النساء أكثر عرضةً للوفاة بعد الكوارث الطبيعية مقارنةً بالرجالhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5035647-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D8%B9%D8%B1%D8%B6%D8%A9%D9%8B-%D9%84%D9%84%D9%88%D9%81%D8%A7%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%86%D8%A9%D9%8B-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84
النساء أكثر عرضةً للوفاة بعد الكوارث الطبيعية مقارنةً بالرجال
النساء أكثر عرضة للوفاة بعد الكوارث الطبيعية بمقدار 14 مرة مقارنة بالرجال (أ.ب)
سيدني:«الشرق الأوسط»
TT
سيدني:«الشرق الأوسط»
TT
النساء أكثر عرضةً للوفاة بعد الكوارث الطبيعية مقارنةً بالرجال
النساء أكثر عرضة للوفاة بعد الكوارث الطبيعية بمقدار 14 مرة مقارنة بالرجال (أ.ب)
أكّد تقرير جديد أصدرته منظمة القيادة البيئية النسائية في أستراليا أن النساء أكثر عُرضةً للوفاة بعد الكوارث الطبيعية بمقدار 14 مرة مقارنةً بالرجال، وأنهن يمثّلن 80 في المائة من النازحين في أعقابها.
ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قال التقرير إن هذه الوفيات تنتج في الأغلب عن حوادث عنف يرتكبها الرجال ضد النساء، مشيرين إلى أن هذه الحوادث تتصاعد بعد الكوارث الطبيعية؛ «لأن الأدوار التقليدية للجنسين تميل إلى أن تصبح أكثر رسوخاً في هذا الوقت».
وأضاف: «بمعنى أوضح، يقوم الرجال خلال الكوارث عموماً بأدوار يُنظَر إليها على أنها بطولية، مثل عمليات الإنقاذ من الفيضانات، ومكافحة الحرائق، وإعادة الإعمار، وما إلى ذلك، في حين أن النساء يتحمّلن عبئاً أكبر في أعمال الرعاية».
ونتيجةً لهذا الفارق في الأدوار، فإن الرجال يصبح لديهم شعور قوي بضرورة مسامحتهم، بسبب ما يقومون به من عمل بطولي، وفقاً للتقرير.
وقالت كارلا باسكو ليهي، مديرة الأبحاث في منظمة القيادة البيئية النسائية: «تأثيرات الكوارث الطبيعية على النساء والرجال ليست متساوية على الإطلاق».
وأشارت إلى أن هذا التقرير قد يساعد الحكومات على وضع سياسات لمنع العنف بين الجنسين في أوقات الكوارث الطبيعية على وجه الخصوص، وحماية الفئات الضعيفة من الآثار غير المتناسبة لهذه الكوارث.
وبدأت مشاركة بعض القصص حول العنف المنزلي في أعقاب الكوارث الطبيعية لأول مرة بعد حرائق الغابات في فيكتوريا، عام 2009، وذلك في دراسة تاريخية أظهرت أن العنف بين الجنسين تصاعَد بعد الكارثة.
وكشفت أبحاث عدة منذ ذلك الحين عن ارتفاعات كبيرة في العنف المنزلي خلال فترات الكوارث الطبيعية، وأيضاً عمليات الإغلاق الناجمة عن فيروس «كورونا». لكن على الرغم من سنوات من الأدلة المتنامية فإن الباحثين الأستراليين قالوا إن الحكومات لا تزال لا تعترف بشكل كافٍ بالمخاطر الأكبر التي تواجهها النساء أثناء الكوارث وبعدها.
حسين المطلق: اعتمدت على المفارقات النفسية في فيلم «حفل افتتاح»https://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5218112-%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84%D9%82-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%85%D8%AF%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85-%D8%AD%D9%81%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%AA%D8%AA%D8%A7%D8%AD
حسين المطلق: اعتمدت على المفارقات النفسية في فيلم «حفل افتتاح»
من كواليس تصوير الفيلم (الشرق الأوسط)
قال المخرج السعودي حسين المطلق إن فيلمه القصير «حفل افتتاح» لم يكن مجرد تجربة فنية يسعى من خلالها لتقديم عمل جديد، بل محاولة لالتقاط لحظة رمزية تعيشها السينما السعودية اليوم، حيث تتسارع التحولات وتتراكم البدايات التي تشبه، في رأيه، حفلات افتتاح متتالية تتجدد مع كل مشروع جديد.
