اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء يفجر أزمة حادة مع الجزائر

السلطات الجزائرية تقرر سحب سفيرها في باريس بـ«أثر فوري»

الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء يفجر أزمة حادة مع الجزائر

الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

اختار الرئيس الفرنسي مناسبة احتفال المغرب بالعيد الـ25 لصعود الملك محمد السادس على العرش ليقدم للرباط هدية دبلوماسية وسياسية بالغة الأهمية، من خلال اعتراف باريس بسيادة المغرب على الصحراء، وهو ما كانت فرنسا ترفضه حتى اليوم.

التوتر الجديد بين باريس والجزائر يطرح علامات استفهام كثيرة حول زيارة تبون المرتقبة لفرنسا (الرئاسة الجزائرية)

ويبدو واضحاً أن خطوة الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي سعى في الأعوام الثلاثة الأخيرة إلى التقارب مع الجزائر، وتصفية الإرث الاستعماري لبلاده من خلال زيارة رسمية للرئيس عبد المجيد تبون، وعبر مجموعة من الخطوات، ستدفع مجدداً العلاقات الفرنسية -ـ الجزائرية نحو التوتر، بالنظر لحساسية الملف للمسؤولين الجزائريين، وللعلاقات المتردية بين الرباط والجزائر. وسارعت الجزائر منذ الخميس الماضي، أي منذ أن علمت الجزائر باستدارة الموقف الفرنسي، إلى إصدار بيان عبرت فيه عن «استنكارها الشديد» للقرار «غير المنتظر»، الذي اتخذته الحكومة الفرنسية بدعم خطة الحكم الذاتي المغربية. وأكدت وزارة الخارجية في بيانها، بلهجة لا تخلو من التهديد، أن الحكومة الجزائرية «ستستخلص كافة النتائج والعواقب التي تنتج عن هذا القرار الفرنسي، وتُحمّل الحكومة الفرنسية وحدها المسؤولية الكاملة والتامة عن ذلك».

باريس: التعويض عن الوقت الضائع

جاءت الخطوة الفرنسية، التي رفضت باريس لسنوات القيام بها ما أدى إلى تباعد بينها وبين المغرب، في إطار رسالة من الرئيس ماكرون إلى العاهل المغربي كشف عنها، معاً، قصر الإليزيه والديوان الملكي المغربي، الثلاثاء. وإذا كانت باريس قد أعلمت الجزائر مسبقاً بمضمون قرارها، فإن غرضها كان تمهيد الأرضية وتفكيك اللغم، الذي يمكن أن ينفجر بوجهها ويطيح بكافة جهود التقارب التي سعى إليها ماكرون ومعه حكومته من أجل «تطبيع» العلاقات بالغة الحساسية بين باريس والجزائر.

الرئيس الجزائري مستقبلاً رئيسة الوزراء الفرنسية في 10 أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وليس سراً أن المغرب كان ينتظر منذ فترة طويلة من باريس أن تقدم أخيراً على ما أقدمت عليه، فقد كانت الرباط تأخذ عليها عدم التحاقها بالركب الغربي، على غرار ما فعلت إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وغيرها. وأدى تردد باريس إلى برودة في العلاقات الثنائية. وما زاد في تفاقمها «التقارب» بين باريس والجزائر، والزيارة الرسمية المطولة التي قام بها ماكرون إلى الجزائر في شهر أغسطس (آب) من عام 2022، ومحادثاته المستفيضة مع الرئيس تبون. ولأن العلاقات الفرنسية - المغربية - الجزائرية مسألة بالغة التعقيد، فإن كل تقارب بين باريس وإحدى العاصمتين ينظر إليه على أنه يتم على حساب العاصمة الأخرى.

الرئيس الجزائري مع وزير الداخلية ورئيسة الوزراء الفرنسيين يوم 18 أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

يبدو اليوم أن فرنسا تريد الإسراع للتعويض عن الوقت الضائع، وعن تأخرها في الاستجابة لما تراه الرباط قضيتها «المقدسة». ففي رسالته، تبنى ماكرون المقاربة المغربية لإغلاق ملف الصحراء بكل نقاطه، حيث كتب أن فرنسا تعتبر أن مخطط الحكم الذاتي الذي عرضه المغرب منذ 2007، «يشكل، من الآن فصاعداً، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل، مستدام ومتفاوض بشأنه طبقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة»، مضيفاً أن «الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية».

