الزبيب الإيراني يغزو الأسواق اليمنية ويهدد المزارعين بالإفلاس

مزاعم حوثية بمنع الاستيراد بسبب الاكتفاء الذاتي

الحوثيون يجبرون المزارعين على التبرع لمقاتليهم بالهدايا «العيدية» ومنها الزبيب (إعلام حوثي)
الحوثيون يجبرون المزارعين على التبرع لمقاتليهم بالهدايا «العيدية» ومنها الزبيب (إعلام حوثي)
TT

الزبيب الإيراني يغزو الأسواق اليمنية ويهدد المزارعين بالإفلاس

الحوثيون يجبرون المزارعين على التبرع لمقاتليهم بالهدايا «العيدية» ومنها الزبيب (إعلام حوثي)
الحوثيون يجبرون المزارعين على التبرع لمقاتليهم بالهدايا «العيدية» ومنها الزبيب (إعلام حوثي)

يواجه مزارعو العنب في اليمن، خصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، مخاطر الإفلاس والكساد، التي دفعت الكثير منهم إلى قلع أشجارهم، وهجرة مهنتهم والتحول إلى مهن أخرى، وذلك بسبب استيراد الزبيب الإيراني والإجراءات التعسفية إلى جانب ظروف المناخ القاسية والأوضاع الاقتصادية المتردية.

ورغم مزاعم الجماعة الحوثية بمنع استيراد الزبيب (العنب المجفف)، فوجئ المزارعون خلال عيدَي الفطر والأضحى هذا العام بإغراق الأسواق بالزبيب المستورد، وأغلبه من إيران، والذي يباع بأسعار أقل من الأسعار التي يباع بها الزبيب المحلي، بالتزامن مع جبايات حوثية تؤدي إلى إلحاق خسائر مضاعَفة بالمزارعين، والتوجه إلى زراعة نبتة «القات» المخدرة.

أطفال يمنيون يعملون في زراعة العنب خلال عملية قطف محصولهم لبيعه في الأسواق (إ.ب.أ)

وتعدّ نبتة القات أكثر ربحية وأقل تكلفة للمزارعين، إلى جانب إمكانية زراعتها وبيعها طوال العام، وليس فقط في مواسم محددة.

وأصدرت الجماعة الحوثية خلال السنوات الماضية قرارات ضمن ما قالت إنها استراتيجية لدعم وتطوير الزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي؛ ومن ذلك منع استيراد الزبيب، لتمكين مزارعي العنب من زيادة وتطوير منتجاتهم.

وبينما كان قطاع واسع من مزارعي العنب في مناطق سيطرة الجماعة يقتلعون بعض أو كل أشجارهم لاستبدال نبتة القات بها، ضاعف آخرون من إنتاجهم طمعاً في تحقيق الأرباح بعد قرار الجماعة منع استيراد الزبيب، واضطروا في سبيل ذلك لشراء كميات كبيرة من المياه الجوفية لري مزارعهم.

وتعاني زراعة العنب في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من الجفاف وشح المياه خلال العقود الأخيرة، وتبدل مواسم الأمطار، إلى جانب الضرر الذي ألحقته المبيدات الحشرية بمزارعهم نتيجة غياب الرقابة واستيراد أنواع خطرة ومحرمة دولياً من المبيدات.

وادعت الجماعة أنها بصدد التعاقد مع الجمعيات الإنتاجية والمزارعين لفترات طويلة الأمد لشراء منتجاتهم بأسعار مشجِّعة، إلا أن الزبيب المستورد استمر في التدفق وإغراق الأسواق.

مصادرة وجبايات

منذ أسبوعين بدأت ما تعرف باللجنة الزراعية والسمكية العليا، وهي كيان مستحدث، ووزارة الزراعة والري في حكومة الجماعة غير المعترف بها دولياً، تنفيذ حملات تفتيش ميدانية على محلات بيع وتداول الزبيب المستورد في عدد من أحياء صنعاء.

مزارع يمني يبدأ تجفيف العنب لتحويله إلى زبيب (إ.ب.أ)

بالتزامن مع حملتها لمصادرة الزبيب المستورد؛ نفذت الجماعة حملات لجمع تبرعات نقدية وعينية من التجار والباعة كهدايا عيدية لمقاتليها في الجبهات، وشملت تلك التبرعات كميات كبيرة من الزبيب المحلي.

