سيكون هناك طلب كبير على المهاجمين خلال الصيف الحالي. وقد ينتقل ألكسندر إيزاك، وفيكتور جيوكيريس، وفيكتور أوسيمين، وإيفان توني إلى أندية أخرى، حيث ترغب أندية كبرى في إنجلترا وخارجها في تدعيم هجومها. ومع ذلك، ربما يكون المهاجم الأكثر إثارة للاهتمام في سوق الانتقالات هو لاعب شاب وجد صعوبة في اللعب بشكل منتظم مع فريقه في وقت سابق من هذا الموسم.
لم يكن بنجامين سيسكو محظوظاً بالوصول إلى نادي آر بي لايبزيغ في الصيف نفسه الذي وصل فيه لويس أوبيندا. لقد تعاقد لايبزيغ مع سيسكو من ريد بول سالزبورغ في أغسطس (آب) الماضي، بعد شهر واحد من إنفاق 45 مليون يورو للتعاقد مع أوبيندا من لينس. قدم أوبيندا مستويات رائعة في موسمه الأول في ألمانيا، حيث سجل 24 هدفاً وصنع سبعة أهداف أخرى في الدوري الألماني الممتاز. ولم يأخذ اللاعب البلجيكي أي وقت للتأقلم مع قوة وشراسة كرة القدم الألمانية.
ومع ذلك، كان تألق أوبيندا اللافت يعني جلوس سيسكو على مقاعد البدلاء. وجاءت ستة من أول ثماني مشاركات لسيسكو في الدوري من على مقاعد البدلاء، حيث فضل المدير الفني للايبزيغ، ماركو روز، الاعتماد على يوسف بولسن صاحب الخبرات الكبيرة إلى جانب أوبيندا في خط الهجوم. وقال روز الشهر الماضي: «لقد احتاج سيسكو إلى نصف عام من أجل التأقلم على كل شيء هنا». وبعد أن حصل اللاعب البالغ من العمر 21 عاماً على الوقت اللازم للتأقلم، تألق بشدة خلال النصف الثاني من الموسم. وجاءت 14 من مشاركاته الـ17 في الدوري هذا الموسم بعد العطلة الشتوية، عندما نجح بسرعة في تعويض الوقت الذي فاته، وسجل 14 هدفاً في البوندسليغا - وهي حصيلة رائعة بالنسبة للاعب لم يلعب سوى 1532 دقيقة فقط. وللتأكيد على فعاليته الاستثنائية أمام المرمى، سجل سيسكو في كل مباراة من مبارياته السبع الأخيرة هذا الموسم.
لكن أهم ما يُميز سيسكو مقارنة بالمهاجمين الآخرين المتاحين هذا الصيف هو سعره الرخيص. من المؤكد أن أندية نيوكاسل وسبورتنغ لشبونة ونابولي وبرينتفورد ستطلب مقابل مادي كبيراً من أجل بيع إيزاك وجيوكريس وأوسيمين وتوني على التوالي، لكن سيسكو لديه شرط جزائي في عقده بقيمة 55 مليون جنيه إسترليني فقط، وهو الشرط الجزائي الذي تنتهي فعاليته في نهاية الشهر الحالي، حسب بعض التقارير. ولهذا السبب، تحرص العديد من الأندية على إتمام الصفقة قبل أن يشارك سيسكو في المباراة الأولى لسلوفينيا في بطولة كأس الأمم الأوروبية أمام الدنمارك يوم الأحد المقبل. وسجل المهاجم الشاب 11 هدفاً مع منتخب بلاده في 28 مباراة دولية، لذا فإنه يستحق المتابعة بكل تأكيد هذا الصيف.
