ماذا بعد توقف أوكرانيا عن نقل الغاز الروسي؟

أوروبا تلجأ إلى أذربيجان بأمل إيجاد إمدادات وطرق بديلة

مصنع أورينبورغ لمعالجة الغاز التابع لشركة «غازبروم» في منطقة أورينبورغ بروسيا (رويترز)
مصنع أورينبورغ لمعالجة الغاز التابع لشركة «غازبروم» في منطقة أورينبورغ بروسيا (رويترز)
TT

ماذا بعد توقف أوكرانيا عن نقل الغاز الروسي؟

مصنع أورينبورغ لمعالجة الغاز التابع لشركة «غازبروم» في منطقة أورينبورغ بروسيا (رويترز)
مصنع أورينبورغ لمعالجة الغاز التابع لشركة «غازبروم» في منطقة أورينبورغ بروسيا (رويترز)

رغم استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية، يواصل الغاز الروسي عبور أوكرانيا في طريقه إلى المشترين الأوروبيين. وبشكل عام، يواصل الجانبان الالتزام باتفاق نقل الغاز الذي تم التوصل إليه بوساطة من الاتحاد الأوروبي لعام 2019 والذي تنتهي مدته نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024 لتسدل معه واحدة من أقدم وأكبر الروابط الاقتصادية بين روسيا وأوروبا من خلال نقل الغاز. كييف من جهتها أعلنت أنها لن تمدد الاتفاق مع شركة «غازبروم» الروسية، فيما أكد مسؤولون روس أنه لا مفاوضات جارية مع أوكرانيا أو الاتحاد الأوروبي.

لقد حاولت أوروبا إبعاد نفسها عن الغاز الروسي، لكن العديد من دول أوروبا الشرقية تواصل الحصول عليه عبر خط أنابيب يمر عبر أوكرانيا.

ويدخل الغاز الروسي حالياً إلى أوروبا عبر طريقين، يحمل كل منهما نحو 14 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً. الأول عبر خط أنابيب «تورك ستريم» وامتداده، «بلقان ستريم»، تحت البحر الأسود إلى تركيا وبلغاريا وصربيا والمجر. والطريق الثاني هو ممر عبر أوكرانيا إلى سلوفاكيا.

وكان من بين المستفيدين الرئيسيين السابقين من الغاز عبر أوكرانيا النمسا وسلوفاكيا وإيطاليا والمجر وكرواتيا وسلوفينيا ومولدوفا. وفي حين لا تزال النمسا تستقبل معظم احتياجاتها من الغاز عبر أوكرانيا، قامت دول أخرى بتنويع مصادرها واتخذت خطوات لخفض الطلب بعد الحرب الروسية - الأوكرانية. وبرزت الولايات المتحدة كمورد رئيسي للغاز الطبيعي المسال لأوروبا، حيث مثلت ما يقرب من نصف إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال في عام 2023.

وقالت دراسة أجراها مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا إن واردات كرواتيا أصبحت الآن في حدها الأدنى، بينما انخفضت واردات سلوفينيا إلى ما يقرب من الصفر بعد انتهاء عقد موردها الرئيسي للغاز، شركة «جيوبلين»، مع شركة «غازبروم» العام الماضي.

استبدال الغاز

قال مفوض الطاقة بالاتحاد الأوروبي قدري سيمسون إن هناك مصادر بديلة للإمدادات. ويمكن للنمسا الاستيراد من إيطاليا وألمانيا، وقالت مرافقها إنها اتخذت إجراءات احترازية إذا توقفت إمدادات الغاز الروسية.

فيما تعتمد المجر على الغاز الروسي من طريق بديل: خط أنابيب «تورك ستريم»، وتحصل سلوفينيا على غازها من الجزائر ومصادر أخرى. وتستقبل إيطاليا معظم احتياجاتها من الغاز عبر طريق يسهل واردات الغاز الأذربيجاني ومن الجزائر.

خيارات أخرى

من جهتها، ترى شركة توريد الغاز السلوفاكية «SPP» أنه يمكن أن يستحوذ كونسورتيوم من مشتري الغاز الأوروبيين على الغاز على الحدود الروسية - الأوكرانية عندما ينتهي عقد العبور، لكن من غير الواضح كيف يمكن أن يتم ذلك.