أثارت الجبايات الحوثية استياء تجار الزبيب الذين استغربوا من إصرار الجماعة على مصادرة بضائعهم كهدايا للمقاتلين، في الوقت الذي تصادر فيه كميات كبيرة من البضائع المستوردة بحجة مخالفة قراراتها، وكان بإمكانها إهداء الكميات المصادرة للمقاتلين.

تعد مواسم الأعياد أكثر فترات شراء واستهلاك الزبيب الذي يستخدم كهدايا عيدية ويقدم للضيوف خلال الزيارات، كما أن الكثير من العائلات ترسل منه كميات كبيرة كهدايا لأقاربها في الأرياف والمحافظات البعيدة، وكلما زادت كمية وجودة الزبيب، كانت دليلاً على كرم المضيف أو مرسل الهدية.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء إن كميات كبيرة من الزبيب المحلي تكدست في الأسواق ومخازن التجار نتيجة عدم توفر إمكانية تسويقها وبيعها، بسبب منافسة الزبيب الإيراني المستورد الذي يباع بأسعار أقل.

تراجع كميات الزبيب اليمني بسبب الصعوبات التي تعوق إنتاجه (أ.ف.ب)

ورغم مزاعم الجماعة تنفيذ حملة لملاحقة بائعيه؛ فإن ذلك لم يشكل فارقاً لدى تجار التجزئة الذين أبلغوا تجار الجملة والمزارعين برغبتهم في إعادة كميات الزبيب التي اشتروها منهم.

وبينت المصادر أن أعداداً من تجار الزبيب لجأوا خلال الأعوام الأخيرة إلى عقد اتفاقات مع المزارعين على شراء كميات محدودة من الزبيب؛ نظراً لعدم قدرتهم على بيعه بسبب تراجع القدرة الشرائية للسكان، ومنافسة الزبيب الإيراني المستورد.

دعم الاقتصاد الإيراني

اقترح تجار التجزئة على المزارعين وتجار الجملة استلام كميات الزبيب منهم لتسويقها وبيعها، ودفع أثمان ما تمكنوا من بيعه عند بداية الموسم الجديد، وإعادة الكميات التي عجزوا عن بيعها، إلا أن المقترح لم يكن عملياً بالنسبة للمزارعين وتجار الجملة الذين فضلوا بيعه في مناطق أخرى خارج سيطرة الجماعة أو تصديره إلى الخارج، وفقاً للمصادر.

في الأعياد تزدهر تجارة الزبيب في اليمن غير أن القدرة الشرائية خلال السنوات الأخيرة تسببت بكساده (أ.ف.ب)

هذه الاستراتيجية لم تنجح بدورها؛ بسبب الجبايات والإجراءات التعسفية التي تفرضها الجماعة على التصدير، ما اضطر المزارعين إلى تقليل إنتاجهم من العنب، واقتلاع الأشجار واستبدال نبتة القات بها.

مصادر أخرى بقطاع التجارة في صنعاء أكدت أن قيادات حوثية تجبر المزارعين وتجار الجملة على بيع الزبيب لها أو لتجار موالين للجماعة، بدلاً من تصديره وبيعه خارج مناطق سيطرتها، في حين يتم استيراد الزبيب الإيراني برضا وموافقة وزارتَي التجارة والزراعة في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد.

ورجحت احتمالية أن يكون لتوجه الجماعة حديثاً لتنفيذ قرارها بمنع استيراد الزبيب، علاقة بقرارات البنك المركزي اليمني الأخيرة، التي من شأنها محاصرة الجماعة مالياً واقتصادياً، واستنزاف العملات الأجنبية في مناطق سيطرتها.

القرار الحوثي بمنع استيراد الزبيب مضى عليه ما يقارب 18 شهراً، وخلال هذه الفترة كان هناك موسم لإنتاج العنب وتجفيفه، وموسم لتسويق الزبيب، إلا أن الجماعة لم تتخذ أي إجراء لمنع استيراد الزبيب إلا منذ أسبوعين، في الوقت الذي ضاعف فيه مئات المزارعين إنتاجهم.