وأضاف المطلق لـ«الشرق الأوسط» أن الفيلم ولد من مراقبة دقيقة لهذه اللحظة، ومن رغبة في صناعة عمل صغير في حجمه، لكنه قادر على حمل أسئلة تتجاوز زمنه القصير، موضحاً أن الفكرة الأساسية تشكلت من انشغال طويل باللحظات التي تسبق أي حدث احتفالي، وهي لحظات يعتبر أنها تكشف الكثير من طبيعة التوتر المواكب للبدايات الجديدة.
وتدور قصة «حفل افتتاح» حول طفل في التاسعة من عمره يدعى «سالم» يُمنح شرف قص شريط افتتاح مركز ثقافي ضخم، ليجد نفسه في قلب حدث رسمي إلى جانب معلمه المبجل. وبينما يستعد للحظة المجد، تكلفه والدته سراً بمهمة عاجلة تتمثل في إيصال ظرف غامض إلى مدير المركز دون علم المعلم.
تضع هذه المهمة «سالم» في صراع بين رغبته في تنفيذ تكليف والدته وخوفه من خذلان معلمه، فيحاول إتمام مهمته وسط فوضى الاحتفال، لكنه يتعثر ويفشل مراراً قبل أن يكتشف أن الأوامر البسيطة قد تخفي خلفها عوالم معقدة يعجز عن استيعابها.
المخرج السعودي حسين المطلق (مهرجان البحر الأحمر)
ويؤكد المطلق أن الفيلم يعتمد على هذه المفارقة النفسية التي يعيشها الطفل، وينسج حولها رؤية بصرية مكثفة تبتعد عن الحوار المباشر لصالح الصورة وإيقاع الحركة، مشيراً إلى أن السينما، في جوهرها، فن بصري يسمح بالتلميح أكثر من التصريح، ولذلك اعتمد الفيلم على التكوينات البصرية والضوء والصمت ليكشف التوتر الداخلي الذي يعيشه بطله.
ويشير إلى أن بناء فيلم قصير يقوم على هذا النوع من التكثيف يحتاج إلى ضبط شديد للإيقاع، لأن كل حركة وكل نظرة تحمل معنى يجب ألا يضيع داخل التفاصيل، مؤكداً أن عملية التصوير كانت دقيقة للغاية، خاصة أن الفيلم يتحرك داخل مساحة مغلقة تستعد لحفل رسمي، ما استدعى معالجة خاصة للإضاءة والصوت ولتوزيع الحركة داخل الكادر.
ورغم أن فريق العمل كان صغيراً، فإن الروح الجماعية والحماس مكنا الفريق من تجاوز التحديات التي ظهرت خلال الأيام الأولى للتصوير، وصولاً إلى صياغة المشهد البصري بالشكل الذي يتناسب مع الحالة النفسية التي يقدمها الفيلم، وفق المطلق.
أما اختيار الممثلين فجاء وفق رؤية واعية لطبيعة الفيلم، واعتمد المطلق على مجموعة من ممثلين قادرين على التعبير من خلال الإيماءة والنظرة أكثر من الحوار، مؤكداً قناعته بأن نجاح الفيلم مرتبط بقدرة هؤلاء الممثلين على حمل الجانب النفسي للشخصيات من دون اللجوء إلى الأداء الخطابي؛ لأن العمل يقوم كله على ما يدور تحت السطح.
وعن مشاركة «حفل افتتاح» في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة ضمن الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، يصف المطلق التجربة بأنها محطة مهمة في مساره المهني، لافتاً إلى أن «المهرجان بات اليوم منصة مركزية في المنطقة تتيح للمخرجين فرصة للتواصل مع صناع السينما والمنتجين والمبرمجين، وتوفر فضاء حقيقياً لتطوير المشاريع واستكشاف اتجاهات جديدة في السرد العربي والعالمي».
