«حسن البنا» يرحل من الكويت بعد 50 عاماً من إقامته في أحد شوارعها

ضمن خطة حكومية لاستبدال أرقام بأسماء الشوارع

يقع شارع حسن البنا، في الرميثية، إحدى ضواحي مدينة الكويت
يقع شارع حسن البنا، في الرميثية، إحدى ضواحي مدينة الكويت
TT

«حسن البنا» يرحل من الكويت بعد 50 عاماً من إقامته في أحد شوارعها

يقع شارع حسن البنا، في الرميثية، إحدى ضواحي مدينة الكويت
يقع شارع حسن البنا، في الرميثية، إحدى ضواحي مدينة الكويت

بعد إقامته عقوداً من الزمان في أحد شوارع مدينة الكويت، يستعد مؤسس جماعة «الإخوان المسلمين» حسن البنا، لمغادرة البلاد، أسوةً بعدد كبير من الشخصيات التي احتلت أسماؤها شوارع الكويت في مرحلة ما بعد الاستقلال.

وتعتزم وزارة الأشغال، وبلدية الكويت، استبدال أرقام بأسماء الشوارع التي تحمل أسماء لشخصيات ليست من رؤساء الدول. وكلّف مجلس الوزراء الكويتي وزير الأشغال العامة ووزير الدولة لشؤون البلدية باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستبدال أسماء الأشخاص على الطرق والميادين، وذلك للتوجه نحو ترقيمها وموافاة مجلس الوزراء بمشروع قرار بهذا الشأن.

وحسب قرار مجلس الوزراء الكويتي، فسوف تقتصر تسمية بعض الشوارع على السلاطين والملوك والحكام والأمراء ورؤساء الدول. وفيما يتعلق بالشوارع التي تحمل أسماء الدول والعواصم، فسوف يتم التعامل وفقاً للمعاملة بالمثل.

وحسب هذا القرار، سيتم استبدال اسم «شارع حسن البنا»، وإزالة المسمى الذي يرمز لمؤسس تنظيم «الإخوان المسلمين» من أحد شوارع الكويت.

يقع «شارع حسن البنا» في الرميثية، إحدى ضواحي مدينة الكويت، غرب منطقة البدع وشرق منطقة بيان، ويلتقي «شارع حسن البنا» الذي يمكن الدخول له من دوار الجوازات، مع «شارع عبد الكريم الخطابي»، وهو أحد زعماء الاستقلال في المغرب، الملقب بـ«أسد الريف»، لأنه قاد «ثورة الريف»، في شمال المغرب نهاية الخمسينات ضدّ الاستعمارين الإسباني والفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى، ومن خلال هذا الشارع يمكن الوصول إلى «شارع البلاجات» مقابل شواطئ الخليج الزرقاء. كما يلتقي «شارع حسن البنا» من الناحية الأخرى بـ«شارع ناصر المبارك»، أحد أبناء حاكم الكويت مبارك الصباح.

وجاء تدخل مجلس الوزراء بقرار تغيير أسماء الشوارع كإجراء جديد، حيث منح القانون الخاص ببلدية الكويت، البلدية، اختصاص تسمية المدن والقرى والضواحي والمناطق والطرق والشوارع والميادين والتوصيات الخاصة.

يذكر أن الكويت شهدت تطورات سياسية منذ العاشر من مايو (أيار) الماضي، أهمها إعلان أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد حل مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور لمدة لا تزيد على 4 سنوات.

من هو حسن البنا؟

يعدُّ حسن البنَّا (1906 - 1949)، مؤسس ومرشد جماعة «الإخوان المسلمين»، التي تأسست في 1928، وأصبح أول مرشد للجماعة ورئيس تحرير أول جريدة أصدرتها عام 1933، وشهدت أفكار حسن البنا تحولاً كبيراً، من داعية إلى زعيم ديني وسياسي، حين عدَّ الدين «آيديولوجية سياسية»، تتوسل بكافة السبل للوصول للسلطة. وفي حين دعا إلى أسلمة الدولة، فإنه رفض مفهوم الوطنية الحديث، واصطدم بفكرة «القومية العربية»، وسمح البنا بتشكيل جناح عسكري سري داخل جماعة «الإخوان المسلمين»، وكان هذا الجناح متهماً باغتيال رئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي، بعد أن أمر بحلّ جماعة «الإخوان المسلمين» ومصادرة أموالها وممتلكاتها واعتقال معظم أعضائها (باستثناء البنا)، وذلك في 8 ديسمبر (كانون الأول) 1948.

ونُسب اغتيال النقراشي للتنظيم الخاص السري (الجناح العسكري) لـ«الإخوان المسلمين»، مما أدى لحملة قادتها الحكومة الجديدة للانتقام من «الإخوان»، وأدت في النهاية لاغتيال حسن البنا في 12 فبراير (شباط) 1949.