يمني يبيع الزبيب في سوق شعبية في صنعاء قبل عيد الأضحى (أ.ف.ب)

استيراد الزبيب الإيراني يعد أحد مصادر تقديم الدعم من قبل الجماعة الحوثية للاقتصاد الإيراني الذي يعاني بسبب العقوبات الغربية.

ولجأت الجماعة الحوثية خلال الأعوام الماضية إلى تقديم الدعم للاقتصاد الإيراني من خلال استيراد وتسويق العديد من المنتجات الإيرانية، ومنها الغاز والفواكه.

وظل العنب إلى وقت قريب أحد مصادر الدخل الرئيسية للمزارعين اليمنيين، خصوصاً في المناطق الشمالية، وهي مناطق سيطرة الجماعة الحوثية حالياً، وتكثر زراعته في مناطق بني حشيش وبني الحارث وخولان وشبام الغراس في محافظة صنعاء، إلى جانب مناطق أخرى في محافظات عمران وصعدة (شمالاً) والجوف (شمال شرقي) والبيضاء (جنوب شرقي صنعاء).


مقالات ذات صلة

بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

العالم العربي مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)

بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

بعد 9 أشهر من التكتم، اعترف الحوثيون بمقتل قادة وحدة الطيران المسيّر، في ضربة أميركية كشفت عن حجم الخسائر التي طالت أخطر أذرعهم العسكرية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)

إجماع يمني واسع خلف الموقف السعودي لاحتواء التصعيد في الشرق

إجماع يمني واسع يدعم البيان السعودي الداعي لاحتواء التصعيد في حضرموت والمهرة، ورفض الإجراءات الأحادية حفاظاً على وحدة الدولة ومسار الحل السياسي.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي قوات تُدير نقطة تفتيش أمنية في مدينة عدن خلال مسيرة تُطالب باستقلال جنوب اليمن (إ.ب.أ)

مواقف خليجية وعربية وإسلامية تدعم المسار السعودي للتهدئة شرق اليمن

توالت مواقف عربية وإسلامية مرحِّبة بالمسار السعودي لخفض التصعيد في اليمن، مؤكدة دعم وحدة اليمن ورفض الإجراءات الأحادية في حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج علم الإمارات (وام)

الإمارات ترحّب بجهود السعودية لدعم أمن واستقرار اليمن

رحّبت الإمارات بالجهود التي تبذلها السعودية لدعم الأمن والاستقرار في اليمن.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)

بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
TT

بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)

بعد 9 أشهر من الإنكار والتكتم، أقرّت الجماعة الحوثية بخسارة إحدى أهم وحداتها القتالية، مع تشييع قائد سلاح الطيران المسيّر اللواء زكريا حجر وعدد من أبرز معاونيه، الذين يرجح أنهم قُتلوا في غارة أميركية استهدفتهم داخل أحد المنازل بحي الجراف شرق صنعاء خلال شهر رمضان الماضي.

الاعتراف الحوثي المتأخر أعاد فتح ملف الخسائر العسكرية الثقيلة التي مُني بها جناح الجماعة العسكري، وكشف جانباً من حجم الضربات التي طالت بنيته القيادية والتقنية خلال الأشهر الماضية.

وجاء هذا الإقرار من قبل الجماعة المتحالفة مع إيران بعد أشهر من إقرار مماثل بمقتل رئيس هيئة أركانها محمد الغماري، عبر مراسم تشييع نُظمت في صنعاء.

وشملت مراسم تشييع حجر، التي أقيمت الخميس، كلاً من مدير العمليات في وحدة الطيران المسيّر اللواء محمد الحيفي، واللواء عبد الله حجر، والعميد أحمد حجر، والعميد حسين الهاشمي. ويُعد هؤلاء من أبرز القادة في وحدة الطيران المسيّر التي أُنشئت بإشراف وتدريب مباشر من الحرس الثوري الإيراني والجناح العسكري لـ«حزب الله» اللبناني، وشكّلت خلال السنوات الماضية أحد أهم أذرع الحوثيين في تنفيذ الهجمات العابرة للحدود.

