اعتقال أطفال سودانيين في العاصمة الليبية يثير مخاوف

حقوقيون يتهمون الأجهزة الأمنية بشن «حملات عشوائية» على النازحين

مهاجرون سودانيون غير نظاميين قبيل ترحيلهم من شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
مهاجرون سودانيون غير نظاميين قبيل ترحيلهم من شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
TT

اعتقال أطفال سودانيين في العاصمة الليبية يثير مخاوف

مهاجرون سودانيون غير نظاميين قبيل ترحيلهم من شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
مهاجرون سودانيون غير نظاميين قبيل ترحيلهم من شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

اتهم حقوقيون ليبيون أجهزة الأمن في العاصمة طرابلس باعتقال عدد من الأطفال السودانيين القصّر، منذ بداية مايو (أيار) الحالي، وسط مخاوف بعد أن طالت الحملة مسجلين لدى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وحمّل الحقوقي الليبي رئيس مؤسسة «بلادي» لحقوق الإنسان، طارق لملوم، الجهات الأمنية بالعاصمة مسؤولية ما سماه «فوضى احتجاز واعتقال الأطفال دون إبلاغ أسرهم أو السعي لمعرفة ذويهم»، وقال إن «طفلاً سودانياً نازحاً يدعى معاوية مختار (13 عاماً) هو الرابع خلال الشهر الحالي، من بين الأطفال الذين يختفون أو يخطفون في طرابلس»، لافتاً إلى أن معاوية الذي يسكن مع أسرته في المدينة القديمة بطرابلس، خرج من مسكنه لشراء احتياجاتها من محل مجاور لكنه لم يعد حتى الآن، مشيراً إلى أن جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة ومديرية أمن طرابلس، وغيرها من أجهزة الأمن بالعاصمة «تتوسع في شن الحملات العشوائية، دون فرز أو التأكد من الأشخاص الذين يقبض عليهم؛ خصوصاً الأطفال غير المصحوبين بذويهم».

وشهدت ليبيا عملية نزوح واسعة للسودانيين منذ اندلاع الحرب في بلدهم، قبل أكثر من عام. وأحصت لجنة تابعة لحكومة أسامة حمّاد ما يزيد على 60 ألفاً في ليبيا، غالبيتهم في مدينة الكفرة (جنوبي شرق)، في وقت تعلن فيه السلطات الأمنية من وقت لآخر ضبط مهاجرين غير نظاميين من السودان، وتعمل على ترحيلهم.

الطفل السوداني الصادق المدني (مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان)

وقال لملوم إن طفلاً سودانياً نازحاً آخر، يدعى الصادق النعمان المدني (11 عاماً)، اختفى هو الآخر في منطقة قرقارش بطرابلس، نهاية الأسبوع الماضي، مبرزاً أن عائلته مسجلة لدى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا، وأنه لم تعلن أي جهة أمنية مسؤوليتها في حال قُبض عليه من قِبلها.

وأضاف لملوم لـ«الشرق الأوسط» أن الأجهزة الأمنية عادة ما تشن حملات لمكافحة التسول، أو لمكافحة الهجرة غير المشروعة، فتلقي القبض على أي شخص أجنبي، خصوصاً من أصحاب البشرة السوداء، من دون التثبت من سبب وجودهم بالبلاد، وقال إن هناك «عشرات الحالات، من بينهم أطفال غير مصحوبين بذويهم، يجري اعتقالهم، وأحياناً تلقي الأجهزة الأمنية القبض على الأمهات، فيدعن أطفالهن في الشوارع. ونحن نعتقد أن جزءاً من هؤلاء المعتقلين يوجهون إلى مديريات الأمن وأجهزة الهجرة قبل إيداعهم بالسجون فترات معينة».

محضر حول خطف قاصرات سودانيات (مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان)

ومنذ بداية العام، أعلنت السلطات الليبية بشرق البلاد ترحيل قرابة 100 سوداني، إثر اعتقالهم بعد حملات أمنية موسّعة لضبط المخالفين للقانون.

وقال مدير المكتب الإعلامي لرئاسة «جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة» بالمنطقة الشرقية، اللواء نوري الساعدي، إن هؤلاء المهاجرين «جرى ضبطهم خلال حملات يومية بقصد الحفاظ على الأمن القومي».

