​المهاجرون يحلّون مشكلة نقص اليد العاملة في وسط الولايات المتحدة

بعيداً عن السجالات المرتبطة بحملات الانتخابات الرئاسية

موظف يعمل في مصنع كاواساكي بولاية نبراسكا الأميركية (أ.ف.ب)
موظف يعمل في مصنع كاواساكي بولاية نبراسكا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

​المهاجرون يحلّون مشكلة نقص اليد العاملة في وسط الولايات المتحدة

موظف يعمل في مصنع كاواساكي بولاية نبراسكا الأميركية (أ.ف.ب)
موظف يعمل في مصنع كاواساكي بولاية نبراسكا الأميركية (أ.ف.ب)

بعيداً عن السجالات المرتبطة بحملات الانتخابات الرئاسية، تستقبل شركات تفتقر إلى العمّال بأذرع مفتوحة مهاجرين قدموا من أوكرانيا وأفغانستان والمكسيك إلى ولاية نبراسكا المحافظة في وسط الولايات المتحدة، حيث يعملون ويبنون حياتهم، داعية واشنطن إلى إصلاح نظام الهجرة القانونية.

على مشارف لينكولن عاصمة الولاية، وعلى طول الطريق التي تربط بين الحقول والمطار، يظهر مصنع كاواساكي للمركبات، حيث وُضعت لافتة على السياج كُتب عليها «نحن نوظّف».

موظفون يعملون بمصنع لقطارات الأنفاق في لينكولن بولاية نبراسكا الأميركية (أ.ف.ب)

ثلث الموظّفين مهاجرون أو لاجئون

يعمل المكسيكي راميرو أفالوس في هذا المصنع منذ عامين، بعدما أقام في البداية في كاليفورنيا مع زوجته وطفليهما.

اكتشف لاحقاً لينكولن التي يسكنها 300 ألف نسمة، والتي جذبته إليها «مناظرها الطبيعية وحدائقها وسكونها وغياب الاختناقات المرورية وانخفاض تكاليف المعيشة، ومستوى الجريمة المنخفض للغاية...»، ويقول: «قرّرت، مع عائلتي، المجيء إلى هنا».

لم يواجه أفالوس أي مشكلة في العثور على عمل، إذ يشير إلى تقدّمه بطلب للحصول على عمل في كاواساكي «بينما كنت لا أزال أعيش في لوس أنجليس»، مضيفا: «أجريت المقابلة وحصلت على الوظيفة».

ومثله، يأتي ثلث العاملين في هذا المصنع من دول أخرى، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقول مايك بويل المدير في كاواساكي: «من دون هذه اليد العاملة، سنُضطر إلى التوقّف عن العمل أو رفض طلبات، أو إلى تصنيع منتجاتنا في بلد آخر».

مايك بويل المدير في مصنع كاواساكي بولاية نبراسكا الأميركية (أ.ف.ب)

على بعد بضعة كيلومترات، قبالة صوامع مهجورة، يقوم مصنع «تي إم سي أو» (TMCO) بصنع معدّات معدنية. وفي هذا المكان أيضاً، فإن ثلث الموظّفين البالغ عددهم 230 شخصاً من المهاجرين أو اللاجئين.

وتؤكد مديرة هذه الشركة العائلية ديان تيمي ستينتون أنّه من دون التدفّق المستمر للمهاجرين، ستكون سوق «العمل مضطربة»، مشيرة في الوقت ذاته إلى «الحاجة إلى مزيد من العمالة المؤهّلة».

عفّى عليه الزمن

مع ذلك، تبقى الهجرة مسألة مثيرة للجدل مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

وبينما قام جو بايدن بتقييد وصول المهاجرين عبر الحدود مع المكسيك، وأعلن إجراءات تسوية أوضاع أزواج وزوجات المواطنين الأميركيين، إلّا أنّ منافسه دونالد ترمب الذي حصل على 58.5 في المائة من الأصوات في نبراسكا في عام 2020 يستخدم خطاباً أكثر حدّة تجاه المهاجرين.

ولكن بالنسبة إلى براين سلون رئيس غرفة التجارة في نبراسكا، فإنّ التحدّي «أكبر بكثير من الحدود الجنوبية... ويصل إلى هو ما هو أبعد من الانتخابات والمرشّحين».

موظف يقوم بطلاء جزء من مصنع كاواساكي في لينكولن بولاية نبراسكا الأميركية (أ.ف.ب)

ففي نبراسكا، يتمثّل هذا التحدّي في مسألة بقاء حتى «تتطوّر المجتمعات وتزدهر»، إذ إنّ تقريراً صادراً أفاد بأنّه «لا يوجد عدد كافٍ من الأشخاص... لشغل الوظائف الأساسية أو لدورة عمل مجتمعنا» إن كان في مجال الصناعة أو الزراعة أو الخدمات.

