المصارف الأميركية تُظهر صموداً أمام الأزمات في «اختبار الجهد» السنوي

على الرغم من خسائر افتراضية بقيمة 685 مليار دولار وتراجع نسب رأس المال 2.8 %

رجل يسير بالقرب من بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
رجل يسير بالقرب من بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

المصارف الأميركية تُظهر صموداً أمام الأزمات في «اختبار الجهد» السنوي

رجل يسير بالقرب من بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
رجل يسير بالقرب من بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

تعرضت أكبر المصارف الأميركية لخسائر افتراضية كبيرة هذا العام بسبب المحافظ الاستثمارية الأكثر خطورة خلال «اختبار الجهد» السنوي الذي يجريه الاحتياطي الفيدرالي، والذي يقيس قدرة المصارف على تحمل الأزمات الاقتصادية والمالية. ومع ذلك، أظهرت النتائج أن هذه المصارف لديها ما يكفي من رأس المال لتتحمل الاضطرابات الاقتصادية والسوقية الشديدة.

وكشف الاختبار عن أن 31 مصرفاً كبيراً سوف يتحملون معدلات البطالة المرتفعة، والتقلبات الشديدة في السوق، والانخفاضات في أسواق الرهن العقاري السكني والتجاري، وسيحتفظون برأس مال كافٍ لمواصلة الإقراض، وفق «رويترز».

وعلى وجه التحديد، وجد الاحتياطي الفيدرالي أن مستويات رأس المال عالي الجودة في المصارف ستنخفض إلى 9.9 في المائة عند أدنى مستوياتها، وهو أكثر من ضعف الحد الأدنى التنظيمي.

وتتيح هذه النتائج الإيجابية للمصارف الإعلان عن خطط توزيع رأس المال على المساهمين في الأيام المقبلة، التي قد تتضمن إعادة شراء الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وقال مسؤول كبير في الاحتياطي الفيدرالي إن المصارف يمكنها الإعلان عن خطط رأسمالية بعد إغلاق السوق يوم الجمعة.

ومع ذلك، كشف الاختبار عن أن المصارف تكبّدت خسائر أكبر هذا العام، وليس لأن الاختبار أصبح أكثر صرامة. وكانت نسخة 2024 من «اختبار الجهد» مشابهة إلى حد كبير لنسخة العام الماضي، وأوضح الاحتياطي الفيدرالي أن الخسائر المرتفعة ترجع إلى تغييرات طرأت على محافظ المصارف في العام الماضي.

وأشار الاحتياطي الفيدرالي إلى تزايد أرصدة بطاقات الائتمان ومعدلات التأخر في السداد، والمحافظ الائتمانية للشركات الأكثر خطورة، وانخفاض الأرباح المتوقعة، باعتبارها عوامل تؤثر على المصارف هذا العام.

وقال نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي للرقابة مايكل بار، في بيان: «إن التغييرات في السيناريو ليست هي التي تحرك النتائج. بل إن العوامل الرئيسية الثلاثة التي تحرك نتائج هذا العام ارتبطت بالتغيرات في الميزانيات العمومية للمصارف».

وستتكبد المصارف التي تم اختبارها خسائر مجتمعة بقيمة 685 مليار دولار في ظل سيناريو افتراضي حاد. وفي المتوسط، شهدت المصارف انخفاضاً في نسب رأس مالها بمقدار 2.8 نقطة مئوية، وهو أكبر انخفاض منذ عام 2018.

ومن بين المصارف التي تم اختبارها، سجلت «تشارلز شواب كورب» أعلى مستويات رأس المال تحت الاختبار؛ حيث بلغت نسبة رأس المال لديها 25.2 في المائة في ظل هذا السيناريو القاسي. وأعلن «بنك أوف نيويورك ميلون كورب»، و«جيه بي مورغان تشيس»، و«مورغان ستانلي»، و«نورثرن ترست»، و«ستيت ستريت» عن نسب رأسمال مكونة من رقمين بعد الاختبار، كما فعلت العمليات الأميركية لـ«دويتشه بنك» و«يو بي إس».

وبالمقارنة، شهد بعض المقرضين الإقليميين الأصغر حجماً أن مستويات رأس المال لديهم تقترب من الحد الأدنى؛ حيث أبلغت كل من «بنك مونتريال»، ومجموعة «سيتيزينز» المالية، وبنك «إتش إس بي سي» عن نسب رأسمال مجهدة تقل عن 7 في المائة.

وسجلت أكبر المصارف العالمية نسب رأس مال أعلى بكثير من الحد الأدنى؛ حيث سجل بنك «جيه بي مورغان» أعلى نسبة عند 12.5 في المائة، و«ويلز فارغو» أدنى نسبة عند 8.1 في المائة. وسجل «بنك أوف أميركا» نسبة رأسمال بلغت 9.1 في المائة، وسجل «سيتي غروب» نسبة 9.7 في المائة.

وفي حين كان من المتوقع أن يكون أداء المصارف جيداً في ظل اختبار هذا العام كما كان الحال في السنوات السابقة، فإن النتائج السنوية مهمة لكل شركة لأن مدى أدائها يحدد مقدار رأس المال الذي يجب أن تحتفظ به مقابل الخسائر المحتملة. ويمكن بعد ذلك إعادة الأموال الفائضة التي تتجاوز مستويات رأس المال هذه إلى المساهمين.


مقالات ذات صلة

دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض توجد بها مقار رئيسية لأكبر البنوك (رويترز)

دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

واصلت البنوك السعودية تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال الربع الثالث من 2024 بعد أن نما صافي أرباحها بنسبة 13.49 في المائة عن الربع المماثل.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد أحد فروع "مصرف الراجحي" (الموقع الإلكتروني للمصرف)

«الراجحي» السعودي يسجل أعلى أرباح فصلية على الإطلاق

قفزت أرباح «مصرف الراجحي» السعودي خلال الربع الثالث من العام بنسبة 22.8 % على أساس سنوي، لتبلغ 5.1 مليار ريال، مسجّلة أعلى أرباح فصلية على الإطلاق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «بنك الرياض» بالمركز المالي في العاصمة السعودية (الشرق الأوسط)

أرباح «بنك الرياض» ترتفع 27 % إلى 705 ملايين دولار في الربع الثالث

ارتفع صافي أرباح «بنك الرياض» بنسبة 27 في المائة خلال الربع الثالث من 2024 بسبب زيادة الدخل وانخفاض المصاريف.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

تراجع الأسهم الأميركية مع نتائج إيجابية للمصارف وهبوط أسعار النفط

هبطت الأسهم الأميركية قرب مستوياتها القياسية بعد أن حققت عدة مصارف كبرى أرباحاً أقوى في الصيف مما توقعه المحللون بينما تراجع سعر النفط الخام مرة أخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليوان والروبل وسط أعلام الصين وروسيا (رويترز)

التجارة باليوان مستمرة بموسكو رغم انتهاء صلاحية الترخيص الأميركي

استمرت تجارة اليوان الصيني في بورصة موسكو للأوراق المالية الاثنين رغم انتهاء ترخيص مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.