سودانيون في مصر يثيرون أزمة بخرائط لـ«حلايب وشلاتين»

نازحون سودانيون بمعبر قسطل المصري (الشرق الأوسط)
نازحون سودانيون بمعبر قسطل المصري (الشرق الأوسط)
TT

سودانيون في مصر يثيرون أزمة بخرائط لـ«حلايب وشلاتين»

نازحون سودانيون بمعبر قسطل المصري (الشرق الأوسط)
نازحون سودانيون بمعبر قسطل المصري (الشرق الأوسط)

أثارت خرائط رفعها سودانيون لبلادهم، في مدن مصرية، تضم مثلث «حلايب وشلاتين»، جدلاً واسعاً خلال الأيام الماضية، ما دفع السلطات المصرية لاتخاذ إجراءات بترحيل أحدهم إلى بلده مرة أخرى.

وبين الحين والآخر يتجدد الجدال التاريخي داخل البلدين حول تبعية منطقة مثلث حلايب وشلاتين (أقصى جنوب مصر على الحدود السودانية). وبينما تخضع المنطقة لسيطرة مصرية فعلية، عدّت القاهرة، في تصريحات رسمية سابقة، أن الهدف من إثارة هذه القضية إحداث «فتنة بين البلدين».

وتبلغ مساحة مثلث حلايب نحو 20.5 كلم2، وتضم 3 بلدات كبرى هي حلايب وأبو الرماد وشلاتين، وتقطنها قبائل تمتد جذورها التاريخية بين مصر والسودان، أبرزها قبيلة البجة والبشارية.

وتداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في مصر لافتات لمحال ومؤسسات تعليمية سودانية في مصر، مصحوبة بخريطة السودان تضم منطقة حلايب وشلاتين. وحذر مراقبون من هذه الممارسات، مؤكدين أنها «ستثير مشاكل للسودانيين المقيمين في مصر».

وتعددت وقائع نشر خرائط للسودان مصحوبة بمثلث حلايب وشلاتين، ما بين محال تجارية في القاهرة والإسكندرية، ومؤسسات تعليمية. وحسب وسائل إعلام محلية قامت السلطات الأمنية بترحيل صاحب «ماركت» للمنتجات السودانية بالقاهرة وضع على واجهة المحل خريطة لبلاده تضم منطقة حلايب، بداعي «مخالفة القواعد والشروط والقوانين المصرية».

وبعد الجدل الذي أثارته الخريطة على منصات التواصل، عدَّ منشور بصفحة «محل المنتجات السودانية» على موقع «فيسبوك»، أن «الخطأ في الشعار غير مقصود، وليست له أبعاد سياسية، وأنه تم إزالته».

سبق تلك الواقعة، اعتذار مؤسسة تعليمية سودانية في القاهرة، تضم مدارس خاصة، عن نشر صورة دعائية لشعار المؤسسة الكائنة بإحدى مناطق محافظة الجيزة بمصر، تضم خريطة السودان، وبها منطقتا حلايب وشلاتين، وبعد حالة الجدل التي أثارتها الصورة، عدّت إدارة المؤسسة أيضاً «الخطأ غير مقصود، ولا توجد أي نيّات سياسية من خلف هذا الخطأ».

تكررت الوقائع نفسها، مع تداول مستخدمي منصات التواصل لافتات محال تابعة لسودانيين، منها محال تجارية في الإسكندرية، وأخرى تابعة «لحلاق» سوداني بالقاهرة، خلال الأيام الماضية.

حلاق سوداني يعتذر عن وضع خريطة تشير إلى سودانية «حلايب وشلاتين»

وتضاعفت أعداد السودانيين الفارين من الحرب الداخلية بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» والقائمة منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي، وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في مارس (آذار) الماضي، إن بلاده «استقبلت أكثر من نصف مليون سوداني منذ بدء الحرب، بالإضافة إلى أكثر من 5 ملايين سوداني يعيشون في مصر دون تفرقة بينهم وبين المواطنين المصريين».