ويبلغ عدد سكان نبراسكا 1.97 مليون نسمة، 7.1 في المائة منهم وُلدوا في الخارج.

في البلدات الصغيرة في هذه المنطقة الريفية: «يقول الناس: نحتاج إليهم (أي المهاجرين) حالياً»، من أجل إبقاء المدارس ودور المسنّين ومحلّات البقالة مفتوحة، وفقاً لكاثلين غرانت المسؤولة عن منظمة تضمّ جمعيات محلية.

من جهته، يدعو براين سلون الكونغرس إلى تغيير القواعد المرتبطة بالهجرة القانونية. ويسخر الرجل الذي يرأس ائتلافاً من الجهات الاقتصادية الفاعلة، من نظام «عفّى عليه الزمن».

كما يحذّر من أنّ «عدم القيام بأي شيء من شأنه أن يؤدّي إلى إبطاء اقتصادنا».

ويوضح: «نحن بحاجة إلى عملية تسمح للأشخاص بدخول البلاد ليتمّ التحقّق منهم وتنظيم وضعهم، كي يستفيدوا من نوعية الحياة ذاتها التي استفاد منها أجدادنا عندما وصلوا إلى هنا بوصفهم مهاجرين»، مشيراً إلى ضرورة منح مزيد من تصاريح العمل وتقليل فترات التأخير.

عامل في مزرعة بولاية نبراسكا الأميركية (أ.ف.ب)

عملية «طويلة جداً»

يأمل مايك بويل المدير في مصنع كاواساكي أن تسعى الإدارة الفيدرالية المقبلة، سواء بقيادة جو بايدن أو دونالد ترمب، إلى «تسهيل تنظيم إجراءات الهجرة القانونية، والسماح بدخول مزيد من الأشخاص إلى البلاد».

وفي الوقت الحالي، يمكن أن يستغرق الحصول على رخصة عمل وتصريح إقامة «وقتاً طويلاً جداً»، وفقاً لماري كايوتي من الجمعية المحلية «سي إل آي إيه» (CLIA) المعنية بمساعدة المهاجرين.

وتستشهد كايوتي «بمن تقدّموا بطلب للحصول على حقّ اللجوء في عام 2017»، والذين أُجِّلت مقابلاتهم بعدما كانت مقرّرة في عام 2020 بسبب جائحة «كوفيد - 19»، ثمّ أعيدت جدولتها في عام 2022، ولكنّهم «ما زالوا ينتظرون القرار»، بحسب تعبيرها.

مع ذلك، يقول مايك بويل إنّه ليس هناك مجال لفتح الحدود على نطاق واسع، مؤكداً أنّ «هذين الموضوعين منفصلان تماماً».

ويوازن المشرّعون بين دعم الاقتصاد المحلّي والهواجس المرتبطة بالحدود المكسيكية.

وفي السياق، يعرب السيناتور الجمهوري ميرف رييبي عن اعتقاده بأنّه «من خلال تحوّل نبراسكا إلى ولاية ترحّب بالمهاجرين، من المحتمل أن تتمكّن من معالجة النقص في اليد العاملة لديها»، غير أنّه يؤكّد ضرورة وضع تخطيط بشأن التكاليف المرتبطة بهؤلاء الوافدين.

على الجانب الديمقراطي، تشدّد السيناتور كارول بلود على أنّ «الولايات المتحدة بحاجة إلى وضع طريقة أفضل للحصول على الجنسية»، وأن يكون هناك مزيد من قضاة الهجرة لتقصير فترة التأخير، لكنّها تشير أيضاً إلى الحاجة إلى تعزيز الموارد على الحدود.


مقالات ذات صلة

بايدن يعدّ مقتل نصر الله «معياراً للعدالة لضحاياه»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)

بايدن يعدّ مقتل نصر الله «معياراً للعدالة لضحاياه»

عبّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، عن دعمه الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة «الجماعات الإرهابية» المدعومة من إيران.

إيلي يوسف (واشنطن) هبة القدسي (واشنطن)
مذاقات البرغر اللذيذ يعتمد على جودة نوعية اللحم (شاترستوك)

كيف أصبح البرغر رمز الولايات المتحدة الأميركية؟

البرغر ليس أميركياً بالأصل، بل تعود أصوله إلى أوروبا، وبالتحديد إلى ألمانيا.