الملصق الدعائي للفيلم (مهرجان البحر الأحمر)
ويلفت المطلق إلى أن ردود الفعل التي تابعها بعد العرض الأول كانت مشجعة، سواء من الجمهور أو من صناع السينما الذين التقطوا تفاصيل العمل، معتبراً النقاشات التي تلت العرض أكدت له أن الفيلم استطاع أن يفتح مساحة للتأمل حول العلاقة بين الفرد والحدث العام، وحول كيفية تعامل الطفل مع عالم الكبار من موقع لا يزال غضاً وغير مكتمل.
ويعتبر المطلق أن المشهد السينمائي السعودي يعيش اليوم مرحلة ازدهار حقيقية، سواء على مستوى الإنتاج أو على مستوى تنوع الأصوات الفنية التي تقدم رؤى جديدة، ويربط بين هذا الازدهار وبين تطور البنية التحتية والدعم المؤسسي، مؤكداً أن البيئة الحالية أصبحت قادرة على احتضان تجارب تتسم بالجرأة والتنوع، وأن الجمهور بات أكثر استعداداً لمتابعة أعمال تحمل بصمات شخصية وتجريبية.
ويشير في ختام حديثه إلى أنه يعمل حالياً على تطوير مشروع سينمائي جديد، مستفيداً من الخبرة التي اكتسبها في «حفل افتتاح»، ومؤمناً بأن الفيلم القصير ليس مجرد محطة انتقال، بل مساحة إبداعية مستقلة يمكنها أن تؤسس لغة سينمائية متفردة.
جورج خباز لـ«الشرق الأوسط»: أميل للعزلة مثل بطل «يونان»https://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5218096-%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC-%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B2-%D9%84%D9%80%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%B9%D8%B2%D9%84%D8%A9-%D9%85%D8%AB%D9%84-%D8%A8%D8%B7%D9%84-%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%86
جورج خباز لـ«الشرق الأوسط»: أميل للعزلة مثل بطل «يونان»
الفنان اللبناني جورج خباز
بينما يكتشف أن ذاكرة والدته العجوز تتلاشى شيئاً فشيئاً وهو يحادثها تليفونياً، يعاني الكاتب اللبناني المهاجر إلى ألمانيا من شعور بالاغتراب والإحباط والتعاسة يدفعه للهرب إلى جزيرة نائية ليتخذ قراراً جذرياً برغبة قوية في إنهاء حياته، ووسط أجواء مشحونة بالتوتر الذي يسيطر عليه بالجزيرة المعزولة وقسوة المناخ، يقترب من تحقيق رغبته، لكن مواقف عديدة تقوده لاتجاه آخر، ليتبدل الحال مع بطل فيلم «يونان» الذي يُعرض ضمن مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، وهو من بطولة الفنان اللبناني جورج خباز والفنانة الألمانية هانا شيغولا، والفنان الفلسطيني علي سليمان إلى جانب نضال الأشقر وتوم بلاشيا. الفيلم من تأليف وإخراج المخرج السوري أمير فخر الدين، وتماهى الفنان اللبناني مع شخصية «منير» وحظي بتصفيق جمهور مهرجان البحر الأحمر الذي هتف باسمه، قائلاً: «بنحبك يا جورج». وكان الفيلم قد شارك بالمسابقة الرسمية لمهرجان برلين خلال دورته الـ75 وحظي باهتمام لافت.
ويتضمن فيلم «يونان» حوارات عديدة باللغة الألمانية يؤديها خباز، حيث تدور الأحداث بألمانيا، بعد هجرته إليها وزواجه بألمانية، وكشف جورج، في حواره لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه لم يكن لديه أدنى فكرة عن اللغة الألمانية لكن المخرج أمير فخر الدين طمأنه، قائلاً: «لا تحمل هماً لذلك، سوف تتحدث بها لكن هذا يتطلب منك جهداً ووقتاً، ودرست اللغة الألمانية بشكل عام لمدة 3 أشهر مع التركيز على حوار الفيلم بشكل خاص».