يذكر أن الكويت تضم جناحاً من جماعة «الإخوان»، يتمثل في «جمعية الإصلاح الاجتماعي»، وذراعها السياسية «الحركة الدستورية الإسلامية»، وتأسس الفرع الكويتي من الجماعة في الأربعينات، وأصبح للجماعة أول مقرّ في الكويت في عام 1947، وبعد خمس سنوات أسست رسمياً «جمعية الإرشاد الإسلامي»، وأصبح الداعية الكويتي يوسف القناعي رئيساً للجمعية وعبد العزيز المطوع مشرفاً عاماً عليها.

كيف سمّي شارع باسم البنا؟

كان اسم «شارع حسن البنا»، محل سجال دائم في الكويت، ما إن يهدأ حتى يشتعل من جديد، في بداية سبتمبر (أيلول) 2020، تساءل الكاتب الكويتي أحمد الصراف، في مقال نشره في جريدة «القبس»: «كيف سمّي شارع باسم البنا؟!»، وقال: «آمنت جماعة الإخوان المسلمين بالعنف وسيلة للسلطة، إن لم تستطع الوصول إليها بطرق أخرى... (..) ولا يختلف الكثير من الباحثين عن الحقيقة أن من رحم الإخوان خرجت حركات وتنظيمات متشددة كثيرة، مثل (التكفير والهجرة) و(القاعدة)، وتالياً (داعش) وغيرها».

وأضاف: «كان غريباً استمرار الكويت في احتضان (الإخوان) بهذه القوة وإبداء التساهل معهم وغضّ النظر وحتى التعاطف الحكومي، وتسمية أحد أكبر شوارع الرميثية باسم مؤسس (الإخوان)».

ثم يقول: «تبين من محضر اجتماع اللجنة الحكومية المكلفة النظر في موضوع تسمية الشوارع، بتاريخ 23/‏10/‏1966، (..) قامت اللجنة بتسمية مئات الشوارع والحدائق والميادين، بناءً على أهمية المكان المطلوب تسميته، بعد تصنيفها ضمن فئات (..). اطلعتُ على تلك الكشوف، وعلى نصوص محاضر جلسات اللجنة الثلاث، ولم أجد بينها توصية بإطلاق اسم (حسن البنا) على أي شارع، وأجزم بأن لا أحد تقريباً سمع به في حينه، غير أعضاء (جماعة الإرشاد)، وبعض من انتمى لهم».

ويضيف: «يقال إن عضواً في اللجنة قام تالياً بإضافة اسم البنا للكشوف، من دون علم بقية الأعضاء. وما يؤكد صحة هذا الاحتمال وجود إضافات تالية باليد لأسماء شخصيات معروفة على الكشوف، وبصورة شبه مريبة، بالتمرير أو بغيره».

شوارع الكويت: أسماء من التاريخ

تستوطن شوارع الكويت أسماء تاريخية من القادة العسكريين إلى الزعماء الدينيين، ورجال الفلسفة والمؤرخين، وغالباً ما تساءل مثقفون كويتيون عن غياب أسماء الشخصيات الكويتية، التي توجد بشكل أقلّ من غيرها، خصوصاً أسماء شهداء الكويت وشعرائها والنوابغ العلمية والفنية والرياضية التي مرّت على الكويت.

في الكويت، يمكنك أن تجد شوارع تمثل فسيفساء من الأسماء العربية، مثل: شارع «ابن الأثير»، «ابن الخطيب»، «ابن الأرقم»، «ابن الرومي»، «ابن الهيثم»، «ابن بسام»، «ابن بطوطة»، «ابن تيمية»، «ابن حجر»، «ابن حزم»، «ابن خلدون»، «ابن رشد»، «ابن زهر»، «ابن سيرين»، «ابن سينا»، «ابن الطفيل»، «ابن عباس»، «ابن هاني»، «الأحنف»، «الأحوص»، «الأصمعي»، «الآمدي»، «الأنباري»، «الإدريسي»، «البخاري»، «البارودي»، «البكري»، «البهاء زهير»، «الثعالبي»، «الحجاج بن يوسف الثقفي»، «المغيرة بن شعبة»، «الزبير»، «النعمان بن بشير»، «الحسن البصري»، «العلاء الجارود»، «الشريف الرضي»، «المهلب»، «الوليد بن عبد الملك»، «أحمد بن حنبل»، «إياس بن معاوية»، «خالد بن الوليد»، «دعبل الخزاعي»، «رابعة العدوية»، «قتيبة بن مسلم»، «محمد إقبال»، «هارون الرشيد»، و«يوسف العظمة»... وآخرين، وأسماء كثيرة لميادين تحمل أسماء شخصيات ومدن، في جانب منها ترمز لانفتاح الكويت على الحضارة العربية، ومع تطبيق القانون الجديد، سيتم رفع الكثير من هذه الأسماء لتحل محلها أرقام.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».