وفيما يعكس رغبة في محو صفحة الخلافات بين فرنسا والمغرب، قال ماكرون إن دعم باريس لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في2007 «واضح وثابت»، ما يحور نوعاً ما الموقف الفرنسي السابق، حيث دعمت فرنسا دوماً المقاربة الدولية مع تقييمها الإيجابي لما طرحته الرباط.

وبتعبير قاطع لما تلتزم به فرنسا من الآن فصاعداً، كتب ماكرون أن «حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية»، وأن باريس «تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي». كما حرص ماكرون على الإشارة إلى أنه «من الضروري مواصلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه المنطقة»، منوهاً «بجهود المغرب» على هذا الصعيد، ووعد بأن فرنسا «ستواكب المغرب في هذه الخطوات لفائدة السكان المحليين».

ملك المغرب محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير للمغرب في نوفمبر من عام 2018 (رويترز)

وسابقاً، كانت باريس تقول إن المخطط المغربي يشكل «قاعدة جدية وذات مصداقية»، لإيجاد حل لمعضلة الصحراء، ولكن ليست القاعدة «الوحيدة» للحل. وإذ شدد ماكرون على «ثبات الموقف الفرنسي» إزاء ما سماه «تحدي الأمن الوطني» للمغرب، رأى أنه «حان الوقت لإحراز» تقدم على طريق الحل، داعياً «كافة الأطراف إلى الاجتماع من أجل حل سياسي هو في متناول اليد».

الجزائر ترد بسحب سفيرها بـ«أثر فوري» من فرنسا

حقيقة الأمر أن باريس تريد أن تدرج مقاربتها الجديدة في سياق «البراغماتية»، باعتبار أن ما يطرحه المغرب هو أكثر المقترحات جدية، وأنه يحظى بدعم متزايد من قبل الأسرة الدولية، ومنها في أفريقيا، بل إنها ترى فيه المخرج «الوحيد» من الأزمة المتواصلة منذ نحو 50 عاماً ولا أفق حل لها. ويبدو أن الرئيس ماكرون يريد «حماية» موقف بلاده بحديثه عن «حل سياسي عادل، مستدام ومتفاوض بشأنه طبقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة». إلا أنه يسارع لقول عكس ذلك عندما يجزم بأن الحل الوحيد الممكن يكمن في الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء تحت السيادة المغربية.

وبكلام آخر، فإن ماكرون يصطف عملياً إلى جانب المغرب، بل إنه يعد بالترويج للحل الذي تعرضه الرباط منذ 17 عاماً. ولا شك أن موقف باريس الأخير سيعزز علاقاتها مع الرباط، وستكون ترجمته العملية قيام الرئيس ماكرون بزيارة رسمية «الأرجح أن تكون زيارة دولة»، بعد ثلاثة أعوام من العلاقات الباردة.

وأكدت صحيفة «لو موند» في عددها ليوم الاثنين أن «تغير» الموقف الفرنسي برز مع زيارة وزير الخارجية، ستيفان سيجورنيه، إلى الرباط في شهر فبراير (شباط) الماضي، حيث رأى أن «الصحراء الغربية مسألة وجودية» بالنسبة للمغرب، وأن باريس حضرت الأرضية لهذا التغيير منذ ربيع العام الماضي. وأفادت الصحيفة نفسها بأن الإليزيه دعا رؤساء الشركات الكبرى إلى اجتماع مع المستشار الدبلوماسي لماكرون، حيث أخبرهم الأخير بالتغير المرتقب في سياسة باريس، وأكد لهم أن زيارة ماكرون للرباط قائمة، ومن المنتظر أن تتم قبل نهاية العام الحالي، وما تنتظره فرنسا هو تلقي الدعوة الرسمية لإتمامها.