الحوثيون تعمّدوا التكتم على خبر مقتل حجر 9 أشهر (إعلام محلي)

وعلى الرغم من أن هذه الخسارة تُعد ثاني أكبر خسارة تعترف بها الجماعة بعد مقتل الغماري، فإن اللافت في مراسم التشييع كان الغياب شبه الكامل للقيادات العسكرية البارزة. إذ غاب وزير دفاع الجماعة محمد العاطفي، الذي تُرجّح مصادر إصابته في غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعاً للحكومة غير المعترف بها في نهاية أغسطس (آب) الماضي، ومنذ ذلك الحين اختفى عن الأنظار.

كما غاب رئيس هيئة الأركان الجديد يوسف المدني، إلى جانب معظم القادة العسكريين، واقتصر الحضور على مفتي الجماعة شمس الدين شرف الدين، والقائم بأعمال رئيس الحكومة غير المعترف بها محمد مفتاح، في مؤشر فسّره مراقبون بحجم الإرباك الذي تعانيه القيادة العسكرية للجماعة.

ضربات موجعة

يرى مراقبون عسكريون أن الهجمات الأميركية التي استهدفت مخابئ القادة الحوثيين ومخازن أسلحتهم ومراكز القيادة والسيطرة، قبل التوصل إلى هدنة بين الطرفين، كادت أن تُخرج القوة الصاروخية وسلاح الطيران المسيّر عن الخدمة. فقد خسر الحوثيون خلال تلك الضربات أبرز كوادرهم المتخصصة، من قائد الوحدة ومسؤول العمليات والدراسات، إلى المسؤولين التقنيين والمشرفين على ورش تركيب وتجهيز الطائرات المسيّرة، إضافة إلى مختصين بعمليات الإطلاق والتوجيه.

غياب القادة العسكريين لجماعة الحوثي عن مراسم التشييع (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، وصفت منصة «ديفانس أونلاين» المتخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية زكريا حجر (39 عاماً) بأنه خبير محوري في منظومة الصواريخ وبرنامج الطيران المسيّر لدى الحوثيين، وأحد الفنيين الذين عملوا إلى جانب خبراء ومستشارين من «الحرس الثوري» و«فيلق القدس»، إضافة إلى جنسيات عربية، على تطوير القدرات القتالية للجماعة.

وأشارت المنصة إلى أن حجر يرتبط بعلاقة مصاهرة مع عائلة عبد الملك الحوثي، وأن عدداً من إخوته وأفراد أسرته يشغلون مواقع مهمة داخل هياكل الجماعة.

وحسب المعلومات، جرى تعيين حجر عقب اجتياح صنعاء ضمن هياكل وزارة الدفاع التابعة للجماعة، ومنح رتبة عسكرية رفيعة، قبل أن يتولى الإشراف على برنامج الطيران المسيّر ضمن منظومة «القوة النوعية» المرتبطة بالمجلس الجهادي للحوثيين. وتؤكد مصادر متطابقة أن هذه الوحدة لعبت دوراً رئيسياً في الهجمات التي استهدفت العمق اليمني ودول الجوار وخطوط الملاحة الدولية.

اعترافات متأخرة

تشير منصة «ديفانس أونلاين» إلى أن حجر يُعد من العناصر المطلوبين للقضاء اليمني، وقد ورد اسمه ضمن قائمة قيادات خضعت للمحاكمة أمام القضاء العسكري في مأرب منذ مطلع 2022، بتهم تتعلق بالتمرد والقتل والإرهاب.

كما أدرجه التحالف الداعم للشرعية ضمن قوائم الإرهاب في أغسطس (آب) من العام نفسه، إلى جانب أربعة آخرين، لارتباطهم المباشر بعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتهريب الأسلحة الإيرانية، والمشاركة في الهجمات على الشحن الدولي في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن.

ويؤكد الصحافي المتخصص في شؤون الحوثيين، عدنان الجبرني، أن وحدة الطيران المسيّر تلقت «ضربات قاتلة» جراء الغارات الأميركية التي نُفذت خلال الأشهر الأولى من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأوضح أن حجر قُتل في غارة استهدفت منزلاً بحي الجراف، ومعه اثنان من أبرز مساعديه، أثناء تناول وجبة الإفطار في شهر رمضان، إلا أن الجماعة فرضت تعتيماً مشدداً على هوية المستهدفين.