جوسلين إيليا (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (ا.ف.ب)

البيت الأبيض: بايدن يوجه باتخاذ السفارات الأميركية في المنطقة كافة التدابير الاحترازية

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن، أمر بتعديل انتشار القوات الأميركية في الشرق الأوسط «حسب الضرورة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس (أ.ب)

يتهمها بالكذب... ترمب يسخر من تعليقات هاريس بشأن عملها في «ماكدونالدز»

أصبح من شبه المؤكد أن المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب لن يتخلى عن اعتقاده بأن منافسته الديمقراطية كامالا هاريس لم تعمل قط في سلسلة مطاعم «ماكدونالدز».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ضابط من الشرطة الروسية - أرشيفية (رويترز)

روسيا تحاكم أميركياً عمره 72 عاماً بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا

يحاكم أميركي في الـ72 من العمر منذ الجمعة في موسكو بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا، على ما أفادت به وكالة «ريا نوفوستي» الرسمية للأنباء التي حضرت الجلسة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بايدن يعدّ مقتل نصر الله «معياراً للعدالة لضحاياه»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
TT

بايدن يعدّ مقتل نصر الله «معياراً للعدالة لضحاياه»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)

قال الرئيس جو بايدن أمس إن مقتل زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في ضربة جوية إسرائيلية هو «معيار للعدالة لكثير من ضحاياه» ومنهم آلاف المدنيين الأميركيين والإسرائيليين واللبنانيين، بحسب ما قال.

وشدد بايدن على أن أميركا تدعم تماماً حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه «حزب الله» و«حماس» والحوثيين وأي «جماعات إرهابية أخرى» مدعومة من إيران. وقال إنه وجّه وزير الدفاع لويد أوستن بتعزيز وضع القوات الأميركية في الشرق الأوسط لردع أي عدوان وتقليل مخاطر التحول إلى حرب شاملة بالمنطقة، مشدداً على «أن هدفنا هو خفض التصعيد في الصراعات الحالية سواء في غزة أو لبنان من خلال الوسائل الدبلوماسية». وقبل ذلك،

وقبل ذلك، عبّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، (السبت)، عن دعمه الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة «الجماعات الإرهابية» المدعومة من إيران.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن تحدّث مرتين، الجمعة، مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت بشأن الأحداث في لبنان، موضحة أن الوزير الأميركي قال إن واشنطن مستعدة لحماية قواتها ومنشآتها في المنطقة وملتزمة بالدفاع عن إسرائيل.

وصدر الموقف الأميركي بعد ساعات من تأكيد «حزب الله» مقتل أمينه العام حسن نصر الله، في الضربة الجوية التي نفّذتها إسرائيل، يوم الجمعة، على مقر القيادة المركزية للحزب في ضاحية بيروت الجنوبية.

مخاوف من توسّع الصراع

ونقلت محطة «سي إن إن» عن مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين قولهم إن مقتل نصر الله أدى إلى تأجيج المخاوف بشكل كبير من نشوب حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، وهو الاحتمال الذي سعت إدارة الرئيس جو بايدن بشدة منذ أشهر لمنعه.

لكن مسؤولاً غربياً كبيراً، لم تفصح عن هويته، قال للمحطة: «لا أرى كيف لا يتسع نطاق هذا الأمر قريباً».

وحسب المسؤول الكبير السابق في الشرق الأوسط في وزارة الدفاع، ميك مولروي، كانت الضربة أيضاً إشارة واضحة إلى استعداد إسرائيل للمخاطرة بصراع أوسع نطاقاً، وأنها لم تكن قريبة من قبول اقتراح وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة، ومن غير المرجح الآن أن يكون «حزب الله» مهتماً بالمفاوضات.

زعيم «حزب الله» حسن نصر الله قُتل بضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية الجمعة (أ.ف.ب)

إيران تشعر بالقلق

وقال مسؤول عسكري أميركي: «هناك بعض الدلائل على أن إيران قد شعرت بالقلق بالفعل بشأن درجة الضرر الذي ألحقته إسرائيل بـ(حزب الله)، أقوى الميليشيات التابعة لها وأكثرها قدرة في المنطقة». وأضاف أن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران ستتدخل في الصراع إذا رأت أنها على وشك «خسارة (حزب الله)»، بعدما أدت التأثيرات المجمعة للعمليات الإسرائيلية ضده إلى إخراج مئات المقاتلين من ساحة المعركة. وأضافت «سي إن إن» أن المسؤولين الأميركيين قدّروا منذ فترة طويلة أن القيادة العليا لـ«حزب الله» أرادت تجنّب حرب شاملة مع إسرائيل، حتى مع اشتداد القتال في الأشهر الأخيرة، لكن مقتل نصر الله مختلف تماماً.

«حزب الله» سيرد

ووفقاً للمسؤول الاستخباراتي الكبير السابق، جوناثان بانيكوف، فإنه من المؤكد تقريباً أن «حزب الله» سيرد، ومن المرجح أن تلعب إيران دوراً. وقال بانيكوف: «من المرجح أن يكون الرد كبيراً بما يكفي لارتفاع احتمالات أن يؤدي إلى حرب واسعة النطاق». وأضاف أن قيادة «حزب الله» دأبت منذ مدة طويلة على التحريض على لعب دور أكبر في القتال ضد إسرائيل منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وهي الآن تخاطر بفقدان شرعيتها في أعين مقاتليها ومؤيديها إذا لم تقدم رداً قاسياً على مقتل زعيمها.