كان من الطبيعي أن تعبر الرباط عن ترحيبها وارتياحها إزاء الانعطافة الحادة في الموقف الفرنسي. وصدر بيان عن الديوان الملكي المغربي رأى أن ما قامت به باريس يشكل «تطوراً مهماً وبالغ الدلالة في دعم السيادة المغربية على الصحراء».

وتقترح الرباط منح هذه المنطقة حكماً ذاتياً تحت سيادتها، فيما تدعو جبهة «البوليساريو» إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة، نصّ عليه اتّفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.

ولم يتأخر رد فعل الجزائر حتى قبل نشر الرسالة الرئاسية، حيث سارعت وزارة الخارجية إلى إصدار بيان، الخميس الماضي، أعربت فيه «عن استنكارها لقرار الحكومة الفرنسية الاعتراف بخطة الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية».

وبعد ذيوع خبر رسالة ماكرون رسمياً، الثلاثاء، صدر عن وزارة الخارجية بيان أفاد بأن الحكومة الجزائرية قررت سحب سفيرها المعتمد في باريس بـ«أثر فوري». وقال البيان: «لقد أقدمت الحكومة الفرنسية على إعلان تأييدها القطعي والصريح للواقع الاستعماري المفروض فرضاً في إقليم الصحراء الغربية. وهذه الخطوة التي لم تقدم عليها أي حكومة فرنسية سابقة قد تمت من قبل الحكومة الحالية، باستخفاف واستهتار كبيرين دون تقييم متبصر للعواقب التي تسفر عنها».

واتهم البيان باريس بـ«انتهاك الشرعية الدولية، والتنكر لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتناقض كل الجهود الحثيثة والدؤوبة، التي تبذلها الأمم المتحدة بهدف استكمال مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، فضلاً عن أنها تتنصل من مسؤولياتها الخاصة المترتبة على عضويتها الدائمة في مجلس الأمن». ومع هذا التطور، تكون زيارة الرئيس عبد المجيد تبون المؤجلة إلى باريس قد دخلت في غياهب النسيان.

ومن جانبها، هاجمت «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» «البوليساريو» فرنسا، وأكدت أنها «تستبعد باريس من كل مبادرة لغرض وضع حد للاستعمار في الصحراء»، بما في ذلك من بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء»، واتهمت في بيان فرنسا بـ«الوقوف إلى جانب المحتل» ما يجعلها «طرفاً غير مقبول».



تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
TT

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

تواصل الحكومة المصرية إجراءات متابعة تدفقات مياه نهر النيل بعد أن تعرضت أراضٍ زراعية للغرق خلال الأشهر الماضية؛ بسبب ما وصفته بـ«الإدارة غير المنضبطة لسد النهضة الإثيوبي»؛ وقررت وزارة الري والموارد المائية تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل.

وبين مصر وإثيوبيا توترات متصاعدة بسبب «سد النهضة» الذي دشنته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل دون التنسيق مع دولتَي المصب، مصر والسودان.

وناقش اجتماع عقده وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، الأربعاء، إجراءات «تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل لتقدير كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي» بجنوب البلاد.

ولجأت مصر، الشهر الماضي، إلى فتح «مفيض توشكى» لتصريف كميات المياه الزائدة خلف «السد العالي» عقب شكواها من إدارة «غير منضبطة» للسد الإثيوبي، و«تصريفات عشوائية» لمياه النيل الأزرق، الذي يعد المنبع الرئيسي لنهر النيل في السودان ومصر.

متابعة مصرية يومية لتدفق مياه نهر النيل (وزارة الري المصرية)

وقال أستاذ الموارد المائية بالمركز القومي للبحوث، أحمد فوزي دياب، إن نماذج التنبؤ بالأمطار وتدفقات المياه إلى نهر النيل تشكل جزءاً رئيسياً من السياسة المائية للدولة، ويزداد الاهتمام بها «نظراً لعدم إبلاغ إثيوبيا دولتَي المصب بتصريفات المياه من سد النهضة، ما يجعل التحديث المستمر في تقنياتها أمراً مطلوباً».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن نماذج التنبؤ «تقوم على معادلات رياضية من خلال حساب كميات الأمطار المتوقعة والمياه الواردة من دولة المنبع (إثيوبيا) إلى السودان، ومنها إلى مصر، وقياس إيراد النيل حسب الطبيعة الجغرافية واستخدامات الدول وحركة الفيضان للتعرف على كميات المياه القصوى والدنيا التي يمكن أن تصل إلى مصر».