والخيار الآخر هو أن تقوم شركة «غازبروم» بتوريد بعض الغاز عبر طريق آخر، على سبيل المثال عبر «تورك ستريم» أو بلغاريا أو صربيا أو المجر.

وقالت شركة توريد الغاز السلوفاكية لـ«رويترز» إن القدرة عبر هذه الطرق محدودة.

وقال مستشار رئاسي أذربيجاني لـ«رويترز» إن الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا طلبا من أذربيجان تسهيل المناقشات مع روسيا بشأن اتفاق نقل الغاز، لكنه رفض تقديم مزيد من التفاصيل.

فيما نقلت صحيفة «بوليتيكو» عن حكمت حاجييف، أحد كبار مستشاري الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، أن المسؤولين الأوروبيين طرحوا على أذربيجان مخططاً لتشغيل غازها عبر خط أنابيب ينقل حالياً الوقود الروسي إلى الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لسياسة الطاقة، تيم ماكفي، للصحيفة، إن «المفوضية تعمل بشكل وثيق جداً مع الدول الأعضاء المتضررة لإيجاد إمدادات وطرق بديلة».

وبحسب «بلومبرغ»، فإن أحد الخيارات التي تمت مناقشتها هو أن تقوم الشركات الأوروبية بشراء وضخ الغاز من أذربيجان إلى خطوط الأنابيب الروسية المتجهة إلى أوروبا. ومن شأن مثل هذا الترتيب أن يسمح لأوروبا بتجنب الإحراج الناتج عن شراء الغاز الروسي في وقت تحاول فيه تقليص إيرادات موسكو.

ويحاول الاتحاد الأوروبي تنويع وارداته من الغاز، ووقع اتفاقاً لمضاعفة واردات الغاز الأذربيجاني إلى 20 مليار متر مكعب على الأقل سنوياً بحلول عام 2027.

والأسبوع الماضي، وقعت أوكرانيا أيضاً أول اتفاق لها مع مصدّر أميركي للغاز الطبيعي المسال لشراء شحنات في وقت لاحق من هذا العام حتى نهاية عام 2026.

خسائر «غازبروم»

قد تخسر روسيا نحو 4.5 مليار دولار سنوياً إذا توقفت الصادرات، استناداً إلى متوسط ​​سعر الغاز المتوقع إلى أوروبا عند 320 دولاراً لكل 1000 متر مكعب في عام 2025. وتبلغ صادراتها اليومية عبر أوكرانيا إلى أوروبا حالياً أكثر من 40 مليون متر مكعب، وفقاً لبيانات «غازبروم».

وإذا لم تمدد أوكرانيا الاتفاق، فإن روسيا تخطط لاستخدام طرق بديلة وزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال. وتهدف «غازبروم» إلى زيادة مبيعات الغاز إلى الصين.

وكانت «غازبروم» بدأت تصدر الغاز إلى الصين عبر خط أنابيب طاقة سيبيريا في أواخر عام 2019، بهدف تصدير 38 مليار متر مكعب اعتباراً من العام المقبل، وفي النهاية إلى ما يصل إلى 100 مليار متر مكعب سنوياً، بما في ذلك 50 مليار متر مكعب من خلال خط أنابيب طاقة سيبيريا المقترح. لكن المفاوضات بشأن الأسعار وقضايا أخرى توقفت.

ارتفاع الأسعار

وأظهرت وثيقة أعدتها المفوضية الأوروبية في وقت سابق هذا العام أن الاتحاد الأوروبي قد يواجه ارتفاع أسعار الطاقة في الشتاء المقبل، بعد انتهاء الاتفاق.