يُعتقد أن أندية آرسنال وتشيلسي ومانشستر يونايتد تراقب سيسكو، لأسباب وجيهة تماماً. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أنه من بين 127 لاعباً سددوا 25 تسديدة على الأقل في الدوري الألماني الممتاز الموسم الماضي، فإن مهاجم شتوتغارت سيرهو غيراسي هو الوحيد الذي يتفوق على سيسكو في معدل تحويل التسديدات إلى أهداف (30.4 في المائة لغيراسي، مقابل 29.8 في المائة لسيسكو). بالإضافة إلى ذلك، تجاوز سيسكو إحصائية الأهداف المتوقعة بالنسبة له بمقدار 5.98، ليكون الأفضل في هذه الإحصائية في البوندسليغا، وهو ما يعني أنه سجل ما يقرب من ستة أهداف أكثر من المتوقع، بالنظر إلى الفرص التي أتيحت له.
ويبقى أن نرى ما إذا كان سينجح في الحفاظ على هذه المستويات القوية أم لا، لكن قوة هذا اللاعب الشاب لا تكمن في فعاليته الهجومية أمام المرمى فحسب، حيث يتميز بالطول الفارع (1.95 متر) والقوة البدنية الهائلة والشراسة في التعامل مع الكرة، وهو ما جعل البعض يشبهونه بالنجم النرويجي إيرلينغ هالاند. لقد تألق كل منهما مع سالزبورغ قبل الانتقال إلى ألمانيا وجذبا انتباه أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنهما مختلفان حقاً في طريقة اللعب.
يفضل هالاند البقاء داخل منطقة الجزاء من أجل استغلال الكرات العرضية والتمريرات لكي يتمكن من التسجيل، فهو مهاجم من الطراز التقليدي الذي لا يشارك كثيراً في صناعة اللعب والربط بين الخطوط المختلفة، ويعتمد على الآخرين لخلق الفرص أمام المرمى. أما سيسكو فيختلف عن ذلك تماماً. فرغم طوله الفارع، فإنه لا يبقى ثابتاً داخل منطقة الجزاء في انتظار الفرص التي تتاح له.
وبدلاً من ذلك، يتحرك سيسكو على الأطراف، وهو ما يساهم في خلق مساحات لزملائه في الفريق. إنه يتميز باللعب الجماعي من أجل مصلحة الفريق، والقدرة على التكيف مع طرق اللعب المختلفة، وهو ما يجعله مرغوباً من قبل المديرين الفنيين الذين يحبون أن يتحرك الأجنحة إلى عمق الملعب من أجل استغلال المساحة التي يخلقها المهاجم الأساسي عندما يترك مكانه في المقدمة ويتحرك على الأطراف.
فآرسنال، على سبيل المثال، يعتمد بشكل كبير على بوكايو ساكا ولياندرو تروسارد وغابرييل مارتينيلي في الانطلاق داخل منطقة الجزاء، في الوقت الذي يتحرك فيه كاي هافيرتز على الأطراف. وفي حال انضمام سيسكو إلى تشيلسي مثلاً، فإنه سيكون بديلاً هجومياً لنيكولاس جاكسون، وسيقوم بالدور نفسه الذي يلعبه راسموس هويلوند مع مانشستر يونايتد. وعلاوة على ذلك، فإن تجربة سيسكو في اللعب مع شريك هجومي خلال فترة وجوده مع لايبزيغ تمنحه مرونة أكبر في اللعب مع أكثر من طريقة مختلفة. من المفهوم أن نادي لايبزيغ حريص على الاحتفاظ بخدمات اللاعب البالغ من العمر 21 عاماً، لكن لن يمكنه القيام بأي شيء حيال ذلك لو دفع ناد قيمة الشرط الجزائي الموجود في عقد اللاعب. وفي سوق تضطر فيه الأندية إلى الإنفاق بسخاء لتعزيز خطوطها الأمامية، فإن هذا المهاجم السلوفيني الشاب يمتلك القدرات والإمكانيات التي تجعله إضافة قوية لأي فريق خلال الصيف الحالي.
* خدمة «الغارديان»