ناشطون حوثيون كشفوا عن مقتل ثمانية من أشقاء حجر خلال تجنيدهم مع الجماعة (إكس)

وفي نعي آخر، أقرت قيادات حوثية بأن حجر قُتل قبل مصرع محمد الغماري، الذي يُرجّح أنه لقي حتفه في غارة استهدفت منزلاً بحي حدة جنوب صنعاء، كان الحوثيون قد استولوا عليه وحولوه إلى مركز للعمليات العسكرية، رغم ترويج شائعات آنذاك عن نجاته ومغادرته المكان قبل دقائق من الضربة.

وتجمع مصادر حكومية ومراقبون على أن هذه الخسائر القيادية والتقنية كانت عاملاً رئيسياً وراء عرض الحوثيين هدنة مع الجانب الأميركي، التزموا بموجبها بوقف استهداف السفن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل وقف الضربات الأميركية التي استهدفت قيادات مهمة في جناحهم العسكري، ودمرت مخازن سرية للأسلحة ومراكز للقيادة والسيطرة في صنعاء وصعدة والحديدة.

ويذهب هؤلاء إلى أن الاعتراف المتأخر بمقتل قادة الطيران المسيّر يعكس حجم الضرر الذي أصاب أحد أهم أذرع الجماعة، ويؤشر إلى مرحلة جديدة من إعادة ترتيب الصفوف تحت ضغط الخسائر.


إجماع يمني واسع خلف الموقف السعودي لاحتواء التصعيد في الشرق

الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)
الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)
TT

إجماع يمني واسع خلف الموقف السعودي لاحتواء التصعيد في الشرق

الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)
الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)

اصطفت الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، إلى جانب الهيئات المجتمعية والقبلية في حضرموت، والمؤسسات الرسمية، خلف البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية بشأن التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، في مشهد يعكس إجماعاً على أولوية التهدئة ورفض فرض الوقائع بالقوة، والتمسك بمسار الدولة والحل السياسي الشامل.

وقد رأت المكونات اليمنية أن البيان السعودي، بما تضمنه من دعوة واضحة لعودة قوات المجلس الانتقالي إلى ثكناتها السابقة والخروج من المحافظتين وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف، يعدّ مدخلاً أساسياً لمعالجة الأزمة ومنع انزلاقها نحو تعقيدات أعمق تمس السلم المجتمعي والمركز القانوني للجمهورية اليمنية.

في هذا السياق، رحب تكتل الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، الذي يضم طيفاً متنوعاً من القوى الوطنية، بالبيان السعودي، معتبراً أنه يمثل جوهر المعالجة المطلوبة في هذه المرحلة الحساسة.

وأكدت الأحزاب، في بيان، أن الموقف السعودي يعكس حرصاً واضحاً على احتواء التصعيد، ومنع أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة، لما لذلك من انعكاسات مباشرة على الأمن والاستقرار ووحدة الصف الوطني.

موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (إ.ب.أ)

وجددت الأحزاب اليمنية دعمها لجهود مجلس القيادة الرئاسي في إدارة الأزمة، داعية المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الاستجابة العاجلة لمقتضيات التهدئة وتغليب لغة الحكمة والعقل، وتهيئة المناخ لمعالجة القضية الجنوبية معالجة عادلة وشاملة ضمن الأطر المتوافق عليها ووفق مخرجات الحوار الوطني، واتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة.

كما حذرت من أن الممارسات الأحادية قد تضر بعدالة القضية الجنوبية نفسها، وتهدد مكتسباتها السياسية، وتدفع بها نحو مسارات إقليمية معقدة تعزلها عن محيطها وتقصيها عن أي تسويات مستقبلية.

وأشادت الأحزاب بالموقف السعودي الثابت من القضية الجنوبية بوصفها قضية عادلة ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، مثمنة في الوقت ذاته التنسيق القائم بين السعودية والإمارات لاحتواء التوتر ودعم مسار الحل السياسي الشامل. وشددت على ضرورة تنفيذ اتفاق الرياض كاملاً ودون انتقائية، باعتباره الضامن الحقيقي لمنع تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلاً.

من جهته رحب الحزب الاشتراكي اليمني بالبيان السعودي، معتبراً أنه يعكس حرصاً صادقاً على أمن واستقرار اليمن، ويؤكد أن معالجة الأوضاع يجب أن تتم حصرياً عبر مؤسسات الدولة وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والتحالف.

