كثفت القوات النظامية من استهدافها لمدينة يبرود، آخر أهم معاقل المعارضة في القلمون بالبراميل المتفجرة، تزامنا مع اشتباكات عنيفة قرب مزارع ريما، وذلك بعد يوم على إعلانها السيطرة على بلدتي السحل والعقيبة. جاء ذلك بينما أعلنت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) دخول عناصرها إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، غداة انتشار عناصر من جبهة النصرة الإسلامية في أنحائه، خشية من اقتحام نظامي وشيك.
وألقت مروحيات نظامية براميل متفجرة بالقرب من يبرود، مما تسبب بأضرار مادية جسيمة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، موضحا أن «هذه الغارات تأتي بعد يوم من مقتل 15 مقاتلا معارضا على الأقل في اشتباكات عند بلدة السحل». ونقل «المرصد» عن ناشطين ميدانيين قولهم، إن «القتال لا يزال مستمرا للسيطرة على منطقة السحل».
وكانت قناة «المنار» الناطقة باسم حزب الله اللبناني، عرضت أول من أمس، صورا لجنود نظاميين قالت إنهم نجحوا في اقتحام بلدة السحل وطرد ما سمتهم «المسلحين» منها. وتقع البلدة على مسافة ستة كيلومترات من يبرود، أبرز معاقل المعارضة في القلمون التي تحاول القوات النظامية استعادتها من خلال حملة عسكرية واسعة بدأت قبل نحو ثلاثة أسابيع.
وفي السحل قال ضابط في الجيش: «نلاحظ حالة ارتباك وانهيار شديد لدى المجموعات المسلحة»، مضيفا: «السحل ذات أهمية كبيرة، لأنها تعد خط الدفاع الأول عن مدينة يبرود»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف وهو يدل على المدينة الواقعة على بعد كيلومترين من السحل وتفصل بينهما تلة صغيرة: «أحكم ما يشبه الطوق على يبرود، نحن ننتظر الأوامر للتقدم نحو فليطة».
وتقع فليطة على بعد كيلومتر من السحل، ومن شأن دخول قوات النظام إليها قطع الطريق على مقاتلي المعارضة بين يبرود وبلدة عرسال اللبنانية الواقعة في الجانب الآخر من الحدود، واستكمال الطوق حول المدينة التي تتعرض منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لهجوم عنيف من قوات النظام مدعومة من حزب الله اللبناني، بحسب المرصد السوري وناشطين على الأرض.
والسحل ذات طبيعة جغرافية جرداء خالية من الشجر، تحيط بها تلال منطقة القلمون الجبلية. ويرى ناشطون معارضون في هذه الطبيعة الجبلية عنصرا يجعل دخول يبرود عسكريا عملية صعبة.
وبدأت معركة القلمون في نهاية السنة الماضية، وتمكن خلالها الجيش السوري من التقدم إلى بلدات وقرى كثيرة طاردا منها المجموعات المسلحة، بينما تسبب الهجوم بحركة نزوح واسعة معظمها إلى لبنان المجاور. وتشكل القلمون همزة وصل بين دمشق ومحافظة حمص في وسط البلاد. ويعد هذا الامتداد الجغرافي حيويا بالنسبة إلى النظام، على صعيد الإمدادات والسيطرة السياسية. كما أن سيطرة النظام على القلمون بأكملها من شأنها أن تحرم المعارضة في ريف دمشق من قاعدة خلفية مهمة.
وتعد معركة يبرود مصيرية كذلك بالنسبة إلى حزب الله الذي يتهم مجموعات مسلحة بتفخيخ سيارات في يبرود وإرسالها لتفجيرها في مناطق محسوبة عليه في لبنان عبر الحدود الواسعة التي تنطوي على الكثير من المعابر غير القانونية.
من جهة أخرى، أعلنت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) دخول عناصرها إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق.
