4 قضايا سترسم ملامح سياسة ستارمر الخارجية

يتجه إلى واشنطن خلال أيام للمشاركة في قمة «الناتو» وتأكيد التزامه بأمن أوكرانيا

كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني الجديد برفقة زوجته فيكتوريا خارج مقر 10 داونينغ ستريت في لندن 5 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني الجديد برفقة زوجته فيكتوريا خارج مقر 10 داونينغ ستريت في لندن 5 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

4 قضايا سترسم ملامح سياسة ستارمر الخارجية

كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني الجديد برفقة زوجته فيكتوريا خارج مقر 10 داونينغ ستريت في لندن 5 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني الجديد برفقة زوجته فيكتوريا خارج مقر 10 داونينغ ستريت في لندن 5 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

غيّرت الانتخابات التشريعية في بريطانيا خريطة البلاد السياسية، لتطوي صفحة المحافظين وتُدشّن عصراً جديداً اختار له رئيس الوزراء العمالي كير ستارمر عنوان «التغيير». لكن التغيير الموعود داخلي إلى حدّ كبير، أما السياسة الخارجية للبلاد، فلن تبتعد كثيراً عن تلك التي اعتمدها المحافظون خلال السنوات الـ14 الماضية.

وبخلاف أسلافه في المنصب، لن ينعم ستارمر بـ«شهر العسل» السياسي التقليدي؛ فبعد يومين فقط من انتقاله وأسرته إلى «10 داونينغ ستريت» وتشكيل حكومته، سيتّجه ستارمر إلى العاصمة الأميركية واشنطن للمشاركة في قمة قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وتحمل هذه الزيارة المبكّرة أهمية خاصّة، ليس فقط لجهة «العلاقة الخاصة» التي تجمع الحليفين البريطاني والأميركي، فضلاً عن المشاركة الواسعة لقادة العالم الغربي، بل من ناحية التوازن الحذر الذي سيسعى ستارمر لتحقيقه تمهيداً للعودة المحتملة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويدرك ستارمر، مثل غيره من قادة الحلف، أن ولاية ثانية للرئيس ترمب قد تفاقم حجم التحديات التي تواجهها وحدة «الصف الغربي» أمام الحرب الروسية - الأوكرانية، وتصاعد النفوذ الصيني، وحتى الصعود القوي للتيارات الشعوبية. تحديات أقرّ بها وزير الخارجية الجديد ديفيد لامي، الذي التزم انتهاج سياسة «واقعية تقدمية»، لافتاً إلى «عالم أكثر تقلباً، ليس كما نريده أن يكون».

وإلى جانب حرب أوكرانيا، التي ستهيمن على اجتماعات «الناتو» إلى حد كبير، ستحدد ثلاث قضايا ملحّة ملامح سياسة ستارمر الخارجية؛ حرب غزة والعلاقة بأوروبا والصين.

حرب غزة

لعب موقف كير ستارمر من حرب غزة دوراً محورياً في انتخابات الخميس. ففي مقابل غالبيته الكبيرة في مجلس العموم، حرم الناخبون الغاضبون من سياسة «العمال» تجاه الشرق الأوسط الحزب من مقعد محوري ترشّح فيه جوناثان آشوورث، الذي كان موعوداً بمنصب وزاري في الحكومة الجديدة، ليفوز به المستقل شوكت آدم. كما هدّدت هذه الكتلة الانتخابية مقعد ويس ستريتينغ، أحد نجوم الحزب ووزير الرعاية الصحية الجديد، الذي احتفظ بمقعده بفضل غالبية ضئيلة لم تتجاوز 500 صوت. ولعلّ أهم مقعد عكس حجم غضب الصوت المسلم والآسيوي واليساري من موقف ستارمر، هو في دائرة إزلينغتون نورث التي احتفظ بها جيرمي كوربن المستقل، الذي كان زعيماً لحزب العمال ويعدّ من أهم السياسيين البريطانيين الداعمين لحقوق الفلسطينيين.

وكان ستارمر قد أثار حفيظة أجزاء كبيرة من قاعدة الحزب التقليدية، عندما ألمح في مقابلة على «إل بي سي» إلى أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها بعد هجمات «حماس» حتى عبر قطع الماء والكهرباء عن قطاع غزة. كما أن رفضه دعم وقف إطلاق نار فوري فاقم استياء الأقليات المسلمة وغيرها، التي كانت تعدّ من أهم قواعد الحزب، واقترح في مقابل ذلك وقف إطلاق نار «إنسانياً»، لا «دائماً».

وفي محاولة لتخفيف استياء هذه الفئة «العمالية» التقليدية، سارع ستارمر لتأكيد عزمه على الاعتراف بدولة فلسطين في إطار حلّ الدولتين، دون أن يحدّد جدولاً زمنياً لذلك. كما التزم الضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وزيادة حجم المساعدات التي تصل إلى غزة.