وعددّت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة فيضانات النيل بعد أن تعرّضت أراضٍ زراعية ومنازل للغرق في عدد من المناطق بدلتا النيل في شمال البلاد، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت إنها أولت اهتماماً بعمليات تطهير الترع وإزالة التعديات على أراضي «طرح النهر» إلى جانب إقدامها على فتح «مفيض توشكى» لاستيعاب كميات المياه حال زيادة منسوب مياه النيل.

ووجهت الحكومة المصرية الشهر الماضي اتهامات لإثيوبيا بالقيام بـ«تصرفات متتابعة في سد النهضة في غياب للضوابط الفنية والعلمية في تشغيله، مع استمرار النهج العشوائي في إدارته، بما يعرض نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير»، وأكدت أن «الإدارة الأحادية للسد تُمثل تهديداً لحقوق ومصالح دولتَي المصب، وتؤثر على تشغيل السدود الواقعة خلف سد النهضة».

لكن دياب أكد أن أي مخاطر سلبية من سد النهضة يمكن التعامل معها عبر منظومة إدارة المياه في مصر، وأن السد العالي إلى جانب مفيض توشكى لديهما القدرة على استيعاب تدفق كميات كبيرة من المياه على المدى القريب أو البعيد.

وركز اجتماع وزير الري، الأربعاء، على تعزيز التعاون بين مصر ودول حوض النيل، وذلك من خلال «تنفيذ مشروعات لخدمة المواطنين بهذه الدول مثل إنشاء آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية لأغراض الشرب، وخزانات أرضية، ومراسٍ نهرية، ومشروعات لمكافحة الحشائش، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالفيضان، ومركز لنوعية المياه، وتنفيذ دراسات فنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بدول حوض النيل».

ويؤكد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مصر تمتلك مراكز لمتابعة حالة الأمطار والتنبؤ بها عن طريق الأقمار الاصطناعية وتتبع السحب وسرعتها وكثافتها وزمن وصولها إلى مناطق منابع النيل باستخدام نماذج رياضية لتحديد الكميات الواردة، وأن التحديث المستمر فيها ضروري في ظل وجود متغيرات تمثلت في تدفقات المياه من سد النهضة، ووجود إدارة مائية منفردة عليه من جانب إثيوبيا.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تحسب إيراد النيل وفقاً لتقديرات سنوية للتعرف على منسوب المياه في المعدلات الطبيعية، «لكن ما حدث بعد تشغيل سد النهضة أن وصول المياه يُمكن أن يختلف من شهر إلى آخر بسبب غلق بوابات السد وفتحها بتوقيتات غير معروفة وغير منتظمة».

وتضع مصر سياسة مائية تبدأ مع العام المائي في مطلع أغسطس (آب) الذي ينتهي في يوليو (تموز)، وفقاً لشراقي الذي أكد أنه «لا مخاوف من تراجع إيراد النيل، ولكن يمكن أن تتدفق كميات كبيرة من المياه في شهر وتنخفض في آخر بسبب فتح توربينات سد النهضة أو غلقها».

وقال وزير الموارد المائية المصري في تصريحات إعلامية، الاثنين الماضي: «النمط الإثيوبي في إدارة الأنهار الدولية يعتمد على افتعال الأزمات»، محذراً من «سوء إدارة سد النهضة في الجفاف والفيضان، وهو ما يترك تبعات خطيرة على دولتَي مصب نهر النيل».


آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة، مطالبين الرئيس قيس سعيد، والسلطات المحلية بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث البيئي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الألمانية.

وهذا أحدث تحرك احتجاجي في المدينة، الواقعة على جنوب الساحل التونسي، بعد مسيرات سابقة، وإضراب عام في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للضغط على السلطة.

وخلال المظاهرة ردَّد المحتجون بشكل خاص «الشعب يريد تفكيك الوحدات»، ورفعوا شعار «أنقذوا قابس».

وعلى مدار الأشهر الأخيرة شهدت قابس حالات اختناق جماعية متكررة بين أطفال في مدرسة «شط السلام»، القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار غضب الأهالي.

وتصنَّف قابس من بين الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ التلوث الممتد لعقود، ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي عام 1972، أضر كثيراً بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية، ووضع المنطقة أمام مستقبل قاتم.

وتسعى الحكومة على الأرجح إلى استكمال مشاريع سابقة للحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتفادي التكلفة الاقتصادية والمالية للتفكيك، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.

ومنذ إنشاء المجمع الكيميائي عام 1972، تحول «خليج قابس» إلى واحد من أكثر المواقع تلوثاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث يمكن ملاحظة سواد المواد السامة وهي تطفو على سطح مياه الخليج.

ويحوِّل المجمع الكيميائي الفوسفات القادم من مناجم ولاية قفصة إلى حمض فوسفوري ومواد كيميائية، مثل «الأمونيتر» و«فوسفات الأمونيوم»، ثم يصب نفاياته الصناعية في البحر دون معالجة، بمعدل يصل إلى 14 ألف طن من مادة «الفوسفوجيبس» يومياً، وهي كميات كفيلة بتحويل البحر إلى مقبرة للثروة السمكية، التي كانت تتباهى بها الولاية قبل عقود، حسب خبراء.

ويُنتج المجمع أيضاً سماد DAP 18-46 المعروف بسمّية تصنيعه، وهو نفس السماد، الذي أوقفت فرنسا تصنيعه وظلت تستورده من تونس، غير آبهة بمطالبات داخلية بوقف استيراده بسبب تكلفته البيئية والصحية.


«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
TT

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب البلاد، وفق ما كشف تقرير جديد.

وقال «مختبر الأبحاث الإنسانية» بجامعة ييل، الذي يستخدم صوراً للأقمار الاصطناعية لرصد الفظائع منذ بدء الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، إن هذه الأخيرة «دمرت وأخفت أدلة على عمليات القتل الجماعي واسعة النطاق، التي ارتكبتها» في عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأثارت سيطرة «قوات الدعم السريع» العنيفة على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غضباً دولياً بسبب تقارير تحدثت عن عمليات إعدام خارج إطار القضاء، واغتصاب ممنهج واحتجاز جماعي. وأكد «مختبر الأبحاث الإنسانية» أنه حدد في أعقاب سيطرة «الدعم السريع» على المدينة 150 أثراً يتطابق مع رفات بشرية. وتتطابق عشرات من هذه الآثار مع تقارير عن عمليات الإعدام، كما تتطابق عشرات أخرى مع تقارير تفيد بأن «قوات الدعم السريع» قتلت مدنيين أثناء فرارهم.

وأضاف المختبر، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه في غضون شهر اختفى ما يقرب من 60 من تلك الآثار، بينما ظهرت 8 مناطق حفر قرب مواقع القتل الجماعي، لا تتوافق مع ممارسات الدفن المدنية. وخلص التقرير إلى أن «عمليات قتل جماعي، وتخلص من الجثث على نطاق واسع ومنهجي قد حدثت»، مقدراً عدد القتلى في المدينة بعشرات الآلاف. وطالبت منظمات إغاثة والأمم المتحدة مراراً بالوصول الآمن إلى الفاشر، حيث لا تزال الاتصالات مقطوعة، ويُقدر عدد الناجين المحاصرين بعشرات الآلاف، وكثير منهم محتجزون لدى «قوات الدعم السريع».

وأمس الثلاثاء، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية، ونحو خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا بجنوب غربي السودان.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان، منذ 15 أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، عن مقتل عشرات الآلاف. ودفعت الحرب نحو 12 مليوناً إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها، وأدت إلى تدمير البنية التحتية، مما جعل السودان يعاني «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، حسب الأمم المتحدة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على «إكس»: «نشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور السودانية، التي تفيد باحتجاز أكثر من 70 عاملاً في مجال الرعاية الصحية، بالإضافة إلى نحو خمسة آلاف مدني». مضيفاً أن المعتقلين «محتجزون في ظروف غير صحية، كما هناك تقارير عن تفشي الأمراض».