وأكد الحزب أهمية ضبط النفس وتغليب المصلحة العامة بوصفهما مدخلاً ضرورياً لتهيئة الأجواء أمام حلول سياسية مستدامة، مجدداً التأكيد على أن القضية الجنوبية لا يمكن حلها إلا عبر حوار وطني جامع ضمن تسوية شاملة.

مواقف مجتمعية وقبلية

على الصعيد المجتمعي، عبّر حلف قبائل حضرموت عن ترحيبه الكبير بالبيان السعودي، مشيداً بما تضمنه من مواقف وصفها بالمسؤولة والأخوية، ومؤكداً أن المملكة كانت ولا تزال سنداً للشعب اليمني في مختلف المراحل. وأشاد الحلف بالجهود المتواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، والخروج العاجل والسلس للقوات التابعة للمجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة.

كما اعتبرت قيادة العصبة الحضرمية البيان السعودي، إلى جانب موقف السلطة المحلية في حضرموت، خريطة طريق لا غنى عنها لحماية المحافظة من الانزلاق نحو الفوضى، وشددت على ضرورة الخروج الفوري وغير المشروط لجميع القوات غير المحلية، محذرة من أي التفاف على هذا المطلب الذي اعتبرته تعبيراً صريحاً عن إرادة الحضارم.

تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي الأحادية في حضرموت والمهرة قوبلت برفض يمني واسع (إ.ب.أ)

بدوره، أعلن مجلس حضرموت الوطني تأييده الكامل للبيان السعودي، معتبراً إياه موقفاً مسؤولاً يهدف إلى حماية مصالح أبناء حضرموت والمهرة ومنع أي تصعيد عسكري غير منسق.

وأكد المجلس أن أي تحركات عسكرية خارج الأطر المؤسسية تمثل تجاوزاً للإجماع الوطني، وتزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني، مشدداً على أهمية احترام صلاحيات السلطة المحلية وتسليم المعسكرات وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

أما مجلس الشورى اليمني، فرحب بالبيان السعودي بوصفه موقفاً واضحاً من التصرفات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع التحالف.

وعدّ المجلس أن هذه التحركات تمثل خرقاً لاتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، وإضعافاً لوحدة الصف الوطني، ومساساً بالمركز القانوني للدولة اليمنية.

ودعا مجلس الشورى المجلس الانتقالي إلى سرعة الاستجابة لنداء التهدئة والخروج من المحافظتين، حفاظاً على مصلحة أبناء الجنوب واليمن عموماً، وتوجيه الجهود والطاقات نحو مواجهة الخطر الحقيقي المتمثل في الانقلاب الحوثي.


مواقف خليجية وعربية وإسلامية تدعم المسار السعودي للتهدئة شرق اليمن

حشد في مدينة عدن من أتباع المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن شمال اليمن (أ.ب)
حشد في مدينة عدن من أتباع المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن شمال اليمن (أ.ب)
TT

مواقف خليجية وعربية وإسلامية تدعم المسار السعودي للتهدئة شرق اليمن

حشد في مدينة عدن من أتباع المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن شمال اليمن (أ.ب)
حشد في مدينة عدن من أتباع المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن شمال اليمن (أ.ب)

توالت المواقف العربية والخليجية والإسلامية المرحِّبة بالبيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية بشأن التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، في تأكيد سياسي ودبلوماسي واسع على أولوية خفض التصعيد، ورفض الإجراءات الأحادية، والدعوة إلى العودة للمسار السياسي والحوار، بما يحفظ وحدة اليمن وسيادته، ويصون السلم المجتمعي في واحدة من أكثر المراحل حساسية في مسار الأزمة اليمنية.

وجاءت هذه المواقف بعد أن حددت السعودية بوضوح مسار التهدئة في المحافظات الشرقية، مؤكدة دعمها الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، ووصفت التحركات العسكرية التي شهدتها حضرموت والمهرة بأنها تمت بشكل أحادي ودون تنسيق مع القيادة السياسية الشرعية أو قيادة التحالف، ما أدى إلى تصعيد غير مبرر أضر بمصالح اليمنيين وبجهود السلام.

