صدر حديثاً رواية «الأشجار تمشي في الإسكندرية» للكاتب المصري علاء الأسواني عن دار هاشيت أنطوان- نوفل ببيروت. تتناول الرواية أجواء مدينة الإسكندرية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، مركّزةً على التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي واكبت التحوّل من الملكية إلى الناصرية في تلك الفترة، وترصد انعكاسها على مجتمع الإسكندرية ا(لكوزموبوليتاني)، حيث يسلّط الكاتب الضوء على مجموعة من الأجانب الذين كانوا يملأون الإسكندرية في ذلك الوقت ويشكّلون نسيجاً متجانساً مع أهل البلاد، يصف يومياتهم وعالمهم الهانئ المسالم إلى أن عصفت الثورة وقلبت الموازين: فمنهم من أُممت تجارته، ومنهم مَن تعرّض للتوجس والمكائد بسبب أصوله الغربية، ومنهم من أصرّ النظام على تجنيده عبر الترغيب والترهيب لخدمته. كذلك، نرى في الرواية مصريين جُرّدوا من ألقابهم ومكانتهم الاجتماعية، وآخرين نكّلت بهم طبقة أثرياء المال والسلطة الجدد، وآخرين آمنوا كثيراً بالثورة، والعدالة التي تعد بها فتعرضوا لخيباتٍ جسام. كالعادة. ينسج الأسواني قماشته السردية الجديدة، مستفيداً من تراكم خبرته الروائية في التعامل مع المكان على أنه فضاء روائي تنطلق منه الشخوص وتواجه صراعاتها مع أقدراها ومفارقات الواقع.
يشار إلى أن علاء الأسواني روائي وطبيب مصري، حققت أعماله الأدبية نجاحاً جماهيرياً ونقدياً لافتاً، وتُرجمت إلى أكثر من 37 لغة حول العالم، ومن أبرزها رواياته «عمارة يعقوبيان» التي تصدرت قائمة الروايات الأكثر مبيعاً في العالم العربي على مدى 5 سنوات، بعد صدورها في عام 2002، ورواية «شيكاغو» و«نادي السيارات» و«جمهورية كأن». حاز الأسواني عدداً من الجوائز الأدبية، من بينها «جائزة كفافيس» اليونانية، وجائزة «غرينزاني كافور» الإيطالية، كما قُلِّد وسام الفنون والآداب الفرنسي برتبة فارس في عام 2016.
ومن أجواء الرواية الجديدة نقرأ:
– هل سمعت عن زرقاء اليمامة؟
– لا.
– زرقاء اليمامة امرأة عربيّة عاشت قديماً، كانت معروفة بقوّة بصر خارقة، وكانت قبيلتها تستعملها لاستطلاع تحرّكات الأعداء. بفضل بصرها الخارق كانت تكشف تحرّكات الأعداء مبكراً مما جعل قومها ينتصرون في كلّ حروبهم. وذات يومٍ استطلعت زرقاء اليمامة الطريق وقالت لقومها: «إني أرى الأشجار تمشي».
فلم يصدّقها أحد. سخر الناس منها واتّهموها بأنّها كبرت وخرّفت ثمّ تبيّن بعد ذلك أنّ الأعداء غطّوا أنفسهم بغصون الأشجار وهجموا على قومها وهزموهم وكانوا يستحقّون الهزيمة لأنّهم لم يصدّقوا زرقاء اليمامة. الفنّان مثل زرقاء اليمامة، يبصر دائماً قبل الآخرين.
ابتسمت ليدا وقالت:
– وأنت ماذا ترى الآن أيّها الفنّان؟
قلت:
– الأشجار تمشي في الإسكندريّة...