جورج خباز والممثلة الألمانية هانا شيغولا في لقطة من فيلم يونان (إدارة المهرجان)
ويلفت خباز إلى أنه «خلال التصوير كان يحضر مدرباً ألمانياً، وكنت بصحبة النجمة الألمانية الرائعة هانا شيغولا التي تعد أيقونة السينما الأوروبية، وقد ساعدتني كثيراً في تصحيح بعض الألفاظ التي تعطي مصداقية لشخص قادم من الشرق الأوسط يعيش في هامبورغ، علاوة على أن المخرج أيضاً يقيم في ألمانيا، وقد كان الفيلم تجربة جيدة رغم صعوبتها لكنها عرفتني على لغة جديدة ومجتمع جديد».
وحول علاقته بالسيناريو يقول إنه عُرض عليه مكتملاً وأحبه كثيراً، وبالطبع طرأت عليه تعديلات وإضافات، مؤكداً ثقته الكاملة بالمخرج، لافتاً إلى أن اختيار المخرج له ليؤدي بطولة «يونان» جاء بعد مشاهدته لخباز في فيلم «أصحاب ولا أعز»، حيث كانت شخصيته بالفيلم تعتمد على رد الفعل أكثر من الفعل ورأى فيه عيون «منير» بطل «يونان».
ويشير خباز إلى تحمسه كثيراً لهذه التجربة التي تعتمد على الحوار الصامت واللغة الشعرية الفلسفية لإيمانه بأن السينما لغة الصورة، مثلما يقول: «حين تعجز الصورة عن التعبير يبدأ الكلام»، لا سيما مع هذا النوع من السينما الذي يعطي المتلقي الحرية والفضاء الواسع للتلقي وتحليل العمل والاعتناء باللغة الشعرية والرؤية الفلسفية لتعكس الصراعات بطريقة رائعة.
خباز يعبّر عن اعتزازه بالعمل مع المخرج أمير فخر الدين (الشرق الأوسط)
ولم يجد الفنان جورج خباز في مساحات الصمت بالسيناريو التي طالت بالفيلم أي مشكلة، مؤكداً أنها سينما تطرح الأسئلة والصراعات الداخلية التي قد ترتبط بأسئلة ليس لها أجوبة لكن علينا أن نطرحها بشكل أو بآخر، وهي السينما التي يقدمها أمير فخر الدين وقد شاهدت أعماله الرائعة على غرار فيلم «الغريب».
ويلفت الفنان اللبناني إلى نقاط تماس بينه وبين بطل «يونان»، قائلاً: «نحن نتلاقى في نقاط عديدة، فأنا أصلاً أميل للعزلة، لكن عزلة (منير) أكبر وأعمق وعائلته كلها مآسٍ، لكن مع تطور الشخصية نجده شيئاً فشيئاً يعود ليحب الحياة ويتماهى مع الطبيعة، هذا الشيء ساعدني على أن أخرج من الشخصية في النهاية، ولدي شعور بالراحة بعدما بقيت مع الشخصية لوقت طويل وكلما عدت للفيلم تذكرت هذه التجربة بكل حلاوتها وقسوتها في مشاهد الجزيرة، حيث رمزية الموت والميلاد الجديد الذي عاشه مثل النبي يونان (سيدنا يونس) الذي بقي في بطن الحوت، وهذا الشيء أثر فيّ وعلمني الكثير في حياتي».
وعبّر جورج خباز عن سعادته لاستقبال الجمهور له، وأشار إلى أن من المهم الانتقاء للفنان، مؤكداً أن «اختياراته ترتبط بالقيمة الفنية والإنسانية التي عَدّها دستوراً يحكم اختياره للأعمال الفنية للعمل سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون، مشدداً على أهمية أن نحترم عقل المشاهد ولا نستحف به، أو نتعالى عليه، مثلما يقول: «أفتش عن التواصل الإنساني المشترك العابر للقارات والمعتقدات وأطرح الموضوعات لكي نتحد جميعا كأرواح».