ودعا حقوقيون ليبيون «جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة» بطرابلس إلى التوقف عن اعتقال الأطفال، خصوصاً الفارين من الحرب في السودان. وفي هذا السياق قال لملوم إن مجموعة مسلحة اعتقلت طفلتين من السودان بالقرب من المدينة القديمة، وهما تماضر المدني (14 سنة)، وملاك عبد الصادق (13 سنة)، لافتاً إلى أن الطفلتين مسجلتان لدى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

طفلة سودانية مختفية في طرابلس (مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان)

ودعا لملوم «جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة» إلى «التوقف عن الحملات العشوائية ضد الأطفال»، ورأى أن «ملف الأطفال، خصوصاً الفارين من بلدان النزاع، يحتاج معالجة اجتماعية، وحرصاً حقيقياً، وليس العشوائية والاعتقال داخل مراكز غير آمنة، حيث تعرضت كثير من الفتيات والأطفال لسوء معاملة داخل هذه المراكز طيلة السنوات الماضية».

طفلة سودانية مختفية في طرابلس (مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان)

وفي أواخر أبريل (نيسان) الماضي، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن أسراً سودانية نازحة إلى ليبيا بسبب الحرب تقيم في أكثر من 50 مخيماً غير رسمي بمزارع ضواحي مدينة الكفرة. بينما أعلنت «جمعية الهلال الأحمر الليبي» أنها أرسلت شحنات تشمل أغطية ومراتب ومواد نظافة شخصية، ومعدات الحماية ومياهاً إلى النازحين بالكفرة.

وسبق أن تمكنت الأجهزة الأمنية من «تحرير» 200 مهاجر غير نظامي بينهم نساء وأطفال كانوا محتجزين في الكفرة من قِبل عصابة تتاجر بالبشر، بقصد مساومة أسرهم على دفع الفدية.


مقالات ذات صلة

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

شمال افريقيا مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

عقيلة صالح دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين تتفحص رفاة أشلاء تم العثور عليها في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

سلطات ليبيا تتجاهل مذكرات اعتقال «الجنائية الدولية» لقادة «ميليشيا الكاني»

رحبت منظمات شعبية بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية عن توقيف 6 أعضاء في ميليشيا «الكانيات» المسلحة، لاتهامهم بـ«ارتكاب جرائم حرب في البلاد»

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )
شمال افريقيا المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)

المنفي يتمسك بإنشاء «مفوضية للاستفتاء» رغم معارضة «النواب»

عاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى فتح ملف تدشين «مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني» رغم معارضة مجلس النواب، مما قد يجدد الجدل حولها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رصد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة وجود أكثر من 700 ألف مهاجر غير نظامي في ليبيا (إ.ب.أ)

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إنها ستطلق حملة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، تبدأ من العاصمة طرابلس لتتوسع لاحقاً وتشمل باقي المدن الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تونس تنتخب رئيسها اليوم

نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
TT

تونس تنتخب رئيسها اليوم

نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)

يتوجّه التونسيون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، بعد نحو 3 أسابيع من انطلاق حملة المترشّحين للرئاسة.

ويواجه الرئيس قيس سعيّد، النائب البرلماني السابق زهير المغزاوي، والنائب السابق ورجل الأعمال العياشي زمال، الذي سُجن، بعد قبول هيئة الانتخابات ترشحه الشهر الماضي.

هذه الانتخابات تعد، وفق مراقبين، مختلفة عن سابقاتها، وذلك بسبب الاحتجاجات التي رافقت الحملة الانتخابية، والانتقادات التي وجهت لهيئة الانتخابات، واتهامها بتعبيد الطريق أمام الرئيس للفوز بسهولة على منافسيه، وأيضاً بسبب مخاوف من عزوف التونسيين عن الاقتراع.

وقال رئيس «الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات» (عتيد)، بسام معطر، إن نسبة المشاركة «تواجه تحديات بسبب الإشكالات الكثيرة التي رافقت الحملة الانتخابية، ودعوات المقاطعة من قِبَل عدة أحزاب من المعارضة».