ووفقاً للوثيقة الداخلية، سيخسر الاتحاد الأوروبي 5 في المائة من إجمالي وارداته من الغاز، والتي كان معظمها متجهاً إلى وسط وجنوب شرقي أوروبا. وإذا كان الشتاء بارداً بشكل خاص، فإن فقدان واردات الغاز يمكن أن يخلق سيناريو «أسوأ» بالنسبة للبلدان التي تعتمد على العبور عبر أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

وضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل في بوليفيا رهن الحبس الاحتياطي

أميركا اللاتينية الضابط العسكري المحتجز مارسيلو زيغارا، قائد القوات الجوية البوليفية، 28 يونيو 2024 (رويترز)

وضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل في بوليفيا رهن الحبس الاحتياطي

أمر القضاء البوليفي بوضع القادة الثلاثة المفترضين للانقلاب الفاشل رهن الحبس الاحتياطي مدة ستة أشهر، كما أعلنت النيابة العامة الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لاباز)
الاقتصاد جناح لشركة «نوفاتك» خلال «المنتدى الدولي لأسبوع الطاقة الروسي» في موسكو (رويترز)

«نوفاتك» تستكمل محطة الغاز الطبيعي في القطب الشمالي رغم العقوبات

تخطط شركة الطاقة الروسية «نوفاتك» لبدء تسليم الأساسات للمرحلة الثانية من محطتها للغاز الطبيعي المسال 2 في القطب الشمالي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد منصات الحفر في ميدلاند بتكساس بالولايات المتحدة (رويترز)

ارتفاع توقعات استثمارات النفط والغاز بالمنبع إلى 738 مليار دولار في 2030

كشف «منتدى الطاقة الدولي» أن الاستثمارات بمشاريع النفط والغاز في المنبع ستحتاج إلى زيادة بمقدار 135 مليار دولار لتصل لإجمالي 738 مليار دولار بحلول عام 2030

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال في عرض البحر (رويترز)

أسواق الغاز الطبيعي «هشة» رغم تراجع الأسعار

قال الاتحاد الدولي للغاز إن أسواق الغاز الطبيعي المسال ما زالت هشة بعد عامين من التقلبات بسبب نقص الإمدادات في المدى القريب وذلك رغم الاكتشافات الجديدة للغاز

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منظر عام خارج «غازبروم» في سانت بطرسبرغ بروسيا (رويترز)

«غازبروم» توقع مذكرة مع إيران بشأن إمدادات الغاز الروسية

قالت شركة الطاقة الروسية العملاقة «غازبروم» يوم الأربعاء إنها وقّعت مذكرة مع شركة الغاز الوطنية الإيرانية لتوريد الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى إيران.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مجلس البنوك الإسلامية يطلق أداة حساب غازات الدفيئة

مبنى منظمة التعاون الإسلامي (الشرق الأوسط)
مبنى منظمة التعاون الإسلامي (الشرق الأوسط)
TT

مجلس البنوك الإسلامية يطلق أداة حساب غازات الدفيئة

مبنى منظمة التعاون الإسلامي (الشرق الأوسط)
مبنى منظمة التعاون الإسلامي (الشرق الأوسط)

أطلق المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية - عضو منظمة التعاون الإسلامي - مؤخراً دليل أداة حساب الغازات الدفيئة، وفقاً للمعايير الدولية وبالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية.

وأوضح المجلس العام للبنوك أن هذه الأداة تمثل خطوة استباقية نحو تحقيق الاستدامة والعمل المناخي في صناعة الخدمات المالية الإسلامية.

وأكد المجلس العام أن إدارة انبعاثات غازات الدفيئة إجراء ضروري لضمان التصدي الفعال لعملية تغير المناخ وتحقيق أهداف اتفاقية باريس، ما يقتضي توفر قياسات للانبعاثات تتسم بالشمول والشفافية والدقة والقياس الفوري.

وأضاف المجلس: «تمثل هذه الأداة إحدى المبادرات المندرجة تحت وثيقة الاستدامة الصادرة عن منظمات البنى التحتية للمالية الإسلامية، والمعتمدة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف (كوب 28)، التي تسعى لمعالجة تحديات المناخ بشكل فعال في القطاع المالي الإسلامي».

وتعمل الأداة على تطوير خطط العمل من خلال معالجة وإدارة المخاطر المناخية، إلى جانب تعزيز دور البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في الجهود العالمية للعمل المناخي.

وأشار المجلس العام إلى تزايد أعداد المؤسسات التي تطمح إلى إعداد التقارير بشأن انبعاثات غازات الدفيئة، علاوة على إدارة أثرها الكربوني على نحوٍ أفضل.