ولاقت وقائع نشر خرائط السودان مصحوبة بمنطقة حلايب انتقادات واسعة من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في مصر.

وتساءلت بعض الحسابات عن «دور رؤساء الأحياء المسؤولة عن الرقابة والتفتيش على المحلات التي تم تأجيرها للسودانيين في كل المحافظات». فيما عدَّ البعض الأمر «مقصوداً ومنظماً».

ويرى الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، أن تداول سودانيين خرائط لبلادهم تضم منطقة حلايب «يثير مزيداً من المشاكل للمقيمين في مصر، حتى ولو بشكل غير مقصود»، وقال إن «مثل هذه الوقائع تدفع لمزيد من حملات الهجوم على اللاجئين السودانيين».

ودعا خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، السودانيين، إلى «ضرورة احترام قوانين ولوائح البلد المضيف، وعدم إثارة القضايا الحدودية، لأنها أمور تتعلق بالأنظمة السياسية بين البلدين».

تزامنت الأزمة الأخيرة مع حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر تنادي بوضع حد لازدياد أعداد اللاجئين في مصر، كونهم «تسببوا في تفاقم الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار»، في مقابل مدافعين عن وجودهم تعاطفاً مع أوضاعهم الإنسانية الصعبة.

وربط الباحث السوداني بين وقائع نشر الخرائط السودانية، وبين ما أثير مؤخراً حول ترحيل مصر لمهاجرين سودانيين غير شرعيين، وقال: «يجب احترام قواعد وقوانين البلد أولاً».

ولم يختلف في ذلك نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة، الذي أشار إلى أن «من يتم ترحيله من السودانيين يأتي لاعتبارات أمنية، أو لمخالفة شروط الإقامة»، مؤكداً أن «قضية الحدود المصرية السودانية محسومة، وفقاً لوثائق وخرائط مصرية ودولية، ولا داعي للاقتراب منها».

وأوضح حليمة لـ«الشرق الأوسط» أن «السودانيين في مصر ينقسمون لثلاث فئات، ما بين لاجئين ومقيمين قانونياً ومقيمين بشكل مؤقت لحين انتهاء الحرب»، لافتاً إلى أن «جميع الفئات يتم معاملتهم معاملة خاصة كمصريين»، لكنه طالب في الوقت نفسه بضرورة «احترام المقيمين قواعد وقوانين البلد المضيف».

وقال حليمة إن «مصر تتخذ إجراءات لتقنين أوضاع جميع الأجانب على أراضيها»، بعد أن ارتفع عددهم لأكثر من 10 ملايين أجنبي، بينهم السودانيون.


مقالات ذات صلة

مصر: وصلة رقص في ساحة مسجد «محمد علي» الأثري تفجر انتقادات

يوميات الشرق ساحة مسجد محمد علي بالقلعة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: وصلة رقص في ساحة مسجد «محمد علي» الأثري تفجر انتقادات

فجرت وصلة رقص بساحة مسجد «محمد علي» الأثري بقلعة صلاح الدين (شرق القاهرة)، على هامش عقد قران ابنة مذيعة شهيرة، انتقادات عبر «السوشيال ميديا».

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا صورة من فيديو نشرته وزارة الداخلية المصرية لواقعة محاولة خطف طفل في مدينة طنطا بمحافظة الغربية (إكس)

محاولة خطف طفل تثير الجدل في مصر (فيديو)

أثار مقطع فيديو لسيدة تحاول اختطاف طفل الجدل في مصر.