إلا أن هذه الاستراتيجية لم تنجح في استعادة هذه الأصوات، الخميس. بل تراجع عددها بواقع عشر نقاط في المتوسط، في مقاعد تمثل دوائر يشكل المسلمون فيها أكثر من عشرة في المائة من السكان، وفق بيانات وكالة «رويترز». ويبلغ عدد المسلمين في المملكة المتحدة 3.9 مليون شخص، ويشكلون 6.5 في المائة من سكانها.

حرب أوكرانيا

كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بين أوائل المهنئين بفوز كير ستارمر بالانتخابات ورئاسة الحكومة. ومثل أسلافه المحافظين، عبّر ستارمر عن التزام ثابت بدعم كييف في حربها مع روسيا، مؤكداً مواصلة نهج كل من بوريس جونسون وريشي سوناك اللذين قادا التحرّك الأوروبي الداعم لأوكرانيا وقدّما لها مساعدات مالية وعسكرية ولوجيستية لمساعدتها في صد الغزو الروسي.

صورة أرشيفية لزيارة أجراها ستارمر إلى كييف للقاء زيلينسكي في 8 فبراير 2023 (أ.ب)

ومن المتوقع أن يجتمع ستارمر بزيلينسكي الأسبوع المقبل في واشنطن على هامش قمة «الناتو»، التي تنعقد بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسها.

ورغم هذه التطمينات، قد يضطر القادة الأوروبيون، وفي مقدّمتهم ستارمر، إلى إعادة تقييم موقفهم وسط تصاعد الشكوك في الصف الغربي حيال «الدعم غير المشروط» لأوكرانيا، الذي بدا واضحاً بين النواب الجمهوريين في الكونغرس الأميركي، وحتى داخل الاتحاد الأوروبي بعد زيارة رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان إلى موسكو، الجمعة.

العلاقة بأوروبا

هيمن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست) على الحياة السياسية البريطانية لمدة 5 سنوات على التوالي، وخلق حالة استقطاب غير مسبوق منذ استفتاء 2016، الذي أطاح برئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون ودفع بشخصيات مثل المحافظ بوريس جونسون وزعيم «الإصلاح (حزب الاستقلال سابقاً) نايجل فاراج إلى مقدّمة الساحة السياسية البريطانية.

إلا أن حملتي «العمال» و«المحافظين» حرصتا على تجنّب التطرّق إلى تداعيات «بريكست»، التي يقول اقتصاديون إن أثرها واضح في الصعوبات الاقتصادية التي يعيشها البريطانيون وارتفاع تكاليف المعيشة، خوفاً من إثارة حفيظة الناخبين الذين صوّتوا لصالح الخروج والذين يعمل فاراج وحزبه على استقطابهم.

وزير الخارجية الجديد ديفيد لامي يغادر 10 داونينغ ستريت الجمعة (رويترز)

ومع تأمينه أغلبية مطلقة مريحة في مجلس العموم، يأمل مقرّبون من ستارمر في أن يتّخذ مقاربة أكثر ديناميكية تجاه تعزيز علاقات لندن بجيرانها الأوروبيين، خاصة من ناحية إزاحة العراقيل الجديدة أمام التجارة، والتعاون الأمني لمكافحة ظاهرة تهريب المهاجرين المتفاقمة بحراً. ولا شكّ أن الزعماء الأوروبيين، خاصة من الأحزاب «الوسطية» أمثال إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، سيدعمون أي سياسة تقارب ينتهجها ستارمر، مدركين أهمية تحسين ظروف المعيشة في بلدانهم كآخر محاولة لصدّ الصعود السريع لأحزاب اليمين المتطرف، الممثل بالتجمع الوطني في فرنسا (الذي أصبح على أبواب السلطة)، والبديل في ألمانيا، والإصلاح في بريطانيا. وكانت علاقة ريشي سوناك بقادة الاتحاد الأوروبي متوتّرة إلى حدّ ما، خاصة بعد تلميحه إلى الانسحاب من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في حال اعترضت على خطّته ترحيل طالبي اللجوء والمهاجرين غير القانونيين إلى رواندا.

وفي هذا الصّدد، تعهد العمال بـ«إنجاح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي» والسعي إلى اتفاق أمني «طموح» مع الاتحاد. ولا شكّ أن ستارمر سيكشف عن ملامح سياسته تجاه بروكسل في اجتماع المجموعة السياسية الأوروبية، الذي سيستضيفه في 18 يوليو (تموز) بأكسفورد، والذي سيشارك فيه قادة أوروبيون.