«المد البشري» للمخرج البريطاني ديفيد وارد... ما خلف حكايات الحجhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5218078-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%B1%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%AF%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AF-%D9%85%D8%A7-%D8%AE%D9%84%D9%81-%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC
«المد البشري» للمخرج البريطاني ديفيد وارد... ما خلف حكايات الحج
ينطلق الوثائقي من أقصى الشمال البارد في السويد لشاب يحلم بالحج (لقطة من الفيلم)
في قاعة يملأها الانتباه المشدود والدهشة الصامتة، قدّم فيلم «المد البشري» للمخرج البريطاني ديفيد وارد واحدة من أكثر التجارب الوثائقية قرباً من جوهر الحج وروحه، حيث لم يتجه الفيلم إلى الصورة التقليدية للجموع ولا إلى المشاهد العامة للطقوس، بل اقترب من الإنسان نفسه، من تفاصيله الصغيرة، من دوافعه، ومن تلك اللحظة التي تتحول فيها رحلة العمر إلى مرآة داخلية.
بوستر الفيلم (مهرجان البحر الأحمر)
من السويد.. حجّ للتعافي
تبدأ الرحلة من أقصى الشمال البارد، من السويد تحديداً، حيث يجلس الشاب يوسف بجوار والده، وهما يستعدان لمسافة تتجاوز السبعة آلاف كيلومتر نحو مكة، وقد تبدو الرحلة مجرد أداء فريضة طال انتظارها، لكن كاميرا وارد تعرف منذ البداية أن ما في داخل يوسف أكبر من مناسك، فهو يحمل ندبة الانفصال بين والديه.
والحج بالنسبة ليوسف ليس ركناً فحسب، بل محاولة لالتقاط ما تبقّى من يقين. وفي التفاصيل الصغيرة، لحظة يد الأب على كتف ابنه، ارتجافة يوسف في الطواف، بكاء والده حين يهمس بالدعاء باسمه، ينحت الفيلم رحلة تعاف أكثر منها رحلة عبادية، ويمنح الأب ابنه مساحة ليعيد ترتيب روحه، ويمنح الحج لهما فرصة نادرة لترميم علاقة شعثها الزمن.
لحظة وجدانية عميقة خلال الوقوف في عرفة خلال الحج (لقطة من الفيلم)
من أوغندا.. بكاء ثم ولادة
في أوغندا، يقف زوجان بسيطان أمام الكاميرا ويقولان بوضوح عفوي: «لسنا متدينين كثيراً... لكننا نعرف أن الحج ركن عظيم»... كلمات تبدو عادية، لكنها تخفي خلفها سنوات طويلة من محاولات الإنجاب التي لم تُكتب لها نتيجة، حيث يروي الزوجان كيف خصّصا كل ما ادّخراه للحج، وكيف توقّفا عن شراء «الأشياء الرفاهية» لأجل ذلك.
تتصدّر الزوجة المشهد بعفويتها ودموعها في يوم عرفة، تتوسّل بلا انقطاع، كأنها تحمل على كتفيها ثقل الضغوط العائلية والمجتمعية التي طاردتها لسنوات. وبعد العودة إلى أوغندا، يعود الفيلم إليهما في واحدة من أكثر لحظاته تأثيراً، حيث يعلن أن الزوجة حامل. وبعد أشهر تُنجب ابنة تغيّر شكل الأسرة كلّه، ولا يتعامل وارد مع الحدث بوصفه معجزة، بل بوصفه بُشرى، وواحدة من تلك اللحظات التي يدخل فيها اليقين القلب من بابٍ لا يراه أحد.
داخل صالة العرض الأول للفيلم في مهرجان البحر الأحمر (تصوير: إيمان الخطاف)
من برمنغهام... انتصار «مريم»
من بريطانيا تأتي واحدة من أكثر الحكايات عمقاً، لزوج من الصم، ترافقه زوجته مريم التي تولّت دور المترجمة طوال الرحلة، لكن التركيز هذه المرة ليس على الزوج، بل على مريم نفسها، فهي امرأة تخفي وراء ابتسامتها فوبيا من الحشود، وقلقاً اجتماعياً يربك تواصلها مع الآخرين. وفي مكة، حيث لا هروب من الزحام، تجد مريم نفسها فجأة في مواجهة أقسى مخاوفها.
