت المناسب، وبطريقة لا تضرّ بوقف إطلاق النار المحتمل في القطاع».

وعلى خُطاها جدّد «حزب الله» اللبناني، وفق تصريحات لعضو كتلته البرلمانية النائب علي فياض، بـ«الرد مهما تكن الاحتمالات والتداعيات».

على الجانب الإسرائيلي، تذهب التقديرات إلى أن «(حزب الله) مصمّم على تنفيذ هجومه في الأيام المقبلة، دون أن يحدث أي تغيير في خططه بسبب محادثات الخميس المقبل»، وفق ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، وأيضاً ما أشارت إليه صحيفة «إسرائيل هيوم»، بالحديث عن أن «الرأي السائد داخل إسرائيل هو أنّ الرد متوقَّع هذا الأسبوع جزئياً أو كلياً، وسط تمسّك من (حزب الله) بتنفيذه»، وكذلك صحيفة «معاريف» بأن «التقديرات الأميركية والإسرائيلية ترجّح أن ينفِّذ (حزب الله) هجومه خلال الساعات الـ24 المقبلة، وأن يهاجم (حزب الله) إسرائيل أولاً، ثم إيران».

وبينما استعدّت إسرائيل، حسب هيئة البث الرسمية، لصد الرد، نقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية عن مصدر إسرائيلي مُطّلع على المفاوضات، أن رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» المختفي عن الأنظار بغزة، يحيي السنوار «يريد اتفاقاً لوقف إطلاق النار».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق حسين هريدي، أنه «لا آمال عريضة» حول الجولة المرتقبة، مُرجِعاً ذلك إلى إصرار إسرائيل على استمرار عملياتها العسكرية، سواء حدثت ضربة إيرانية أو من «حزب الله» أو لا.

حسين هريدي الذي سبق أن تولّى إدارة إسرائيل في الخارجية المصرية، يعتقد أن نتنياهو قد يتعلّل بالضربة المحتملة، ويسعى لتعطيل المفاوضات، لافتاً إلى أنه لو وافق على هدنة ستكون مؤقتة، مرتبطة بتجهيز قواته فقط لمواجهة مع لبنان، في ظل عدم الحسم الدبلوماسي مع «حزب الله».

ويستبعد الخبير الاستراتيجي، اللواء محمد الغباري، «سيناريو إقدام إيران على توجيه ضربة قوية تؤثر على المفاوضات»، مؤكداً أن المفاوضات ستحدّد مسارها حسابات إسرائيل، وتحقيق أهدافها من الحرب، وليس الضربة من إيران أو (حزب الله). ويعتقد أن إسرائيل ستُقدِم على توقيع اتفاق هدنة حال رأت أنها ستجني مكاسب منه، ودون ذلك لن تذهب لاتفاق، وستأخذ أي ذريعة لتعطيل المفاوضات.

الاحتمال الأقرب، حسب المحلّل الأردني صلاح العبادي، أن «تلجأ إيران إلى الذهاب باتجاه ردّ متفَق عليه، يحفظ ماء الوجه لها، مقابل وقف الحرب على قطاع غزة»، مؤكداً صعوبة سيناريو تنفيذ ضربة قوية.

ومع هذا التباين وتعدُّد السيناريوهات المحتملة، ينشط جهد إقليمي يريد إنهاء الحرب بغزة، حيث أبلغ المستشار الألماني، أولاف شولتس، الأحد، نتنياهو خلال محادثة هاتفية أن «وقف إطلاق النار في غزة سيكون خطوة حاسمة نحو خفض التصعيد في الشرق الأوسط»، داعياً إلى إبرامه، وفق ما نقلته «رويترز».

وحذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي السبت مع نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس، من خطورة استمرار الحرب بغزة، مشدّداً على «ضرورة خفض التصعيد، سواء بالأراضي الفلسطينية أو إقليمياً، بالنظر لخطورة الدخول في دائرة مفرغة من الرد والرد المضاد»، وفق إفادة الرئاسة المصرية.

بينما يتوقّع أن يزور كل من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومدير الـ«سي آي إيه» وليام بيرنز، ومستشار الرئيس الأميركي بريت ماكغورك، المنطقة هذا الأسبوع؛ لدفع صفقة الهدنة قُدماً، وفق ما نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مصادر وصفها بـ«مطّلعة».