الصين... بين التجارة والأمن القومي

تطرح العلاقات بالصين تحدّياً كبيراً لحكومة ستارمر. فبعد أن عمّقت البلاد علاقاتها التجارية ببكين، ولا سيّما في مجال التقنية، أثارت مخاوف متعلّقة بالأمن القومي واتّهامات لبكين بالتجسس على لندن واستهداف مصالحها بهجمات سيبرانية، دعوات بتخفيف الاعتماد على الصين.

يواجه ستارمر سلسلة تحديات خارجية أبرزها حربا غزة وأوكرانيا (أ.ب)

وقال ستارمر، العام الماضي، بوصفه زعيماً للمعارضة، إن المملكة المتحدة بحاجة إلى الاستغناء تدريجياً عن الصين في قضايا مثل التجارة والتكنولوجيا، مع الاعتراف بأهمية القدرة على التعاون في قضايا مثل معالجة تغير المناخ. ويتمثل التحدي في تحقيق التوازن بين المصالح التجارية والاقتصادية للمملكة المتحدة والضرورات الأمنية.

وترى براونن مادوكس وأوليفيا أوسوليفان من مركز «تشاتهام هاوس» للأبحاث، أن لا قرار فورياً يلوح في الأفق بشأن الصين: «حيث وضع حزب العمال توازناً دقيقاً مماثلاً للذي اعتمده سوناك في التجارة والحديث عن المشكلات العالمية مع بكين، مع الدفاع عن مصالح بريطانيا ضد التهديدات في الوقت ذاته». والواقع أن حزب العمال مرجّح لإطلاق مراجعة لروابط المملكة المتحدة مع الصين في أول 100 يوم من تولي الحكومة.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
TT

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)

كل المؤشرات تؤكد أن الأوضاع على جبهات القتال لا تميل لمصلحة أوكرانيا. وفي تقييم للوضع الميداني قالت الاستخبارات البريطانية العسكرية إن خط المواجهة كان أكثر «اضطراباً» من أي وقت مضى منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، في تعبير ملطف عمّا تعانيه قوات كييف، على الرغم من كونها من المدافعين عنها.

وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أقرّ مصدر رفيع المستوى في هيئة الأركان العامة الأوكرانية (الجمعة) بأن القوات الروسية تتقدَّم مسافة بين «200 و300 متر يومياً» قرب كوراخوف، وهي من المواقع المهمة التي قد تسقط قريباً. وفي علامة على هذا التقدم، أعلن الجيش الروسي (الجمعة) سيطرته على بلدة نوفودميتريفكا شمال كوراخوف. وتحتوي هذه المنطقة خصوصاً على رواسب كبيرة من الليثيوم.

واليوم (السبت) أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أنه يتوقع أن يبدأ الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا، المشارَكة الفعلية في القتال قريباً، ضد القوات الأوكرانية، خصوصاً في منطقة كروسك الروسية.

تصعيد مدروس أو متهور؟

وأتت تلك التحذيرات بعد الضجة التي أحدثتها روسيا، جراء الضربة «المدروسة» تداعياتها بدقة، التي نفَّذتها بصاروخ تجريبي فرط صوتي، أرادت من خلالها توجيه رسائل متعددة الاتجاهات. وشهد الأسبوع الماضي، تغييراً جذرياً للصراع في أوكرانيا، خلال سعي طرفَي النزاع المحموم للاستعداد لعودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، للسلطة.

وخلال هذا الأسبوع، تقاذفت واشنطن وموسكو المسؤولية عن التصعيد. وقالت إدارة بايدن إن سماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» لضرب العمق الروسي، جاء رداً على استقدام نحو 11 ألف جندي كوري شمالي، حيث ترجح تقييمات استخباراتية أميركية وكورية جنوبية، أن يصل عددهم إلى نحو 100 ألف.

في المقابل، قالت موسكو إن ضربتها الصاروخية، كانت رداً على السماح باستهداف أراضيها بالصواريخ الغربية. وفي حين وصف كل من الجانبين الآخر بأنه «متهور»، يخشى البعض من أن يتحوَّل هذا التصعيد بسرعة إلى حرب. فواشنطن تحاول بشكل يائس تغيير الوضع الميداني المتراجع لأوكرانيا على الخطوط الأمامية، قبل مغادرة بايدن الرئاسة. وروسيا تتجه نحو مسارات أكثر خطورة لاستعادة قيمة الردع التي فقدتها في السنوات الثلاث الماضية. ورغم أن الطرفين لن ينخرطا في صراع مباشر، بدليل حرص موسكو على إبلاغ واشنطن قبل 30 دقيقة عن ضربتها الصاروخية، فإنهما سينخرطان بشكل أوسع في المواجهة التي أصبحت «عالمية» في أوكرانيا.

وطلبت أوكرانيا من حلفائها الغربيين تزويدها بأحدث جيل من أنظمة الدفاع الجوي لحماية نفسها. وكشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقطع مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن أن «وزير الدفاع الأوكراني تَواصَل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه حماية الأرواح بمواجهة أخطار جديدة».

دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أقرب حليف لموسكو داخل الاتحاد الأوروبي، (الجمعة)، إلى عدم الاستهانة بتهديدات روسيا، الدولة المجهَّزة «بأكثر الأسلحة تدميراً في العالم»، التي «تبني سياستها ومكانتها في العالم بشكل عام على القوة العسكرية».

مشاركة جنود بيونغ يانغ

ويقدِّر وزير الدفاع الأميركي وجود نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي الآن في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا، والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ: «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقَّع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة إلى القوات الكورية الشمالية.

رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

وذكر أوستن أنه «لم يرَ أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن، على الرغم من صدور تقارير أوكرانية، أشارت إلى مقتل عدد منهم في ضربة نفَّذتها كييف بصواريخ «أتاكمز» أخيراً في بريانسك.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية، هذا الأسبوع، إن موسكو تُقدِّم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات، ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ، مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ولم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجود قوات كورية شمالية، وبدلاً من ذلك انتقد الغرب بسبب دعمه لأوكرانيا. وقالت كوريا الشمالية، الشهر الماضي، إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

وفي حين يعجل فريق الرئيس ترمب الحديث عن المفاوضات، كانت الأوضاع على جبهات القتال قاتمةً في كل مكان في أوكرانيا. فالقوات الروسية تواصل الضغط على القوات الأوكرانية في منطقة كورسك لإخراجها منها، وتتقدم جنوب خاركيف، بالقرب من مدينة كوبيانسك. وتتعرَّض خطوط الإمداد للخطر حول منطقة دونباس الشرقية، في حين جنوب زابوريجيا تحت ضغط أكبر، بحسب تقييمات عسكرية في واشنطن.

التأثير على ترمب

ورغم وصف المسؤولين الأميركيين وحلف شمال الأطلسي، الصاروخ الروسي «أوريشنيك» بأنه «متوسط ​​المدى وتجريبي»، في تعليقات بدت كأنها تسعى إلى التقليل من أهميته، فإنها كانت تشير في الواقع إلى خلاف أوسع مع موسكو، يعود إلى عام 2019، خلال رئاسة ترمب الأولى. في ذلك العام، انسحب ترمب من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة، التي كانت تحد من تطوير مثل هذه الأسلحة، متهماً روسيا بانتهاكها.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ويرى البعض أن إصرار المسؤولين الغربيين على أن هذا الصاروخ «متوسط المدى»، الذي بدا قادراً على حمل أسلحة نووية، ربما يكون إشارة إلى استمرار روسيا في السعي للحصول على مثل هذه الأسلحة خارج تلك المعاهدة التي انتهت صلاحيتها الآن. لكنه ربما كان أيضاً بمثابة إشارة إلى ترمب، بأن موسكو لا تزال منخرطة في تصنيع تلك الأسلحة التي اتهمها بتطويرها خلال ولايته الأولى.

لقاء روته بترمب

وأشارت تقارير إعلامية أميركية، إلى أن لقاء الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس ترمب، في بالم بيتش بولاية فلوريدا، كانت على رأسه، مناقشاتهما الوضع في أوكرانيا. وقالت فرح دخل الله، الناطقة باسم «الناتو»، اليوم (السبت) في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وطبقاً لمعلومات من مصادر داخل الحلف، ناقش الجانبان الاجتياح الروسي المستمر لأوكرانيا، بالإضافة إلى قضية الإنفاق الدفاعي لأعضاء «الناتو»، بين قضايا أخرى.

كما اجتمع روته وفريقه أيضاً مع مايكل والتز، الذي اختاره ترمب لمنصب مستشار الأمن القومي، وأعضاء آخرين بفريق الأمن القومي للرئيس المنتخب، حسب بيان «الناتو».

وكان روته، رئيس الوزراء الهولندي السابق، أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوزه في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية. وتولى روته منصب الأمين العام للناتو في أكتوبر (تشرين الأول).

ومن المقرر أن يعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا محادثات في بروكسل (الثلاثاء)؛ لبحث الوضع. وتقول كييف إنها تتوقَّع قرارات «ملموسة» من حلفائها.

واختار ترمب، يوم الأربعاء، مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيراً لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي. وأوضح ترمب في بيان أن ويتاكر «محارب قوي، ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار». غير أن اختياره ويتاكر ممثلاً لدى «الناتو»، عُدَّ اختياراً غير اعتيادي، نظراً لخلفيته بصفته محامياً، وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مطلعة أن ترمب، يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال فترة رئاسته الأولى من 2017 إلى 2021، مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا. ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل أيضاً منصب سفير واشنطن لدى ألمانيا، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب. ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً لتلك المصادر. وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك.