بدء هدنة في الغوطة الشرقية بموافقة «جيش الإسلام» وتحفّظ «أحرار الشام»

الطيران الحربي الروسي يشنّ أعنف هجوم على «داعش» في دير الزور.. والائتلاف يدعو إلى نفير عام بريف اللاذقية

طفل يطل وسط ركام مبنى قصفته الطائرات الروسية في أحد أحياء مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، التي تسيطر عليها قوى المعارضة السورية (غيتي)
طفل يطل وسط ركام مبنى قصفته الطائرات الروسية في أحد أحياء مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، التي تسيطر عليها قوى المعارضة السورية (غيتي)
TT

بدء هدنة في الغوطة الشرقية بموافقة «جيش الإسلام» وتحفّظ «أحرار الشام»

طفل يطل وسط ركام مبنى قصفته الطائرات الروسية في أحد أحياء مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، التي تسيطر عليها قوى المعارضة السورية (غيتي)
طفل يطل وسط ركام مبنى قصفته الطائرات الروسية في أحد أحياء مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، التي تسيطر عليها قوى المعارضة السورية (غيتي)

سلك وقف إطلاق النار في منطقة الغوطة الشرقية قرب العاصمة السورية دمشق، طريقه نحو التنفيذ صباح يوم أمس السبت بعد التوصل إلى اتفاق بين تنظيم «جيش الإسلام» وقوات النظام برعاية روسية. إلا أنه جاء وسط خلافات بين فصائل المعارضة نتيجة تحفّظ منظمة «أحرار الشام» على الاتفاق، بينما لم يجر الإعلان عن هذه الخطوة رسميا من قبل النظام السوري. وفي غضون ذلك، شنّت الطائرات الحربية الروسية غارات وصفت بأنها الأعنف في محافظة دير الزور، بشرق سوريا، ضد تنظيم داعش، في حين وجه «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» دعوة إلى «الجيش الحرَّ» وفصائل الثورة للنفير العام في ريف اللاذقية، في ظل ما أسماه «العدوان الوحشي الذي تتعرض له مناطق ريف اللاذقية والتصعيد العسكري الروسي والإيراني».
وقال هيثم عبد الغني، مدير المكتب الإعلامي في قيادة الشرطة بالغوطة الشرقية، «يوم أمس هي المرة الأولى التي تغيب الشمس عن الغوطة من دون تسجيل سقوط ضحايا»، شارحا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن تفاصيل الهدنة، «بدأ وقف إطلاق النار صباح السبت على أن ننتظر أسبوعا لتفتح بعدها المعابر الإنسانية لإدخال المواد الغذائية لأبناء الغوطة المحاصرة». وتابع أنّه في حال صمود الاتفاق هناك احتمال للتمديد لمدة ستة أشهر.
وفي حين لفت عبد الغني، إلى أن عرض الاتفاق قدّم من طرف خارجي لم يشأ الطرف المفاوض الإعلان عنه، رجّح أن يكون هذا الطرف هو الجانب الروسي، الضامن له أيضا.
وفيما يتعلّق برفض منظمة أحرار الشام السير بوقف إطلاق النار، قال عبد الغني لكل فصيل عسكري رأيه في ذلك لكن جيش الإسلام هو المعني بهذا الأمر لأنه الفصيل الأكبر ومسيطر على 80 في المائة من جبهات الغوطة. وعن سبب عدم الإعلان رسميًا لغاية الآن عن الاتفاق يعود، قال «أعتقد أن كلا من الطرفين لا يثق بالآخر»، معتبرا في الوقت عينه أنّ أي خرق للهدنة من قبل أي فصيل، حتى وإن كانت من أحرار الشام، سيكون انتحر على الصعيد الاجتماعي لأن هناك قبولاً كبيرًا وترحيبًا من قبل المدنيين للتهدئة. إلا أنه استدرك فقال «لكن الخوف الحقيقي يبقى خرقه من قبل جبهة النصرة».
وفي المقابل، أكد القيادي في «أحرار الشام»، محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط» أن «وقف إطلاق النار» كان لا يزال ساري المفعول حتى مساء أمس، تنفيذا للاتفاق بين «جيش الإسلام» والنظام، وقال: «نحترم قرار إخواننا في جيش الإسلام، لكن تحفظنا كان نتيجة عدم ثقتنا بالنظام الذي خرق الاتفاق مرات عدّة، في وقت كانت الهدنة التي توصلنا إليها في الزبداني والفوعة خاضعة لشروطنا وتم التقيد بها». بدوره، انتقد القيادي في «جيش الإسلام» أبو جعفر الشامي، رفض «أحرار الشام» السير بالاتفاق قائلاً على حسابه على موقع «تويتر» أن «أحرار الشام وقعت على هدنة الفوعة وقبل 5 أيام وافقت مع جبهة النصرة على هدنة القابون، بدمشق لكنهم رفضوا وقف إطلاق النار في الغوطة». وأضاف: «هم لهم وجود في القابون إنما في الغوطة الشرقية لا يوجد ولا نقطة لأحرار الشام، مقابل خمس نقاط للنصرة، لذلك رفضوا وقف إطلاق النار». وكان الشامي قد اتهم من يعترضون على الاتفاق من «فصائل المعارضة التي تميزت بوجود أمني وتجاري»، بـ«المزايدة.. لرغبتهم في المال والقيادة أو استمرار الموت».
وعلى صفحتها على موقع «فيسبوك» قالت قيادة الشرطة: «وفق هدوء حذر بعد اتفاق وقف إطلاق النار السؤال الذي يطرح: من سيسارع لخرق هذا الاتفاق؟ هل قوات النظام الأسدي وحلفاؤه الروس أم بعض الفصائل العسكرية المستفيدة من هذا الحصار؟» وأشارت القيادة إلى أن وقف إطلاق النار تم بضغط من الهيئات والمؤسسات المدنية العاملة على أرض الغوطة بعد تقديم وثيقة إلى القائد العام للقيادة العسكرية في الغوطة الشرقية فوّض بموجبها بمتابعة التفاوض بين الطرفين.
في موازاة ذلك وفي قصف جوي وصفه «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأنه «الأعنف» ضد «داعش» منذ اندلاع الأزمة السورية في منتصف مارس (آذار) 2011، «استهدفت الطائرات الحربية الروسية والسورية يوم أمس، محافظة دير الزور (شرق البلاد) غداة مقتل 36 شخصا على الأقل وإصابة العشرات بجروح جراء سبعين غارة جوية شنتها تلك الطائرات على مناطق عدة في المحافظة»، ووفق «المرصد» كان القصف الجوي قد طال أحياء عدة في مدينة دير الزور وأطرافها ومدينتي البوكمال والميادين وبلدات وقرى أخرى في المحافظة، بالإضافة إلى ثلاثة حقول نفطية. وللعلم، منذ 2013 يسيطر التنظيم المتطرف على الجزء الأكبر من محافظة دير الزور، بما في ذلك مدينة البوكمال الحدودية مع العراق وعلى حقول النفط الرئيسية في المحافظة وهي الأكبر في البلاد من حيث كمية الإنتاج. ويسعى «داعش» منذ أكثر من سنة لوضع يده على كامل مدينة دير الزور مركز المحافظة.
وعلى صعيد آخر، دعا «الائتلاف» في بيان له «الجيش الحرَّ» وفصائل المعارضة لـ«النفير العام» في ريف محافظة اللاذقية. وطالب في البيان أيضًا المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة «لوقف العدوان على الشعب السوري والجيش الحرّ، وإلزام موسكو وطهران بإنهاء احتلالهما، وسحب قواتهما وميليشياتهما من كل الأراضي السورية»، مؤكدًا خلو تلك المنطقة والغالبية الساحقة من المناطق التي تستهدفها المقاتلات الروسية من أي وجود لتنظيم داعش. كذلك أمل الائتلاف أن تسارع دول الجوار إلى تسهيل مرور المدنيين النازحين من «جرائم النظام وتسهيل عبورهم إلى مناطق آمنة، وذلك لما يواجهونه من قصف روسي عنيف طال المخيمات على الشريط الحدودي إلى جانب الظروف الإنسانية القاسية مع دخول فصل الشتاء وتزايد الحاجة للخيام ومصادر التدفئة والغذاء والدواء». وحذر من «تدهور الواقع الميداني لصالح قوى الإرهاب والميليشيات الطائفية ما لم يتم تقديم الدعم العسكري اللازم لكتائب الجيش السوري الحر، ورفع مستويات التنسيق معها، خصوصا أنها تمثل الطرف الملتزم بحقوق الشعب السوري وتحقيق تطلعاته».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.