وأشار تنظيم «داعش»، في بيان نشره عبر حسابه على موقع «تويتر»، إلى أن مقاتليه تمكنوا بالاشتراك مع بعض الفصائل المقاتلة في مخيم اليرموك من طرد ما سمتهم «شبيحة أحمد جبريل»، في إشارة إلى مقاتلي الجبهة الشعبية القيادة العامة المتحالفين مع النظام السوري. وقال التنظيم إن مقاتليه مشطوا المباني التي كان يوجد فيها عناصر «الجبهة الشعبية» ورفعوا «رايات التوحيد»، على أبنية المخيم.
وفي حين توحي هذه الخطوة بأن تنظيم داعش بات في تحالف مع «النصرة» في مخيم اليرموك بمواجهة القوات النظامية، علما بأنهما يتواجهان في شمال سوريا وشرقها، قال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إنه على الرغم من دخول «داعش» إلى اليرموك، لكن «النصرة» لا تزال القوة الجهادية الأكثر تنظيما داخل المخيم.
ولم يستبعد عبد الرحمن أن يكون دخول «داعش» إلى المخيم نتيجة التحذيرات التي وجهها النظام السوري أول من أمس، متوعدا باقتحام المخيم في حال لم يخله المقاتلون الإسلاميون. وأشار مدير المرصد السوري إلى أن «الأوضاع الميدانية في المخيم شهدت اليوم (أمس) هدوءا حذرا»، مرجحا حصول «تصعيد عنيف في الساعات المقبلة»، علما بأن جبهة النصرة أعادت انتشارها في المخيم قبل يومين، متهمة القوات النظامية بخرق اتفاق «الهدنة» الذي عقد منتصف الشهر الماضي، وأدى إلى إدخال مساعدات إنسانية إلى القاطنين فيه.
ويأتي دخول «داعش» إلى اليرموك بعد بروز قوة هذا التنظيم في ريف دمشق في الآونة الأخيرة، رغم ضراوة المواجهات التي يخوضها ضد فصائل المعارضة في شمال سوريا وشرقها. ويحمل معارضون تنظيم داعش مسؤولية إفشال الهدنة التي سبق أن توصل إليها طرفا النزاع في منطقة ببيلا بريف دمشق، حيث اقتحم عناصر «داعش» البلدة وأقدموا على رفع راياتهم فوق مبنى بلديتها. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد أول من أمس بإعدام تنظيم داعش أكثر من 15 قياديا معارضا منذ منتصف الشهر الماضي بريف دمشق.
وفي ريف حمص، قصفت القوات النظامية بالمدفعية الثقيلة تجمعا للنازحين السوريين بمدينة الحولة، بحسب ناشطين، إذ استهدف «قصف نظامي أماكن تجمع النازحين بأحد المساجد وبعض المنازل السكنية بالحولة». وأوضح المصدر ذاته، أن «المدينة تعاني أوضاعا إنسانية صعبة بسبب القصف المتواصل، وقطع طرق الإمداد المؤدية إليها من جانب القوات النظامية».
وفي دير الزور، تمكنت القوات النظامية من إحراز تقدم على جبهة مطار دير الزور العسكري بعد «مساعدة من لواء أبو الفضل العباس العراقي»، بحسب ما نقلته مواقع معارضة عن الناطق باسم لواء «بشائر النصر» الذي يحاصر مطار دير الزور العسكري، بشير العباد، مشيرا إلى أن «قوات المعارضة رصدت اتصالات لا سلكية بين عناصر عسكرية عراقية في منطقة المطار ما يؤكد مشاركتهم لقوات النظام في الجبهة».
وتشهد جبهة مطار دير الزور تصاعدا في الاشتباكات العسكرية، خصوصا قرب المطار الخاضع لسيطرة القوات النظامية.
النظام يضيق الخناق على يبرود آخر أهم معاقل المعارضة في القلمون
«داعش» تؤازر «النصرة» بدخول مخيم اليرموك وترفع رايتها على أبنيته
النظام يضيق الخناق على يبرود آخر أهم معاقل المعارضة في القلمون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة