جيش بنغلاديش يعلن استقالة الشيخة حسينة.... ويعتزم تشكيل حكومة انتقالية

بعد سقوط أكثر من 300 قتيل في الاحتجاجات

نود الجيش البنغلاديشي يقومون بدوريات في الشارع بعد أن فرضت الحكومة حظر تجوال جديد، في دكا، بنغلاديش (إ.ب.أ)
نود الجيش البنغلاديشي يقومون بدوريات في الشارع بعد أن فرضت الحكومة حظر تجوال جديد، في دكا، بنغلاديش (إ.ب.أ)
TT

جيش بنغلاديش يعلن استقالة الشيخة حسينة.... ويعتزم تشكيل حكومة انتقالية

نود الجيش البنغلاديشي يقومون بدوريات في الشارع بعد أن فرضت الحكومة حظر تجوال جديد، في دكا، بنغلاديش (إ.ب.أ)
نود الجيش البنغلاديشي يقومون بدوريات في الشارع بعد أن فرضت الحكومة حظر تجوال جديد، في دكا، بنغلاديش (إ.ب.أ)

أعلن قائد الجيش البنغلاديشي وقر الزمان، الاثنين، عزمه تشكيل حكومة انتقالية بعدما قدمت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة استقالتها وغادرت العاصمة تحت ضغط احتجاجات عارمة.وقال وقر الزمان في خطاب متلفز على التلفزيون الحكومي «سنقوم بتشكيل حكومة انتقالية»، مؤكدا استقالة الشيخة حسينة التي كان مصدر مقرب منها أفاد بأنها غادرت دكا على متن مروحية.

وأفادت تقارير إعلامية في وقت سابق بأن الشيخة حسينة استقالت من منصبها وغادرت البلاد، وذلك بعد سقوط المزيد من القتلى في أعمال عنف هي من أسوأ ما شهدته الدولة الواقعة في جنوب آسيا منذ إعلان استقلالها قبل أكثر من خمسة عقود.

رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة (أ.ف.ب)

وقال مصدر لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق أن الشيخة حسينة «غادرت هي وشقيقتها» المقر الرسمي لرئاسة الوزراء في العاصمة «إلى مكان أكثر أماناً»، مضيفاً «أرادت أن تسجّل خطاباً، لكن لم تتح لها الفرصة لذلك».

وقالت مصادر لوكالة الأنباء الألمانية أن الشيخة حسينة وشقيقتها توجهتا إلى ولاية بنغال الغربية في الهند.

إلى ذلك، اقتحم آلاف المحتجين مقر رئيسة الوزراء في دكا ، وفقا لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأظهر بث لقناة «بنغلاديش 24 مشاهد تظهر حشودا يقتحمون المقر الرسمي لحسينة وهم يلوحون للكاميرا ابتهاجاً.

كلمة لقائد الجيش... وتحذير من «انقلاب»

يأتي ذلك في وقت أكدت شركات تقديم الخدمات ومنظمات رقابية أن الانترنت في بنغلاديش بات يخضع لقيود بالغة الصرامة تشمل الهواتف النقالة والاتصال الثابت بالشبكة.

اشتباكات بين محتجين والشرطة في منطقة بانجلا موتور في دكا (رويترز)

ودعا نجل الشيخة حسينة قوات الأمن إلى منع أي انقلاب على حكمها. وقال سجيب واجد جوي المقيم في الولايات المتحدة في منشور على فيسبوك «واجبكم هو الحفاظ على سلامة شعبنا وبلدنا والحفاظ على الدستور» مضيفاً «هذا يعني عدم السماح لأي حكومة غير منتخبة بالوصول إلى السلطة لدقيقة واحدة، هذا واجبكم».

دورية للشرطة البنغلاديشية في الشارع بعد أن فرضت الحكومة حظر تجوال جديد، في دكا (إ.ب.أ)

وتسيّر قوات الأمن البنغلادشية اليوم دوريات في العاصمة دكا في وقت يعتزم المتظاهرون المطالبون باستقالة رئيسة الحكومة الشيخة حسينة النزول إلى الشارع مجددا غداة أكثر الأيام دموية خلال أسابيع من الاحتجاجات.

سيارة محترقة في الشارع بعد احتجاجات في دكا (إ.ب.أ)

ويخشى محللون أن تفوق حدة أعمال العنف تلك التي شهدتها البلاد الأحد مع اندلاع مواجهات بين آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة وأنصارها، استخدموا فيها العصي والسكاكين بينما أطلقت قوات الأمن النار.