يسرا سلامة (القاهرة)
شمال افريقيا استقبلت المفوضية أعداداً متزايدة من اللاجئين السودانيين في مصر (مفوضية شؤون اللاجئين)

أجانب في مصر يستنفرون لـ«توفيق أوضاعهم» مع انتهاء مُهلة حكومية

تنتهي، الأحد، مُهلة حدّدتها الحكومة المصرية لجميع الأجانب المقيمين على الأراضي المصرية لتسجيل أسمائهم، وتوفيق أوضاعهم لدى وزارة الداخلية.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مروحية للجيش المصري تحلّق فوق مظاهرة تأييد للسيسي في ميدان التحرير بالقاهرة عام 2014 (إ.ب.أ)

ذكرى «30 يونيو» في مصر... علاقات خارجية متوازنة تتوّج بمصالحة مع تركيا

عقبات كثيرة واجهت السياسة الخارجية المصرية على مدار 11 عاماً منذ انتفاضة «30 يونيو» 2013، بين تجميد عضويتها في الاتحاد الأفريقي، ووقف مساعدات وانتقادات إقليمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماع سابق مع مدبولي (الرئاسة المصرية)

مصر تستعد لإعلان تشكيل الحكومة الجديدة خلال أيام

حالة من الترقب يعيشها المصريون، في انتظار إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، التي كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الوزراء الحالي الدكتور مصطفى مدبولي، بتشكيلها.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

قبيلة ليبية تطالب حفتر بالتحقيق في «تصفية»أحد أبنائها

اجتماع المنفي مع سفير بريطانيا (المجلس الرئاسي)
اجتماع المنفي مع سفير بريطانيا (المجلس الرئاسي)
TT

قبيلة ليبية تطالب حفتر بالتحقيق في «تصفية»أحد أبنائها

اجتماع المنفي مع سفير بريطانيا (المجلس الرئاسي)
اجتماع المنفي مع سفير بريطانيا (المجلس الرئاسي)

بحث رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، بطرابلس، مع سفير بريطانيا مارتن لونغدن، في تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية في ليبيا، بالإضافة إلى سبل إيجاد آلية لتوزيع الميزانية بالبلاد، بينما طالبت «قبيلة المسامير» بشرق ليبيا، وسط حالة غضب، المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، بفتح تحقيق حول «تصفية» أحد أبنائها بعد خطفه منذ مطلع شهر يونيو (حزيران) المنصرم.

وقال «المجلس الرئاسي» إنه تم خلال اللقاء بين المنفي ولونغدون التأكيد «على تضافر الجهود كافة لإيجاد آلية لتوزيع الميزانية والموارد بشكل شفاف وعادل، تضمن التوزيع العادل للموارد مع الإفصاح والشفافية والترشيد في الإنفاق».

وفيما لا تزال «قبيلة الدرسة» ببنغازي تبحث عن مصير النائب إبراهيم الدرسي، المخطوف في 18 مايو (أيار) الماضي، طالبت «قبيلة المسامير»، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المتمركز في شرق البلاد، بفتح تحقيق حول عملية «تصفية» أشرف المسماري، الذي قالت إنه تم خطفه بعد احتجاجات، وإلقاء جثمانه أمام أحد مستشفيات بنغازي.

وأدانت القبيلة في بيان تلاه أحد أبنائها واقعة «خطف وقتل» المسماري، مشيرة إلى أنه «تم اقتياده لجهة مجهولة، بعد إطلاق سراح شخص آخر كان بصحبته يدعى عز الدين بيومي، إثر اعتراض سيارتهما في مدينة البيضاء». ونقلت عن عناصر أمنية مكلفة بحراسة المستشفى أنه تم إلقاء جثته من قبل مجهولين، لافتة إلى تحلل جثمانه «ما يعني أنه قتل يوم اختطافه».

في غضون ذلك، التزمت حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة الصمت حيال معلومات عن اعتزامها رسمياً، إعادة فتح «معبر رأس أجدير» الحدودي البري المشترك، مع تونس، الاثنين، في محاولة جديدة، تعد الرابعة من نوعها على التوالي، منذ إغلاقه في شهر مارس (آذار) الماضي.