شنكر: لحظة أمل نادرة

وتعليقاً على مقتل زعيم «حزب الله»، قال ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، إن «نصر الله ورعاته الإيرانيين هم من طلبوا هذه الحرب ضد إسرائيل». وأضاف في تصريح لـ «الشرق الأوسط» أن نصرالله «كان بإمكانه أن ينهيها في أي وقت، لكنه اختار ألا يفعل ذلك. ومع موته فقد جر لبنان مرة أخرى إلى مواجهة مدمرة أخرى مع إسرائيل».

وحول لبنان، قال شنكر «إنها لحظة أمل نادرة، الأمل في أن تتمكن النخبة السياسية من اغتنام الفرصة لإعادة تنشيط الدولة وإعادة التوازن إلى السياسة بعيداً عن هيمنة حزب الله المستمرة منذ عقود. لكن بالنسبة لإيران، فهذه ضربة هائلة. خلال العام الماضي، شهدت وكيلها الفلسطيني، «حماس» في غزة، يشن حرباً ويخسرها أمام إسرائيل، مما تسبب في معاناة إنسانية هائلة للفلسطينيين. والآن، شهدت الجمهورية الإسلامية تدهور جوهرة التاج لوكلائها. لقد فقدت إيران مستشارها الجهادي الرئيسي. وكان نصر الله، فعلياً، بديلاً لقاسم سليماني».

المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي (د.ب.أ)

آرون ديفيد ميللر

إلى ذلك، قال آرون ديفيد ميللر، الباحث البارز ونائب رئيس معهد كارنيغي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية «توضح لي من حيث المبدأ أن جيش الدفاع الإسرائيلي ورئيس الوزراء نتنياهو استنتجا أن التهديد الاستراتيجي الحقيقي لا يتمثل في حماس في الجنوب، لكنه يكمن في الشمال (مع لبنان). وأعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي توصل إلى هذا الاستنتاج واستغل أن الكنيست في عطلة، وأن الانتخابات الأميركية أمامها أسابيع، ولذلك فإن قدرة الولايات المتحدة على فرض عقوبات أو تقييد قدرات إسرائيل أو وضع شروط على المساعدات العسكرية الأميركية قد تثير انزعاجاً كبيراً، وهذا ما يعطي نتنياهو فرصة للمناورة من الآن وحتى الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)»، موعد الانتخابات الأميركية.

ويضيف الباحث البارز الذي عمل مفاوضاً في إدارات أميركية عدة، أن الانتخابات الأميركية تحتل مكانة بارزة في حسابات نتنياهو وهي أيضاً تحتل مساحة بارزة ومفهومة في حسابات إدارة بايدن، و«أسوأ شيء بالنسبة لهذه الإدارة وللمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس هو اندلاع حرب شاملة الآن وحصول تصعيد إسرائيلي ضد (حزب الله). من السهل تخيّل أن الولايات المتحدة يمكن أن تنجر إلى هذه الحرب، ولذا فإن الأمر محفوف بالمخاطر بالنسبة إلى الإدارة الأميركية». ويرى ميللر أن اغتيال حسن نصر الله لن يكون نهاية فصل أو بداية قصة جديدة، لأن إسرائيل تواجه حالياً ثلاث جبهات وحرب استنزاف، واحدة مع حماس وهي الأقل في الأهمية الاستراتيجية، والثانية مع «حزب الله» التي ستستمر بشكل ما، أما الثالثة فهي مع إيران و«من ثمّ لن تنتهي هذه الحروب في وقت قريب ولا توجد نهايات دبلوماسية لها». ويقول: «لقد أصدر حزب الله تهديدات كثيرة باستهداف إسرائيل. والسؤال الآن هل سيتراجعون عن القيام برد فعل انتقامي هائل؟ ويجب أيضاً أخذ الرأي العام اللبناني في الاعتبار لأنه المتأثر بالضربات الإسرائيلية، وفي اعتقادي أن حزب الله سيلجأ بمرور الوقت إلى استخدام القوة الناعمة».

وحول رد الفعل الإيراني، يضيف ميللر: «الإيرانيون في مأزق، فهم لا يريدون أن يروا وكيلهم الرئيسي في الصراع العربي الإسرائيلي يُغتال بهذه الطريقة، وفي الوقت نفسه لا يريدون أن ينجروا إلى مواجهة مستمرة مع إسرائيل - وهذا يتضمن أيضاً الولايات المتحدة - بما يؤدي إلى ضربات على الجيش الإيراني وربما على منشآتهم النووية».