فرار حسينة وتشكيل حكومة انتقالية... ماذا يحدث في بنغلاديش؟

متظاهرون في دكا (أ.ب)
متظاهرون في دكا (أ.ب)
TT

فرار حسينة وتشكيل حكومة انتقالية... ماذا يحدث في بنغلاديش؟

متظاهرون في دكا (أ.ب)
متظاهرون في دكا (أ.ب)

فرّت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة من بنغلاديش اليوم (الاثنين) لينتهي حكمها الذي استمر 15 عاماً بعد أكثر من شهر على مظاهرات أوقعت مئات القتلى، في حين أعلن الجيش أنه يعمل على تشكيل حكومة انتقالية.

سعت حسينة منذ أوائل يوليو (تموز) لإخماد مظاهرات واسعة منددة بحكومتها، لكنها فرت غداة يوم سجل أكبر عدد من الضحايا مع مقتل نحو 100 شخص.

وأعلن قائد الجيش الجنرال واكر الزمان في خطاب على التلفزيون الحكومي اليوم أن حسينة استقالت، مؤكداً أن الجيش سيشكل حكومة انتقالية.

وقال إن «البلد عانى كثيراً، والاقتصاد تضرر، وعدد كبير من الناس قُتلوا، حان الوقت لوقف العنف... آمل بعد خطابي أن يتحسن الوضع».

فرار «سيدة بنغلاديش الحديدية»

فرّت حسينة (76 عاماً) من بنغلاديش على متن مروحية حسبما قال مصدر مقرب منها لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بعد وقت قصير من اقتحام متظاهرين مقرها في دكا. وقال المصدر إنها غادرت أولاً في موكب سيارات ثم نُقلت جواً، من دون الكشف عن وجهتها.

وتواجه «السيدة الحديدية»، المتهمة بالتسلط، احتجاجات جماهيرية بدأت في يوليو الماضي، بمَسيرات يقودها طلاب جامعيون ضد قرار إعادة فرض حصص توظيف في القطاع العام، لكنها تحوّلت إلى أحد أكبر الاضطرابات خلال 15 عاماً من حكمها، مع مطالبة المعارضة بتنحّيها.

ولوّح محتجون مبتهجون بالأعلام ورقص البعض منهم على ظهر دبابة في الشارع صباح اليوم قبل أن يقتحم المئات بوابات المقر الرسمي لرئيسة الحكومة.

لوحة جدارية لرئيسة الوزراء البنغلاديشية السابقة الشيخة حسينة تتعرض للتخريب من قبل المتظاهرين قبل أيام في دكا (رويترز)

وعرضت قناة «بنغلاديش 24» مشاهد لحشود يقتحمون المقر الحكومي وهم يلوّحون للكاميرا ابتهاجاً.

وحطّم آخرون تمثالاً لوالدها الشيخ مجيب الرحمن زعيم الاستقلال.

وحذر مايكل كوغلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن، من أن رحيل حسينة «سيترك فراغاً كبيراً».

وقال: «إذا كان الانتقال سلمياً، مع تشكيل حكومة مؤقتة تتولى السلطة حتى إجراء الانتخابات، فإن مخاطر الاستقرار ستكون متواضعة والعواقب ستكون محدودة... لكن إذا كان هناك انتقال عنيف أو فترة من عدم اليقين، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من زعزعة الاستقرار والمشاكل في الداخل والخارج».

قبل مغادرتها المقر دعا نجل حسينة قوات الأمن إلى منع أي انقلاب على حكمها.

وتسيّر قوات الأمن البنغلاديشية اليوم دوريات في العاصمة دكا في وقت يعتزم المتظاهرون النزول إلى الشارع مجدداً غداة أكثر الأيام دموية خلال أسابيع من الاحتجاجات.

حكومة مؤقتة

نقلت صحيفة «ديلي أوبزيرفر» البنغالية عن الجنرال واكر الزمان، قائد الجيش، قوله إن «الحكومة المؤقتة سوف تضم كافة الأحزاب، وسيتم تشكيلها على نحو سريع».

تصاعدت المظاهرات رغم إلغاء المحكمة العليا قرار تفعيل النظام (أ.ب)

وأضاف: «بعد عقد مناقشات مثمرة مع كل الأحزاب السياسية، قررنا تشكيل حكومة مؤقتة، وسوف نتحدث مع الرئيس محمد شهاب الدين للتوصل إلى حل لهذا الوضع». ودعا واكر الزمان إلى وضع نهاية للعنف، مؤكداً أن الحكومة الجديدة سوف تضمن تحقيق العدالة لكل من لقوا حتفهم خلال احتجاجات حركة الطلبة المناهضة للتمييز.

