كيف يمكن لترمب أن يؤثر على «الاحتياطي الفيدرالي»؟

صورة أرشيفية لترمب أثناء حضوره اجتماعاً على هامش قمة مجموعة العشرين (د.ب.أ)
صورة أرشيفية لترمب أثناء حضوره اجتماعاً على هامش قمة مجموعة العشرين (د.ب.أ)
TT

كيف يمكن لترمب أن يؤثر على «الاحتياطي الفيدرالي»؟

صورة أرشيفية لترمب أثناء حضوره اجتماعاً على هامش قمة مجموعة العشرين (د.ب.أ)
صورة أرشيفية لترمب أثناء حضوره اجتماعاً على هامش قمة مجموعة العشرين (د.ب.أ)

يوم الخميس الماضي، قدم المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب أكثر الإشارات وضوحاً حتى الآن إلى اهتمامه بالتعدي على استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي إذا استعاد منصبه في البيت الأبيض.

وقال الرئيس السابق للصحافيين بمقر إقامته في مار إيه لاغو بولاية فلوريدا: «أشعر بأن الرئيس لا بد أن يكون له على الأقل رأي في قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي».

وجاء تعليقه هذا في أعقاب تقرير صدر هذا الربيع يفيد بأن حلفاء ترمب صاغوا مقترحات من شأنها أن تحاول تآكل استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي إذا فاز. وفي حين نأت حملة ترمب بنفسها عن تقرير «وول ستريت جورنال» في ذلك الوقت، فإن تصريحاته يوم الخميس تشير إلى أنه متوافق تماماً مع أحد المحاور الرئيسية للمقترحات: فإذا أصبح رئيساً، فلا بد من استشارة ترمب بشأن قرارات أسعار الفائدة، ولا بد وأن تخضع مقترحات تنظيم البنوك الفيدرالية لمراجعة البيت الأبيض، وفق ما ذكرت «رويترز».

الواقع أن تذمر الرؤساء من بنك الاحتياطي الفيدرالي - خصوصاً في الأوقات التي يرفع فيها أسعار الفائدة - ليس ظاهرة جديدة، ولكن مثل هذا التدخل المباشر في شؤون بنك الاحتياطي الفيدرالي من قِبَل ترمب، إذا فاز، سوف يجعله أول رئيس منذ ريتشارد نيكسون في أوائل سبعينات القرن العشرين يتدخل بشكل مباشر في صنع السياسات ببنك الاحتياطي الفيدرالي.

وتتناقض وجهة نظر ترمب مع وجهة نظر نائبة الرئيس كامالا هاريس، منافسته على الرئاسة. وقال أحد مساعدي هاريس يوم الجمعة، إن المرشحة الديمقراطية تعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يتخذ القرارات بشكل مستقل عن الرئيس.

التعيين الرئاسي

إن أوضح مسار لممارسة السيطرة هو من خلال عملية التعيين. إذ يتم ترشيح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي من قبل الرئيس، رهناً بتأكيد مجلس الشيوخ. وقد يحاول ترمب تنصيب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي على استعداد لرفع الولاء له على استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي طويل الأمد.

ويتمتع ترمب بتاريخ طويل من الاصطدام برئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الحالي جيروم باول، الذي نصبه رئيساً للبنك المركزي في عام 2018. كانت علاقة أعاد ترمب النظر فيها في تصريحاته يوم الخميس، قائلاً: «لقد حاربته بشدة».

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)

وتمكن باول من الصمود في وجه هجمات ترمب اللفظية، وقضى وقتاً طويلاً رئيساً في بناء علاقات مع كبار الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس، والتي عززت مكانته. ولا تنتهي ولايته الثانية رئيساً - أعيد تعيين باول من قبل الرئيس جو بايدن - حتى مايو (أيار) 2026، وأخبر ترمب «بلومبرغ» هذا الصيف، أنه لن يحاول الإطاحة بباول قبل انتهاء ولايته - وهو الأمر الذي تحدث عنه ترمب مراراً خلال فترة وجوده بالبيت الأبيض. هذا الأمر يترك نافذة تزيد قليلاً على عامين لترمب لممارسة نفوذه على رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الجديد من اختياره، على افتراض أن مثل هذا الاختيار المتوافق يفوز بتأكيد مجلس الشيوخ.

وسيكون لدى الرئيس المقبل أيضاً فرصة لاختيار نائبي رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي - أحدهما للسياسة النقدية والآخر للإشراف المصرفي.

نظام بنك الاحتياطي الفيدرالي

يتألف نظام بنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي أنشأه الكونغرس في عام 1913، من مجلس الاحتياطي الفيدرالي ومقره واشنطن؛ و12 مصرفاً احتياطياً فيدرالياً إقليمياً منتشراً في جميع أنحاء البلاد؛ ولجنة السوق المفتوحة الفيدرالية التي تحدد أسعار الفائدة.

أما أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي السبعة فيشملون الرئيس ونائبين له و4 محافظين آخرين. جميعهم معينون من قبل الرئيس رهناً بتأكيد مجلس الشيوخ.