عناصر أمنية تابعة لحكومة «الوحدة» فى معبر «رأس جدير» (وزارة الداخلية)

وفي غياب أي بيان رسمي، ووسط حالة من الغموض، ومخاوف من تجدد الاشتباكات بين القوات المسيطرة على المعبر والقوات الموالية لحكومة «الوحدة» التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، لم تعلن الحكومة أو وزارة داخليتها عن الموعد الجديد لإعادة فتح المعبر رسمياً، لكن عبد المنعم العربي الناطق باسم وزارة الداخلية، أبلغ وسائل إعلام محلية، مساء السبت، أنه ستتم إعادة افتتاح المعبر رسمياً، الاثنين، من دون أن يكشف المزيد من التفاصيل.

وتوقع أحمد حمزة، رئيس المؤسسة الليبية لحقوق الإنسان، افتتاح المعبر الاثنين، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك حالة تأهب واستنفاراً من الجانبين الليبي والتونسي لرفع مستوى التأمين والحماية للحدود، بعد حادثة مقتل عنصر من الجيش التونسي بمنطقة رمادة جنوب شرقي البلاد بالقرب من الحدود، خلال هجوم مسلح استهدف دورية عسكرية، بالمنطقة العازلة التي عادة ما تنشط فيها عمليات تهريب السلع».

وكانت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، قد أعلنت في 19 مارس الماضي، بعد هجوم مسلح ممن وصفتها بـ«جماعات خارجة عن القانون»، إغلاق المعبر الذي يعتبر الشريان البري الرئيسي الرابط بين ليبيا وتونس، ويقع في أقصى الغرب الليبي بالقرب من مدينة زوارة، على بعد نحو 170 كيلومتراً من العاصمة طرابلس.

وفي سياق متصل، أعلنت حكومة «الوحدة» قيام وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج بزيارة إلى بلدية نالوت، ومعبر وازن - ذهيبة الحدودي، الآخر مع تونس، بهدف متابعة حركة التجارة وآلية انسياب السلع عبر المعبر، مشيرة إلى أنه ناقش مع عميد وأعيان ومشايخ وخبراء البلدية المشاريع المتوقفة بالبلدية وبحث الحلول العاجلة لاستئنافها، ضمن خطة الوزارة لتحريك عجلة التنمية.

اجتماع حماد مع مسؤولي الكهرباء فى بنغازي (حكومة «الاستقرار»)

في غضون ذلك، قال أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» إنه بحث مع وزير الكهرباء عوض البدري، وعدد من مسؤولي شركة الكهرباء بالمنطقة الشرقية في مدينة بنغازي، أسباب انقطاع الكهرباء عن جزء كبير من أحياء بنغازي.

وأمر حماد بتكليف شركة أجنبية متخصصة للإصلاح، كما أكد هاتفياً مع رئيس شركة الكهرباء، محمد المشاي، على توريد الوصلات اللازمة وإرسال فرقة اختبار وسيارة كوابل إلى بنغازي بشكل عاجل في إطار الجهود المستمرة لتحسين البنية التحتية للكهرباء، وضمان استمرارية الخدمة لسكان مدينة بنغازي والمناطق المحيطة بها.

من جهته، قال مجلس النواب إن رئيس «لجنة متابعة الأجهزة الرقابية» زايد هدية بحث مع رئيس «هيئة الرقابة الإدارية» بالمنطقة الغربية، عبد الله قادربوه ومسؤوليها في بنغازي، سير عمل هيئة الرقابة الإدارية في متابعة الجهات التنفيذية، وأعمال إدارة العقود ومتابعة المشاريع الجارية.

بدورها، أعلنت المفوضية العُليا للانتخابات ارتفاع إجمالي الناخبين المسجلين في الانتخابات البلدية لــ60 بلدية إلى أكثر من 120 ألف ناخب، نحو 92 ألفاً منهم من الرجال، بينما بلغ عدد النساء نحو 29 ألف ناخبة.

وكانت المفوضية قد أكدت خلال جلسة حوارية مع مؤسسات المجتمع المدني استمرار الحملات التوعوية بمكاتبها في تسجيل الناخبين حتى الأسبوع المقبل.