مخاوف ومطالبات بالتأمين

قال سجيب واجد جوي المقيم في الولايات المتحدة في منشور على «فيسبوك»: «واجبكم هو الحفاظ على سلامة شعبنا وبلدنا والحفاظ على الدستور».

وأضاف: «هذا يعني عدم السماح لأي حكومة غير منتخبة بالوصول إلى السلطة لدقيقة واحدة، هذا واجبكم».

متظاهرون يسلمون على عناصر الجيش في شوارع دكا (رويترز)

دعمت قوات الأمن حكومة حسينة خلال فترة الاضطرابات التي بدأت الشهر الماضي احتجاجاً على تخصيص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لشرائح معينة قبل أن تتصاعد الدعوات المطالبة باستقالتها.

وقُتل 94 شخصاً على الأقل الأحد بينهم 14 شرطياً، في أكثر الأيام دموية خلال الاحتجاجات.

واندلعت مواجهات بين آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة وأنصارها، استخدموا فيها العصي والسكاكين، في حين أطلقت قوات الأمن النار.

وارتفعت بذلك الحصيلة الإجمالية للمواجهات منذ بدء المظاهرات في مطلع يوليو إلى 300 قتيل على الأقل، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً لتقارير الشرطة ومسؤولين حكوميين وأطباء في مستشفيات.

المظاهرة النهائية و300 قتيل

في يناير (كانون الثاني) 2007 أعلن الجيش حالة طوارئ عقب اضطرابات سياسية واسعة، وشكّل حكومة تصريف أعمال مدعومة من الجيش لعامين، ثم حكمت حسينة بنغلاديش منذ 2009 وفازت بولاية رابعة في انتخابات يناير التي لم تشهد منافسة حقيقية.

وتتهم منظمات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ إمساكها بالسلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك عبر القتل خارج نطاق القضاء.

وبدأت المظاهرات إثر إعادة العمل بنظام حصص خصص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لفئات معينة من المواطنين. وتصاعدت المظاهرات رغم إلغاء المحكمة العليا قرار تفعيل النظام.

وتُعدّ الاضطرابات، التي دفعت الحكومة إلى قطع خدمات الإنترنت، أكبر اختبار لها منذ الاحتجاجات الدامية التي أعقبت فوز الشيخة حسينة بفترة رابعة على التوالي في المنصب، خلال انتخابات جرت في يناير الماضي، وقاطعها «حزب بنغلاديش الوطني»، وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد.

متظاهرون يحتفلون بفرار حسينة في دكا (رويترز)

واتهم معارضون، إلى جانب جماعات لحقوق الإنسان، حكومة الشيخة حسينة باستخدام القوة المفرطة لإخماد الحراك، وهو ما تنفيه رئيسة الوزراء والحكومة.

وكان عناصر من الجيش والشرطة على متن آليات مدرعة في دكا قد قطعوا الطرق المؤدية إلى مقر حسينة بالأسلاك الشائكة صباح اليوم، لكن حشود المتظاهرين نزلوا إلى الشارع وأزالوا الحواجز.

وقدّرت صحيفة «بيزنس ستاندرد» أن 400 ألف متظاهر نزلوا إلى الشوارع، لكن لم يتسنَّ التأكد من العدد.

وبلغت الحصيلة الإجمالية للمواجهات، خلال المظاهرات المناهضة للحكومة في بنغلاديش، 300 قتيل، على الأقل، بعد مقتل 94 شخصاً، أمس (الأحد)، وهي أعلى حصيلة يومية، خلال أسابيع من الاحتجاجات، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال آصف محمود أحد قادة الاحتجاج الرئيسيين في حملة العصيان المدني على مستوى البلاد: «حان الوقت للمظاهرة النهائية».

وخلافاً للشهر الماضي، لم يتدخل رجال الشرطة والجيش في أوقات كثيرة الأحد لقمع الاحتجاجات واكتفوا بالمراقبة.

وفي توبيخ بالغ الدلالة للشيخة حسينة، طالب قائد سابق للجيش يحظى باحترام البنغلاديشيين، الحكومة بسحب قواتها من الشوارع والسماح بالمظاهرات.

وقال إقبال كريم بويان لصحافيين الأحد: «هؤلاء المسؤولون عن دفع شعب هذا البلد إلى حالة من البؤس الشديد يجب تقديمهم إلى العدالة».

وجذبت الحركة الاحتجاجية أشخاصاً من كل أطياف المجتمع البنغلاديشي، وبينهم نجوم سينما وموسيقيون ومغنون.