وبعيدًا عن باول، لا يزال اثنان من المعينين من قبل ترمب في المجلس، وقد تمسك المحافظان ميشيل بومان وكريستوفر والر بتقليد استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي. وانسحب 3 آخرون كان ترمب يتطلع إليهم لمقعد في مجلس الإدارة والذين عدّهم كثيرون أنهم يتجاوزون هذا الظرف - ستيفن مور وجوديث شيلتون وهيرمان كين - أو فشلوا في الحصول على تأكيد مجلس الشيوخ.

محافظة بنك الاحتياطي الفيدرالي ميشيل بومان تتحدث خلال مؤتمر جمعية المصرفيين الأميركيين في سان دييغو (رويترز)

يدير كل بنك فيدرالي إقليمي رئيس تعينه لجنة فرعية من مجلس إدارة كل بنك.

في حين تتألف لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية من جميع أعضاء مجلس الإدارة السبعة، ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، و4 رؤساء بنوك إقليمية أخرى على أساس التناوب.

المجلس الآن

يخدم محافظو بنك الاحتياطي الفيدرالي لمدة 14 عاماً أو ما تبقى من فترة ولاية شاغل المنصب السابق. ويتم تأجيل انتهاء المدة على فترات زمنية مدتها عامان، مع الموعد التالي في عام 2026، وهو المقعد الذي تشغله الحاكمة أدريانا كوغلر، المعينة من قبل بايدن.

ويخدم رؤساء ونواب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي فترات مدتها 4 سنوات بالتزامن مع ولاياتهم. تنتهي ولاية باول رئيساً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في مايو 2026، لكن مقعده في مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيستمر حتى عام 2028. وفي حين لم يستمر رؤساء «الاحتياطي الفيدرالي» السابقون تاريخياً في منصب المحافظ إذا لم تتم إعادة تعيين كل منهم زعيماً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، لا يوجد شرط يفرض عليهم المغادرة. وإذا اختار باول البقاء، فسيحد ذلك من خيارات ترمب في تعيين مزيد من أعضاء مجلس الإدارة بما يتوافق مع رغباته.

رؤساء البنوك الحاليون

يتم اختيار رؤساء البنوك الفيدرالية من قبل الأعضاء غير المصرفيين الستة في مجالس إدارتها، ويجب أن يوافق عليهم مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي. يمكنهم الخدمة حتى سن التقاعد الإلزامي البالغ 65 عاماً، أو، إذا تم تعيينهم بعد سن 55 عاماً، لمدة 10 سنوات أو حتى يبلغوا سن 75 عاماً.

رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين يتحدث إلى النادي الاقتصادي في مدينة نيويورك (رويترز)

وتنتهي مدة جميع رؤساء البنوك الحاليين في فبراير (شباط) 2026، عندما سيتم النظر في تعيينهم لمدة 5 سنوات جديدة من قبل مجلس المحافظين. ولم تسفر عملية التجديد هذه تاريخياً عن أي تغيير في القيادة، لكن هذا عرف وليس قانوناً.


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا»: تأثير الموازنة على التضخم يثير الغموض بشأن خفض الفائدة

قال كبار مسؤولي بنك إنجلترا إن التأثيرات المحتملة للزيادات الضريبية في أول موازنة تقدّمها الحكومة على التضخم تُعدّ أكبر نقطة غموض فيما يتعلق بالفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مشاة يسيرون أمام مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يدرس خفض الفائدة في 2025 بشرط استقرار الاقتصاد

قالت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، إن البنك قد يبدأ في خفض سعر الفائدة الرئيس، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، في العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد متسوقة في إحدى الأسواق التركية (إكس)

تحركات تركية إضافية لكبح التضخم

أعلن وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن الحكومة ستتخذ إجراءات إضافية ضرورية لمعالجة التضخم المرتفع، متوقعاً تراجع التضخم إلى خانة الآحاد في عام 2026.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أدريانا كوغلر (أ.ب)

مسؤولة كبيرة في «الفيدرالي» تدافع عن استقلالية «المركزي» عقب فوز ترمب

قدّمت مسؤولة في بنك الاحتياطي الفيدرالي دفاعاً مطولاً عن الاستقلال السياسي للبنك المركزي يوم الخميس، بعد أيام فقط من إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)
الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)
TT

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)
الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية على مواجهة آثار تغيّر المناخ، إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035.

وعلا التصفيق في قاعة الجلسة العامة في باكو، عندما قرعت مطرقة رئيس «كوب 29»، مختار باباييف، للاتفاق الجديد الذي وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه «تاريخي»، وأنه يُعدّ «هدفاً طموحاً» في مجال تمويل المناخ. بدوره، عدّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاتفاق «أساساً» يمكن البناء عليه.

في المقابل، أثار الاتفاق حالة من الإحباط لدى الدول النامية التي وصفته بأنه غير كافٍ.

ولم يكن التمويل القضية الوحيدة على الطاولة؛ إذ تم التوصل أيضاً إلى اتفاقيات لبدء تداول أرصدة الكربون العالمية، وذلك بعد نحو عقد من الزمن على اقتراحها.