وباعتقاد هريدي ستواصل الولايات المتحدة احتواء التصعيد بالمنطقة، تارةً بتهديد إيران، أو بإجراءات مشاورات، خشيةَ تعرُّض مصالحها بالمنطقة للخطر، متوقعاً احتمال التوصل إلى «اتفاق مرحلي فقط» لتهدئة التصعيد بالمنطقة، ينصبّ على تنفيذ المرحلة الأولى من مقترح بايدن.

ويتّفق معه العبادي، قائلاً إن مصلحة الولايات المتحدة في ظل التصعيد الحالي هي حلحلة عقدة المفاوضات، والسعي للتوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب في غزة، متوقعاً أن «تسير الأمور باتجاه المسار التفاوضي، وتضغط إيران لمقايضة إسرائيل على إنهاء الحرب على قطاع غزة مقابل ضربة محدودة متفَق عليها».


مقالات ذات صلة

«حماس» تطلب من الوسطاء عرض خطة تعتمد على المحادثات السابقة

المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس» تطلب من الوسطاء عرض خطة تعتمد على المحادثات السابقة

قالت حركة «حماس»، اليوم، إنها طلبت من الوسطاء تقديم خطة تعتمد على المحادثات السابقة بدلاً من الدخول في مفاوضات جديدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية تضغط دول غربية وعربية لإنجاز هدنة في غزة تفادياً لرد إيراني محتمل ضد إسرائيل (رويترز)

«أكسيوس»: المخابرات الإسرائيلية تعتقد أن إيران قررت مهاجمة إسرائيل مباشرة

نقل موقع «أكسيوس» عن مصدرين، اليوم (الأحد)، قولهما إن المخابرات الإسرائيلية تعتقد أن إيران قررت مهاجمة إسرائيل مباشرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي رد فعل امرأة مصابة بعد التعرف على أحد أفراد أسرتها من بين القتلى في أعقاب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: ما تأثير «مجزرة الفجر» على جهود الوسطاء؟

أثار قصف إسرائيلي جديد على مدرسة تؤوي نازحين وتسبب في سقوط عشرات الضحايا، مخاوف على مسار محادثات الهدنة، وسط استنكار عربي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أشخاص يقفون إلى جانب جثث فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة (رويترز)

غزة: ارتفاع حصيلة القتلى إلى 39 ألفاً و790 منذ بداية الحرب

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (السبت)، أن حصيلة الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» المستمرة منذ نحو 10 أشهر بلغت 39 ألفاً و790 قتيلاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي على مدرسة «التابعين» في مستشفى المعمداني بمدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:46

أكثر من 100 قتيل في «مجزرة الفجر» بمدينة غزة

ذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، أن أكثر من 100 فلسطيني لقوا حتفهم وأصيب العشرات بجروح في قصف إسرائيلي لمدرسة «التابعين» التي تؤوي نازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«حماس» تطلب من الوسطاء عرض خطة تعتمد على المحادثات السابقة

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تطلب من الوسطاء عرض خطة تعتمد على المحادثات السابقة

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

قالت حركة «حماس»، اليوم (الأحد)، إنها طلبت من الوسطاء تقديم خطة تعتمد على المحادثات السابقة بدلاً من الدخول في مفاوضات جديدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

دعا قادة الولايات المتحدة ومصر وقطر الأسبوع الماضي كلاً من إسرائيل و«حماس» إلى الاجتماع لإجراء مفاوضات في 15 أغسطس (آب)، إما في القاهرة أو الدوحة، لوضع اللمسات النهائية على اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

وقالت إسرائيل إنها سترسل مفاوضين للمشاركة في الاجتماع. وقالت «حماس» في بادئ الأمر إنها تدرس العرض لكنها ألمحت الآن إلى أنها ربما لا تشارك في الجولة الجديدة من المحادثات.

وقالت «حماس» في بيان إنها «تطالب الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة ووافقت عليه بتاريخ الثاني من يوليو (تموز) 2024، استناداً لرؤية (الرئيس الأميركي جو بايدن وقرار مجلس الأمن)، وإلزام الاحتلال بذلك، بدلاً من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات أو مقترحات جديدة توفر الغطاء لعدوان الاحتلال، وتمنحه مزيداً من الوقت لإدامة حرب الإبادة الجماعية بحق شعبنا».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة بعد أن اقتحم مسلحون من «حماس» جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، في هجوم تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه تسبب في مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقالت وزارة الصحة في غزة إن ما يقرب من 40 ألف فلسطيني قتلوا في الهجوم الإسرائيلي على غزة منذ ذلك الحين.