مسلحان يهاجمان فندقًا في مالي ويحتجزان 170 رهينة

دخلا الفندق في سيارة تحمل لوحة تسجيل دبلوماسية

مسلحان يهاجمان فندقًا في مالي ويحتجزان 170 رهينة
TT

مسلحان يهاجمان فندقًا في مالي ويحتجزان 170 رهينة

مسلحان يهاجمان فندقًا في مالي ويحتجزان 170 رهينة

قال التلفزيون الرسمي في مالي ومصدر أمني إن قوات خاصة تمكنت من تحرير ثمانين رهينة احتجزهم مسلحون في فندق بالعاصمة باماكو مع تقدمها من طابق إلى آخر لتمشيط المبنى. وأفاد شاهد خارج فندق راديسون بلو: «المهاجمون ما زالوا في الداخل. نسمع إطلاق نار من وقت لآخر».
من جهته، صرّح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اليوم (الجمعة)، أنّ كل الجهود تبذل لإطلاق سراح الرهائن، وأوضح، قبيل إلقاء خطاب حول محادثات تغير المناخ: «المداهمة بدأت وسنستخدم كل الوسائل المتاحة أمامنا لتحرير الرهائن. يوجد سائحون ومسؤولو شركات من بلدان متعددة».
وفي سياق متصل، قالت شركة «إير فرانس» للطيران إن 12 موظفا من طواقم الشركة يقيمون في الفندق باتوا في أمان حاليًا، مضيفة أنّها ألغت رحلاتها من وإلى باماكو اليوم، كإجراء احترازي.
وقطع الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا زيارته للمشاركة في قمة إقليمية في تشاد، اليوم، بعد أن اقتحم مسلحون فندقا في العاصمة باماكو وأخذوا 170 شخصا رهائن.
من جانبه، قال مصدر قريب من هولاند، إنه يوجد رعايا فرنسيون بين المحتجزين في الفندق. مضيفًا «ما زلنا ننتظر مزيدا من المعلومات الدقيقة التي يتم التحقق منها. هناك أناس فرنسيون. الرئيس يتابع الموقف من كثب».
وفي تصريح منفصل، ذكر مصدر دبلوماسي أنّ قوات خاصة تابعة لجيش مالي وصلت إلى مكان الحدث، وأنّ فرنسا تقدم دعما لوجستيا واستخباراتيا.
من ناحية أخرى، قال مسؤول حكومي تركي: «يوجد ستة أفراد من العاملين في الخطوط الجوية التركية (ثيوس آي إس) بين المحتجزين في الفندق الذي هاجمه المسلحون في باماكو». متابعًا لوكالة «رويترز» للأنباء: «يوجد ستة أفراد من العاملين في الخطوط الجوية التركية في الفندق». وفي وقت لاحق، ذكر مسؤول آخر في الحكومة التركية أنّ «ثلاثة من سبعة عاملين في شركة الطيران تمكنوا من الفرار».
وكانت مجموعة «ريزيدور» المالكة لفندق راديسون في باماكو قد أعلنت أن الفندق الذي شهد إطلاق نار، يحتجز مهاجمان فيه رهائن عددهم «140 نزيلا و30 موظفا». وأفادت في بيان: «إن مجموعة ريزيدور الفندقية التي تدير فندق راديسون بلو في باماكو على علم بعملية احتجاز رهائن يشهدها الموقع الآن. تبعا للمعلومات هناك شخصان يحتجزان 140 نزيلا و30 موظفا». وتابعت: «فرقنا الأمنية على تواصل مستمر مع السلطات المالية لتقدم كل المساعدة الممكنة لضمان أمن الفندق. في هذه المرحلة ليست لدينا معلومات أخرى وسنواصل متابعة الوضع عن كثب».
من ناحية اخرى، أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في باماكو عن سماع دوي إطلاق النار صباحًا في الفندق الذي طوقته الشرطة في وسط العاصمة.
إلى ذلك، ذكر مصدر  أمني: «هناك مسلحون يطلقون النار في الممر في الطابق السابع من الفندق» في حين كان يسمع إطلاق النار من أسلحة رشاشة من خارج الفندق الذي يضم 190 غرفة». وأنّ المهاجمين دخلوا إلى الفندق في سيارة تحمل لوحة تسجيل دبلوماسية.
ومن ناحيتها، تحدّثت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن وجود عدد من السياح الصينيين ضمن الذين «حوصروا» في الفندق، وذكرت في تقرير مقتضب بالإنجليزية: «نزيل صيني اسم عائلته تشين قال لـ(شينخوا) عبر التطبيق الهاتفي (وي تشات) إنه من بين عدد من النزلاء الصينيين محاصر في الفندق».
يذكر أنّ باماكو شهدت هجوما على مطعم في 7 مارس (آذار) مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص بينهم فرنسي وبلجيكي وكان الأول من نوعه في العاصمة المالية. وسيطرت جماعات متشددة على صلة بتنظيم القاعدة في ربيع 2012 على المناطق الشمالية في مالي بعد هزيمة الجيش أمام حركة التمرد التي كانت متحالفة مع هذه الجماعات قبل أن تنبذها. وأخرجت هذه الجماعات بعد تدخل دولي بمبادرة فرنسية، لا يزال مستمرا منذ بداية 2013. لكن لا تزال مناطق بأكملها خارجة عن سيطرة الجيش المالي والقوات الأجنبية. وبعد أن كانت الهجمات تتركز في الشمال، امتدت منذ بداية السنة إلى الوسط ثم إلى جنوب البلاد منذ بداية الصيف.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.