وأكد البيان السعودي أن معالجة القضية الجنوبية لا يمكن أن تتم عبر فرض الأمر الواقع بالقوة، بل من خلال الحل السياسي الشامل، والحوار الجامع، مع كشفه عن إرسال فريق عسكري سعودي–إماراتي مشترك لوضع ترتيبات تضمن عودة القوات إلى مواقعها السابقة، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، تحت إشراف قوات التحالف.

دعم خليجي وإسلامي

أعربت مملكة البحرين عن دعمها الكامل للجهود التي تقودها السعودية والإمارات لتعزيز الأمن والاستقرار في اليمن، داعية جميع القوى والمكونات اليمنية إلى التهدئة وعدم التصعيد، واللجوء إلى الحوار والحلول السلمية، وتجنب كل ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار.

كما أكدت رابطة العالم الإسلامي تضامنها التام مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضائه والحكومة اليمنية، مثمنة الجهود الجليلة التي بذلتها السعودية والتحالف العربي لمساندة الشعب اليمني، واحتواء التحركات العسكرية التي وصفتها بالخطرة على وحدة الصف الوطني، والخارجة عن إطار القيادة السياسية الشرعية.

ورحبت الرابطة بالبيان السعودي، معتبرة مضامينه دعوة صادقة لتجنيب اليمنيين تداعيات التصعيد، ودعت المجلس الانتقالي الجنوبي إلى سرعة الاستجابة لنداء الحكمة والوحدة، وتغليب لغة الحوار في معالجة مختلف القضايا، بما في ذلك القضية الجنوبية العادلة، حفاظاً على السلم والأمن المجتمعي.

من جانبها، شددت دولة الكويت على أهمية تضافر الجهود الدولية والإقليمية لخفض التصعيد، وتهيئة بيئة سياسية بناءة تقوم على الحوار، بما يحفظ وحدة اليمن وسيادته ويلبي تطلعات شعبه نحو مستقبل آمن ومستقر، مؤكدة دعمها للجهود التي تقودها السعودية والإمارات لدفع العملية السياسية نحو حل شامل ومستدام.

إجماع عربي ودولي

على المستوى العربي، جدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط التأكيد على الموقف العربي الموحد الداعم لوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، محذراً من أن التطورات في حضرموت والمهرة من شأنها تعقيد الأزمة اليمنية والإضرار بوحدة التراب الوطني.

ودعا أبو الغيط، الأطراف اليمنية، ولا سيما المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى خفض التصعيد وتغليب المصلحة العليا للشعب اليمني، مشدداً على أن القضية الجنوبية ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، ويتعين معالجتها ضمن حوار سياسي شامل يفضي إلى تسوية مستدامة تعالج جذور الأزمة.

كما أكدت قطر دعمها الكامل للجهود التي تعزز السلم والأمن المجتمعي في اليمن، مشددة على ضرورة التعاون بين جميع الأطراف اليمنية لتجنب التصعيد، وحل القضايا العالقة عبر الحوار والوسائل السلمية، بما يحفظ وحدة اليمن وسلامة أراضيه، ومثمّنة في الوقت نفسه الجهود التي تقودها السعودية والإمارات لدفع مسار التهدئة.

بدورها، جددت مصر موقفها الثابت الداعم للشرعية اليمنية، وحرصها على وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، مؤكدة أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية وصون مقدرات الشعب اليمني، بما يسهم في استعادة الاستقرار، ويضمن أمن الملاحة في البحر الأحمر وأمن المنطقة ككل.

قوات تُدير نقطة تفتيش أمنية في مدينة عدن خلال مسيرة تُطالب باستقلال جنوب اليمن (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، أعربت عُمان عن متابعتها باهتمام للتطورات في حضرموت والمهرة، مثمنة الجهود التي تبذلها السعودية للتوصل إلى حلول سلمية، وداعية إلى تجنب التصعيد والعودة إلى المسار السياسي، وحوار شامل يضم مختلف أطياف الشعب اليمني.

كما رحبت الإمارات بالجهود الأخوية التي تقودها السعودية لدعم الأمن والاستقرار في اليمن، مؤكدة التزامها بدعم كل ما يسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية، بما ينعكس إيجاباً على أمن المنطقة وازدهارها.