في لقطات حقيقية وشفافة، نراها تتعثر، ترتبك، تلتفت يميناً ويساراً كمن يبحث عن مخرج. لكن الحج - كما يُبيّن الفيلم - ليس مكاناً للانكسار، بل للاكتشاف. وحين تعود مريم إلى برمنغهام، تعترف بأنها تغيّرت، قائلة: «لم أعد الشخص ذاته»، تقول وهي تبتسم: «تجاوزت شيئاً كبيراً»، وتترك الجملة معلّقة، كأنّها تشير إلى أن الطريق إلى مكة لم يكن يتجه جنوباً فحسب، بل إلى داخلها أيضاً.
آباء وأمهات يغيّرهم الحج
ومن قلب كينيا، تعرف الكاميرا طريقها إلى رجل آخر، لكنه هذه المرة ليس حاجاً، بل مرافق لآلاف الحجاج عبر ثلاثة عقود، عبر قائد حملة كيني يروي تجربته في خدمة ضيوف الرحمن، وتلمع عيناه حين يتحدث عن ابنه الصغير، الذي يحلم بأن يواصل المسيرة من بعده، ما يمنح الفيلم صوتاً نادراً لفئة لا تظهر كثيراً في الأعمال الوثائقية، وهم أولئك الذين يعيشون موسم الحج عاماً بعد عام، يحفظون تفاصيله، وينقلون خبرته جيلاً بعد جيل، ويعرفون معنى العطاء وسط المدّ البشري أكثر من أي أحد آخر.
أما من رينهام في المملكة المتحدة، فتأتي قصة امرأة بريطانية لم تستطع أداء الحج إلا بصحبة ابنها حمزة، بوصفه محرماً. يتحوّل الحج إلى مساحة لإعادة اكتشاف العلاقة بينهما. وفي لقطات صادقة، تُرى الأم وهي تحاول إخفاء دهشتها من نضج ابنها، فيما يمشي حمزة بجوارها بثقة تُشعرها بالأمان.
رحلة زوجين نحو الحج من لندن إلى مكة المكرمة (لقطة من الفيلم)
من لندن... زوجان وحياة جديدة
ويمضي الفيلم إلى لندن، حيث تعيش امرأة تركت الصلاة فترةً طويلة ثم شعرت بإحساس عميق بعدم الارتياح، قبل أن تقرر تغيير مسار حياتها، ونظرة واحدة في عينيها تكفي لتفهم أن الحج بالنسبة لها ليس قراراً عابراً، حيث تقول: «أريد تهذيب روحي»، وهي تستعد للسفر مع زوجها الذي يمر هو الآخر بأزمة ضياع روحي بعد سنوات ابتعد فيها عن العبادة.
يقرر الزوجان خوض الرحلة معاً، كأنهما يختبران إمكانية بناء حياة جديدة فوق أرضٍ أكثر ثباتاً، وخلال الحج، يتغيّر شيء داخلهما، إذ يقتربان، يتساندان، ويبدو أنّهما يجدان في رحلة المشاعر والإيمان ما لم يجداه في المحاولات اليومية، وفي واحدة من أجمل لقطات الفيلم، يتبادل الزوجان نظرة صامتة في يوم عرفة، نظرة تكفي لتشرح كل شيء.
لوحة إنسانية تجمعها مكة
لا يقدم «المد البشري» الحج بوصفه حدثاً ضخماً فحسب، بل بوصفه حدثاً فردياً، فلا الجموع هي البطل، ولا الشعائر، بل هؤلاء الأفراد الذين يقفون في قلب الزحام، حاملين قصصهم السرية، جروحهم، رغباتهم، صلواتهم، أسئلتهم التي لا يجرأون على قولها بصوتٍ مرتفع. ويمزج المخرج وارد بين أصوات أبطاله، كما يتيح لهم مساحات طويلة للسرد، لتتكوّن من القصص الست لوحة كبيرة، تتجاوز الحدود الدينية والجغرافية، وتكشف عن أن الحج بكل روحه وقدسيته ليس فقط رحلة نحو مكان، بل رحلة نحو الذات.
The extension has been updated. Please reload page to enable spell and grammar checking.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة