تونس: تزايد الشكاوى من «‬مناخ الترهيب»‬ قبل الانتخابات الرئاسية

منتقدون للنظام يؤكدون وجود رغبة في «تمهيد الطريق» أمام سعيد للفوز بولاية جديدة

تزايد الاتهامات للرئيس سعيد بالتضييق على الحريات ورجال الإعلام (رويترز)
تزايد الاتهامات للرئيس سعيد بالتضييق على الحريات ورجال الإعلام (رويترز)
TT
20

تونس: تزايد الشكاوى من «‬مناخ الترهيب»‬ قبل الانتخابات الرئاسية

تزايد الاتهامات للرئيس سعيد بالتضييق على الحريات ورجال الإعلام (رويترز)
تزايد الاتهامات للرئيس سعيد بالتضييق على الحريات ورجال الإعلام (رويترز)

اشتكت أحزاب تونسية، وجماعات حقوقية، ومنافسون للرئيس قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية من «قيود وتضييق ومناخ تخويف وترهيب»، يقولون إنه يشير إلى رغبة في تمهيد الطريق أمام سعيد للفوز بولاية جديدة، وهو ما عدُّوه تهديداً لمصداقية الانتخابات، وفق ما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء. وأعلن سعيد، الذي انتُخب رئيساً للبلاد عام 2019، أنه سيترشح للفوز بولاية أخرى في الانتخابات، المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكان قد صرح، العام الماضي، بأنه لن يسلم البلاد لمن وصفهم «بغير الوطنيين».

من إحدى التظاهرات المؤيدة لسياسات الرئيس سعيد وسط تونس العاصمة (رويترز)
من إحدى التظاهرات المؤيدة لسياسات الرئيس سعيد وسط تونس العاصمة (رويترز)

وتتهم أحزاب المعارضة التي يقبع العديد من قادتها في السجن حكومة سعيد بممارسة الضغط على القضاء لقمع منافسيه في الانتخابات. كما ندد 11 مرشحاً محتملاً في بيان مشترك بالمضايقات التعسفية التي طالت العديد من المشاركين في حملات المرشحين.

في سياق ذلك، اتهمت منظمة رقابية مستقلة في تونس، قبل أيام، السلطات بـ«عدم الحيادية»، والتضييق المتعمد على مترشحين للانتخابات الرئاسية بهدف «إقصائهم». وقالت منظمة «أنا يقظ»، التي تنشط في مجال مكافحة الفساد ومراقبة أداء السلطات ومدى احترام القوانين، إنها لاحظت «خروقات تمس من الحق الكوني في الترشح للانتخابات».

تظاهرة وسط العاصمة تونس لمطالبة السلطات بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين (أ.ف.ب)
تظاهرة وسط العاصمة تونس لمطالبة السلطات بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين (أ.ف.ب)

ولم يحصل أي من المرشحين المحتملين حتى الآن على بطاقة السجل العدلي، التي تطلبها هيئة الانتخابات كشرط. وتنتهي مهلة التقدم للترشح، التي بدأت، الاثنين الماضي، في السادس من أغسطس (آب) الحالي.‭‭‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬‬‬وللتأكيد على «التضييق» الذي يتعرض له المرشحون، قال المرشح المحتمل نزار الشعري إن مدير حملته، وعضواً متطوعاً، جرى اعتقالهما، مشيراً إلى أن التأييدات الشعبية التي تلقوها من المواطنين جرت مصادرتها من قبل الشرطة. بينما قالت النيابة العامة إن الاعتقال كان بسبب تزوير التأييدات وسرقة قاعدة بيانات.

كما منع قاضٍ هذا الشهر المرشح الرئاسي، عبد اللطيف المكي، من الظهور في وسائل الإعلام أو السفر في أنحاء البلاد أو خارجها.

من تظاهرة سابقة لإعلاميين للمطالبة بحرية الصحافة وعدم التضييق على رجال الإعلام (أ.ف.ب)
من تظاهرة سابقة لإعلاميين للمطالبة بحرية الصحافة وعدم التضييق على رجال الإعلام (أ.ف.ب)

‭‭‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬‬‬وقضت محكمة هذا الشهر على المعارض، لطفي المرايحي، وهو مرشح أيضاً للانتخابات الرئاسية المقبلة أيضاً، بالسجن 8 أشهر بتهمة شراء أصوات. كما منعت المرايحي، وهو أحد أبرز منتقدي الرئيس سعيد، من الترشح في الانتخابات الرئاسية مدى الحياة. وانتقدت 17 منظمة حقوقية، من بينها «رابطة حقوق الإنسان والنساء الديمقراطيات»، و6 أحزاب أخرى سيطرة الهيئة على وسائل الإعلام العامة والقضاء، لكن هيئة الانتخابات رفضت هذه الاتهامات. وقالت هذه المنظمات في بيان مشترك إن «مناخ الترهيب والمضايقة للمعارضين والصحافيين باستخدام القضاء، وتدخل هيئة الانتخابات لخدمة مصالح السلطات، وانعدام تكافؤ الفرص، لا يوفر ضمانات بأن تكون الانتخابات حرة وشفافة ونزيهة».

ودعت هالة جاب الله، رئيسة لجنة الحريات في البرلمان، في بيان إلى رفع التضييقات، وطالبت هيئة الانتخابات بالقيام بدورها مع الالتزام بالحياد والمساواة بين جميع المترشحين.

هيئة الانتخابات تستعد لموعد الانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)
هيئة الانتخابات تستعد لموعد الانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)

وفي عام 2021، حل سعيد البرلمان، وبدأ الحكم بمراسيم في خطوة وصفتها المعارضة بالانقلاب، لكن سعيد أكد أن خطواته قانونية وضرورية لإنهاء سنوات من الفساد المستشري بين النخبة السياسية.

ويرى أمين الخرّاط، المحلل السياسي عن مرصد «بوصلة» السياسي، أن هناك «العديد من العناصر التي تقلل من مصداقية الانتخابات» التونسية المرتقبة، منها الإعلان المتأخر للغاية عن الموعد، وتشديد شروط الترشح، والمرسوم 54 المعتمد في 2022 لمعاقبة نشر «الأخبار الكاذبة»، والذي تعرض لانتقادات واسعة، ويلاحق بسببه 60 شخصاً من الصحافيين والمحامين والناشطين. والجمعة الماضي، عبَّرت منظمة العفو الدولية عن «القلق إزاء التدهور الشديد في الحقوق» في تونس، منذ أن «بدأ الرئيس سعيّد في احتكار السلطة»، بعد أن كانت البلاد مَهْد الاحتجاجات التي عُرفت باسم «الربيع العربي» في عام 2011. وقدرت المنظمة أن «القمع الحكومي يغذي الخوف بدلاً من المناقشات الجدية للمشهد السياسي التعددي»، ونددت بالاعتقالات «التعسفية» للمعارضين، و«القيود والملاحقات القضائية» ضد بعض المرشحين، وسجن الصحافيين.



محللون: تعليق منظمات غير حكومية في ليبيا صرف الانتباه عن المشاكل الفعلية

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)
TT
20

محللون: تعليق منظمات غير حكومية في ليبيا صرف الانتباه عن المشاكل الفعلية

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)

يعكس تعليق أنشطة 10 منظمات غير حكومية أجنبية في ليبيا تشدد الموقف تجاه آلاف المهاجرين الأفارقة، لكنه يسمح قبل كل شيء للسلطات في غرب البلاد بصرف الانتباه عن مشاكلها، وتغطية الانتهاكات، وفق محللين ونشطاء حقوقيين، تحدثوا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

قارب لمهاجرين سريين خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا انطلاقاً من السواحل الليبية (الشرق الأوسط)
قارب لمهاجرين سريين خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا انطلاقاً من السواحل الليبية (الشرق الأوسط)

وأعلن جهاز الأمن الداخلي، الأربعاء، إغلاق مكاتب 10 منظمات إنسانية ووقف عملها، بما فيها «أطباء بلا حدود»، و«المجلس النرويجي للاجئين»، و«لجنة الإنقاذ الدولية»، و«منظمة أرض الإنسان». وألقى الجهاز باللوم أيضاً على «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» في محاولات توطين المهاجرين في ليبيا.

محاولة لتشتيت الانتباه

ويرى أنس القماطي، الخبير في معهد «صادق» للسياسات العامة، أن المنظمات غير الحكومية ليست هي الأهداف الحقيقية، بحيث تسعى حكومة عبد الحميد الدبيبة، التي تعترف بها الأمم المتحدة، إلى «خلق أعداء لتحويل الانتباه عن إخفاقاتها، وتقديم المنظمات غير الحكومية بوصفها متآمرة (...) وذلك لإخفاء عجزها عن توفير الخدمات الأساسية».

مهاجرون سريون أفارقة داخل أحد مراكز الاحتجاز في طرابلس (الشرق الأوسط)
مهاجرون سريون أفارقة داخل أحد مراكز الاحتجاز في طرابلس (الشرق الأوسط)

وتعاني ليبيا الغنية بالنفط من عدم الاستقرار منذ سقوط معمر القذافي في عام 2011، وهي منقسمة بين معسكرين متنافسين: أحدهما في طرابلس (غرب)؛ حيث بعثة وساطة سياسية للأمم المتحدة، والآخر في بنغازي (شرق)، بدعم من المشير خليفة حفتر.

أما الهدف الآخر، حسب القماطي، فهو «دفع أوروبا، التي تخشى من موجة جديدة من الهجرة، إلى تمويل ودعم السلطة التنفيذية في طرابلس سياسياً». وإلى جانب تونس المجاورة، تُعد ليبيا التي تقع على مسافة 300 كيلومتر فقط من الساحل الإيطالي، نقطة المغادرة الرئيسية في شمال أفريقيا للمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، الذين يسعون إلى الوصول إلى أوروبا بطريقة غير نظامية.

وقد أعلنت روما، الأربعاء، عن تخصيص 20 مليون يورو لتمويل «عمليات العودة الطوعية»، التي تقودها المنظمة الدولية للهجرة لـ3300 مهاجر من دول جنوب الصحراء الكبرى، وصلوا إلى الجزائر وتونس وليبيا.

مهاجرون غير شرعيين تم توقيفهم من طرف قوات الأمن في طرابلس (متداولة)
مهاجرون غير شرعيين تم توقيفهم من طرف قوات الأمن في طرابلس (متداولة)

ويقول القماطي إن «إيطاليا تدعي تمويل العودة الطوعية، وليبيا تزعم تأكيد سيادتها، في حين يتعرض المهاجرون الضعفاء للابتزاز أثناء الاحتجاز»، واصفاً مخيمات المهاجرين بأنها «مراكز معالجة لبرنامج ترحيل جماعي في صورة مساعدات إنسانية».

من جهته، يعد جلال حرشاوي، وهو خبير آخر في الشأن الليبي، أن الحملة ضد المنظمات غير الحكومية هي جزء من سياق أوسع، لافتاً إلى أن حكومة الغرب تبنَّت «موقفاً شوفينياً وجنونياً» مشابهاً للموقف الذي اتخذه الرئيس التونسي قيس سعيد أوائل عام 2023، في خطاب ندَّد فيه بوصول «جحافل المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى»، ومؤامرة «لتغيير التركيبة السكانية» في تونس.

ويضيف حرشاوي، مبرزاً، أن الدوافع الحقيقية «تكمن في مكان آخر، فرئيس الوزراء الدبيبة يُواجه صعوبات كثيرة»، خصوصاً «في الوصول إلى الأموال العامة»، و«علاقته البراغماتية مع حفتر في الشرق في حالة سيئة».

شيطنة المهاجرين

وسط هذه الدينامية من التصلُّب، تلجأ حكومة الدبيبة إلى «شيطنة المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، وإدانة المنظمات غير الحكومية»، كما يوضح حرشاوي، لأنها تريد «إظهار من الذي يقود الأمور في طرابلس، والإيهام بأنها تعمل على الحد من تدفقات الهجرة».

ويرى الناشط الليبي في مجال حقوق الإنسان، حسام القماطي، أن «الحملة ضد المنظمات غير الحكومية تهدف إلى تشديد قبضة المجموعات المسلحة القمعية على طرابلس». وعلاوة على ذلك، فإن هذه الجماعات المسلحة القوية، من خلال الحد من نفوذ المنظمات غير الحكومية، «تمنعها من توثيق انتهاكات حقوق الإنسان».

مهاجرون سريون بطرابلس قبل ترحيلهم إلى بلدانهم (أ.ب)
مهاجرون سريون بطرابلس قبل ترحيلهم إلى بلدانهم (أ.ب)

وندَّدت تقارير مختلفة صادرة عن الأمم المتحدة، ومنظمات غير حكومية، مثل منظمة العفو الدولية في الأشهر الأخيرة بـ«الاعتقالات التعسفية» للمعارضين والصحافيين والمحامين، فضلاً عن الانتهاكات ضد المهاجرين، مع اكتشاف مقابر جماعية لهم، خصوصاً في جنوب شرقي البلاد. كما أعربت منظمات إنسانية عن قلقها بشأن موظفيها الليبيين والمهاجرين، الذين أصبحوا أكثر عرضة للخطر، في بلد يعاني انعدام الأمن الغذائي، وفق المنظمة الدولية للهجرة.